الدولة المدنية التي نريد!

photo

منذ الحادي عشر من فبراير المجيد, يوم خرج الشباب إلى كل ميادين الحرية والتغيير في ربوع الوطن الحبيب ومطالبهم واضحة وضوح الشمس, فهم لم يخرجوا بطراً, ولا طمعاً بجاه أو منصب.. ولكنهم خرجوا لوضع لبنات راسخة نحو يمن جديد, خرجوا لاستعادة وطنهم المغتصب من قبل عصابة فاسدة تهدم كل جميل, تأكل الأخضر واليابس, لا تُبقي ولا تذر. 

لقد عانى شبابنا وقاسوا ظروف المعيشة الصعبة أملاً منهم في أن يتحسن الوضع وينعموا بخيرات بلادهم, وما أكثرها!, ويعوضوا ما فاتهم من حرمان, كبقية البلدان التي كانت فقيرة، لكنها اليوم أصبحت من أغنى البلدان إلا “يمننا الحبيب”. فقد نخرها الفساد من رأسها حتى أخمص قدميها, فساد ممنهج لم يعرف له التاريخ مثيل. 
حاولت القوى السياسية المعارضة في زحزحة الوضع أو حتى التخفيف منه ولكن دونما فائدة تذكر, ودونما بارق أمل يلوح في الأفق لإحداث تغيير, ولو طفيف. ولكن ومع ثورات الربيع العربي التي فجرها “محمد البوعزيزي” رحمه الله في مثل هذا الوقت من العام الماضي تقريباً – هذه الذكرى التي ستظل عالقة في ذاكرة كل حر عبر التاريخ- هب شباب اليمن كغيرهم لإحداث التغيير المستحيل, ولكن على طريقتهم الخاصة.. تركوا أسلحتهم في بيوتهم وخرجوا ليواجهوا رصاصات الغدر بصدورهم العارية في “أعظم ثورة عرفها التاريخ”. 
خرج هؤلاء الشباب بفطرتهم السليمة, وعزائمهم التي لا تلين وعنفوان شبابهم الذي لا يعرف الاستسلام أو التراجع.. قدموا دمائهم الزكية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بلادهم التي نهشها الفساد, وسرق خيراتها اللصوص الذين صعدوا للحكم على جثث الأبرياء في يوم لا أعاد الله مساءه على اليمن الحبيب. 
تلك الدماء التي روت تربة الوطن لن تذهب هدراً.. لعنات الدماء ستظل تطارد القتلة أينما حلوا.أنا لا أدعوا للانتقام ولا للتحريض, فثورتنا ليست ثورة انتقام.. إنها ثورة بيضاء, ثورة تسامح وإخاء, لكن من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، فستطالهم يد العدالة طال الزمن أم قصُر.. خرجنا من أجل إحداث تغيير جذري يخرج اليمن من بوتقة الشخوص وتغليب مصلحة الشعب وليس غيره ولن نعود أدراجنا بدون تحقيقها. 
نريد دولة مدنية يتسابق فيها الحكام والمسؤولون لنيل رضا الشعب.. نريد أن يكون إرضاء الشعب هم محور منافسة الحكام.. يتألمون لألمهم ويشعرون بمعاناتهم.. نريد “رئيسا من أجل اليمن, لا يمن من أجل الرئيس”.. نريد إعلاماً حراً مستقلا يقيم أداء الحكام وينتقدهم لا لمدحهم ونيل رضاهم. . نريد قضاءً مستقلاً عادلاً لا يخاف في الله لومة لائم.. نريد يمناً مدنياً بلا قبيلة, بلا سلاح.. نريد يمناً موحداً يسوده الأمن والود والتسامح… وتلك الدماء التي هدرت بأيدي السفاحين ستظل تلاحقهم أينما حلوا وستطالهم يدُ العدالة, فتلك الدماء هي زاد ثورتنا وبقاؤنا في الساحات, ووحدتنا هي من سيحقق اليمن الجديد الذي ننشد. 
صباح الخير يا وطني … صباح الحرية لمعتقليك … والشفاء لجرحاك 
صباح المجد لشهدائك … والأمن لشوارعك ومدنك وحاراتك … 
صباح الكرامة لشعبك … والحرية لأرضك..صباح الصبر … صباح السلام 
 صباح الخير يا تعز الحرية … يا أحب بقاع الأرض الى قلوبنا. 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *