أرشيفات الوسوم: أوبامام

ما وراء استقالة هيجل!

ظهَر أمس الأول الرئيسُ الأمريكي- باراك أوباما- في مؤتمرٍ صحفي مع نائبه “بايدن” ووزير دفاعه المُستقيل “تشاك هيجل” ظهوراً باهتاً. بدى الرجل مرتبكاً وهو يسُوق سيل التبريرات وراء قُبوله استقالة وزير دفاعه بعد تقديمها منذ أيام حدّ قوله.

743

ثمةَ خلافاتٍ تعصف بالبنتاجون الأمريكي، لعل من أهمها الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية والمعروف بـ”داعش” والتعامل مع ملف الشرق الأوسط برمّته. يُعد “هيجل” الجمهوري الوحيد الذي يشغل منصباً كبيرا بحجم البنتاجون في دولة أوباما الديموقراطية. في بداية فترته بوزارة الدفاع قبل عامين، كان هيجل يتصرّف كديمقراطي مثله مثل أي مواطن أمريكي يتفانى في خدمة الوطن في أي مركزٍ كان.

في الآونة الأخيرة، لم يستطع الرّجل التعامل مع السياسة التي يتخذُها أوباما، خصوصاً تلك المُتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط. فقد عمدَت سياستُة بالسماح لتنظيم داعش بالتعاظُم والتنامي في زمن قياسي لتحقيق مكاسب أخرى لا تبدو مفهومة. فبرغم الضّربات التي يوجهها الحلفاء بقيادة أمريكا، إلا أنها لم تحد من تقدم التنظيم وإسقاطه المدن تلو الأخرى بطُرق درامية مفضوحة. أضف إلى ذلك محافظة النظام الأمريكي الحالي على الرئيس بشّار الأسد على نحو غير مُبرّر، وتمديد التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي؛ وهذا ما لا يناسب الجمهوريين تحديداً. فقد كان الجمهوريون من أوائل المُحرضين على التدخل العسكري في سوريا وإزاحة نظام الأسد. غير أن أوباما استخدمها كورقة ضغط على سوريا لغرض تدمير مخزونها الكيماوي من جهة، وتضييق الخناق على خصمه الدّب الروسي لغرض تقديم تنازلات في ملف أوكرانيا.

تشاك هيجل- أحد الضباط الذين خاضوا غمار حرب فيتنام- يملك خبرة عسكرية ناضجة للتعامل مع الملف السوري وملف داعش كذلك؛ لكنها السياسة المُتخبطة للديمقراطيين كآخر الأوراق المُتبقية لكسب الشارع. فقد مُنيَ أنصار أوباما مؤخراً بهزائم ساحقة أمام خصمهم الجمهوري الذي بدأ يستعيد المؤسسات الحيوية في الدولة من تحت قبضة الديمقراطيين. فبعد الإخفاقات السياسية للديمقراطيين على مدى الدورتين الماضيتين، جاءت الانتخابات الأخيرة في الكونجرس ومجلس الشيوخ والنواب، فضلاً عن فوزهم بالعديد من مناصب الحكام التي كان يتولاها ديمقراطيون.

البنتاجون-ارشيفية

في الحقيقة، تشهدُ سياسة أوباما الخارجية تغيّراً جذرياً، خصوصاً بعد استحقاقه الدورة الرئاسية الثانية. ربما قاده توجّه التصالح مع إيران إلى تغيير تلك السياسات. ففي سوريا بات وجود الأسد عير مؤذٍ بالنسبة له؛ فيما يستخدمُ الطرفان الأمريكي والإيراني الحرب ضد داعش لاستنزاف دول الخليج ومُحاصرة تُركيا باللاجئين من جهة والأخطار من جهة أخرى. في اليمن كذلك، ابتلعَ أوباما لسانه عندما سيطرت مليشيا مُسلحة تُدين لإيران على مؤسسات الدولة، وهذا ما كانت إدارتُه ترفضه من ذي قبل. حتى ملف الحريات في مصر لم يعُد أحداً في إدارة أوباما يتحدثُ عنه، ولا أحد يُدينُ إطلاقاً الانتهاكات التي يقوم بها النظام العسكري في مصر.

بالعودة إلى استقالة هيجل، يقولُ أوباما بشكل مُعلن بأنه استنتج أن أسلوب هيجل لا يتناسب مع المرحلة الحالية، وهي مواجهة تنظيم الدولة، رغم خبرة هيجل العسكرية في فيتنام. لكن وراء الأكمة ما ورائها.

ففي تقريرٍ نشرته “نيويورك تايمز” يقول أن هيجل اختلف مع مجلس الأمن القومي حول اتجاه السياسة الخارجية، خاصة طريقة تعامل أوباما مع الحرب الدائرة في سوريا منذ أعوام، والتي كانت بمثابة الحاضنة لتنظيم الدولة.

ويبين التقرير أن هيجل قد اعترف الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة ومؤسساتها العسكرية تواجه تحدياً أبعد من تهديد داعش.

كلّ هذه المؤشرات دفعت بهيجل للاستقالة من منصبه، خصوصاً أنها أتت بعد نقاشات خلف الأضواء تمت بين الرئيس وهيجل بناءً على طلب الأخير، وغطّت عدداً من القضايا المختلفة المتعلقة بالأمن القومي.