الحوثيون وصناعة العدو الافتراضي!

28-09-14-647999486

 

في الوقت الذي تشهدُ فيه العاصمة حِراكاً شعبياً مدنياً يُطالب بسحب المليشيا المُسلحة من الشوارع وإحلال مؤسساتِ الدّولة الأمنية، ينبري تنظيمُ القاعدة في هذا التوقيت تحديداً للعب دورٍ مشبوه أُريد له ذلك. يأتي هذا العبث للفت الأنظار – في المقام الأول- عن المُظاهرات المُطالبة بإخلاء العاصمة من المُسلحين، ولتشكيل قوة مُضادّة يبحثُ عنها الحوثيون -في المقام الثاني- لبدء مُسلسل جديد من تبادل الأدوار.

مُنذ تطويقه للعاصمة، عمَدَ الحوثي لإيجاد قوة تتصدّى له لإيجاد مُبررات لخوض جولاتٍ من الصّراع داخل العاصمة؛ لكنّ ذلك لم يحدث. لطالما راهن على الإصلاح للقيام بهذه المُهمة، لكنّهم تنبهوا للأمر مبكراً ليَدَعوا مليشيا الحوثي في مواجهة الدولة وجهاً لوجه.

إيجاد خصم نِد للحوثي أمر مُهم بالنسبة له، لذلك سيكونُ تنظيم القاعدة جزء من الخُطة البديلة. القاعدة في اليمن مُسيّرة ومُخترقة، ودائماً ما تُؤدي مهاماً تخدُم جهاتٍ داخليّة وخارجيّة في كل عملياتِها.

يُصرّح أعضاء تنظيم القاعدة بالثأر من الحوثيين وتبنّي خطاب يستدعي الطائفية. لا أدري لمن يثأرون! إن كانوا للجُنود، فهم يذبحونهم كذلك وعلى الطريقة الإسلامية. أما إن كانوا سيثأرون للمدنيين، فمن قتلهم التنظيم وشردهم كُثُر ولا مجال لإحصائهم. إذن فالأمر لا علاقة له بالثأر؛ إنه استدعاء حسب الطلب.

مالذي سيجنيه الحوثي من استدعاء القاعدة، وكيف تم ذلك؟

لنستعرض الأحداث معاً. لا يخفى على أحد دورَ الرئيس السابق الانتقامي في وصول الحوثي إلى العاصمة. سُقوط السلطة الحالية، بغض النظر عن البديل، يُمثلُ هدفاً طريّاً سعى له صالح مُنذ إسقاطه كنوع من الانتقام. لا أحد يمتلكُ السيطرة على تنظيم القاعدة بقدر الرّئيس السّابق؛ لطالما استخدمها لسنواتٍ لابتزاز الغرب.

إذن الحُوثي يبحثُ عن خصم، الإصلاح لم يعُد نافعاً لهذه المُهمة؛ القاعدة ربما تكون خصماً أكثر قبولاً لدى المجتمع الدولي. ستبدأ المُناوشات داخل العاصمة للفت الأنظار عن مطالب إخراج المسلحين من العاصمة. فيما بعد ستبدأ جولاتٍ من الصّراع خارج العاصمة هذه المرة. عينُ الحوثي على مأرب والجوف- النّفطيتين- هذه المُهمة الجديدة له والتي لم يستطع حسمها قبل سقوط العاصمة.

القاعدة المُزدهرة في مأرب والبيضاء ستجعلُ منهما ساحةً لحربٍ واسعة مع الحوثيين. الحوثي يُحارب القاعدة، العدو الّلدود للغرب والشّماعة التي استباحوا بسببها الوطن العربي، إذن فهو يُكافح الإرهاب. ومالذي قامَ به في العاصمة ومليشياتُه؟؟ ذلك ليس إرهاباً إطلاقاً؛ الإرهاب يتعلّقُ بالفصيل السّني تحديداً.

من هذا المُنطلق سيُروّجُ الحوثي لنفسه كبديلٍ مُفترض للنّظام المُتهاوي. حوثيو صالح وقاعدتُه سيخوضانِ حُروباً عبثيّة ليكتفي الشعب المنكوب بالفُرجة مجاناً.. إنّهم أعداء الوطن جميعاً وأعداء الدّين والبشريّة جمعاء.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *