خطاب المُنتصر!

بعد الفوز بما نسبته 46%, ظهر أردوغان بخطابٍ انتقامي متوعداً خصومه السياسيين بالعقاب لقاء اتهاماتهم للحكومة بالفساد. في الحقيقة، الفوز بالانتخابات البلدية، أي كانت النسبة، ليستْ صكّ براءة من الفساد إذ لا دخل للشعبية بهفوات الحكومة إن صحّت. صحيحٌ أن الكثير راهن على فوز المعارضة وبالتالي الضغط على حكومة أردوغان على الاستقالة كونها لم تعد شعبيتها تمثل الغالبية. لكن التكهنات والضجّة الإعلامية المرافقة لا تعكس بالضرورة النتائج الفعلية على الأرض. لا خلاف أن شعبية الحرية والعدالة تزايدت بشكل غير مسبوق, لكنّ حملة المعارضة على الحكومة صنعت أزمةَ حقيقية داخل تركيا, وهذا ما يستدعي الاصطفاف الوطني ونبذ الإقصاء لأي فريق.

كان على الحزب الحاكم الظهور بروح المنتصر، لا بروح المنتقم. المنتصر بالعادة يُبدي الكثير من المرونة والتسامح في خطاباته، وليس التشنّج والوعيد. خطاب الحاكم ينبغي أن يأخذ ذات المسافة بين مناصريه وخصومه على السواء، خصوصاً إذا كان خصومه يناهزون 54% ، أي ما يزيد على النصف. الخطاب التسامحي يُوحي بالقوة الممتزجة بمسحة وطنية راقية تتجاوز الخلافات مهما بلغت. بالطبع هذا كلّه لا يلغي النجاح الاستثنائي لرفاق أردوغان في صناعة تركيا الحديثة في زمن قياسي، تركيا الاقتصاد، تركيا التوافق، تركيا القوة الضاربة بعد التضخّم والتدهور الذي أصابها قبل ذلك.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *