الأرشيفات الشهرية: أكتوبر 2014

الحاجة إلى دولةٍ مُستبدة

4708434_max

ليس الاستبداد دائماً ذات طابعٍ سلبي رغم كارثيته، لكن وجوده في أحيانٍ مُعينة محبّب بل ومُحتم. بعد الأحداث التي شهدتها دول الربيع العربي برَزت الحاجة المُلحة لاستبدادٍ عادل لوضع حد لوفرة الحرية الطارئة في تلك البلدان، تلك الجُرعة المُفرطة من الحرية التي لم يألفها الشّعوب تحولَت إلى فوضى عارمة.

الثورة أداة للوصول إلى هدف “الدولة” والقانون وليست الهدف بحد ذاته، وبالتالي استمرار هذه الأداة يقود إلى الدوران في حلقة مُفرغة. وهذا ما حصل بالفعل في هذه البلدان. فقد تحوّلت الثورة إلى حدث يومي كجزءٍ لا يتجزأ من حياة المجتمع إلى أن صارت غوغائية.

الثورة هي الوصول إلى السلطة بطريقة غير شرعية عبر الفوضى. عندما تستمر هذه الفوضى، من المفترض أن يأتي على سُدة الحكم أشخاص كُثر في وقت قياسي وبالتالي يظل الاستقرار مُتزعزع بقدر تزعزُع المتعاقبين على السلطة.

كان من المفترض أن يعقُب الربيع العربي دولٌ مُستبدة. أقول دولة مستبدة وليس سُلطة مُستبدة. فاستبداد الدولة عدالة ومساواه وحزم، أما استبداد السلطة فئوي أو طائفي أو جهوي. استبداد السلطة كارثي ومُمزق للنسيج الاجتماعي. الدولة كيانٌ مستمر، بينما السلطة عبارة عن شخوص انتهازيون يجوّرون مقدرات الدولة لصالح الفرد أو الحزب أو الفئة.

في البلدان التي شهدت احتجاجات ما سمي بالربيع العربي، لم يراد للدولة أن تحضر، ثمة من لم يرقه ذلك. وهذا ما يفسره التخبط والتعثر الذي أصابها، وانهيار أي سلطة تصل إلى سدة الحكم وصعود أخرى. كل المكونات المُتعاقبة على السلطة تستخدم تقريبا ذات النهج الفوضوي الثوري، وهذا ما غيّب الدولة تحديداً. ولا ننسى كذلك البعد الإقليمي والدولي في تأثيره على المشهد بشكل مباشر أو عن طريق دعم فصيلٍ ما للقيام بالمهمة.

إذن لا تزال الثورة هي الوسيلة والغاية في آنٍ معاً، لذا من المفترض أن تستمر الفوضى إلى أجل غير مُسمى، وسيرافقها غيابُ الدولة. للأسف هذه الطريقة الفوضوية باستمراريتها خلّفت جماعة دينية مُتطرفة في اليمن على سبيل المثال وليس الحصر. ويبدو أنها لن تستقر عليها طالما والوسيلة لا تزالُ تعمل، خصوصاً أن هذه السلطة التي أتت على حين غفلةٍ من التاريخ مسكونةٌ بالطائفية وستُعيد الوطن إلى حِقب سحيقة من الظلاميّة والتخلّف.

إبان ثورة فبراير في اليمن والتي أفضت إلى اتفاقٍ لتسليم السلطة عبر المبادرة الخليجية، أتذكّر عندما تمّ تعيين محافظاً لمدينة تعز عقب تسليم السلطة، كان المواطنون باختلاف آرائهم السّياسة تواقين لحضور الدولة. أتذكر المواطنين وهم يصرخون مخاطبين المحافظ الشاب الذي ينتمي لعائلة تجارية مرموقة ومشهودٌ لها بالنزاهة والكفاءة. كان الناس يطالبون، بعد الفوضى التي شهدتها المدينة إبان الثورة، كانوا يطالبون بأن تضرب السلطة المحلية بيدٍ من حديد؛ يطالبون ببسط الأمن ونفوذ الدولة. كما قلنا، استبداد الدولة عادل ومنصف كذلك. دولة قمعية عادلة خير من دولة رخوة وخائرة.

لقد خافت السلطات الجديدة من تقييد الحريات خوفاً على سلطتها من الشارع المتحوّل جذرياً، وتركت وفرة كبيرة من الحرية. تلك الحرية التي جعلت الفوضى تستمر لتصبّ أخيراً في مخاوفها، بل وتسقطها من الحكم.

كان من الأحرى اعتبار الربيع العربي طفرةً خاصة، بل ظاهرةً طارئة نظراً للحالة المُزرية التي وصلت إليها تلك البلدان من جهة، ونظراً للفترة المُؤبدة التي قضاها حكامها الكُهول. كان ينبغي التأسيس، عقب تساقط أولئك العجزة، لدولٍ مُستبدة تنهض بالمواطن والوطن، وتحكم القبضة على الفوضى المُفترضة. عندما توجدُ تلك الدولة المتينة، عندها سيلجأُ المواطنون إلى اختيار من يمثلهم بطرق راقية وشرعية تحت ظلها.

الليالي العربية علامة فارقة في الأدب العربي!

معظمُ الشّبان العرب يُفضلون قراءة روايات الأدب الغربي ويحبذون مشاهدة الأفلام الغربية كذلك، رغم إنخفاض نسبة القراءة بشكل مهول هنا مُقارنةً بالغرب. قديماً وقبل قرون، كان الغرب يقرءون الروايات العربية بل والكتب العلمية العربية، وعليها بنوا نهضتهم العلمية والحضارية. استلهام تجارُب الحضارات والاستفادة من مُخرجاتها ليس بالعيب, على العكس تماماً، تلاقُح الأفكار والتجارب والاستفادة من البحوث العلمية للحضارات الأخرى يُشكّل مُنطلقاً للإضافة والإبداع وتلافي أخطاء الحضارات الأخرى.

حكايات ألف ليلة وليلة الشهيرة هي إحدى الروائع العربية تم تداولها كحكايات، لكنّها أخذت شكلها الحالي المكتوب في القرن الرابع عشر. تم تُرجمتها للغاتٍ كثيرة لعلّ من أهمها الفنسية والإنجليزية والتي اعطت الرواية هذا الزخم العالمي.ويعرفُها معظمُ الغربيين العاديين، فضلاً عن المثقفين. لم تقتصر هذه الحكايات على الترجمة وحسب, بل هناك من صنع منها أفلاماً كرتونية وسينمائية عديدة رسّختها في أذهان العالم بمختلف ثقافاتهم.

ألف ليلة وليلة

تدورُ حبكة السّلسلة القصصيّة حول ملكٍ (شهريار) الذي تعرّض للخيانة الزوجية من قبل خادمٍ له، الأمر الذي دفعهُ للانتقام من النساء. فقرر الزّواج كلّ ليلة من شابة جميلة, ليعدمَها كلّ مطلع صباح وهكذا. 

 في خضم هذا العبَث تبرُزُ التضحية المُجتمعيّة في أجمل تجلّياتها عبر ابنة الوزير التي اختارها الملك, وتُرجّح روايات أن الفتاة هي من أصرّت على والدها السماح لها بخوض المُغامرة لبالزواج على الملك وإنقاذ ما يُمكن إنقاذُه من هؤلاء الفتيات البريئات. وكانت ابنةُ الوزير قد عُرفت بعشقها للأدب والشّعر وقدرتها الفائقة على التأثير والإقناع.

 تزوّجت الفتاة بالملك السّفاح وبدأت بسرد حكاياتها بأسلوبٍ جميل شدّ الملك بطريقة غريبة.  تمتلك هذه الفتاة القُدرة على توظيف عُنصر التشويق المُسلسل بحيث تتوقّف عن السرد في موقف حسّاس ومُشوّق بحُجّة طلوع الفجر، لتُكملها في الليلة التالية وضمان الإبقاء عليها من قبل الملك.

 كان الملك يُرجئ قتل ابنة الوزير في كل صباح حتّى يتسنّى له إشباع رغبته في معرفة التالي في الحكايات. وهكذا استمرّت الفتاة معه تربطُ الحكايات الفرعية الجديدة مع الحكاية السابقة بطريقة ذكيّة بحيث لا يشعرُ الملك أن الحكاية الأولى قد انتهت وتم الدخول في حكاية اخرى تماماً. مكثت الفتاة مع الملك ليالٍ كثيرة, وبذلك تكون قد أنقذت حياة المئات من الشابات، وأول زوجة تستمر مع الملك السفاح كلّ هذا الوقت. من هُنا اكتسبَت السلسلة القصصية شُهرتها واهتمام القُرّاء بها, فضلاً عن القصص التي تحويها هذه الحبكة.

