أعداء الجمال..!

في بلدٍ تعصف به الصراعات الحزبية و الطائفية، و تفوح منه رائحة الفوضى، كم نحن بحاجة للجمال! كل ما يدور من حولنا يبعث القرف، و يثير الاشمئزاز. نحن فعلاً بحاجة للذوبان في بوتقة الجمال، و التزود منه دون اكتفاء! فالقبح يسكننا عنوة، و رائحة الفرقة و الطائفية تزكم الأنوف. وأيادي الحقد تدمر كلّ جميل. كم نحن بحاجة للهروب من واقعٍ لم يسقنا سوى الوجع، و لم يورث لنا سوى الشقاء و البؤس! 

دائماً, نحاول الهروب إلى عالمنا الخاص، نستنشق نسيم الأمل، و نرتشف رحيق الحياة على انفراد، و لو للحظات دونما كدر. فيجد أحدنا نفسه يغني للمستقبل المجهول، شخص آخر يمارس هوايته في التجاهل، و سواهما ينثر عبير الأحرف على ألواحٍ بيضاء، وحدها تستسيغ أفكاره، و تحتسي أحرفه كقهوة الصباح. يرسم أحلاماً وردية للوطن، و أمنيات عذاب باتت قيد التحقق، لكنها أصيبت بانتكاسة, أقعدتها على رصيف الانتظار، حتى إشعار آخر! 

نكتبُ، للهروب من محيطٍ عكرتْه أمزجةُ الساسة. نكتبُ، لنُخفي قبحنا المتناهي، و نغلفه بشيء من الجمال. نكتبُ لنبدو بشراً في عالم طغت عليه الحيوانية، و استشرى فيه العنف. نكتبُ لنعبر شواطئ الماضي و نلج بوابات المستقبل، نبوح للجمادات، لأنه لا حياة لمن تنادي. و ليت من تدب فيهم الحياة يتركونا لهذياننا، فأيادي الشر طُولى و لا تفقد الحيلة. يدمرون كل جميل، يسرقون الأحلام من عيون الوطن، يعشقون الظلام و يلعنون النور. يغتالون الفكرة حتى قبل أن تولد. 
و لأن عبد الإله شائع يحب الجمال، و يعشق الحقيقة، ذهب لينقل للعالم ما يحدث وراء الكواليس، و في دهاليز الساسة. تدخل أعداءُ الجمال، و حماةُ حقوق الحيوان، و أودعوه خلف القضبان.. فقط لأنه جميل في زمن القبح! 
في يوم الصحافة العالمي، يُقتحم حرم صحيفة الجمهورية من قبل العسكر، لإسكات صوتها، و إخبات وهج الحقيقة، تحت مبررات تنم عن حقد دفين على الحرية، و أمنيات للعودة إلى عهد العسكر و تكميم الأفواه. كان الأكثر بشاعة من الاقتحام، الاعتذار الذي قاموا به، والمدعم بمبررات سمجة و استحمار للعالم. يذكرني هذا الاحتراف في التبرير، يذكرني بـ”حق الرد” الذي بدا على أشُده في الفترة الأخيرة. فمثلاً، يقوم أحد المواطنين (الغلابة) برفع شكوى عبر صحيفة ما عن ظلم أحد المتنفذين، الذين هم أشهر من نار على علم، بالطبع هذه الشكوى مدعمة بأدلة دامغة، فتُفاجأ بحق الرد الذي يفند هذه الاتهامات المغرضة و يعتب كذلك على الصحيفة لنشرها ادعاءات زائفة تسيء لسمعتهم, و عدم تحري المصداقية.. تباً لهامش الحرية الجديدة الذي طفا حد العبث! 

لم يتركونا أن نعيش بأمان، 
فحين أردنا أن نحلم، 
منعوا الليل أن يأتي! 
وحين أردنا أن نصحوا، 
كبلوا الشمس، 
وسرقوا النهار..!

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *