سنتان .. هل تكفي ؟!

جاءت المبادرة الخليجية كحل ناجز لتخليص البلاد من الاحتقان السائد في الشارع اليمني والحئول دون الدمار المتوقع حدوثه فيما لو تكرر النموذج الليبي إذا أخذنا بعين الاعتبار الانقسام الحاصل في المؤسسات الأمنية .. ولأن الشعب قد عانى من التدهور الأمني ومن الفوضى المفتعلة كمتلازمة لأي ثورة, فقد حظيت المبادرة بقبول شعبي, باستثناء شريحة من شباب الثورة, تمثلت في انتخاب الرئيس هادي, كون ذلك الحل الناجز الذي سيضمن تحقيق أهداف الثورة الشبابية الرامية لإنهاء التمديد والتوريث وإقامة دولة مدنية حديثة لا يد للعسكر فيها وبأقل التكاليف. 


فبالنظر إلى الفترة الزمنية من عمر المرحلة الانتقالية المقدرة بـ( عامين ), فقد سارت الأمور في البداية على وتيرة متسارعة فيما يخص تنفيذ البنود والإمساك بزمام الامور من قبل الرئيس هادي الذي بدا قويا للوهلة الأولى. فبرغم العوائق والألغام التي زُرعت في طريقه, , إلا أنه تجاوزها بحنكة بالغة مستعينا بخبرته العسكرية الطويلة وكذلك بالتحركات والضغوطات الدولية المتمثلة بالتوعد الغربي بفرض العقوبات والرحلات المكوكية التي أجراها المبعوث الأممي جمال بن عمر.
في الآونة الأخيرة, الثلاثة أشهر الأخيرة تحديداً, بدأت هواجس الشارع اليمني بالنظر بعيون ملؤها التشاؤم والقلق على مستقبل الوطن خصوصا في ظل الانفلات الأمني المفتعل الذي تشهده معظم المحافظات اليمنية, أضف إلى ذلك التدهور الرهيب في الجانب الاقتصادي الغذائي والصحي وتفكك النسيج الاجتماعي. 
في بلدان العالم, يقوم الاعلام

بدور عظيم متمثل في تقوية أواصر المجتمع ونبذ الفُرقة وغرس مفاهيم المواطنة العادلة وحب الوطن .. في اليمن, يوشك الشعب اليمني أن يقتتل فيما بينه بسبب الانحطاط القيمي الذي يجتاح وسائل الاعلام المكرسة حالياً في تأجيج الشارع وبث الفرقة والفتنة الممنهجة لتطفيش الشعب المتعطش للدولة وإدخاله في هستيريا الفوضى واللا استقرار . 


لعل انشغال المجتمع الدولي بالأحداث الساخنة التي يشهدها العالم, العربي على وجه الخصوص, ترك الباب مفتوحاً أمام أطراف بعينها للمحاولة لخلط الأوراق وتغيير إحداثيات المعادلة الحاصلة في التوافقية التي أفرزتها المبادرة الخليجية التي لم ترق لتلك الأطراف. هذه الأطراف تعودت الفوضى وبالتالي تغيظها السكينة والأمن الذي لمسه المواطن في بداية فترة الرئيس الجديد. 
ستة أشهر (ربع الفترة الانتقالية) مضت من دون نتائج ملموسة على الأرض, باستثناء التوافقية العقيمة الطافية على السطح بينما يستمر زرع الفخوخ والعراقيل أمام حكومة الوفاق لدرجة يستحيل تحقيق أي تقدم يذكر. إضافة إلى الألغام التي يزرعها مجلس المشائخ المهترئ الذي بات أشبه بسوق خُضار تعلو فيه أصوات نشاز لا تمثل إلا نفسها.. شغلهم الشاغل إقرار موازنة المشائخ وتعطيل حرية الصحافة. 


فيما الوضع الأمني لم يزل يغرق في الفوضى والعبثية الناجمة بالدرجة الأولى عن انقسام الجيش والتباطؤ في إعادة الهيكلة; يتردى الوضع الاقتصادي بدرجة مخيفة حسب تقارير منظمات الإغاثة التي دقت ناقوس الخطر.. أليس جديراً بنا استغلال التواجد الدولي (خلال العامين) والدعم المرافق للفترة الانتقالية لإحداث تغيير جذري في الجيش على أسس وطنية؟! ماذا لو استُغل التعاطف والدعم الدولي الحالي لبناء ترسانة اقتصادية وتشغيل العاطلين وسد رمق الجوعى؟! 
إن التدخلات التي تقوم بها بقايا النظام السابق والتعطيل الحثيث للتوافقية السياسية التي تشهدها البلاد من شأنه تقويض هيبة الدولة وإبقاء العملية السياسية بين شد وجذب حتى تنتهي الفترة الانتقالية والعقوبات المفترضة المرافقة لها, مما سيرجع الأمور إلى المربع الاول المتمثل في الصراع على السلطة من خلال الانتخابات المرتقبة بعد انتهاء الفترة الانتقالية دونما تحقيق أي تقدم يذكر ومن دون إنجاز النقلة النوعية للبلاد في ظل الدعم الدولي.. والله المستعان. 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *