عن التطرف الفكري

التطرف 2

الوسطية والاعتدال في الآراء, والاحتكام إلى المنطق بعيدا عن التطرف الفكري والفئوية والعصبوية أبرز سمات المجتمعات المدنية الراقية التي تهتم بالجوهر وتتسامى عن الصغائر وسفاسف الأمور . في وطني الحبيب, لابد للأمور أن تكون جلية إما أبيض وإما أسود, لا أحد يؤمن باللون الرمادي الذي يمثل الوسطية والمرونة في التعامل. 


مؤخراً, وبالتحديد, منذ تولى الأخ/ شوقي أحمد هائل مقاليد الأمور في تعز, والإعلام (فرّاغ) لا شغل لهم سوى التعبئة والمزايدة, هل أنت مع شوقي أو ضده؟ يبتعد الناس عن الجوهر ويفرون إلى الخوض والسخف وحسب, فالجهل له الدور الأكبر وكذلك التمنطق خلف الأيديولوجيات والخلفيات العرقية والطائفية في تغذية وتعبئة الجماهير . 


منذ قرابة الستة أشهر والكل (يضج) آذاننا بهذه الأسئلة العقيمة التي توسع الهوة بين فئات الشعب وتفتت نسيجه الاجتماعي, طبعاً لا يوجد أي خلاف على أرض الواقع, اللعبة سياسية إعلامية بامتياز , غذتها أطراف انتهازية دأبت على المديح والارتزاق ولو على حساب الوطن. بدت هذه الأطراف جلية في المسيرة التي أراد منظموها تقويض ثقافة الحرية التي اكتسبها الشارع العام والعودة بنا إلى عصر (التطبيل) . يبدو أن الأخ المحافظ تنبه إلى مثل هذه المغالطات التي لن تربك مسارات التنمية التي ابتدأها وحسب, بل ستضعه أمام طائلة المحاسبة والتستر على أشخاص عليهم تجاوزات معروفة للجميع يريدون إلقاءها على ظهر المحافظ للأسف الشديد بمساعدة كبيرة من بعض قوى الثورة. 


بعض القوى الثورية تنبهت للخبث الذي أريد له من وراء هذه المسيرة وضمن مسلسل (إما أبيض وإما أسود) خرج بعض مكونات الثورة مع هذه المسيرة نكاية بـ (أشخاص معينين) حسب زعمهم لأنهم يكرهون (شوقي) يا جماعة, لماذا نختزل الوطن بشخوص أو أحزاب؟! فالوطن أبقى وأعم وأشمل, وـ (شوقي) ليس بحاجة إلى مسيرات أو دعم من أي أحد, ما يحتاجه الرجل هو صمتنا وحسب! فليخرس المطبلون وليخرس المنتقدون, ببساطة لأن هذه الممارسات غير مجدية, تضر أكثر مما تنفع. 


نحن نعرف, منذ البداية لم يرُق لحزب المؤتمر تعيين شوقي كونه منهم أولا ولأنه إداري ناجح ومعتدل لا يميل إلى (الشخصنة) , لو كان من المعارضة لكان من السهل الطعن به أو العبث معه, لكنه محسوب على الحزب نفسه وذات قبول لدى كافة أبناء المحافظة , بدا ذلك جلياً من خلال ردود أفعالهم الآنية. بعد إقالة (السعيدي) فقط بدأ المؤتمر باللعب على إيقاع الاغراض وإيجاد الشروخ بين قوى الثورة فيما بينهم من جهة, وبعض مكونات الثورة مع المحافظ من جهة أخرى, إلى حدٍ ما نجحوا في ذلك وبدأ التراشق الإعلامي والتخبط والتخوين وما إلى ذلك , وفجأة أصبحنا بلا وطن,! فالكل يزايد والكل يقتتل لأجل مصالحه الخاصة, والوطن وحده (المودف). 


ليس كل من خرج في المسيرة يحب(المحافظ) وليس كل من قاطع المسيرة يكرهه, لكن نقول, أعيرونا صمتكم دعوا المركب يمر بسلام, فالطوفان لن يستثني أحداً, وسيغرق الجميع, هذه فرصة تاريخية لن يعيدها الزمن وبهذا الدعم الإقليمي والأممي غير المسبوق .. فالوطن يتسع للجميع.

 

*الصورة من منبر علماء اليمن – أسباب التطرف 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *