أمن تعز .. الغامض!

1

في مدينة التناقضات فقط يحدث أن تسير الأمور في مسارين متضادين، تماماً كأقطاب البوصلة. في بلاد العجائب، يخرجُ الشباب يزينون الشوارع ويرسمون الجداريات وينشدون الجمال؛ بينما يخرجُ آخرون لنشر الفوضى وإغراقها بالعبث. في مدينتي، تنتشرُ الشاراتُ الحمراء على طول الشوارع، وعلى قدرها ينتشر المسلحون. إنها مدينةُ السلام، ومدينة الموت في آن معاً.. إنها كتلةٌ من التناقضات!! فأما المظاهرُ الجميلة، فهي طبيعتها المسالمة، وجمالَها الاستثنائي.

فأهلُها الطيبون، وشوارعُها المضيافة، وبيئتُها أرضٌ خصبةٌ للمحبّة. وأما وجهُها القبيح، فدخيلٌ بامتياز. فالأسلحةُ تتقاطرُ من خارجها، وتجارُ الموت يسابقون الزمن لوأد أمنياتها الجميلة التي قاربتْ على التحقّق، للأسف بأيديهم وأيدينا. ولأنها جميلة، وعصيةٌ على التركيع، يتسابقُ الأوغادُ لجعلها ساحةً لتصفيات قبحِهم. كلما تعكرتْ أمزجةُ الساسة، زجّوا بها لخلط أوراقهم، وإظهار بؤسهم، وإلقاء عبثهم في مدينة السلام. قبل أشهر، حاولوا استغلال خلافٍ قديم، نامَ لسنوات، لغرض إذكاء فتنةٍ مع أبناء مأرب، فقتلوا الدكتور فيصل المخلافي، كم كانت أرضية خصبة لإحلال شرورهم! .. لكنها تعز!! اليوم، يختطفون محمد منير، نجل شقيق المحافظ للؤمٍ في نفوسهم.. لكنها تعز!!

ألا تفهمون؟!

فليس محمد منير نجلُ شقيق المحافظ وحسب، بل هو من عائلة هائل سعيد، عمود اقتصاد تعز، ورجل الخير الأول في الوطن. ولأن هذه العائلة أصحاب فضلٍ على المحافظة والوطن ككل، فلا غرابة أن تجدَ أحدهم يتمشى في الشارع بسيارته الخاصة، أو يذهب إلى العمل أو حتى يتنقل بين المحافظات, وبلا مرافقين، ودونما سلاح، رغم استدعاء الوضع الأمني ذلك! بينما تجدُ أشخاصاً عاديين يجوبون الشوارع بأسلحتهم القبيحة، يعكرون صفو المدينة الجميلة. ليست الحادثةُ عرَضية بطبيعة الحال، فقد استُهدف عمُه الشيخ عبد الجبار، أحد رواد الجمعيات الخيرية في الوطن. بالتأكيد لن تكون الأخيرة، فهناك أخبار عن محاولة اختطاف نجل عبد الجبار في صنعاء، وأيادي الشر طولى، ولا تفقد الحيلة. ثمة أمور غامضة وبحاجة لفك طلاسيمها، خصوصاً إذا علمنا أن محمد منير مضى مع خاطفيه على عشرات النقاط الأمنية من تعز وصولاً إلى مأرب دونما توقيف يذكر، وهناك من يعلم مكانه وكيف غير الخاطفون مكانه مؤخراً، وتهديدهم بتصفيته في حال تم تتبعهم. لصالح من كل هذه الاختطافات والاغتيالات. وضع إنساني مزرٍ يعيشُه الشاب محمد، وتدهور في صحته، رعبٌ يسكنُ قلبه وقلب عائلته، وكل أبناء تعز الذين ينضمون المسيرات والتضامن، لكن الأشرار لا يؤمنون سوى بالقُبح.. كان اللهُ في عونك يا محمد منير، وردّك الله إلى أهلك ومدينتك ردا جميلا، وحفظ تعز من الفتن! 


ومع هذا كله، ثمةَ أسئلة كثيرة تبحثُ عن إجابات، ولابد من اطلاعها للرأي العام. من هم المختطفون تحديداً؟ وما الدافع لذلك؟ هل لغرض الفدية، أم هي أغراض خفية؟! هل حقاً طلب الخاطفون فدية، وهل ستدفعون؟! في حال دفعتم، هل ستلزمون بيوتكم؟ ألن تكونوا بعدها أكثر عرضةً للابتزاز؟! 
عفواً، أين الجيش وأين الشرطة، وأين صاحبي حسن؟! 

 

*الصورة من الخبر الآن

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *