الأرشيفات الشهرية: يوليو 2014

حرب غزّة أسقطَت الأقنعة

حي الشجاعية غزة

 

أكثرُ من 4000 غارة شنّها سلاحُ الجو الصهيوني على القطاع الذي لا يتجاوز 360 كيلو متر مربع.

في المعارك العسكريّة، ثمةَ أخلاق وقيَم يلتزم بها أطراف المعركة. الجيشُ الصهيوني لا يُقاتل بشرف، هذا الكم من الطلعات الجوية على مساحة جغرافية ضئيلة تُعد أكثر منطقةٍ مُكتضة بالسكان في العالم جريمة حرب بكلّ المقاييس؛ لكم أن تتخيّلوا حجم الدّمار والخسائر في الأرواح.

يعتمدُ الإسرائيليون على استخدام الأسلحة عن بُعد لتفادي القتال المباشر على نقاط التّماس مع جنود المقاومة البواسل، الذين يقاتلون بشراسة للذود عن وطنهم أو ما تبقّى منه وعلى شرف الأمّة؛ بينما يُقاتل الإسرائيليون لغرض التسلية ولمطامع توسّعية قذرة لا تمت للإنسانية بصلة.

باستثناء الدّمار والخسائر التي خلّفها سلاح الجوّ الصهيوني، يتفوقُ صقورُ المقاومة بالمواجهات المباشرة رغم الفارق المَهول في التسليح. في حال المُقارنة في خسائر الجانبين في نقاط التماس البري، سنجدُ جميع قتلى الجُنود الصهاينة وعدد جرحاهم الذي يفوق 200 جريح كلّ هؤلاء هم حصيلة لمحاولة التوغل البري ومن دون تسجيل أية ضحايا مدنيين؛ في حين يصنّف شهداء وجرحى القطاع من المدنيين- نساء وأطفال- بدرجة أساسية نتيجة للصواريخ والغارات التي تنفذتها الطائرات المُدجّجة بالشرور والدمار.

هذه الحرب مليئةٌ بالمفاجآت، سقوطٌ مدوٍ للزيْف الصهيوني وسقوط أقنعة عربية ودولية كانت تدّعي عبثاً رعايتها للسلام ولحقوق الإنسان. ظهور المقاومة بنسخة جديدة، وقدرة فائقة أشعرت إسرائيل وحلفائَها المحليين والدوليين بالرّعب لأول مرة؛ فرَضت ميزاناً جديداً للقوى وندّية مُنقطعة النظير.

هذه الحرب أظهرَت حقارة العَرب ودأبهم على الانبطاح والرّكوع للغرب، أظهرت خيانتهم للدم العربي وتجرّدَهم من النّخوة والقيم العربيّة الساميّة. أظهرت دناءة البعض في التشفّي من المقاومة لسبب الاختلاف في الرأي، وبالتّالي الانحياز للعدو بكل فجَاجة ولؤم. أمر آخر لا بد من التذكير به هو السّقوط المروّع لشريحة المُثقفين والأقلام المأجورة المدّعية انتهاجها للمهنية؛ أبدت الغيض والكراهية لمَن يُدافعون عن كرامة أمّة تغُطّ في نومٍ عميقٍ لا يبدو الاستيقاظ منهُ قريباً.

إيقاف نزيف غزّة أم إنقاذ إسرائيل!

جون كيري في مصر لإنقاذ المبادرة المصرية، وليس لإنقاذ شعبٍ يرزحُ تحت قصف همجي يستهدفُ كلّ ما يتحرك أويتنفّس.المبادرة التي ولدتْ ميّتة طلبتها اسرائيل لحفظ ماء الوجه، ورفضتها المقاومة التي تتحدث هذه المرة من منطق القوة.. المُعادلة لم تعد كالسابق؛ تُقصف غزة ويأتي المفارعون لوقف العدوان. على اسرائيل ان تتذوّق الخسارة هذه المرّة.اليوم كيري في القاهرة لإنقاذ إسرائيل من مُستنقع الهزيمة. الجنود يتساقطون على وتيرة متسارعة، والصواريخُ لا تزال تصلُ إلى البلدات الإسرائيلية دونما اعتراضٍ يُذكر, ومفاجآت المُقاومة لا تتوقف.إسرائيل فعلاً في مأزق حقيقي، ففي حال واصلت التوغّل ستكونُ الخسائر فادحة، وفي حال تم التراجع ستهبطُ سُمعة إسرائيل العسكريّة إلي الحضيض وقد فعلتْ.يتصرّفُ الصهاينة حالياً بهمجية لم تسلم من شراراها المستشفيات، كلّ شبرٍ في غزّة بات هدفاً للقصف الهستيري. ومع ارتفاع عدد الجنود القتلى ، تكثّف إسرائيل قصفها على البِنية التحتية لغرض إلحاق الخسائر البشرية وإن كان على حساب الأطفال والنساء العُزّل.

ثمةَ نوايا لوقف إطلاق النّار عبر إنعاش مبادرة مصر ولكن مع الخضوع لشُروط المُقاومة. هذه المبادرة طلبها العدو الصهيوني في بادئ الأمر وها هو اليوم يطلُبها بإلحاح؛ لكنّهم قبل ذلك يُريدون مُضاعفة أعداد الضّحايا للهروب من النّار التي سيفتحُها الشارعُ الصهيوني على أداء الجيش الهزيل وعدد قتلى الجنود الجُنوني. لا ننسى الجندي الأسير، فله الدّور الأبرز في تركيع إسرائيل لشُروط المُقاومة.

 جون كيري

مُصالحة أم مؤامرة!

المُصالحة السعودية تدقّ آخر إسفين في عضُد اللقاء المُشترك المُتداعي لغرَض تفتيته إلى مكوّناته الطبيعيّة. المُصالحة ببساطة هي عمليّة تشتيت للقوى الثوريّة عبر الوقيعة بين أحزاب اللقاء المُشترك كونها الواجهة السّياسيّة للثورة.اللقاء المشترك هو بمثابة مطفاة النّجاة بالنسبة للثورة؛ بقاء هذا التّكتّل رغمَ كل التناقضات التي يحملها, من شأنه الحُئول دون الثورة المُضادّة وبالتالي عودة النظام السّابق, كما حدَث في مصر وتجري المُحاولات لتكراره في ليبيا واليمن وحتى في تونس. هذه مهمّة دول النفط بمساعدة غربيّة لطَمس هُويّة ما سُميَ بثورات الربيع العربي.بقاء اللقاء المُشترك كُتلةً سيضمنُ على الأقل إنزال مُرشّح موحّد لمواجهة أحلام النظام السابق في العودة. تشَتُّت التكَتّل بالمقابل سيُفرّق الكيان الثوري وسنرى بالتأكيد مرشّحين لجميع الأحزاب المُنضوية الآن تحت تكتّل اللقاء المُشترك, وهذا ما يُضاعف حظوظ الفوز بالنسبة لمرشّح النظام السابق والذي يملك قدرة في الشّارع لا يُستهانُ بها.

على أية حال, الدعوة للتصالح مع علي عبد الله صالح يعني بالضرورة العودة إلى ما قبل 2011 وكأن شيئاً لم يكُن. بالطبع لا زال الرئيس السابق يغنُج على خُصومه, ولن يُفرّط في دماء شهداء الثورة؛ يعني ناقص يقول: اعتذروا عن كلّ ما كان وعودوا إلى رُشدكم وسأفكّر بالغفران لكم.

العودة لشيء ما يعدَ نُكرانه يعني ببساطة الإقلاع والتّوبة كذلك.. هل كفرتُم بـ 11 فبراير, تُبتُم من خروجكم على النظام السابق؟ هذا السؤال يبحثُ عن إجابة في أروقة رؤساء أحزاب اللقاء المُشتَرك!

بالطّبع ظَهرت الآن جليّاً نتائج تقوية الحوثي وتحالفَهُ الموسمي مع الجارة, وهدفُها بالتأكيد الضّغط على أحزاب اللقاء المُشترك لتشكيل تحالفاتٍ جَديدة للحد من توسّعه المُخيف.

لمواجهة هذا العبَث الحاصل لا بدّ من عقد اجتماعات داخل أحزاب اللقاء المشترك على حِدَة والإطاحة بقياداتهم العتيقة التي دأبت على الإنبطاح.. إنه إرث قديم بالنسبة لهم لا يستطيعون التخلُّص منه بهذه البساطة؛ وبالتّالي لا بدّ من دماءٍ جديدة شابّة لقيادة هذه الأحزاب.

هذه المُصالحة إن تمت ستكونُ بمثابة آخر مسمار في نعش الثورة..