السيناريو الأخطر..!

من نتائج الغزو الأمريكي للعراق، إذكاء الطائفية بنسختها الجديدة. الوباء الذي دمر الغرب عشرات السنين؛ يريدون لنا تجرعه، بأبشع صوره. قبل 10 سنوات، لم تكن لتعرف انتماء صديق لك، مهما طالت سنوات المعرفة. حالياً، يتم الفرز على أساس الطائفة بالنسبة للأصدقاء، قبل معرفة الاسم حتى. عندما دخل جيش التحالف العراق، كان هناك تفكك من الصف الداخلي العراقي، الأمر الذي يبرر المقاومة على أطراف المدن، والسقوط المروع للعاصمة بغداد. هنا أدرك الأمريكان نقطة الضعف. كان لابد للأمريكان الاستعانة بالإيرانيين لإدخال العراق والمنطقة في دوامة الطائفية المدمرة، إذ بدا لها كمية الود والتعايش الذي يسود العراقيين من مختلف الطوائف. يقول أخو منتظر الزيدي الذي اشتهر بقذف الرئيس بوش بالحذاء، يقول: نحن شيعة متعايشون مع السنة وبيننا الصهر والنسب. اليوم تمارس مليشيات طهران المسلحة أبشع الأساليب بما في ذلك القتل والتهجير لتحييد المدن العراقية لصالح إيران. لا يفرقون بين أحد يعارضهم، حتى لو كان شيعيا. ليس لهم أي صلة بالدين والمذاهب، إنما ذرائع وشعارات لاحتلال أبيض. حتى عداؤها للغرب زائف وصوري.. يذكر أنه بمجرد سقوط بغداد، تم حرق جميع السجلات المدنية للمدن العراقية، وإدخال قطعان من الإيرانيين بما فيهم قوات من الحرس الثوري. الأحداث تجرُ بعضها.. كان آخرها إغلاق مساجد السنة في بغداد وديالى, والذريعة حماية أئمة المساجد من الاستهداف. 


نفس الأساليب والشعارات ذاتها. شره في التوسع على الأرض بقوة السلاح والمال. يستخدمون الدين، فهم أبناء البطنين والأحق بقيادة الأمة. يشعلون حماسة الشباب بالشعارات المعادية للغرب، بينما تصرفاتهم تمثل العكس تماما. هذه الطائفية التي تمزق أوصال الشعب العربي صناعة إيرانية بامتياز، وهم لغرض التوسع الفارسي باسم التدين. كما كانت القاعدة صناعة أمريكية للدخول إلى المنطقة. لم أعرف يوما أن الإيرانيين أبناء السيدة فاطمة رضي الله عنها. كما لا يبدو أن الإيرانيين يكترثون لعلي بن أبي طالب مثلاً. 


على أية حال، مثل صعود أحمدي نجاد إلى السلطة دفعة كبيرة للتوسع الإيراني في المنطقة، حيث تدار البلاد على نحو طائفي، بسبب التوافق الكبير مع المرجعية خامنئي. ليس العداء للطوائف الأخرى وحسب، بل امتد ذلك ليعيق العلاقة مع الغرب المحالف للشاه إبان الثورة الخمينية. لطالما حلمت الطوائف الأخرى بعودة الإصلاحيين للحكم، والذين يوصفون بالاعتدال والرفض للسياسة الخارجية الحالية. لسوء الطالع، وصل رئيس إصلاحي إلى سدة الحكم مؤخراً. والنتائج، تقارب إيراني غربي، بينما كان الغرب يستخدم عداءه لإيران لابتزاز دول النفط لغرض حمايتها من الوهم. باتت الأمور مكشوفة. إزالة الشعارات المعادية للغرب لتوافق الأفعال التي لم تكن يوما كذلك. توجه حوثي لعمل الشيء ذاته. يسعى الحوثيون، على نحو مقرف، لبسط سيطرته على أكبر قدر ممكن من الأرض، والتالي يتبع! على خلاف وجوده في مؤتمر الحوار الذي يعتبره بوابة لخطف اعتراف بقضية عبثية ذات طابع طائفي تولى كبره نظام قامت عليه ثورة شعبية. ثمة توافق بين قوى معينة لإفشال الحوار والتوجه إلى اللادولة, حيث تبرع تلك القوى في اللعب. على الجميع معرفة أن السواد الأعظم من الشعب يحلمون بدولة والعيش بسلام، ولن يرضوا بأقل من ذلك. 


إذا كانت الاغتيالات التي تحدث في لبنان غرضها إشعال فتيل الطائفية والدخول في دوامة عنف تشبه الحرب الأهلية قبل عقود, فالاغتيالات التي تحدث في صنعاء مستوحاة من السيناريو اللبناني.. اغتيال النائب جدبان أنموذجاً. لا أحد سيستفيد من اغتيال الرجل سوى طرف واحد. إنها الفتنة إذن, أتساءل: كيف لبلد مثل اليمن أن ينجو من كل هذه الضربات الموجعة.. كم نحن بارعون في الدمار يا سادة!!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *