هل يُدرك الجميع، المسئولون والشعب على السواء، أن فساد التعليم يعني ببساطة إخراج جيل انهزامي أشبه ما يكون بالكائنات البدائية؟ التعليم هو الّلبنة الأولى لبناء المواطن والنهوض بالوطن. التغيير الحقيقي لابد بالضرورة أن يستهدف النظام التعليمي أولا؛ عندها سيُبنى المواطن بناءً سليماً وهو من سيقرر من يحكمه. الإمعان في هدم التعليم من شأنه خلق جيل منبطح، أشبه بالقطيع, يلبّي الأوامر دونما معالجة أو تفكير.
لمن يريد أن يحكم اليمن، أيٍ كان، بناء العقول أولاً؛ أنتم تُكرّسون التجهيل المُمنهج وتُمعنون في إخضاع البشر إلى قطعانكم.. ما هكذا توردُ الإبل يا سادة!!
تمرّ عملية إفساد التعليم بمراحل متعددة، بدءاً بالمعرفة الُمتواضعة التي يقدّمها المعلمون، والممتزجة بغياب الرقابة المدرسية والأسرية، ومن ثم مروراً بالامتحانات قبلَ وبعدَ فتح المَضاريف، وانتهاءً بعمليات التصحيح وجمع الدرجات. بالمناسبة، تحدُث العديد من المُغالطات في لجان التّصحيح في مكاتب التربية والتعليم، في اللجنة الفرعية للامتحانات تحديداً.
لا أحد يُخبرني عن وزير فاسد أو عن انتماءه لفصيل ما مثلا؛ فقطاع التربية والتعليم على نحوٍ خاص- مكاتب التربية والتعليم ومراكز المديريات والمدارس كذلك- تعجّ بالمشائخ والوجاهات والعاهات التي أبقى عليها التوافق الجاري في البلاد. الوجوهُ ذاتُها التي تلاعبت بالتعليم سابقاً، وأعطت المنح الدراسية في الخارج لمن لا يستحقون وعادوا بخفي حُنين، هي ذاتها التي تتلاعبُ بالعملية التعليمية اليوم.
الأمر ليس له علاقة بانتماء الوزراء، إذ أن البلاد تعج باللامسئولية والعبث.
لا أحد يكترث للوطن؛ ولا أحد يحمل في همه إخراج جيلٍ واعٍ ينتشلُ الوطن من غياهب التخلّف. الجميع يُكابر ويُمعن في التخريب دون أدنى مسئولية كلٌ على طريقته الخاصّة، بل والعمل لمصالح ضيقة وهدّامة. همسة: “وزارة التربية والتعليم تحبط محاولة تسريب امتحان مادة الكيمياء”. ماذا يعني ذلك؟ حد يفهمني!