قبل سنوات، قرأت بعضَ هذه الحكايات بالإنجليزية تحت مُسمى ” The Arabian Nights” أي “الليالي العربية”،  من ضمنها سندباد وعلي بابا والأربعين حرامي وغيرها.

The Arabian Nights

في الحقيقة الأدب العربي غني بالروايات والشعر وكل الفنون، غير أن الركود الذي أصاب الشارع العربي هو أحد أسباب خفوت الرواية. الناس لا يقرءون، دور النشر والترجمة انحسرت بسبب ذلك. الجهات الرسمية لا تشجع التعليم والإبداع والطباعة، كل هذه الأسباب وغيرها أصابت الأدب والتعليم ككل. فلا غرابة أن يلجأ الشباب لمُتابعة الأدب الغربي الزاخر بالحضارة والتمدّن!

ليلة سقوط الجمهورية!!

الكاتب اليمني الرائع الدكتور مروان الغفوري يكشفُ السّتار لأول مرة عن خبايا التهام المليشيا المسلحة المُدن اليمنية وتورّط الرئيس هادي شخصياً. مقال للتاريخ وجدير بالقراءة..

ليلة سقوط الجمهوريّة!!

=============================================================================================

مروان الغفوري

=============================================================================================

21-01-14-291931664

في الواحد والعشرين من سبتمبر 2014 سقطت الجمهورية في اليمن، وصعد نظام جديد خليط من الميليشاوية والملكية والجمهورية بمرجعية ثيوقراطية متوحّشة. يتحدث مشايعو هذا النظام عن رحمته وعدالته. أما الآخرون، وهم الأغلبية، فيتحدثون عن جبروته ولا أخلاقيته. بموازاة ذلك منح هذا النظام الجديد أتباعه الأمن، وقال إنهم المواطنون الصالحون. أما الآخرون فكان الخوف نصيبهم، وكانوا بنظر هذا النظام الجديد مجرد لصوص، وإرهابيين، وعملاء. هكذا انقسم المجتمع أفقياً منذ اليوم التالي للسقوط. بقيت نسبة من السكّان خارج هذه الثنائية، وهؤلاء علقوا بين المواطنين الصالحين والأشرار.

لا يعلم أحد كم من العمر يبلغ هادي، لكنه لا يزال قادراً على الكذب كفتى في العشرينات. ولا يعلم أحد كم لديه من الأولاد لكنهم يشاركونه الكذب كشيوخ في الثمانينات. حاصر الحوثيون عمران، واختلقوا الذرائع. كان قائد اللواء 310 أحد أشهر خصومهم العسكريين. حشد الحوثيون قدرات رهيبة وحاصروا مدينة عمران لأشهُر. أما هادي فقد قال للسفراء الأجانب إن ما يجري في عمران ليس سوى مناوشات بين الإصلاح والحوثيين. سقطت عمْران، وقتل قائد اللواء مع مجموعة من قادة اللواء وجنوده فلم تصدر وزارة الدفاع، ولا الرئاسة، بياناً، ولا حتى بطاقة عزاء. حتى تلك اللحظة كان مكتب هادي يوزع بطاقات العزاء على الجمهورية اليمنية حتى ليخيّل للمتابع أن اليمن يمرّ بوباء. بعد أيام زار هادي مدينة عمران الواقعة تحت سيطرة الحوثيين. برر ذلك، بحسب حديثه لهيئة الاصطفاف الوطني بجملة “هددت السفارة البريطانية بأنها ستغلق أبوابها، وأن البعثة ستغادر”. وعندما سئلت السفيرة البريطانية عن ذلك قالت إنها لم تتحدث معه بهذا الشأن، وأن بريطانيا لا تفكر بالتخلي عن اليمن في هذا الظرف. كان هادي يحاول منح الغزو الحوثي لعمران مشروعية داخلية وخارجية، وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد.

انطلق إلى السعودية. أمام الملك بكى هادي طويلاً وارتجفت أصابعه. الظروف صعبة، والخدمات رديئة، والحوثيون يحاصرون صنعاء، وصنعاء بوابة الرياض. هكذا كان يتحدث إلى الملك. تبرع الملك لليمن بحوالي ثلاثة مليارات دولار، منها 700 مليون دولار لتأهيل العتاد العسكري، بما في ذلك الطيران الحربي. قال هادي للملك، بحضور وزير الخارجية السعودي ووزير المالية، إن اليمن عازمة على التصدّي للحوثين وأن القدرة فقط هي ما يعجزها، لا الإرادة السياسية. بعد عودته من السعودية رأس هادي اجتماعاً للحكومة قال فيه إن السعودية عرضت تدخل الجيش السعودي لحماية صنعاء، مستعيراً كلمات الملك السعودي “اليمن الفناء الخلفي للسعودية”. لكنه ما إن غادر الاجتماع حتى طلب لقاء السفير الأميركي. في اللقاء قال هادي للأميركيين إن السعودية تضغط عليه ليخوض حرباً ضد الحوثيين، وأن اليمن غير قادر على مثل هذه الحرب. قال أيضاً أن هناك اتفاقات سياسية مع الحوثيين وأنه لم يُسجل عليهم خروقاً حتى الآن. اقترب الحوثيون من صنعاء فقال هادي في خطاب نشرته القنوات الرسمية إن الحوثيين لم يلتزموا باتفاقية واحدة منذ العام 2011.

إذا عدنا إلى الخلف قليلاً لنتأمل هادي من الأعلى فسنراه يمسك بالسماعة ويهاتف الرئاسة الجزائرية. طلب من النظام الجزائري أن يعتذر عن لقاء الوفد اليمني برئاسة باسندوه. كان باسندوه قد سافر إلى الجزائر مع وفد رئاسي رفيع لغرض “طرق الأبواب” والبحث عن أصدقاء جدد ومساعدات جديدة. مستنداً إلى علاقة قديمة مع بوتفليه أمل باسندوه أن يعود الوفد بمكسب يليق بحجم الزيارة. اعتذر بوتفليقه عن لقاء الوفد اليمني، وكانت الحجة: إن الرئيس يعاني من وعكة صحية. أما هادي فقد أبلغ السعوديين بالقصة على النحو التالي: باسندوه اتجه إلى الجزائر، ويبدو أنه يدبّر شيئاً للملكة من واقع معلوماتنا. غضب السعوديون، وهم غالباً ما يديرون سياستهم الخارجية بالغضب تارة وبالانحناء تارة أخرى. في الأشهر التالية سترفض السعودية إعطاء باسندوه تأشيرة دخول إلى أراضيها قبل أن يكتشف الرجل السر، ويشرح موقفه للجيران.

على طريقة العبد المسحوق يتصرّف هادي. يكذب في كل الاتجاهات، يخدع كل الاتجاهات، ويسقط في كل الاتجاهات. وبالنسبة لدبلوماسي غربي رفيع فإن هادي أمام خيارين، في هذه الساعة: أن يفرّ إلى الخارج، أو أن يعيش كنسخة أخرى من فارس منّاع بدرجة رئيس جمهورية. يقول المسؤول الغربي: تقديري أن لدى هادي الاستعداد النفسي لأن يلعب دور فارس منّاع، على أن يلقب بالرئيس.
رفع الحوثيون جاهزيتهم القتالية لاقتحام صنعاء. استخدم الحوثيون، بحسب تقارير وزارة الداخلية، كل وسائل الاتصالات الخاصة بالتشكيلات العسكرية التابعة لصالح، وكان عمّار صالح هو المزوّد الرئيسي لكل أشكال المعلومات حول صنعاء. كان عمار وكيلاً لجهاز الأمن القومي، لم يترك في الجهاز الأكثر الأهمية سوى الأشياء الأقل أهمية عندما أقيل من منصبه. الرواية الخاصة بوزارة الداخلية تقول إن الأطقم العسكرية التابعة لصالح انتشرت في الأحياء وباشرت عمليات اقتحامات وهي ترفع شعار الحوثيين. أما صالح فقد كان على اتصال مستمِر بقيادات عسكرية في صنعاء.

قبل السقوط اجتمع هادي بهيئة الاصطفاف الوطني وأخبرهم بقصة فانتازية عجيبة. قال لهم إن الأميركيين أخبروه بأنهم لاحظوا، عبر أقمارهم الاصطناعية، تناقصاً مستمرّاً في أعداد الحوثيين حول صنعاء. وبالنسبة لهادي فإن ذلك يعني أنه لا داعي لمزيد من القلق، وأن المسألة في طريق حل نفسها بنفسها. كان حريصاً طيلة الوقت على تأكيد أن كل شيء على ما يُرام. لكنه عاد، كما روى لي أكثر من شخص حضر اللقاء، وطلب من هيئة الاصطفاف أن تنشئ مخيمات جوار خيام الحوثيين. ذهب بعد ذلك إلى قيادات حزب الإصلاح وطلبَ منهم أمراً عجيباً. فقد سمعوا منه رجاءً خاصاً بأن ينشئوا مخيمات جوار خيام الحوثيين حول صنعاء. رفض الإصلاح، واعتذرت هيئة الاصطفاف الوطني، فلجأ هادي إلى حيلة أخرى. أرسل وفداً كبيراً إلى صعدة للقاء عبد الملك الحوثي. ما إن وصل الوفد إلى صعدة حتى طلب هادي من وزير الإعلام أن يعلن التلفزيون خطاب حرب ضد الحوثيين. لكن وزير الإعلام رواغ هادي وملأ الشاشة بالأغاني الوطنية والشعبية. فشلت حيلة هادي، فاشتعل غضباً وهاتف أحد الوزراء ـ كما أخبرني ـ مستفسراً عن امتناع التلفزيون عن نشر “بيان الحرب” فأخبره أنه لا يعرف عن الأمر شيئاً، وأن المخول بالإجابة هو وزير الإعلام. كانت خطة هادي تتحرك كالتالي: بما إن هنالك وفداً رئاسياً في صعدة، وخطاباً حربياً في التلفزيون فليس لذلك من تفسير سوى أن حزب الإصلاح هو من يرفض السلام الداخلي ويسعى إلى التصعيد. في الاجتماع الأخير لهيئة الاصطفاف سأل باتيس ـ إصلاح حضرموت ـ وزير الدفاع “لماذا لا تدافعون عن صنعاء” فرد الأخير “تريدون منا أن نتخلص من الحوثيين لكي تتفرغوا لنا”.

Followers of the Shi'ite Muslim Houthi group shout slogans as they attend an anti-government gathering in Arhab, north of Yemen's capital Sanaa

كانت خارطة صنعاء ليلة السقوط كالتالي: هادي ووزير دفاعه في القصر، مسلحو الحوثيين ينتشرون في كل مكان، ميليشيات صالح تحت لوحة حوثية يقتحمون الأحياء، وزارة الداخلية مشلولة كلّياً، وهناك فقط 500 شخصاً هم من وقفوا دفاعاً 
عن صنعاء، سيتذكرهم التاريخ.

بحسب الرواية الخاصة التي انفردت بها وزارة الداخلية فلم يدافع عن صنعاء ليلة ال 21 من سبتمبر سوى 500:
200 فرداً من اللواء 314 حول التلفزيون، و300 شخصاً في الفرقة الأولى مدرّع من المستجدّين المحسوبين على الثورة.

وضعت اللجنة الأمنية العليا خطة على الأوراق، ثم أصدرت بياناً يطالب كل وحدات الجيش بالبقاء في ثكناتها. انقطعت الصلة بين وزارة الداخلية والرئاسة، وبين الداخلية والدفاع. عشرات الاتصالات التي أجراها وزير الداخلية مع كل من رئيس الجمهورية ووزير الدفاع لم يجب عنها أحد. ترك هادي ووزير دفاعه صنعاء تغرق بمفردها.

تحرك هادي ووزير دفاعه تلك الليلة على نحو مريب. أبلغ وزير الدفاع القيادات العسكرية في صنعاء بأن الأطراف كلها، بما في ذلك الرئاسة، على وشك توقيع اتفاق للسلام والمصالح، وأنه لا داعي للمواجهة أو الاستنفار. في الوقت نفسه أبلغ وزير الدفاع قيادات حزب الإصلاح بأن الدولة اتخذت قراراً بشنّ الحرب، وأن عليهم أن يكونوا عند مستوى اللحظة. انتشر الإصلاحيّون في أماكن كثيرة في صنعاء، وتجمّعت حشودهم لدى القبائل، وكان أكبر تجمّاً للإصلاح في أرحب. ففي صباح الواحد والعشرين من سبتمبر كنت على تواصل مع متطوّعين في أرحب وكانوا في كامل استعدادهم النفسي والذهني. بالنسبة لرواية وزارة الداخلية فقد “تبخّر الإصلاحيون فجأة من كل مكان”.

أما هادي فكان على الهاتف يبلغ المجتمع الدولي بأن ما يجري مجرد مناوشات بين الإصلاح والحوثيين، وأن الإصلاحيين لأسباب غير معروفة يرفضون اتفاقات السلم والمصالحة. هذه الرواية جاءت أيضاً على لسان السفير الأميركي الذي قال لدبلوماسي يمني رفيع بأن وزارة الدفاع أبلغتهم بأن كل شيء على ما يُرام، وإن الإصلاحيين فقط هم يحاولون الاصطدام مع الحوثيين، وأن ما حدث في شملان ليس سوى مناوشات بين الطرفين. حتى يوم السقوط كان السفراء الأجانب يرددون إن كل المعلومات التي تردهم من الرئاسة والدفاع تتحدث عن التزام الحوثيين بالاتفاقيات، وأنهم لم يسجلوا خرقاً واحداً من قبل الحوثيين.

لكي تكتمل اللعبة المدمّرة طلب هادي من اللواء علي محسن الأحمر العودة إلى الفرقة الأولى مدرّع. كان اللواء 314 الواقع في شمال العاصمة قد سقط كلّياً في يد الحوثيين بعد أن طلب وزير الدفاع عن القادة المغادرة، ثم ذهب صباح اليوم التالي وطلب من الجنود الاستسلام كما روى الجنود لصحيفة المدينة السعودية، ولأكثر من وسيلة إعلامية أخرى.

تبخّر الإصلاحيون وبقيت الفرقة الأولى مدرّع بـ 300 مجندٍ شابٍ وطلب هادي من محسن أن يواجه ووعده بستين دبابة. مرّ الوقت ولم يصل شيء من السلاح، كما لم تتحرك أي من القطع العسكرية لحماية شمال العاصمة. بقي جنوب العاصمة مجمّداً، فقد وجد الجائفي، قائد الحرس الجمهوري، نفسه ضمن لعبة معقّدة غير مفهومة، بينما يتلقى سيلاً من الأوامر تطلب منه البقاء في مكانه ونسيان كل ما يجري في صنعاء. في تلك اللحظة وصلت رسالة جوّال إلى تلفون مسؤول يمني رفيع من دبلوماسي غربي في صنعاء، تربطهما علاقة صداقة “لقد تم تحديد القشيبي 2”. جمع محسن الجنود في الفرقة بعد أن خاضوا مواجهة مرّة وصعبة وقال لهم “اخلعوا الزي العسكري، والبسوا زيّاً مدنيّاً، لقد انتهى الأمر”. غادر المجنّدون، وتبخّرت كل اللجان الشعبية التي كان عمودها الإصلاح. تقول رواية قيادات الإصلاح إنهم أحسوا بأن قراراً قد اتخذ بتصفيتهم، وتدمير التنظيم كلّياً.

في ظهيرة الواحد والعشرين من سبتمبر جاءتني رسالة من شاب كان حتى الفجر ضمن معسكرات المتطوّعين في أرحب. تقول رسالته “أنا الآن في صنعاء، انتهى كل شيء. باعونا عيال القحبة”.

كانت صنعاء تعج بحوالي 60 ألف عسكريّاً ضمن تشكيلاتها العسكرية المختلفة، لكن الذين دافعوا عنها لم يكونوا سوى أولئك الـ 500 فرداً. صحيح إنهم لم ينقذوها لكنهم حفظوا شرف الإنسان اليمني إلى الأبد.

في القصر الرئاسي كان هادي هادئاً، ومبتهجاً، ومعه في الداخل الساسة ووزير دفاعه. قال إن سبب بهجته يعود إلى رؤيته لحكمة اليمنيين وهي تبهر العالم. أما وزير الداخلية، ع. الترب، فقد بقي لوحده في الخارج. رفض الحوثيون التوقيع على الملحق الأمني عصر ذلك اليوم مشترطين محاكمة قتلة الثوّار. أدرك الترب أنه 
المقصود، وكان عليه أن ينقذ نفسه.

تصرّفت الداخلية على النحو التالي: أمنت البنك المركزي بعدد 70 جندي أمن مركزي. خلال ساعات كان البنك، وحراسته، تحت حصار ينفذه حوالي 300 مسلحاً حوثياً مستخدمين الدبابات التي سيطروا عليها من اللواء 314. المعلومات وصلت لدى قائد الجيش، وزير الدفاع، ورئيس الأركان لكنهما لم يفعلا شيئاً. بدلاً عن ذلك أعادوا التأكيد، عبر بيان رسمي، على أن الجيش لن يغادر ثكناته. كانت رسالة شديدة الصرامة والصراحة تقول للمهاجمين: الجيش يقع خارج خطوط سيركم. اقتحم الحوثيون مقرّ القيادة العامة، ثم حاصروا المالية والداخلية. بالنسبة لرواية وزارة الداخلية فقد انهارت معنويات أفراد الشرطة والأمن كليّاً في تلك الساعات، وبدأوا بالفرار وخلع الزي الأمني. كان الحوثيون يمهلون حرس كل مؤسسة نصف ساعة فقط للهرب.

تقول قيادات وزارة الداخلية في شرحها لما حدث: كان لدينا خياران، إما المواجهة المحسومة سلفاً، أو الفرار وترك كل شيء للفوضى والنهب. كلا الأمرين كارثي، لذلك لجأت الوزارة إلى طريق ثالث “الاتصال بالسيد عبد الملك الحوثي مباشرة وحقن الدماء وحفظ ما بقي من المؤسسات”. ساقت الأقدار، بحسب تعبير مسؤول أمني رفيع المستوى، السيد يحيى المختفي، وهو وكيل محافظة صعدة. ترجاه قادة وزارة الداخلية أن “يشفع لهم” لدى عبد الملك الحوثي، ففعل. في الرابعة من مساء الواحد والعشرين من سبتمبر جاء تعميم من عبد الملك الحوثي يطلب من أتباعه التعاون مع الشرطة واعتبارهم “إخوةً لأنصار الله”. وزير الداخلية، من جهته، أصدر تعميماً موازياً مستخدماً الكلمات التي وردت في تعميم “السيد”، أي اعتبار الحوثيين أصدقاءً للشرطة. وفي تمام الثامنة والنصف مساءً جرى التوقيع على اتفاق السلم والشراكة، الذي سيصفه دبلوماسي غربي رفيع بأنه “لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به”.

بقي الملحق الأمني دون توقيع، فقد كانت رأس وزير الداخلية مطلوباً. كانت خطابات 
الحوثي تفصح عن هذه الرغبة المتوحشة تحت لافتة “قتلة الثوّار”. ولهذه القصة جزء خفي، ومرعب..

فعندما تظاهر الحوثيون في صنعاء أصدر هادي تعليماته إلى وزير الداخلية باستخدام الذخيرة الحيّة وضرب المتظاهرين في السيقان والأقدام والمناطق غير المميتة. وكما راوغ وزير الإعلام قبل ذلك فقد فعل وزير الداخلية أمراً مشابهاً سيتذكره التاريخ باعتباره فصلاً فانتازياً شديد الغرابة. ألقى ع. الترب محاضرات في كبار ضباط الداخلية وشرح لهم الطرق الحديثة في مواجهة المعتصمين، ثم أصدر تعميماً خطيّاً بعدم استخدام الذخيرة الحية أياً كانت الاستفزازات. في اليوم التالي للتوقيع كانت شخصية رفيعة من “أنصار الله” تجلس بمواجهة وزير الداخلية وتبلغه بموقف الحوثيين منه، وتنبّهه إلى حقيقة أن فرصه في النجاة أصبحت ضئيلة. لم يتدخل هادي، كالعادة، وبدلاً عن ذلك فقد أبلغ أنصار الله بأن زير الداخلية كان يعمل بخلاف أوامره. لكن الترب، بمساعدة القدر أو الحظ أو كليهما، تذكر التعميم الخطي الذي كان قد كتبه قبل حوالي شهر من تلك اللحظة وقدّم نسخةً منه لرسول السيد عبد الملك. 
بعد أيام قليلة أصدر عبد الملك توجيهاً بعدم اعتراض موكب وزير الداخلية، وحذف اسمه من قوائم الممنوعين من السفر. كما وافق على التوقيع على الملحق الأمني.

لدى الحوثيين قائمة ممنوعين من السفر. فعندما أراد وزير الإعلام قبل أسابيع مغادرة اليمن فإن أوراقه بقيت لمدة ثلاثة أيام لدى أنصار الله. بعد ذلك جاءته الموافقة، وتمكّن من مغادرة صنعاء عبر المطار الدولي. سألته شخصياً عمّ إذا كانت 
هذه المعلومة صحيحة فقال إنها صحيحة تماماً.

أما وزير الداخلية فردّ على رسالتي بالقول “نعم، طلبتُ موافقة السيد عبد الملك الحوثي على سفري، وعندما حذفوا اسمي من قائمة الممنوعين من السفر غادرت صنعاء”.

كانت الصدمة كبيرة ومدّوية في كل اليمن. أما صداها في السعودية فقد سمِع من خلال كلمات المفكر السياسي الإيراني صادق الحسيني “السعودية قبيلة تنقرض”. ضلل هادي السعودية، وخدعها، وأدخل الحوثيين إلى صنعاء، ثم سلّمهم اليمن كلّها، وها هو يفتح أمامهم أبواب الجنوب. انتقم ل 17 عاما من العبودية بطريقة مجنونة، أحرق كل شيء أمامه وخلفه لكي يطفئ حرائقه الداخلية.

قبل أيام ألقى هادي خطاباً تحدّى فيه الحوثيين، وطالبهم بسرعة مغادرة المُدن. احتار المحللون كثيراً في فهم خطاب هادي. غير أن الأمر لم يكن بحاجة إلى الكثير من التفكير. فقبل خطاب هادي بيوم واحد فقط أوقفت السعودية مبلغ 450 مليون دولاراً كانت معدّة للتحويل إلى اليمن، وكالعادة عبر بنوك نيويورك. هذا المبلغ الضخم هو جزء من التزامات المملكة لليمن منذ ما بعد سقوط عمران. السعودية تعلم أن جحيماً فتح فجأة في حدودها الجنوبيّة، وأن الرئيس اليمني ضللها كثيراً. فبعد سقوط صنعاء، عندما كتبتُ عن 17 عاماً من العبودية، جاءني اتصال من مسؤول سعودي رفيع، كان متحمّساً للمقال، وكان مخذولاً ومنذهلاً. تبادلنا الجمل والكلمات ثم سلم الهاتف لأحد الكتاب المرموقين في صحيفة الحياة اللندنية، السعودية، فكان الأخير يتحدث بمرارة وغضب، وكان يقول لي بحماس إنه يثق بنا، وأن علينا نحن الكتاب اليمنيين الشباب أن نتذكر أنهم معنا. وقلتُ له أني سعيد لأني سأتعرف عليه ككاتب وصحفي مرموق، وإن كان لقاء “تحت الأنقاض”. ويبدو أن هذه الجملة أوجعته، أو أحزنته.

في خطابه مجّد هادي جلالة الملك وقال كلاماً مجانياً عن الحوثيين. أراد أن يقول في الوقت الضائع إن الحوثيين غدروه، وأنه على الدوام لا ينوي شرّاً للمملكة. 
بحسب المسؤولين الأمنيين في اليمن فإن التنسيق الأمني اليمني السعودي فيما يخص الملف الحوثي كان عند أعلى مستوى له قبل سقوط عمران بأيام. كانت لقاءات الطرفين، بحسب المعلومات الدقيقة التي وصلتني، تخلص إلى فكرة موحّدة: صنعاء باب المملكة الأمني، وأن سقوطها سيفتح باب الشرور على السعودية. سقطت عمران، فطلبت المملكة توضيحاً من اليمن عمّ حدث، الأمر الذي اقتضى سفر هادي بحقيبة الأكاذيب خاصته. أمام الملك جثا العبد الرئيس وقال كلاماً كثيراً. بحسب المسؤولين الأمنيين الرفيعين في اليمن فإن التنسيق السعودي مع الجهات الأمنية في صنعاء خفت بعد ذلك، ثم تلاشى. وأنه ليس لذلك من سبب سوى أن الرئاسة تسلّمت الدور وبدأت عملية تضليل شاملة للملكة. فقد كانت رواية الرئاسة تعزف على القلق السياسي السعودي: الإخوان المسلمون. وحتى ما قبل سقوط صنعاء فقد سلم السعوديون برواية هادي حول طبيعة الصراع “الحوثي، الإصلاح”. قبلت السعودية الصفقة، بطريقة ما، وغضت الطرف عن عملية اعتقدت أنها تهدف لتقويض حزب الإصلاح، تلك العملية التي سيخرج فيها الحوثيون منتصرين ومنهكين في الآن نفسه، وسيكون هناك اتفاق سلام جديد، وعهد جديد بلا مخاطر!

انتهت عملية تضليل الداخل والخارج بانهيار الجمهورية اليمنية كلّياً. لقد فقد الإنسان اليمني أبسط حقّين طبيعيين يولد بهما ويموت بهما: حريّة السفر، وحرية امتلاك الرأي. Reisefreiheit und Meinungsfreiheit بالتعبير الألماني الدقيق لمعنى أن تكون حرّاً، وأن يكون بلدك جمهورية.

ففي ظهيرة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014 ألقى شاب سلاحه خارج أسوار صنعاء، ودخلها مكروباً وهو يقول “انتهى كل شيء، باعونا عيال القحبة”.

 

 

تعز تُطهى على نارٍٍ هادئة!!

Taizz, in the middle the Cair fortress

التلويح بالاجتياح حشَدد الرّأي العام من اتجاهات مختلفة بالاستنكار. بالمُقابل دخول قيادة المنطقة العسكرية في المشهد سببٌ آخر في التأجيل تحاشياً للمواجهة المباشرة على ما يبدو، وتفادياً للشارع التعزي الغاضب. إذن لا بد من حاضنةٍ في الدّاخل أولاً.. لا تُغفلوا هذا أيضاً، إب لم تسقُط بعد. إذن الأمر مُعقّد وفكرة الاجتباح همجيّة وغير مُجدية.

الأمر بسيط، إدخال مدنيين بكمياتٍ كبيرة إلى المدينة، تهريب أسلحة، مع وجود شُقق فارغة ومُعدّة سلفاً كمخازن. ثمة خيارات أخرى للتسلّح؛ مخازن ألوية الحرس الجمهوري مثلاً.

بعد ذلك، هناك خياراتٍ عدة ويُمكن اللجوء إلى أكثر من سيناريو. احتجاجاتٍ جماهيرية لُمحاربة الفساد مثلاً، وإسقاط مكاتب ومؤسسات الدّولة تباعاً. طريقة أخرى كارثية، تتمثّل في إيقاض الخلايا النائمة وتسلُّم المعسكرات وحتى المحافظة وفرض الأمر الواقع. ماذا سيفعلُ الّلواء الصُبيحي مثلاً؟ هل سيقرر اجتياح تعز والاشتباك مع المليشيات؟ ستتدمّر المدينة، لا أظن أحداً سيوافقه.. إنه الأمر الواقع!

لستُ مُتشائماً، لكنّه سيناريو مُمكن جداً ويستدعي تيقّض من قبل الأجهزة العسكرية والأمنية، إن كانوا فعلاً جادين في تجنيب تعز مآلات المُدن الأخرى، خصوصاً إذا علمنا أنّ ثمة معلوماتٍ من قبل أهالي بعض الحارات عن وجود تحرّكات ليليّة مُشابهة وتخزين أسلحة في الشّقق.

لا أدري لماذا أبناؤها يتآمرون عليها، هذه تعز المتنوّعة والجميلة لنا جميعاً. ينبغي لكلّ القُوى بمن فيهم (أنصار الله) النأي بتعز عن الانزلاق في تلك البؤرة الُمدمرة. ليس بالقول وليس بالنّزول في المظاهرات ورفع اللافتات أمام العامة، والمرور سرّياً على مرافق الدولة وأقسام الشرطة والمعسكرات والتفاوض معها للتسليم طواعية وبالتالي تكرار ما حدث في مدن أخرى.

علمت من أحد الصحافيين عن إقالة الرئيس لقائد اللواء 35 مدرّع في تعز. للعم هذا القائد الوحيد في ألوية تعز الذي لم يقبل مندوبي الحوثي المفاوضين ورفض مُقابلتهم. سمعنا كذلك مُطالبات من حوثيين يُفاوضون فيها على إقالة هذا القائد مُقابل العدول عن قرارهم في دخول المدينة. بالتأكيد سيُقيلونه وأمثاله الشّرفاء ومن ثم سيدخلون المدينة ” إنهم لا أيْمان لهم”.

لماذا تقدم نداء تونس ولماذا تراجعت النهضة؟

مُقاربة جميلة لوكالة الأناضول – تركيا

B08Ry4yCMAIAHCp

*الصورة من شبكة (رصد الإخبارية)

إلى حد الآن وفي انتظار النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية التونسية التي ستعلن عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، يسجل تقدم لحركة نداء تونس على حساب حركة النهضة بفارق أكثر من عشرة مقاعد.

وكان واضحا منذ تأسيسه في يونيو 2012، أن حزب نداء تونس هو بمثابة ائتلاف غير معلن بين محسوبين على حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، حزب الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ونقابيين ويساريين من مختلف مشارب اليسار وبعض المستقلين.

وبحسب خطابه المعلن منذ التأسيس، كان نداء تونس يطرح نفسه بديلا في الحكم عن حركة النهضة وحلفائها في “حكومة الترويكا” التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والمؤتمر من أجل الجمهورية.

وفي ضوء ذلك، استنفر الحزب في الحملة الدعائية للانتخابات التشريعية في الفترة بين 4 و24 أكتوبر/تشرين أول كل قواه من أجل حشد أنصاره معتمدا أحيانا على تكتيك “التفزيع” من خصمه وما قد يفعله من “تقييد للحريات” الشخصية للتونسيين في حال وصل للحكم، وهو ما أتى بثماره لدى قطاع من التونسيين رغم تطمينات النهضة المتكررة.

فلم تستطع النهضة على ما يبدو إدارة “الحوار” مع جهاز إعلامي نافذ قوي وقادر على التأثير الكبير في غياب سياسة إعلامية واضحة لديها، ولم تتمكن بالتالي من توجيه رسائل مقنعة لهذا القطاع من التونسيين في وجه هذه “الفزاعة”.

ولئن أبرزت الاجتماعات الانتخابية لحركة النهضة قدرة على الحشد الأكبر خلال الحملات الدعائية مقارنة بباقي القوى بما فيها نداء تونس، فإن منافسي النهضة يبدو أنهم خافوا من هذا “الاستعراض للقوة” وتحسبوا له من خلال تحالفات انتخابية سرية محتملة لحسن إدارة المعركة والحاق هزيمة “بعدو” لا ينفع معه التشتت.

ولعل ما يثبت توجه تكتيك الوحدة غير المعلن لدى ما يطلق على ممثلي النظام القديم من “الدستوريين” الذين ترشحوا على قوائم حزبية متعددة، هو ما أكدته بعض المصادر المطلعة أن أحد زعامات حزب “الدستوري” (منتسبي النظام السابق) صوت في مركز انتخابي لم يحصل فيه حزبه الذي يدعمه على أي صوت تقريبا، ما يعني ضمنا أنه قد يكون صوت وأنصاره لنداء تونس.

وبالتالي يبدو أن هناك احتمالا بأن التكتل الدستوري اليساري المناهض للنهضة قد استقر بشكل أو بآخر على “تكثيف التصويت لدى حزب واحد (نداء تونس) بهدف تفادي هزيمة أمام حركة النهضة قد تكون مكلفة.

ويذهب البعض إلى أن بعض اليساريين في بعض الدوائر قد صوتوا تصويتا “مفيدا” لفائدة “تغيير موازين القوى” لنداء تونس ما جعل هذا الحزب يحصل على أعلى نسبة من المقاعد في “مجلس نواب الشعب” القادم.

وكثيرا ما ردد متظاهرون يساريون في أنحاء عديدة من البلاد شعارات تتهم حتى رئيس الحركة راشد الغنوشي “بدم شكري بلعيد” المعارض اليساري الذي اغتاله منتسبون لتيار أنصار الشريعة في 2013 مثلما ذهبت إلى ذلك تحقيقات وزارة الداخلية.

0d22512b36ae5f3439528afdcb1fcef2

*صورة من الفرز اليوم (روسيا اليوم )

وبحسب بعض المتابعين فإن الفشل في إدارة الملفات الاقتصادية والمطالب الاجتماعية الملحة من جانب النهضة في عهد حكومة “الترويكا” يبقى غير مؤثر بنفس درجة فشل إدارة معركة “تشويه الصورة” عبر فضائيات وإذاعات ساهم أعضاء من النهضة في توسيع دائرة تأثيرها عبر حضور غير مدروس في برامج هذه الفضائيات.

أخيرا، قد يكفي القول بأن نداء تونس قد وجد أكثر من حليف يناصره حتى من خارج طيفه السياسي، في الوقت الذي لم يكن هناك حليف قوي مؤثر أمام حركة النهضة في هذه الانتخابات، فواجهت منفردة أكثر من قوى سياسية، دون أن تشفع لها قاعدتها الجماهيرية لوحدها.

 

“قطعَت جهيزَة قولَ كُلّ خطيب”

16-10-14-675913946

قبلَ يوم واحد من اجتماع اللواء الصبيحي بالسلطة المحلية في تعز، وإبدائه النية في الدفاع عنها ورفض دخول مليشيا الحوثي، قبل ذلك بيوم مرّ مُتحوّثو تعز على أقسام شرطة المدينة وعلى المُعسكرات يحثونهم على التسليم للحوثي من دون مُقاومة، لكنّ الصبيحي قطع ذلك برفضه، كون ذلك غير قابل للنقاش.

رُغم المُرونة التي يبديها مُمثلو أنصار الله في تعز، بل وخروجهم في مُظاهرات ضد تواجد المليشيا  إلا أنهم يعملون ليل نهار على تحييد الجيش والأمن، ويفاوضون ضُباطاً في ألوية تعز لإقناعهم بالتنصّل عن واجباتهم والتزام الحياد.

عندما يتظاهرون ضد تواجد المليشيات,،هم لا يقصدون قطعاً المليشيا القادمة من كهوف مرّان؛ هم يقصدون المليشيا التي بالإمكان أن تتشكّل للدفاع عن تعز في حال قرّر الحوثي اجتياحها.

سأخبركم بسر:
يشتكي مُمثلو الحوثي في تعز من قيادة وضبّاط اللواء 35 مدرع المتواجد في المطار القديم بيرباشا، ببساطة لأنه لا يتجاوب معهم، ولا يقابلهم حتّى. هم يبغضون كذلك مدير التربية والتعليم الأستاذ القدير/ عبد الفتاح جمال للأسباب ذاتها.

فلا غرابة أن يطرح الحوثيون- بعد تمكّنهم من إب- أن يطرحوا شروطاً على تعز بإقالة هاذين الفاسدين ليعدلوا عن قرار اقتحام المدينة، التي سيقتحمونها فيما بعد طبعاً.

مُكافحة الحوثيين لا بُد أن يبدأ من إب، كي لا ينتشر السرطان ليصلَ إلى تعز فيما بعد. ثم إن الالتفاف حول اللواء محمود الصُبيحي كآخر قائد عسكري وطني في اليمن، أمر لا بُدّ منه بصفته الجيش الوطني وبالتالي ضمان عدم انجرار الأهالي للدفاع عن تعز بما يُشبه الحرب الأهلية الطائفيّة.

أين سيذهب الحوثي؟

ميساء شُجاع الدين تكتُب:

أين سيذهبُ الحوثي؟؟

544143562e24e

ينتقل الحوثي من محافظة في اليمن إلى أخرى، وسط غياب سابق من الدولة التي سقطت عاصمتها. وفي كل محافظة، يعلنون عن ظهورهم باستحداث نقاط تفتيش، والسيطرة على المنشآت الحيوية في المحافظة، ولا توجد هناك مقاومة مجتمعية، أيضاً، باستثناء محافظة البيضاء، التي تشهد معارك بين الحوثيين والقبائل المتحالفة مع القاعدة.

يتوسع الحوثي ضمن المساحة الجغرافية لما كان يعرف باليمن الشمالي، متجاوزاً مناطقه الزيدية التقليدية، لكن ردود فعل المجتمعات المحلية للمحافظات اليمنية يتباين بين واحدة وأخرى. ولهذا علاقة بطبيعة هذه المجتمعات، ففي المجتمعات الريفية والمراكز الحضرية، مثل إب والحديدة وغيرهما، لا توجد مقاومة، على الرغم من الكثافة السكانية. ببساطة، لأن طبيعة مجتمعات هذه المدن لا تستطيع مقاومة ميليشيا، فهي ليست مجتمعات قبلية مسلحة، وتخضع لأي قوة مسلحة، حتى تصبح هذه القوة سلطةً، حينها يمكن أن تظهر مقاومة، وحينها يمكن لمجتمعات المراكز الحضرية مقاومة سلطة لها مراكزها ومؤسساتها ورموزها الشخصية، وليس مجرد ميليشيا عارية من كل شيء سوى السلاح؛ هذا تجلى، بوضوح، حين دخل الحوثيون إب، من دون مقاومة تذكر. لكن، في اليوم التالي خرجت مظاهرات واسعة ضدهم.

الوضع يختلف حين يتجه الحوثيون شرقاً نحو الخط القبلي في البيضاء ومأرب والجوف، خصوصاً بعد تحالف القبائل مع القاعدة لمواجهة الحوثي. في تلك المناطق لم تعد القاعدة مجرد مجموعات مطاردة تتنقل بين الجبال، تستضيفها بعض القبائل بعض الوقت، بل صارت تمتلك حاضنة اجتماعية وتحالفات سياسية في مواجهة ميليشيا طائفية، تتطلع إلى التوسع، وتنظر إليها القبائل كمصدر خطر عقائدي.

في الأرجح، قد يجد تنظيم القاعدة مجالاً للظهور في مناطق أخرى، كان منعدماً فيها، أو محدوداً، مثل سيطرتهم على أجزاء من مديرية العدين في محافظة إب، بعد سيطرة الحوثيين، أي أن الطبيعة الطائفية المسلحة للحوثي سوف تفرض نفسها على المجتمع اليمني، وتشكل رد فعل من جنسها المسلح والطائفي، طالما لم يظهر رد فعل وطني ضدها، مما قد يدخل اليمن دوامة عنف الفعل ورد الفعل بين النظراء المسلحين والطائفيين.

الافتراض السائد أن المجتمع اليمني قبلي مسلح، يعمي عن تباينات المجتمع اليمني، بل وتباينات المجتمع القبلي في اليمن، فهناك قبائل حاشد وبكيل في أقصى الشمال، وهما جناحا المذهب الزيدي، وإليها يستند الحوثي. والمعروف أن هاتين القبيلتين تمتلكان تطلعاً وطموحاً سياسيين، تقابلهما بالقوة والطموح السياسي قبائل يافع في الجنوب، ويستند إليها الحراك الجنوبي. وتظل قبائل المحافظات الشرقية وحضرموت الداخل، وهي قبائل عادةً ليست فاعلة سياسية، وطبيعة مناطقها بعيدة عن الدولة المركزية، ومناطقها صحراوية، أو محاذية للصحراء، ليس كقبائل حاشد وبكيل شمالاً، أو يافع جنوباً. في هذه المناطق، ينشط تنظيم القاعدة، الذي صار معقله الأساسي حضرموت، وأسقط أكثر من مرة محافظات شرقية، مثل أبين جنوباً أو البيضاء شمالاً.

لا يطمح الحوثي إلى بسط سيطرته على جميع أنحاء اليمن، فهو يتحرك ضمن حدود مرسومة له دولياً وإقليمياً. لذا، لا يتجاوز توسعه حدود ما كان يعرف باليمن الشمالي، تمهيداً لتقسيم اليمن إلى إقليمين فيدراليين أو كونفيدراليين أو حتى دولتين، لكن توسعه سوف يثير للحوثي مشكلاتٍ عديدة، لا تدركها قوة السلاح الإلهي. فهي في المناطق الشرقية الشمالية سوف تواجه تنظيماً شبحياً يختفي وقت المواجهة، ولا ينهزم، بينما يشتد ساعده بوجود الحوثيين. وفي المراكز الحضرية، سوف يضجر سكانها من هذا الجو الميليشياوي المسلح، وطبيعة رد فعلهم غير المسلح، إلا بشكل محدود، سوف تربك الحوثيين، الذين لا يجيدون عمل شيء، سوى حمل السلاح.

حتى على مستوى المناطق الزيدية تاريخياً، سوف يجد الحوثي صعوبة بعد التوسع الوهابي- السلفي، في تلك المناطق، التي لم تعد زيدية تماماً، بل الأسوأ أنه حتى على المستوى الزيدي، توجد معارضة ضد الحوثيين على مستوى المرجعيات الدينية الزيدية التقليدية.

لا يمتلك الحوثيون أية برامج سياسية، أو اقتصادية، أو خبرة تمكنهم من حكم مجتمعات متنوعة ومفتوحة، كذلك لا يملكون موارد مالية، تمكنهم من شراء الولاءات، وتحقيق بعض الرفاه الاقتصادي، الذي قد يجعل المجتمع يتجاوز الطبيعة الطائفية المسلحة للحوثي. ينجح الحوثيون بالتوسع عسكرياً، فهم القوة العسكرية الأكبر في اليمن، بعد انهيار الجيش، لكن بسط السيطرة عسكرياً لا يعني حكمها، وليس بالضرورة يعني قدرتك الحفاظ على هذه المساحات الممتدة والمجتمعات المختلفة. هذا يتطلب حكماً فيه حد أدنى من المعقولية، ليرضى عنه الناس أو موارد مالية كبيرة، تحتفظ للحوثيين بالسلطة، وكلاهما، حتى الآن، غير موجود، مما سوف يقوض سلطة الحوثيين سريعاً.

لا أحد ينكر أن ما يجري، الآن، هو أقرب إلى غزو من المناطق الفقيرة، المهمشة تنموياً، والنائية، للمدن اليمنية الكبيرة، التي لا تزال مجتمعاتها في حالة صدمة وذهول، وضمن بلبلة كبيرة، فهي لا تستطيع الدفاع عن دولةٍ، تتحكم بها مجموعة فاسدين وفاشلين، ولا تبدو راضية عما يجري، لكنها عاجزة عن الحركة.

يحاول الحوثيون تغطية عجزهم بالحكم، وضعف شرعيتهم باتفاق السلم والشراكة، الذي تم توقيعه بعد سقوط صنعاء، وكأنه شرعنة للوضع الجديد، والأحزاب اليمنية البائسة، وبموجب هذا الاتفاق، ستقوم بدور هزلي، يضفي شرعية على سلطة الأمر الواقع للحوثي، ويعفيها من تحمل مسؤوليات الحكم. يطالب الحوثي ألا يشارك بالحكومة المقبلة، لكي لا يتحمل مسؤوليات سلطةٍ، يعلم يقيناً فشلها، في ظل وضع كهذا. لكنه، بموجب الأمر الواقع، صار هو المتحكم الحقيقي بالبلد، والمتسلط الفعلي، ولو من غير سلطة. هذا الدور لن ينقذ الحوثيين طويلاً؛ دور المتطهر من مطالب سلطة، والبطل الوطني ضد سلطة الفساد، هذا أمر فيه قدر واضح من استغفال المجتمع، وتجاهل للنفور المجتمعي المفهوم ضد جماعة طائفية مسلحة.

*منقول من موقع: العربي الجديد

رابط المقال:

http://www.alaraby.co.uk/opinion/8aedfb75-9ba1-4623-a32c-9ecac8d2d06c

من وحي أكتوبر العظيم!!

بداية الاحتلال

الملكة إليزابيث في عدن عام 1954، تحمل بيدها سيفا لتكريم الفرسان على الطريقة الإنجليزية712

*الصورللملكة إليزابيث في عدن عام 1954، تحمل بيدها سيفا لتكريم الفرسان على الطريقة الإنجليزية(ويكيبيديا)

 

بعد ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻜﺎﺑﺘﻴﻦ ﻫﻴﻨﺰ – ﺿﺎﺑﻂ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺍﻻﻧﻜﻠﻴﺰﻱ – ﻟﻌﺪﻥ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﺍﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻴﺔ، ﻛﺎﻥ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻼﻧﻜﻠﻴﺰ ﻣﻦ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﻣﺒﺮﺭ ﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻷﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﻫﻴﻨﺰ . ﺍﻟﺬﺭﻳﻌﺔ ﺟﺎﻫﺰﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﻻ ﺗﻐﻴﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﺲ .

ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻣﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﺟﻨﺤﺖ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻫﻨﺪﻳﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺳﺎﺣﻞ ﻋﺪﻥ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﻬﻤﻮﻥ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻋﺪﻥ ﺑﻤﻬﺎﺟﻤﺔ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻭﻧﻬﺒﻬﺎ.

فشلت كل ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ خيار ﺍﻟﺤﺮﺏ، ﻷﻥ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰ ﻻ ﻳﻜﺘﺮﺛﻮﻥ ﻟﻠﺴﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻠﻤﻬﻢ، ﻫﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻋﺪﻥ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻭﺑﺄﻱ ﺛﻤﻦ .

ﻣﻜﺚ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮﻥ ﺯﻫﺎﺀ 128 ﻋﺎﻣﺎ، ﺳﺎﻋﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻤﺰﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺎﺏ ﺳﻠﻄﻨﺎﺕ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺣﺮﺓ . ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﻟﺤﺞ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻋﺪﻥ ﻟﻠﺤﺎﺿﻨﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻤُﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺮ , ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﻟﻠﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﺢ.

الوضع في شمال اليمن

الإمام أحمد بن يحيى آخر أئمة اليمن

*الإمام أحمد بن يحيى آخر أئمة اليمن(ويكيبيديا)

في الشمال الأمر لم يختلف؛ استبداد ملكي وتجهيل ممنهج للشعب، فكيف تقوم له قائمة. لم تسجل لإمام الشمال أية محاولة لدعم أحرار الجنوب في التخلص من الاستعمار. على العكس تماما، فقد أرضى الإمام في الشمال, أرضى البريطانيين بتنازله عن الضالع وبيحان لصالحهم مقابل أن يدعوه وشأنه.

الاستماتة على السلطة والتشبث بالرئاسة تجعلك تدفع الكثير، وتقدم الكثير من التنازلات بما في ذلك الثوابت الوطنية.

النضال المُشترك

msalahynثورة 14 من اكتوبر

 

ليلة تفجير الثورة 14 من اكتوبر في الجنوب (south-file)

الرابع عشر من اكتوبر جسدت وحدة القلوب!!
منذ الأزل، عرف الشعب اليمني بتماسكه والحفاظ على هويته الوطنية، سواء في الشمال أو في الجنوب. وحدة القلوب تفوق مئات المرات وحدة الجغرافيا. جسد اليمنيون التلاحم والترابط الوطني مرات عدة بما لا يدع مجالا للشك عن الوحدة القسرية لقلوبهم العامرة بالإخاء.

بعد عودة ثوار الجنوب في ردفان والقادمين من شمال الوطن بعد مشاركتهم في الدفاع عن 26 سبتمبر الوليدة بقيادة راجح بن لبوزة، انطلقت ثورة أكتوبر المجيدة من جبال ردفان ضد الاحتلال البريطاني.
هب ثوار الشمال بدافع الفطرة الوطنية يدا بيد مع إخوانهم في الجنوب ليشكلوا رقما صعبا على قوات الاحتلال الغاشمة. اختلطت الدماء الزكية فروت تربة الوطن؛ هذه الأرض تستحق التضحية.

بطلٌ من الشّمال

لا تُذكر ثورة أكتوبر إلا وكان في المُقدمة..
“إنه الشهيد عبود!!”

الشهيد عبود الشرعبي

 

*صورة للشهيد عبود (المنتدى اليمني)

قائد حرب العصابات ضد الانجليز، قام بعمليات نوعية كبّدت العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، مما أدّى إلى تعجيل رحيل الإنجليز وإعلان الإستقلال!
ولد مهيوب علي غالب (عبود) في قرية الجبّانة عزلة الدعيسة، مديرية (التعزية) رغم اشتهاره باسم (عبود الشرعبي). تربى يتيم الأب منذ صغره. ذهب إلى عدن والتحق مبكرا بالجبهة القومية جنبا إلى جنب مع إخوانه في الجنوب. سجن قبل ثورة أكتوبر في سجون الاحتلال ٦ أشهر لينفى بعد ذلك إلى مدينته تعز. غير أن ذلك لم يثنيه، فقد التحق بفرق تدريب الكتائب المُعدة لتحرير عدن، ليعود بعدها كقائد عسكري ميداني كبير.

من أهم عملياته ضد الانجليز:

-عندما كان في تعز، أحبط عملية تفجير مقر القوات المصرية في تعز بسيارة مفخخة خطط لها الإماميون بدعم انجليزي، بسبب دعمها لثورتي الشمال والجنوب. اكتشف عبود المؤامرة قبل وقوعها وقاموا بتفكيك المتفجرات.

-في ١١ فبراير من ١٩٦٧ ملأ عبود سيارته بالألغام وذهب برفقة زملائه لتفخيخ ميدان الإتحاد الذي كان يجري الإعداد للاحتفال فيه من قبل شخصيات كبيرة من الإنجليز مع بعض السلاطين الموالين. إلا أن السلطات المستعمرة اكتشفت الأمر مؤخرا وقبيل الاحتفال، الأمر الذي جعل عبود ورفاقه يفتحون النار على الضباط الإنجليز الحاضرين وتكبيدهم خسائر طائلة.

-في اليوم الذي استشهد فيه عبود، قام بعملية نوعية، ﺣﻴﺚ ﻗﻔﺰ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﻧﺎﻗﻠﺔ ﺟﻨﻮﺩ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺃﻟﻘﻰ ﺑﻘﻨﺒﻠﺔ ﻳﺪﻭﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﺘﺤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﺔ ﻟﻠﻨﺎﻗﻠﺔ، ﻟﺘﻨﻔﺠﺮ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﺇﺻﺎﺑﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺑﻴﻦ ﻗﺘﻠﻰ ﻭﺟﺮﺣﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻴﻦ. ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻧﺴﺤﺎﺑﻪ ﺟﺮﻳﺎً ﻓﻲ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺭﺻﺪﻩ ﺟﻨﺪﻱ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻤﺮﻛﺰﺍً ﻣﻊ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﻓﻮﻕ ﺳﻄﺢ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻣﺴﺠﺪ ﺍﻟﻨﻮﺭ، ﻭﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻟﻴﺴﻘﻂ ﺷﻬﻴﺪاً رحمه الله، ليكون رمزاً من رموز أكتوبر والتي توّجت بالنصر ونيل الإستقلال للجنوب.

أحد أعلام أكتوبر

قحطان الشعبي عائداً من جنيف- ويكيبيديا

*قحطان الشعبي عند عودنه من جنيف باستقلال كامل لليمن الجنوبي(ويكيبيديا)

أول رئيس بعد الاستقلال (قحطان الشعبي*)
المفاوض الجنوبي الشاب، الذي دوخ الإنجليز ولم يعد للشعب إلا باستقلال كامل للبلاد..

-أول خريج زراعة في الجزيرة العربية..

-الرئيس العربي الوحيد الذي يحكم لعامين ويستقيل طواعية نظرا للتآمر الداخلي على البلاد. استقال لتحل بدلا من الدولة المعتدلة نظام حكم ماركسي تخلى عن قيم العروبة.

-هو الرئيس العربي الوحيد الذي مات وهو محتجز من قبل سلطات بلد كان رئيسها، وفي معتقل انفرادي من دون تهمة أو حتى محاكمة شكلية.

-كان اشتراكيا معتدلا، لم ترق في عهده قطرة دم من قبل السلطة. رفض تنفيذ حكم الإعدام لعدد من السلاطين إبان الاستعمار، وتدخل كرئيس جمهورية لتخفيف الحكم إلى 10 سنوات سجن فقط.

*ويكيبيديا

برّع ياستعمار

في صبيحة إعلان الاستقلال, هتف اليمانيون جميعاً بصوت واحد ضدّ المُستعمر:
بصوت صداح لفنان الثورة/ محمد محسن عطروش

263652_389455614467882_1896213948_n

*محمد محسن عطروش (منتدى العوالق)

برع ﻳﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ
ﺗﻴﺎﺭﻱ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭ ﺧﻠﻰ ﺷﻌﺒﻲ ﺛﺎﺭ
ﻃﻴﺎﺭﺗﻚ ﻳﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻣﺎ ﺗﻔﺰﻋﻨﻲ
ﻭﺃﻧﺎ ﺛﺎﺑﺖ ﻭﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﺗﻀﻮﻳﻨﻲ
ﻣﺎ ﻇﻠﻤﻚ ﻳﺎ ﻗﺮﺻﺎﻥ ﺃﻳﻘﻈﻨﻲ
ﻭﻻ ﺳﺤﺮﻙ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ
ﺑﺮﻉ ﺃﻗﻮﻟﻚ ﺑﺮﻉ ﺷﻌﺒﻲ ﻣﺎ ﺑﻴﺬﻋﻦ
ﺑﺮﻉ ﻭﺍﺭﺟﻊ ﺑﻠﺪﻙ ﻟﻨﺪﻥ

 

هل تهتم برامج المسابقات الغنائيّة فعلاً بالمواهب, أم هي أدوات للرّبح؟!

مُعظم برامج المُسابقات -خصوصاً الغنائية- باتت أدوات للربح والتسويق للقنوات التلفزيونية أكثر منها اكتشاف المواهب واختيار النجوم الأجدر باللقب. في البرنامج ذائع الصيت -عرب أيدول- وفي مراحله الأولى, تمت مغادرة المواهب الأكثر جدارة بحيازة اللقب.

ثمة طريقة تنتهجها القنوات لغرض الربح ومن دون الاكتراث للمواهب المتواجدة. الاعتماد على التصويت أكثر منه على نتائج لجنة التحكيم الغرض منه كسب المال من شركات الاتصالات. ما ذنب الفنانين الرائعين الذين خرجوا في أدوار مُبكّرة أن تتحطم نفسياتهم وأن يلم بهم الإحباط نتيجةً لذلك؟!

0fff1

 

من خلال استماعي للمواهب, كمُتابع أعجبني من اليمن مثلا محمد مهدي الامير – Arab Idol يُغني بطريقة أجمل من وليد الجيلاني-Arab Idol, ومع ذلك رجّح التصويت الذي مُنح للجيلاني بقاءه لأدوار قادمة, وخروج الأمير من المنافسة.

اليمنيون أكثر من يصوّتوا لمتسابقيهم, سواءً في الشعر في النشيد أو في الغناء. أفقر شعب في الجزيرة العربية يُهدرُ الملايين للقنوات التلفزيونية الربحية. لا أستطيع التكهّن بالمبلغ المهول الذي صوّت به مُشجعو المتسابق وليد الجيلاني ليتفوّق مثلا على الفنّان الموهوب مؤمن خليل! للعلم مؤمن خليل من أجمل الأصوات المتواجدة في عرب أيدول بالإضافة إلى الفلسطينية منال موسى Manal Mousa, أصوات استثنائيّة ونادرة على المسرح العربي. ومع ذلك لم يشفع ذلك للرائع مؤمن خليل من الجلوس في منطقة الخطر لأسبوعين مُتتاليين قبل أن يغادر المُسابقة نهائياً أمس السبت.

هُنا يكمن الخلل في هذه البرامج, بحيث لا تولي النتائج المعتمدة من اللجنة الأهمية الكبرى, بل إنها تولي التصويت القدر الأكبر والغرض ربحي بحت.

هل من تبقّى في المُنافسة هم الأجدر؟؟

قطعاً لا!

من المفترض أن تُرجّح الفنان كفةُ اللجنة, وإن كان ثمة دور هامشي للجمهور والتصويت عبر شبكات الجوال. الموهبة تتحطّم إن لم تجد التقدير الكافي والإنصاف. لا بُد أن تيُراجع القائمون على هذه المسبقات, أن يراجعوا سياسة سريان المُنافسة لضمان وصول المواهب المُستحقة للمكانة المناسبة وتجنّب أن يحدث العكس من ذلك.

تحيّة كبيرة للنجوم التي غادرت مُبكّراً مسرح عرب أيدول؛ أنتم كباراً وستظلّون, استمروا! أرفق لكم مقطع من تجارب الأداء, بلا موسيقى طبعاً, لصديقي الرائع دوماً Moamen Khalil.. استمتعوا 🙂

http://www.youtube.com/watch?v=D9rqsjsnIo8