في ذكرى فكّ حصار السبعين على العاصمة.. الملكيون ..أحلام العودة!!

*كُتبَ هذا التقرير في فبراير 2014 في ذكرى فك حصار السبعين, وقيام الجمهورية على أنقاض الملكيين

1

منذُ سقوط الإمامة وفك حصارهم للعاصمة صنعاء وقيام الجمهورية اليمنية، لم يخفُت صوت الملكيين. فقد ظلت أحلامُ العودة لسدة الحكم تراودهم رغم تواريهم عن المشهد القائم. فسياسة طول النّفس والعمل الدءوب كانت الطريقة المُثلى التي ينتهجونها. ورغم تعدّد مشاربهم إلا أنهم يتفقون على هدف موحد هو إسقاط الجمهورية المترنحة وإعادة الملكية. كل تلك السنوات التي مرت، إلا أن أحلام العودة لا تخبو والعمل على ذلك لا يتوقف بل ويمضي بخطىً راسخة.
في بداية العقد الأول من القرن الحالي، حاول الرئيس السابق تكريس منهج التأبيد والتوريث في زمن الجمهورية, كأحد الحالمين بعودة الملكية، إلا أنه اصطدم بملكيين آخرين في شمال الشمال يراودهم ذات الحلم. اضطر النظام السابق لخوض 6 حروب متفرقة, بعضها عرضية وجُلها عبثية. عمد من خلال تلك الحروب إلى ضرب الحوثيين من جهة، وإنهاك الجنرال علي محسن وترسانته القوية باعتباره التهديد الأكثر حضوراً أمام مشروعه. لكن وبعد قيام ما سمي بـ”الربيع العربي”، رأى الحوثيون الالتحاق بالثورة الشعبية، إذ في حال نجاحها وإيجاد قوة جديدة على هرم السلطة ربما تكون أرضية سهلة لتنفيذ مشروعهم.

الحروب الستة
يُعد المشروع الحوثي إحدى صناعات الرئيس السابق، فما كان يسمى بـ(تنظيم الشباب المؤمن) هو فكرة نالت استحسان علي صالح لضرب تنظيم الإخوان المسلمين المعارض لسياسته، وأولى إليهم الدعم السخي. لم يكن أحداً يعرف بأن للحوثي قوة مسلحة على الأرض إلا في العام 2004م بداية الحرب الأولى. فقد أقدم الحوثي على أخذ الزكاة من المواطنين رافضاً دفعها إلى الدولة، وعندما قرر النظام القائم اعتقاله, ظهرت خلايا نائمة مجهزة بالسلاح وقتلت أفراد الأمن، وهنا بدأت الحرب الأولى مع الدولة.
كانت الحروب الاولى عفوية وردة فعل من قبل الرئيس السابق، لكن تابعاتها كانت مفتعلة ومتعددة الأغراض. فقد استخدمها صالح لابتزاز الغرب والجيران الخليجيين وكسب الدعم من جهة، وضرب شريكه وخصمه اللدود علي محسن الأحمر، كون المنطقة خاضعة لإمرة جيشه. في الحروب الأخيرة، لم يحصل الحوثي على الدعم العسكري بل تعدى ذلك للحصول على دعم مادي كان يخرج بشكل مباشر من القصر الجمهوري. كانت الهالة الإعلامية صوّر المقاتلين الحوثيين بالخارقين وذي الأيادي الخفية، هذا الأمر برر الحالة النفسية السيئة التي تملّكت مقاتلي الجيش. يقول بعض الأصدقاء العسكريين الذين خاضوا غمار الحروب الستة، يقول إن عدد من القتلى في صفوف الجيش قضوا في ظروف غامضة, البعض كانوا يستهدفون من الخلف. يجدر بالذكر أن معظم القتلى هم من أبناء تعز والمناطق الجنوبية. يُذكر أنه ما كان يحصل عليه أفراد الجيش من أسلحة الحوثيين مرقمة تسلسلياً، أي أنها صُرفت من مخازن أسلحة وليست غنائم كما روّج لها. ملخص الحديث أن صالح استخدم الحوثيين لأغراض تصب في مصلحته الخاصة جداً، بغض النظر عن تأثير ذلك على الاستقرار الداخلي للوطن. كما أن صناعة الأزمات وتشتيت انتباه الداخل والخارج هي الطريقة الناجعة لبقاء الديكتاتوريات لفترة أطول, الحكام العرب أنموذجاً. انتهت سلسلة الحروب، وأنهكت ترسانة اللواء علي محسن وحصد الحوثي أسلحةً نوعية وتعاطف شعبي أكبر.
الربيع العربي
وعندما قرر اليمنيون الخروج إلى الشوارع لخلع النظام السابق، توالت ردود الفعل واهتز عرش صالح وبدأ تدريجيا بتقديم التنازلات, وإن بدت وهمية, لإخماد غضب الشارع. وجد الحوثيون أن التعويل على ما ستنتجه الثورة من سلطة جديدة أجدى من بقاء النظام الحالي والتغريد خارج السرب. بالفعل انضم الحوثيون إلى الثورة تحت اسم (أنصار الله). اعتمد حضور الحوثيين ومن كان في صفهم من بعض القوى الليبرالية، اعتمدوا على بث الفرقة والصراعات الجانبية عبثا في صفوف الثوار, وهذا ما كان يصب في مصلحة النظام السابق. كان لوجود ساحة التغيير في نطاق معسكر الفرقة الأولى مدرع دور كبير في حمايتها من الداخل ومن بطش علي صالح، فيما كان الخطاب الحوثي واليساري موجه ضد قائد الفرقة كونه خصمهم اللدود في حروب صعدة. رغم المحاولات المستميتة للتخلص من الجنرال بمناسبات متفرقة من قبل صالح، إلا أن الأمور وصلت للتوقيع على المبادرة الخليجية التي امتنع عنها الحوثيون لأن أي تسوية سياسية ستتعارض مع هدفهم على الأرض, أما المواجهات المسلحة والحرب الأهلية كانت الأنجع بالنسبة لهم لفرض مشروعهم. ولأن مسارات النظام السابق كانت على توافق كبير مع تيار الحوثي والمتعاطفين معه، فقد ظهر ما يسمى بـ( الثورة المضادة) وهي مزيج ثوري فلولي. عموماً وبعد تسلُّم السلطة من المشير هادي وتشكيل حكومة وفاق حسب ما تضمنته المبادرة الخليجية، ضلّ الحوثي يقوم بأعمال استفزازية سواء في صعدة أو عن طريق تحريك مسيرات مسلحة إلى سجون الأمن القومي. وبقيت القوى الثورية منقسمة وفي صراع دائم وتراشق إعلامي أغرى صالح.

TOPSHOTS-EGYPT-POLITICS-DEMO

مؤتمر الحوار الوطني
ولأن الحوثيون يمتلكون هدفاً واضحاً، فقد انتهجوا سياسة النفس الطويل، والسعي بشكل منطقي للوصول إليه. ورغم أن الحوثيون لم يكونوا طرفاً في المبادرة الخليجية، إلا أنهم قبلوا بأحد بنودها والمتمثل بالحوار. كان على الحوثي الانخراط في الحوار لإظهار مدنيته وتحسين صورته الملطخة بالدماء، بينما يسير بمساره التمددي على الأرض. في أروقة مؤتمر الحوار، استطاع الحوثي توسيع قاعدة تحالفاته عن طريق ضم بعض قوى الحراك الجنوبي. وهذا ما يفسر الاضطرابات المسلحة التي شهدها الجنوب مؤخراً، نظراً لكمية الأسلحة المتدفقة إليهم من قبل الحوثي. طوال فترة الحوار، بل ومنذ التوقيع على المبادرة، والنظام السابق يقوم بنهب مخازن السلاح كغنائم يدّخرها للأيام المقبلة. حظي الحوثي بالكثير من تلك الأسلحة النوعية التابعة للحرس الجمهوري سابقاً بما في ذلك دبابات متطورة لا تملكها سوى معسكرات نجل الرئيس السابق، وليست غنائم حرب صعدة كما يروج له. ليس هذا وحسب، بل امتد الأمر ليصل حد الانسحاب مؤخراً لألوية الحرس الجمهوري القريبة من معقل الحوثيين وترك كافة عتادها. يقول لي أحد الأصدقاء من مأرب والذي يعمل جندياً في إحدى تلك الألوية:” تلقينا أوامر بمغادرة المواقع وترك كل شيء، لكنني آثرتُ أخذ 6 أسلحة كلاشنكوف وبعتها”. ولأن اليمنيون يعولون على نجاح مؤتمر الحوار لضمان استقرار الوطن والحد من تقسيمه، يسعى الطرف المتظر من نجاح الحوار إلى إفشاله بشتى السبل الممكنة، كون مخرجاته التي هم جزء منها تتنافى تماما مع أهدافهم على الأرض. في الحقيقة، مر مؤتمر الحوار بمحطات إفشال متعددة منذ الجولات الأولى مما أدى إلى تمديده مرات عدة. فقد تم استخدام أوراق جانبية للقضاء ليس على مؤتمر الحوار، بل للإطاحة بهادي. بالعودة قليلا إلى الخلف، أحداث مجمع الدفاع تحديدا، سنجد تورط قوى عدة خارجية وداخلية، لكن الرئيس احتواها بحذاقة ومع ذلك لم يكشف المتورطون لدى الرأي العام. مرة أخرى، محاولة لتنفيذ الضربة القاضية والتي تمثلت في اغتيال ممثل أنصار الله -شرف الدين- صبيحة الجلسة الختامية. فقد كانت الصورة واضحة عن طريق صناعة فوضى داخل القاعة والانسحاب، ومن ثم انسحاب الحلفاء داخل القاعة والعودة بالأمور إلى مربع ما قبل الحوار. لكن رباطة جأش الرئيس هادي، والحنكة التي أبداها، أنهت كل تلك الفوضى. وبالرغم من انسحاب أنصار الله، اختتم الحوار أعماله وعاد الغموض ليلف ملابسات ودوافع اغتيال ممثل أنصار الله في ذلك التوقيت. ومع هذا يمثل تنفيذ مخرجات الحوار هو العائق الأبرز، خصوصا في ضل نظام هش وجيش منهك.

3

التحالفات الإقليمية الجديدة
وكما كان للجارة السعودية دور بارز في إحلال التسوية السياسية، كان لها حضور هامشي غير رسمي. عندما عول الرئيس السابق على الشباب المؤمن لكسر شوكة الإخوان، عولت السعودية على التيار السلفي في دماج لإضعاف المد الإخواني في اليمن. فهي تؤمن أن الفكر الإخواني هو سياسي بامتياز، ويملك قدرة تنظيمية عالية، فضلا عن إمكاناته في تحريك الشارع. لكن التيار السلفي الذي يتلقى دعمها السخي لم يستطع تحقيق ما أوكل له، خصوصا بعد انبثاق حزب الرشاد السلفي كحزب سياسي مستقل عن الإملاءات السعودية. لكن هالة الكراهية لما سمي بالربيع العربي وللإخوان على السواء، استدعى تغيير قائمة تحالفاتها بتخبط ملحوظ. بعد الحملة التي شنتها وسائل إعلام الجارة السعودية على الرئيس السابق، تم استدعاؤه بشكل مفاجئ إلى الرياض بحجة رحلة علاجية. كان عليها استخدامه كوسيط مع الحوثيين لعقد تحالف مؤقت لإسقاط السلطة الحالية التي أفرزتها مبادرتها الدولية. الكثير من الأموال انفقت، والكثير من الوعود قطعت لإعادة النظام السابق كما فعلت في مصر. على أية حال، بدأ الحوثيون هجوم هو الأعنف على سلفيي دماج، بحجة طرد الإرهابيين الأجانب المتواجدين للدراسة في دار الحديث. ورغم تدخل القبائل لفك الحصار عن دماج، إلا أنه تم ممارسة ضغوط على القبائل للانسحاب وكف التدخل. وبعد حصار وقتل وتدمير، وسكوت حكومي مريب، ربما هو الآخر تعرض للضغوط ذاتها، وجد السلفيون أنفسهم في عزلة محلية ودولية. بعد تلك السلسلة من خيبات الأمل المحلية والدولية، رأى السلفيون تفويض الرئيس لاقتراح حلول، والذي بعث بلجنة وساطة بقيادة أمين العاصمة المتهم بتعاطفه مع الحوثيين. كانت الوساطة مبنية على الابتزاز، كون مطلب التخلص منهم يحمل صبغة دولية مُلحّة، فقد أبلغت الوساطة السلفيين بأن وجودهم يشكل خطراً على أمريكا والمجتمع الدولي، وأن بقائهم سيشكل خطراً على حياتهم. طالب السلفيون بمطلب مغادرة الأرض كحل يضمن بقائهم على قيد الحياة، ولا تزال آلاف العائلات مشردة في العاصمة صنعاء باستثناء ما تجود به منظمات المجتمع المدني من مساكن ومساعدات انسانية.

 

التمدد الحوثي صوب العاصمة
بعد إنهاء الحرب في جبهة دماج لصالحها، فتحت جماعة الحوثي شهيتها للتوسع بفتح جبهات جديدة للحرب وبروح المنتصر. ولأن الحرب في جبهة دماج لاقت دعماً إقليمياً ودولياً واسعاً، واصل الحوثي شرهه في التمدد تحت القاعدة ذاتها. هذه المرة كانت لتأديب القبائل التي لطالما صدت توسعه وكبدته خسائر فادحة. كان لا بد من خوض غمار هذه الحرب بدعم جهات عدة لضمان نجاح الحملة. الأطراف التي هجرت السلفيين من دماج هي ذاتها التي أغدقت الدعم المادي والعسكري لكسر شوكة القبيلة. فالسعودية ترى أن القبائل قد كسروا عصا الطاعة، وحان الوقت لتأديبهم. القبائل متحدة قوة لا تنكسر، وإن كان الخصم هو الحوثي صاحب الأسلحة النوعية التي توازي قوة الدولة. الأمر بحاجة لخلخلة في صفوف القبائل، ولا بد من الاستعانة بصالح لتحييد حلفائه القبليين ومن ينتمون لحزبه. بالفعل تكفلت السعودية والإمارات بدفع مبالغ طائلة للقبائل عن طريق الرئيس السابق وتعرية السواتر القبلية المنيعة. دخلت قوات الحوثي بمكبرات الصوت وحث تلك القبائل أنهم ليسوا المستهدفين من هذه الحملة باستثناء آل الأحمر حد قولهم. أي أن توغل الحوثيين إلى معقل القبائل كان بسب خيانة من الداخل القبلي ذاته، وهو الأمر الذي يروق المجتمع الدولي الذي انتظر كثيرا انهيار القبيلة. لم يقتصر الأمر على جبهة حوث عمران، بل امتد الأمر لإحياء المواجهات العسكرية في جبهة أرحب تخوم العاصمة، الأمر الذي بث الذعر والتوجس بمستقبل العاصمة.

محاصرة العاصمة من جهة أخرى:-

التمدد الحوثي في همدان لا يختلف كثيرا عن سيطرته على معقل حاشد. ابرام اتفاقات مع بعض مشائخ القبائل الموالية ” الحركة مقابل السلام”. لكن السبب كان واضحا على الأقل في حاشد، تطهيرها من القشيبي وبني الأحمر، لكن في همدان ما هو المسوغ الذي جعل الحوثي يقطع كل هذه المسافة ليصل تخوم العاصمة؟!

الحوثي الليبرالي يصفي خصوم السعودية التي أعلنتهم ببيانها المحشو عبثا بجماعة الحوثي على سبيل التتويه. كما أن تفجير المساجد ودور العلوم الشرعية هي مهمة رسمية لأنصار الله بمباركة أمريكية تحت يافطة ” تجفيف منابع الإرهاب”. إقحام القبائل في الحرب دفاعا عن النفس يهدف إلى تحميل حزب الاصلاح تبعية هذه المقاومة وإضفاء صبغة ” الحوثيون والإصلاح يتحاربون”. هذه المسوغات لذر الرماد على العيون إلى حين وصول الحوثي إلى مشارف العاصمة بعد فشله في أرحب، وبالتالي مواصلة الضغط الخارجي على الرئيس هادي الذي يبدو قد غط في نوم عميق. ليس لدى القبائل أدنى فائدة من هذا العبث الحاصل، ومن الغباء مقارنتهم بالحوثي الذي أتى من شمال صعدة بكل عتاده لتحقيق أهداف ولن يعود إلا بها. من يتحدثون عن الحوثي بزهو بسبب كرههم للقبيلة، إنما يمارسون الاستحمار لعقولنا. ستستمر المسيرة القرآنية في حصد المدن والتباب المحيطة بالعاصمة، وسيعض عندها الجميع أصابع الندم.

انتظار الوقت المناسب

يخوضُ الحوثي معركة كسر العظم مع القبائل للتفرغ بعدها للانقضاض على العاصمة النائمة. للمرة الثالثة تصلُ مليشياتُه تخوم العاصمة لعمل مناورات واختبارات لقدرتها العسكرية، في ذات الوقت تقومُ بضرب القوى القبلية المطلة على مشارف العاصمة من عدة اتجاهات لكسر شوكتها أو لتحييدها على الأقل.

بالنسبة للحوثي، ليس هذا الوقت الأمثل لمباغتة العاصمة، ثمة قوى لا بد من التخلص منها. ومن ثمّ ستتكفل الخلايا النائمة داخل العاصمة والأسلحة المتكدسة بعمل الخلخلة من الداخل. من المفترض أن تخوض تلك الخلايا حرب شوارع مع الجيش وقوات الأمن والسيطرة على مبان حساسة على أقل تقدير، وهذا ما تتقنه المليشيات فعلاً مع جيش نظامي داخل مدينة مكتضة بالسكان كصنعاء.
من السهل التنطع بالمدنية ليل نهار وتدعو إلى مسيرة مسلحة جهارا نهارا. لا تعليق من قبل شريحة المثقفين، يبدون في أزمة حقيقية. ترى أين ذهبت تلك القطعان البشرية المسلحة؟! هل غادروا عمران أم ما يزالون هناك على مقربة! أمر مريب حقا.
تكمن الكارثة في أحقية الحكم لدى السيد عبد الملك بصفتها هبة من الله، وكونه من بيت النبوة. كيف لمن يؤمن بهدف ويسعى إليه بأية وسيلة، بما في ذلك القتل والتنكيل، كيف له أن يتنازل عن هذا الحق المقدس ويؤمن بالتعايش مع بقية الشعب؟! إذن فالحوار لا يعنيه، ولا قرارات مجلس الأمن.. وأي شيء سيحول دون وصوله للهدف، كل هذه مسكنات إلى حين التمكن.
في حين يبدو الرئيس هادي غير مكترث إلى ما يحصل قريبا من مخدعة، يبدو هناك تحركات حثيثة خلف كواليس الإعلام، وكما يقولون “أهل مكة أ التغييرات العسكرية ليلة أمس تثبت يقضة هادي ومعايشته لما يجري. الأمر غاية في الخطورة ويستدعي التكاتف صفا في الحفاظ على الجمهورية وبناء الدولة المدنية المتينة التي خرج من أجلها شباب التغيير.

 

حق العودة
في الواقع، يرى الملكيون أن السلطة هي من ملكهم، ويسعون بخطى حثيثة لردها إلى حضيرتهم. بالرغم من مرور اكثر من خمسة عقود على انهيار الملكيين وقيام الجمهورية، إلا أن حلم العودة لم يخفت يوما. يعد الحوثيون أبرز صور الملكيين في الساحة، إلا أن انتمائهم لآل بيت رسول الله (ص)، حد قولهم، هو الحضور الأطغى وعلى هذا الأساس يتدفق الدعم الإيراني اللامحدود. فهم يؤمنون بأنهم أولى بالسلطة من غيرهم، هم أسياد ودونهم أشخاص عاديين، وهنا تبرز الاستعلائية والتمييز. الأحلام وحدها لا تجدي، لكن الحوثي يعمل بثبات لتحقيقها. يوجد في العاصمة صنعاء الآلاف منهم، يتمركزون في مبان استراتيجية دفعوا الكثير لحيازتها. تتوزع هذه المباني في مناطق حيوية تم انتقائها بشكل مقصود. كثيرا ما نسمع من أهالي المناطق التي تقطنها هذه الجماعة، عن أسلحة تتقاطر وتخزن في تلك المباني. الأمر لا يقتصر على العاصمة، في مدن كبيرة كتعز وإب، ثمة تواجد قوي عبر شراء ولاءات وتوزيع مبالغ طائلة، هذا ما أثبتته الكثير من الحوادث المسلحة التي تم تغذيتها. لا أحد يستطيع التكهن بما يفكر فيه الحوثي، لكن الواضح كالنهار أن الحوثي لن يقبل بالتواجد في سلطة جديدة بأي حصة مهما كانت.تبدو أسلحة الحوثي والنظام السابق موازية إلى حد ما أسلحة الدولة باستثناء سلاح الجو، وربما هذا ما يفسر الاستهداف الممنهج للقوات الجوية وأسطولها الحربي. ويبقى القلق قائما خصوصا في ضل الزحف الغير مبرر صوب العاصمة. ثمة سيناريو ممكن، وهو تقدم الحوثي تجاه العاصمة مصاحبا لانتشار مسلح من الخلايا النائمة في المدن، وبالطبع سيكون التحرك الكبير من قبل النظام السابق وإسقاط العاصمة.
ما أشبه اليوم بالبارحة! الملكيون مجددا يحاصرون العاصمة، يشبه كثيرا حصار السبعين. الملكيون في مواجهة الجمهورية، والطرف الخارجي ذاته الذي هندس للحصار. من المعقول كذلك استخدام هذه الجماعة من قبل تلك القوى لغرض إعادة النظام السابق وبالتالي اقتسام السلطة بينهم. في الوقت الذي تبقى فيه هذه السيناريوهات توجس الشارع اليمني، نقل عن متحدث رئاسي رفيع المستوى بتوجيه الرئيس هادي رسائل صارمة للحوثيين بالتدخل في حال واصل تمدده تجاه العاصمة. في حال ثبتت مصداقية تلك الرسالة، فتوجسات الشارع في محلها، وتدخل الدولة بات أمرا ملحا للحفاظ على مكتسبات الثورات التي بذل فيها اليمنيون دمائهم رخيصة لدحر المشاريع الإمامية التسلطية.

 

 

 

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *