آفاق التعايش الديني..!

Peaceful_coexistence_by_alfajr

منذُ خلق اللهُ الأرض, بدأ الاختلاف في الآراء, ولنا في قصة ابني آدم الكثير من التفكُّر. إلا أنه ومع تمدّد النسل البشري, بدأ الناس يفلسفون الحياة, يتفكرون في الخلق. البعض ذهب إلى عبادة النار, البعض الآخر عبد البقر..كثُرت الأديان, إذ يرى المخلوق أن التزود بالغذاء الروحي شيء لا بد منه, مع ممارسة طقوس تعبدية ما. ومع كل هذا, ساد التعايش والوئام بين مختلف المعتقدات والأديان على مر العصور. قديماً, كانت المعتقدات تتسم بالفردية, إذ تلاحظ من يقطنون منطقة ما بأديان مختلفة, الأمر الذي يفسر التعايش الجميل. مؤخراً, اتخذت الديانات أطراً جغرافية, ففي أوروبا المسيحية, وفي الصين البوذية, وفي الهند الهندوسية, وفي المنطقة العربية الاسلام.. وهكذا! هنا بدأ الفرز الديني, والطائفي داخل الدين الواحد على نحو مناطقي, وبدأ معه ممارسة الاضطهاد للأقليات.

بالتمعن جيدا للأقليات التي تسكن المنطقة العربية، تبدو أكثر حرية في ممارسة شعائرها الدينية، وطقوسها التعبدية. فقلما نسمع عن عنف من نوع ما يمارس ضدهم، ولم نسمع عن حكومة أو أي جهات رسمية تغذي صراع طائفي بدعم فئة على أخرى.

                                                                    

في أوروبا مثلاً، يُسجَّل أنموذجاً جميلاً للتعايش السلمي بين مختلف الأجناس، غير أن التضييق الديني متواجد كذلك. فالقوانين الصارمة في فرنسا مثلاً, تُحرم المسلمات من ارتداء النقاب حتى في الأماكن العامة، بينما مَنعت أحكامٌ في سويسرا المسلمين من بناء منارات لمساجهدهم. في بلدان العالم الثالث، تُمارس التصفية العرقية ضد الأقليات، بمؤازرة واضحة من الجهات الرسمية، ميانمار أنموذجاً.

في مالي، باشر الفرنسيون بالتدخل العسكري قبل عام، بذريعة مؤازرة الحكومة في مواجهة الجماعات المسلحة، بينما الحقيقة هي مؤازرة الحكومة في تصفية فئة دينية حملت السلاح لحماية نفسها من تصفية عرقية. الحرب الجارية منذ سنوات في نيجيريا مع جماعة بوكو حرام، لا تختلف كثيراً، فهي طائفية ولكن بمساندة رسمية.

قبل اسبوعين, تحركت القوات الفرنسية إلى أدغال أفريقيا الوسطى لإخماد عنف طائفي. والشاهد أن الجهات الرسمية لا تتدخل مباشرة إلا بعد شيطنة الطرف الآخر. في البداية، تمد طائفة ما بالسلاح للاستقواء على الخصم والتنكيل به، بينما تكتفي هي بالتفرج. حتى إذا اتخذ الطرف الآخر النهج ذاته والتسلح للدفاع عن النفس، تدخلت الدولة بكل ثقلها بمصاحبة هالة إعلامي ضد الطرف الآخر، وخلق رأي عام محلي ودولي يجرم تلك الفئة، كونها تحمل السلاح في وجه الدولة.

الظاهر أن آفاق التعايش تبدو ضئيلة في عالمٍ متناحر, وسباق محموم للتسلح مع وجود إعلام يبخ الزيت في النار, وتكنولوجيا هوجاء. فبدلاً من أن يكون التطور الذي يشهده العالم عوناً للتقارب والتعايش, صار الآلة الفتاكة للتناحر بين بني البشر’ ومعول الهدم الذي يمزق النسيج الاجتماعي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *