من رئيسٍ للحكومة إلى رئيس للجمهورية

 

من رئيسٍ للحُكومة إلى رئيسٍ للجمهورية، في أوّل انتخاباتٍ مُباشرة وبالصلاحيات الجديدة لهذا المَنصب. فازَ أردوغان من دونِ الحاجَة إلى جولةِ إعادة؛ ليسَ لأنَه يأوي إلى قاعدةٍ حزبيّة متينَة، بل لأنه قدّم حُلولاً ناجزة على الأرض لتُركيا.

 

بالنّظَر إلى خطابه عشيّة الفوز، لم يتغيّر كثيراً، لكنّه يخالُف إلى حدِّ بعيد خطابَهُ يوم فوز حزبِه بانتخاباتِ البلديّة. بدا خطابهُ مُتسامحاً هذه المرّة، مدَحَ العلمانيّة ووصفَهَا بمطفاةِ النجاة؛ بدا كرئيس لكل الأتراك دونما استثناء. اعتبَرَ فوزه فوزاً لغزّة ورامَ الله، تحدث عن فوز لدمشق المُدمّرة الذي اشترك في تدميرها في لحظة نشوة؛ دمشق الّتي دمرَتها دولُ النفط العربي بمعيّة رئيسها المعتوه.

 

بالعودة إلى خطابه السّابق، ظَهَر أردوغان على نحوٍ مُتشنج، تحدّث كثيراً عن العُملاء والمؤامرات. تلك الفترة المتوترة أعقبَت احتجاجاتٍ واسعة شهدها ميدان “تقسيم” في اسطنبول كُبرى المُدن، ومُدن أخرى. وجود أجانب في المُظاهرات لحرف مسارها بالتزامن مع انتفاضة للقضاء ومكاتب حُكومية اتهمَت بعض وزراء حكومة أردوغان بالفساد، كلّ ذلك أخرَج الرّجل عن صمته بخطابٍ ناري عقَب فوز حزبه بانتخابات البلدية، الذي أخرَسَ الأفواه حدّ قولِه.

 

في الواقع، فوزُ أردوغان كانَ مُتوقعاً منذُ البداية، إذ يحظَى الرّجل بمكانةٍ عالية في أوساط الشّعب التّركي. فإنّه يُحسب له ولحزبه انتشالَ البلَد من مُستنقعات التضخّم والانهيار الاقتصادي بعد سيطرة العَسكر على مقاليد الأمور.

 

لم يجرؤ الجنرالات على الانقلاب عليه خَشيةً من الشّعب آنذاك، فالبلد كان يعيش أوضاعاً سيئة للغاية، ويحاولُ دونَ جدوى التحوّل الديمقراطي والاقتصادي وبالتّالي الانظمام للاتحاد الأوروبي؛ هذه الأمنية كانَت رغبة الشعب أجمع. ومعَ ذلك استطاعَ الطيّب انعاش الاقتصاد خلالَ فترةٍ زمنيةٍ قياسيّة، قضَى على التضخّم وفتحَ باب الاستثمار والسياحة موصلاً تُركيا إلى مكانة عالميّة مرموقة واقتصاد ضارب بموازاة الدول العظمى.

 

فوزُ أردوغان جميل، والأجمَل منهُ خطابَه الوطني المتجرّد من الانحياز لفئة دون أخرى. مبروك تركيا.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *