صراع العمالقة والأقزام

من يرى أولئك الشباب تحت أشعة الشمس ومياه الأمطار وبرد الشتاء, يبذلون دمائهم رخيصة ويبذلون كل نفيس لأجل تربة هذا الوطن, من يراهم سيدرك تماماً أن هذه الثورة من أنقى ثورات العالم.. دماؤهم تسفك فيردون بالخروج بصدورهم العارية.. بيوتهم تقصف وتدمر فيخرجون لتنظيف الشوارع والحارات وإظهارها بمظهرها اللائق..أي إرادة وإصرار يحمل هؤلاء الشباب لتحقيق أحلامهم وتغيير واقعهم المرير؟!
كم أنتم أنقياء! كم أنتم رائعون! مازلتم كل يوم تعلمونا معنى “حب الوطن” والتضحية لأجله بالمال والنفس.. ذلك الحب الذي غيبه عنا هذا النظام البائد الذي انقض على السلطة في حين غفلة من التاريخ, نظامٌ لا يحمل من مقومات الحكم إلا الحديد والنار, ولا يحمل من القيم والمبادئ ما يرتقي به ليكون “إنساناً”.
نعم.. أنتم أيها الثوار الصغار من علمنا هذه المبادئ والقيم, رغم حداثة سنكم إلا أن أفكاركم نقية طاهرة لم تدنس بثقافة الكراهية والعنف والدجل والكذب الذي دأب عليه نظامنا “المبجل”.
لست هنا للمقارنة بين الثوار وبقايا النظام المتآكل, فالفرق شاسع كالمسافة بين السماء والأرض.. فهل تستوي الظلمات والنور؟! .. مالكم كيف تحكمون! فالثوار على درجة عالية من الثقافة والوعي, أُشربوا حب الوطن, يقولون فيصدقون, ويصغون فيهمون, ويعملون فيبدعون.. نياتهم خالصة لله وللوطن, عيونهم تنظر إلى المستقبل, إلى الفجر الجديد الذي يخطونه كل يوم بدمائهم الزكية.. حقهم يسطع مثل الشمس, يمضون نحو هدفهم بخطى راسخة لا تعرف العثرات, وبعزم صادق لا يلين.. كم أنتم عمالقة يا شباب الثورة! غيرتم نظرة العالم لوطننا الحبيب الذي لطالما تسول به نظامنا العطايا والهبات باسم مكافحة الإرهاب والقاعدة الذي لم نعرفه سوى بأجندتهم .. من الآن فصاعداً ” ارفع رأسك.. أنت يمني!”.
أما أولئك الأقزام, فلا يعرفون من الرجولة إلا ثيابها, ولا يعرفون من الوطن سوى نهب خيراته وسرقة مستقبل أطفاله، ماذا أنجزوا؟! قولوا! لا ماء, لا كهرباء, لا غذاء, لا أمان ولا صحة لا وجود لأبسط مقومات الحياة.. لا شيء يا صغار.. لا شيء يذكر سوى الجهل والتخلف والمرض.
أما آن للحمقى أن يرحلوا عنا؟! كفوا عن تدمير بلادنا, ارحلوا بجهلكم, ارحلوا بظلمكم وظلامكم, وهل لأنكم جهلاء فتريدوننا أن نصير كذلك؟! لا ورب الكعبة.. ربما من يريد ذلك، لأنه حُرم التعليم في صغره, فعوض ذلك الحرمان بتجهيل الشعب وتقريب حفنة من الجهلاء إلى جانبه ليشكلوا وجه اليمن القاتم, لا يجيدون سوى الكذب فهو سلاحهم المفلس! فوالله ما من شيء يعيب “الرجل” أكثر من أن يكون كذاباً.. وعلى الهواء!.
يظهرون على وسائل الإعلام بوجوه متهرئة وعيون محتالة يبان عليها الكذب من دون حتى أن تتكلم!، من يراهم يخيل إليه أن هؤلاء هم صفوة اليمن، فكيف يكون بالعامة؟! لا والله فهم لا يمثلون إلا أنفسهم الدنيئة.. أنتم لا تمثلوننا, أما تخجلوا من أنفسكم؟! أنتم عارٌ على الأمة!.
أما آن لليل أن ينجلي, وللفرسان أن يترجلوا؟! أما آن للقيود أن تحطم, وللأصنام أن تتهاوى؟! وتعود الأمور إلى نصابها، هيا أيها العمالقة الشباب, آن الأوان لتطهير وطننا من براثين الفساد ودياجير الظلام.. أنيروا بهاماتكم الشامخة قمم يمننا الشماء, أعيدوا البسمة لنا, البسمة التي سُرقت منا أو ربما ظلت طريقها إلى شفاهنا.. استردوا مجدنا الرشيد وماضينا التليد “يمن الحكمة والإيمان”.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *