الكاميرا الخفية!

4793106-420811-dslr-camera-drawing

ياللسخف! دماء بريئة سُفكت، وأسرٌ لا ناقة لها في الحرب ولا جمل شُردت.. حربٌ بكل ما تحملُه الكلمة من معنى نشبت فجأة وعلى سبيل العبث. استعراضٌ رخيص للقوة، واستخدامُ أسلحة فتاكة كانت في يوم ما ملكاً للدولة. قلقٌ وتوجس عاشه الشارع اليمني القابض على جمر الغضا، كلُّ ذلك طلع «الكاميرا الخفية». 


كل تلك الحروب في مختلف الجبهات التي أشعلت البلاد، والخوف الذي رافقها خصوصاً ومؤتمر الحوار يضع لمساته الأخيرة، كلها كانت هراء و«لعب عيال» نشبت فجأة, وانتهت فجأة. ما أبشع الارتهان للخارج وادّعاء الوطنية زيفاً! وما أقسى أن تحشُد الآلاف للتذرع بحب نبي الرحمة، وهي بالفعل استعراضٌ للقوة تُخفي وراءها شراً مستطيراً. حبُّ الأوطان عميقٌ جداً تُترجمه أفعالٌ على الواقع، وليس خطابات رنانة تفوحُ منها رائحة الكذب والتهكُّم. استغفال الشعوب عواقبُه وخيمةٌ للغاية، ودغدغةُ الجماهير بكلماتٍ من قبيل الحب والسلام لا يتفق تماماً مع تصرفات من قبيل إجلاء الآلاف من قراهم على أساس العرق والطائفة.

سئمنا هذا الخطاب العقيم، وسئمنا معه الارتهان للأفراد وتعليق آمال الوطن الطاهرة عليهم. ماذا يعني أن تستعر الحرب وتُهلك الحرث والنسل، وترهق الدولة المترنحة والمواطن المتوجس الذي بات متابعاً لكل ما يدور من حوله. ماذا يعني أن يتفق أمراء الحرب بعد كل ذلك الدمار، لتنتهي باتصال هاتفي؛ أية رسالة يريد هؤلاء إيصالها؟! أهالي دماج وقعوا ظلماً في مرمى القصف، دُمرت منازلهم ونفَذ بعضُهم بجلده إلى مخيمات اللاجئين. وأخيراً، يتفقُ الرؤوس ويُهجّر البسطاء. 


كل ما يحدث من حولنا لا يُصدق! كيف تسمح الجهات المعنية بهكذا إجراءات تدُق في عمق الإنسانية والتعايش. نحن لا نتحدث عن بشرٍ على أديان مختلفة على الأقل، هؤلاء يدينون بدين واحد. منذُ متى يتم فرز المدن والقرى على هذا الأساس العنصري؟ نحن فعلاً أمام كارثة انسانية بمعنى الكلمة. بغض النظر عن الضبابية التي تحيط بهذه الحرب المشبوهة، نحن نتكلم عن الإنسانية ومواطنين أبرياء لا دخل لهم بالسياسة ولا بالطائفية، وسابقة غير معهودة ولها تبعاتها. هذه الحرب تُدار عبر الريموت كونترول؛ حليفٌ سابق أو مجنّد سابق إن جاز التعبير في مواجهة حليف مؤقت، والأغراض سياسية خبيثة تحمل من القبح ما ينسف الإنسانية من جذورها. 


كفّوا عن هذا الشعب، يكفي ما لحق به من ويلات. كلّ دول العالم تتصارع في وطننا وبأيدي عملاء يدّعون عبثاً انتماءهم له. حبُّ الوطن كحب الأم تماماً، ومن ذا الذي يعضُّ يداً تسقيه الحبّ والحنان وتفتحُ أمامه نوافذ الأمل كلما أغلقت الدنيا أبوابها أمامه؟! رجاءً, عندما تتحدثون عن الوطن، تعلموا كيف ترتّلون بخشوع آيات الحب، وكيف تبكون بسخاء دموع الوفاء والزهو..! فليذهب أمراء الحرب كلُّهم إلى الجحيم غير مأسوفٍ عليهم؛ وليبقى البسطاء بأحلامهم النقية؛ ليعيشوا بسلام، يرتلون نشيد الخلود! 

*الصورة من شبكة لمسة فنان

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *