هيكلة المنظومة التعليمية

التعليم العقوبة3

 للتعليم الدور الأبرز في تشكيل العقل البشري وصياغة الخلفية الثقافية في أي بلد من البلدان، فبقدر كمية التعليم ونوعيته؛ تكون المخرجات والمحصّلات الفكرية. 


في بداية النهضة الأوروبية وبعد التخلص التدريجي من قيود الكنيسة؛ اختُرعت الطابعة التي كانت في يوم ما محرّمة، كان حينها الفارق في عدد الكتب بين المكتبة العربية والمكتبة الأوروبية ضئيلاً ولا يكاد يُذكر، بعدها بعام واحد فقط، أصبح الفارق مذهلاً؛ هنا كانت بداية النهضة الأوروبية معتمدةً بشكل كبير على كتب لعلماء عرب، كانت منطلقات لحضارةٍ دوّت العالم، ليس بالإمكان بأي حال من الأحوال التحدُّث عن نهضة شعب يُعرش فيه الجهل، وتُخيّم فيه أفكارٌ مستهلكة لا تمت إلى عصرهم بصلة، التحدث عن نهضة أمة لا تقرأ، ضربٌ من الجنون وأمنياتٌ أشبه بالعبث. 


إذا عرفنا حقيقة أن نسبة القراءة للمواطن عربي لا يساوي أكثر من 10 دقائق في السنة مقابل 12 ألف دقيقة للمواطن الأوروبي، نحن بحاجة في اليمن على وجه الخصوص إلى التخلص من كابوس الجهل، بنهضة تعليمية شاملة؛ الأمر ليس مستحيلاً، كل ما في الأمر نحن بحاجة إلى انضباط وفاعلية كبيرة في المجال التعليمي، نحن بحاجة إلى قليل من الحزم من قبل الإدارات التعليمية ومن الإدارة المدرسية بالدرجة الأولى؛ منهج تعليمي ينمّي القدرة على التفكير بدلاً من التلقين بالملعقة والحفظ المباشر، باتت الحاجة الأكثر إلحاحاً تفشّي ظاهرة الغش بما في ذلك امتحانات النقل يهدّد بكارثة أخلاقية في المقام الأول من شأنها نسف العملية التعليمية برمتها. 


في مملكة المغرب كانت المشكلة ذاتها، مع فارق المستوى التعليمي بالنسبة للمغرب، فما كان من الملك إلا أنه غامر بسنة دراسية شدّد على الامتحانات ونزل بكل ثقل الدولة لمراقبة العملية عن كثب.. عدد قليل من الطلاب نجحوا، في السنة التالية كان انضباط الطلاب غير متوقّع، ومستوى التحصيل كان قوياً، ورغبة ملحة على الاستيعاب والفهم، للتمكن من تجاوز الامتحانات النهائية. 


 في اليمن التعليم مهدد بالانقراض، عبث وتسيُّب وفساد من قبل الإدارة، وتسرب واستهتار من قلب الطلاب، في تعز مثلاً تتعطّل الدراسة لأشهر ولا أحد يكترث، كل شيء خاضع للتوافق العقيم، حتى لو كان على حساب التعليم، في مدارس تعز نصف المعلمين يحوزون قرارات تعيين «وكيل مدرسة» أو «موجّه» لغرض التفرغ من التدريس لأعمال خاصة، بينما أغلب المدارس تشتكي شحاً في المعلمين الميدانيين. 


 لا أدري من يوقع تلك الإقرارات، وعلى «خمسين ألف..!!» من ينقذُ الجامعات والمدارس من العبث، إذا فسد التعليم خربت البلاد، من يقدّر ذلك..؟!. 


 نتسابق لتحديد ملامح وشكل الدولة ونظام الحكم بينما نغفل عن التعليم, لماذا لا يتم تحديد نظام جديد للتعليم مع تغيير شامل للمناهج، لابد من تغيير شامل لمديري عموم الإدارات التعليمية, وإدارات المراكز في المديريات, ومديري المدارس وإخضاع المناصب الإدارية للمنافسة والكفاءات إن أردنا تغيير واقعنا البائس واستشراف مستقبل جميل لأولادنا ووطننا..؟!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *