من أبشع المجازر التي بالامكان أن يتخيلها المرء. تحلّل من الانسانية, ونكرانٌ للذات البشرية. يومها شهدت ساحة التغيير في العاصمة صنعاء, شهدت كبرى التظاهرات على نظام علي عبد الله صالح. كانت الساحة مكتضة بالشباب والنساء والأطفال, عندما أقدم مسلحون بزي مدني وبأسلحة عسكرية على فتح النار على المتظاهرين من دون هوادة. العشرات سقطوا بين قتيل وجريح, معظم الإصابات كانت في الرأس والعنق.

ينبري أحد الأطفال, لا أتذكر اسمه, لخفة وزنه يرفعه الشباب إلى داخل حوش العمارة التابعة لمحافظ المحويت, والتي اطلق من على سطحها النار. بكل شجاعة يفتح الطفل المغوار الباب للثوار كي يدخلوا لينقذوا ما تبقى منهم. 
ورغم القبض على عدد لا بأس به من القتلة, إلا أنهم بقدرة قادر أخرجوا من السجون, وزُجّ بشاب الثورة بدلا منهم.. يومها قدم النائب العام استقالته بسبب توجيهه بالتحقيق مع مسئولين متورطين.

كانت جمعة الكرامة نقطة فاصلة, وأحدثت تحول جذري في مسار الثورة, رحمة ربي تغشاكم أيها الأبطال. 

الثورة مازالت متعثرة, القتلة يسرحون ويمرحون بحصاناتهم.. رفاق الثورة متخاصمون .. الوطن متصدع والصراعات لا تتوقف. ليس هذا وحسب, بل لا يزال المتورطون في تلك الدماء يعكرون أمننا. ويمارسون الابتزاز للوطن. 

وحده فيلم ليس للكرامة جدران أنصف شهداء الكرامة .. أما نحن فبلا كرامة, ووطننا مهدورةٌ كرامتُه.. رحمة الله تغشى ارواحكم الزكية ..

لن يمرُّوا