الحراك العربي.. إلى أين؟!

ربيع

لأن الربيع روح الأرض وشبابها وأيقونتها الدافئة, كان على الحراك العربي (السلمي) أن يكون ربيعياُ خالصاً.. ما حدث في بعض البلدان العربية لم يكن سلبياً أبداً, ما حدث كان محاولة للنهوض من قيعان الظلام والفقر والتخلف الذي كان سبباً رئيسيا فيه تلك الأنظمة الجمهورية التسلطية. 
أياً كان اسم هذا الحراك (ثورةشعبية , أزمةسياسة … إلخ),ينبغي الاعتراف بالنقلة النوعية في الفكر العربي والجرعة المفرطة من الحرية ,إلى حدِ ما ربما لم تألفها الشعوب العربية, التي أحدثتها تلك الأحداث الربيعية الساخنة. 


لم تؤتٍ تلك الحراكات السلمية أُكُلها, أو كما اريد لها, فقد تفاوتت النتائج بين البلدان التي شهدت ربيعاً وذلك لعوامل عدة لعل من أهمها التدخل الخارجي والفتنة الطائفية الدخيلة على تلك البلدان. تلك الحراكات العفوية التي سطرها الشباب لم تدم طويلا على مسارها, فقد كان على التدخل الخارجي الممنهج والرامي إلى حرف مسار ذلك الحراك بما يتوافق ومصالح تلك الدول العظمى وكذلك الحد من تنامي الفكر العربي والعقلية المتحولة التي شهدت مخاضاً عسيراً.. ما يحدث في الحبيبة سوريا من صراع إقليمي دولي لهو أكبر برهان على تجييش صحوة الشعوب لمصالح الدول العظمى الضيقة رغم ادعائها رعاية حقوق الإنسان ونصرة الشعوب المقهورة!! , مع الاعتراف بطبيعة الحال بقصور فكري واضح وضعف في القيادة لدى الشباب وتشرذم بين أيديولوجيات الحراك المتباينة نسبياً. 


أحد العوامل الخارجية التي رمت لتمزيق النسيج الاجتماعي, هي الطائفية اللعينة التي هي ربما أشد فتكاً من بطش الحكام.. الحراك السوري أنموذجاً.. كذلك الطائفية التي أذكتها بعض الدول لوضع قدم في سوريا وتفكيك أواصر الشعب وتشكيل المرحلة التحولية القادمة وفقاً لرغباتها الشيطانية.. مع الأخذ بعين الاعتبار التركة الثقيلة والتراكمات التي خلفتها تلك الأنظمة السابقة إذا علمنا بأن حكمها كان مركزياً تسلطياً, ممسكاً كافة مفاصل الدولة وقبضة أمنية استخباراتية لا يستهان بها.. كل هذه العوامل الداخلية والخارجية وقفت عثرة أمام تحقيق تلك الطموحات التي رمى لتحقيقها أولئك الشباب المفعمون بالحيوية, المقهورة بالكبت وتكميم الأفواه طوال العقود الماضية. 


ما نحن اليوم بحاجة ماسة إليه, هو إنقاذ وتصحيح مسار قطار التغيير المندفع على وتيرة متسارعة لم يكن ليحلم بتحقيقه المواطن العربي على مدى ثلاثة عقود, ما نحن بحاجة إليه هو تقوية النسيج الاجتماعي الممزق وبث روح التآخي والقيم الوطنية السمحة بين أفراد الشعب الواحد ودحر مسببات (الطائفية) التمزق الحاصل ووضع لبنات الدولة القويمة الذاتية السيادة القائمة على الاقتصاد المتين وحب الوطن. 


, أنا متفائل جداً لما هو حاصل في عالمنا العربي الحبيب, بالطبع مع بعض التحفظات والتي كانت نتاجاً للعوامل الداخلية والخارجية الآنفة الذكر التي حرفت إلى حدِ ما المسار الفكري الذي انتهجه أولئك الشباب, لا بد من العمل على ترشيد وتصحيح مسار الثورة الفكرية القائمة وتبني أفكار من شأنها الرقي بالأمة بمشاركة مفكريها ومرجعياتها الفكرية وعلمائها الذين هم للأسف وقود الحضارات الغربية.. لنتحد ونبني أوطاننا.. 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *