وطنٌ مُفخخ..!!

salemqatan01

كثيرون من راهنوا على الحكمة اليمانية التي تجلت, أو خُيل إلينا, إبان أحداث العنف في العام الماضي الأكثر سخونة في البلدان العربية, ربما لم تكن تلك الحكمة من حال دون الدخول في أتون الحرب الأهلية التي كثر الحديث عنها! إنه لطف الله بنا بالدرجة الأولى .. ودعوات الفقراء والمقهورين التي ليس بينها وبين الله حجاب. 


لم تعد اليمن بلد الحكمة كما قال عنها الصادق المصدوق ذات يوم, كانت كذلك لكن ليس الآن, فقد أصبح بلداً مفخخاً بألغام من الصعب نزعها بتلك السهولة. كلما تفاءلنا بأن تنجلي الكروب التي أثقلت كاهلنا أصر عشاق الظلام افتعال الفوضى لخبث في أنفسهم ; كلما لاح الفجر في الأفق غطته غيومٌ سوداء تسد الأفق, وتضل الفوضى سيد الموقف( كلما صفت غيمت). 


فأنصار الشيطان يذبحون حماة الوطن على الطريقة الإسلامية (حلال) تحت مبرر تطبيق شرع الله ومحاربة أمريكا والغرب, في أبين طبعاً.. رحم الله العم/ سالم قطن , فقد كشف زيف من يسمون أنفسهم بأنصار الشريعة.. طهر البلاد من رجسهم لكن يد الغدر طالته فقط ليعطوا دفعة معنوية للقاعدة لمواصلة عملياتها الدنيئة التي ينكرها الاسلام والإنسانية جملةً وتفصيلا .. العظماء لا يموتون! تضل بصماتهم عالقة في ذاكرة الوطن ومنجزاتهم ملموسة لا يكسوها غبار الزمن , رحمة الله تغشاك. 


أما ( الجدعان بتوعنا) فيصرون أن نعيش في الظلام فهم يتلذذون بذلك, فلا تمر يوم بدون اعتداءات جديدة على أبراج الكهرباء في ظل صمت الأجهزة المعنية التي اكدت انها لا تقوى على بسط سيطرتها على ممر خطوط كهرباء ..الاقتصاد المنهار أصلا يتكبد خسائر فادحة يستفيد منها المقاولون القائمون بأعمال الكهرباء إذا لم يكونوا هم من يدفعون بالجدعان لضرب الأبراج .. يا جماعة الخير ( دي مش جدعنة)!! 


الإعلام بوسائله المختلفة أضحى وبالاً على وطننا, فما هو حاصل من فرقة في الشارع العام هو تأجيج وبخ الماء في الزيت . فتن كقطع الليل المظلم تعصف بالأمل ا الذي يعيشه المواطن وتفكك أواصره ونسيجه الإجتماعي. تضليل وأخبار كاذبة تطبخ بعناية بالغة لتحطيم معنوياتنا . لماذا دائما نصر على الخروج إما غالب أو مغلوب؟ ولماذا نتعاطى بهذه الأنانية على مبدأ ( إلم يكن لي فليس لغيري)؟! 


كم نحن محتاجون إلى القليل من حب الوطن على حساب مصالحنا الشخصية الضيقة, في مصر سعى عتاولة النظام السابق إلى إعلان نتيجة جولة الإعادة لصالح مرشحهم لإعادة إنتاج النظام السابق والقضاء على الثورة ،لكن الوطنية والقدر الكبير من التعليم الذي يتمتع به المصريون حال دون الدخول في هذه المهاترات , فمصلحة مصر فوق كل اعتبار. فهم يعرفون أن فوز مرشحهم يعني ثورة من جديد وفوضى عارمة ستعصف بالبلد! 
كنا كثيرا نخاف على ثورة مصر من العسكر ونرى أن ثورتنا على الأقل ستضمن عدم إعادة إنتاج النظام السابق, لكن ثورة مصر اليوم تشبه تماما ثورة الياسمين في تونس ثورة ناجزة بصمود وتكاتف أبنائها في الرمق الأخير. 


ثورتنا هي اليوم من تستحق الرثاء والبكاء دماً بدل الدموع, مازال عشاق الفوضى يفخخون البلاد من كل اتجاه مستغلين الحصانة التي منحتهم إياها المبادرة الخليجية والأموال الطائلة التي دفعها الشعب من عرق جبينه التي لم تجمد بعد وهي أقوى الوسائل التي ما زال يعبث بها النظام السابق.


الخطوط الرئيسية بين المدن جلها مقطوعة بحيث تعيش بعض المدن في عزلة تامة, مسلحون في كل الشوارع والطرقات يعيثون الفساد تحركهم أياد سوداء عبثت بمصائر العباد ولا تزال, وجع سرمدي وجرحٌ غائر ينهش في وطني.. هلاّ نتنازل عن نزعاتنا الشيطانية ولو لمرة من أجل وطننا؟ ألا يستحق منا ذلك؟! 


قد يقول البعض أن كلامي يبعث على التشاؤم, لكنها الحقيقة المرة التي نتجرعها على مضض ويعيشها وطني المثقل بالجراح. فقلوبنا وعقولنا تحتاج إلى إعادة هيكلة من تلك الأفكار الانتقامية ومشاعر الكراهية وحب الذات, نحن فعلا ً بحاجة إلى تناول جرعات من ( حب الوطن ) دون اكتفاء لنصير كباقي الشعوب ولكي نبني وطننا ونضحي لأجله بكل نفيس, لأجل الوطن فقط! 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *