سباق التسلح.. إلى أين؟!

Photography-by-Phillip-Toledano-e1276069133207

من مساوئ ثورة فبراير أنها أيقظت مخازن الأسلحة, خلافاً على الكميات الوافدة من الخارج بشكل هستيري من قبل تجار الموت, في بلدٍ مزقه الفقر والجهل والتناحر والثارات, فبدلاً من الإحصاءات التي تفيد بوجود قرابة 60 مليون قطعة سلاح تقليدية, صارت اليوم أضعافاً كثيرة بأنواعها الخفيفة والمتوسطة, حتماً ستجر الوطن إلى الهاوية خصوصاً في ظل الاستقطاب المسلح والعمل الدءوب والمنظم لإغراق الوطن في مستنقع العبث واللادولة. فذنب الثورة أنها قامت ضد حكم العسكر, ليصبوا جام غضبهم على الشعب وحشد طاقات الدولة العسكرية ضد الثورة. 


منذ أشهر وهناك كميات كبيرة من الأسلحة تدخل إلى الوطن, الذي بات كمخزن أسلحة كبير, تدخل هذه الأسلحة من منافذه البرية والبحرية على نحو منظم منها المتوسطة, ومنها ما يستخدم لغرض الاغتيالات ودروع واقية كذلك, والبعض الآخر مواد أولية تستخدم في تصنيع أسلحة بإمكانها مقارعة أسلحة الدولة. أدوات موت مجانية مغلفة بمأكولات في وطن أنهكه الجوع وأرقته السياسة. سباقٌ محمومٌ للتسلح, مدجج بمعاول الهدم ونياشين الدمار وقبح بشري يدفع ثمنه أبرياء لا يُجيدون سوى الموت, أو الموت.. وحدهم الطيبون فريسة الأوغاد.! 


يقول لي أحدهم, قبل صفقة البسكويت التركية في ميناء عدن, لم تكن تخضع الحاويات للفحص عبر أشعة اكس سوى عينة تقدر بعدد ثلاثة لكل100 حاوية, يا رباه ! كم يا ترى حاويات أسلحة دخلت عبر هذه النافذ ةالتي إلى حد قريب كانت بإمرة من يسعون ليل نهار لحرب ضروس لخبث في نفوسهم. هذا بالنسبة للموانئ التي تتبع بطبيعة الحال وزارة النقل فكيف بميناء ميدي, من يدري كم من لأسلحة تسربت؟! لعلي الآن بدأت أفهم لماذا يهاجم الحوثيون أهالي حجة بهذه الضراوة. 
هناك ما يشبه الحرب(غير المعلنة), تدور رحاها تحت الرماد, في أكثر من جبهة, وبين أكثر من معسكر. يخطفون الأحلام من عيون الوطن, يفخخونه بكل أدوات الدمار. هناك توزيع للأسلحة بشكل منظم في المدن الرئيسية, جهاز الأمن القومي الذي غُيرت قيادته لا يزال يعمل بعض منتسبيه المختارون سابقاً بعناية في بلد يقتات على الشائعات ويتقلب مزاجه في اليوم مائة مرة .

تفرغ المعسكرات بأسلحتها لمدنيين يعبثون بأمن الوطن, لا أحد يكترث, لا أحد يعني له الوطن شيئاً سوى (البقرة الحلوب), رضعوا من ثديه والآن يتنكرون له وينتقمون منه. 


أكره التشاؤم, كما أكره إشاعته, لم يعد الشعب يتحمل هذا القهر والقبح واللؤم , فالكل أصبح سياسياً في عشية وضحاها ويتابع عن كثب, الكل أصابه مَسُّ (السياسة) ويتجرع ويلاتها ليل نهار. لا نستطيع بأية حال إخفاء هذا التشاؤم, فالأمور مكشوفة والكل يناظر بصمت. نحاول التفاؤل لكن لا أمل يلوح في الأفق, فالتوافقية العقيمة وسياسة (نص, نص) أعادت النظام السابق للواجهة إضافةً إلى وقوع جزء كبير من الأجهزة الأمنية خارج نطاق الدولة بما فيها من أسلحة وعتاد, كلها تحولت إلى أدوات للموت. يظل الحوار ونجاحه, قشة الأمل التي قد تُخرج البلاد من عنق الزجاجة وترد للشعب الصابر اعتباره. 

 

*الصورة من موقع كوميل بلاس

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *