استهداف الدولة..

عندما نتحدث عن وطن، فإننا بالضرورة نعني تلك المنظومة المتكاملة من الأنظمة والقوانين الحازمة، عدلٌ ومساواةٌ في الحقوق والواجبات، وسلطةٌ واحدةٌ فقط. عندما يتحقق ذلك, بالإمكان القول: أن لدينا دولة ناجزه. في حين يبقى موضوع الظفر بالسلطة من قبل فصيل سياسي بعينه مرتهنٌ بديمقراطية سلمية لا تمس بالدولة. أما الحديث عن دولة ولعب تبادل الأدوار مع القواعد، هو عبثٌ ونسفٌ لمبادئ الدولة من شأنه تأجيل الأحلام إلى أجل غير مسمى. 


دائماً، أحاولُ أن أحافظ على قدرٍ من التفاؤل، رغم المؤشرات التي تثبت العكس تماماً في كل مرة. أحاولُ أن ألتزم الصمت بينما تتسيد الموقف الثرثرة, التي لاطائل منها سوى التأجيج وفتح هوة من الكراهية بين أوصال الشعب، وتمزيق للعلاقات الإجتماعية في حين نحن بحاجة ماسة لسبر الأغوار وردم الهواة. أحاولُ أن أبتسم في حين تتحجر الدمعة في مقلتي من هول ما يحدث. لا شيء يدعوللتفاؤل، كل ما يحدث على الأرض مثير للقرف ومدعاةٌ للتهكم، ومع ذلك أحاول مراراً أن أحسن الظن. 


كلُّ تفاؤلٍ عبارة عن ديكورات، لا شيء حقيقي سوى القبح والفتن. يشاركون في مؤتمر الحوار لصياغة شكل الدولة، ويعملون خارجه جاهدين لإسقاطها. ينتهجون التمدُّن في أروقة السياسة، ويمارسون الفوضى على الأرض بأبشع صورها. يدّعون البذل لإخراج الوطن إلى النور، ويضربون أبراج الكهرباء لكي يغرق في الظلام. 


واقعٌ سوداوي يستهدفُ الدولة، ويحرضُ على الفوضى، يقوضُ النظام ليحل محله العبث واللادولة. يتظاهرون بترسيخ الأمن، وينشرون مليشياتهم لنشر الفوضى وإضعاف مؤسسات الدولة. لا تصدقوهم أبداً، من يتشدقون بالخطابات الرنّانة عن سيادة الدولة, وأفعالهم تُمثّل النقيض. إحلالُ قوة الدولة يا سادة لا تتأتّى بصرف خطابات، وبيع كلام معسول لوسائل الإعلام؛ توبوا عن تلكمُ الأفكار السوداوية، فليست أبداً مشروع دولة. إنها الفوضى العارمة حالكةَ الظلمة ستجرف كل من يقفُ في طريقها ولن تستثني أحداً. الأمرُ بحاجة للكثير من المصداقية، وأفعال على الأرض. ضعوا أسلحتكم جانباً، واحتكموا إلى سلطةٍ واحدة، هي من سيحمي الجميع، فلا تجتمع أكثر من سلطة في دولة واحدة، إذن لفسدت الأرض! 


راعني جداً محاولة اقتحام مبنى الأمن القومي, ماذا بعد ذلك؟! دار الرئاسة مثلاً! ولماذا هذا التوقيت تحديداً! أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات في وطنٍ يتسم بالغموض, ويفتقد لسياسة المكاشفة لشعب عمن يعرقل جهود إقامة دولة.  


دعونا من مشاريعكم الصغيرة والضيقة التي لا تتسع سوى للوهم والسراب، أما الحقيقة الماثلة فهي الدولة، للجميع. دعونا نصنع الحقيقة واقعاً جميلاً، بدلاً من اللّهث خلف السراب, وابتلاع كبسولات الوهم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *