أرشيفات الوسوم: الحرب الأهلية

شبَح الحرب الأهليّة

نُفذت عملية اغتيال “صادق منصور” القيادي في الإصلاح بأثر رجعي. كانت الخطة تقتضي أن يتم الاغتيال قبل ذلك، أي قبل اغتيال الدكتور المتوكل رحمه الله بأيام. ثمة معلومات مفادها تعرض منصور لمحاولة اغتيال قبل أسابيع نجا منها.

البداية بصادق منصور، والدكتور المتوكل سيكون الهدف الثاني لتشتعل بعدها الحرب. اللعنة! من هذا الطرف الخفي الذي يسعى حثيثا لإشعال فتيل الحرب الطائفية التي نجا منه اليمنيون مراراً؛ وإلى أين كانت البلاد لتصل؟؟؟

الشهيدان

هذان القياديان، رحمة الله عليهما، من أروع ما يكون بين وسطهم الحزبي. الدكتور المتوكل همزة الوصل بين الفرقاء وحلقة السلام اللامتناهية. منصور -قبل مقتله- كان يقود مساعٍ حثيثة للَم شمل الفرقاء في تعز وتقريب وجهات النظر للتوافق على عدم السماح لأي مليشيات مُسلحة بالتواجُد على أرضها.

تغيّرت الموازين المرسومة بفشل مُحاولة اغتيال القيادي الإصلاحي صادق منصور. ومع ذلك استمرّت الخُطة لتحصُد روح الدكتور المتوكّل رحمة ربي تغشى روحه. الدكتور المتوكل، لمن لا يعرفه، شخصية اجتماعية وعاقلة مات وهو يحلُم بالدولة المدنية. سياسي مُخضرم وأستاذ جامعي تتلمذ على يده معظم السياسيين الجُدد والشباب الصاعدين.

كانت أسرة الشهيد المُتوكّل- كما عدناها- ناضجة ومُتعقّلة بل ورفضت استغلال مُصابها استغلالاً سياسياً لمصلحة طرف. عادَ الدور مُجدداً قبل أسبوع تقريباً على القيادي في حزب الإصلاح- صادق منصور. اغتيل رحمه الله بتفجير عبوة ناسفة في كرسي سيارته. ومع ذلك ابتلعها حزب الإصلاح ولم يُسارع بإلقاء التُّهم على أي طرف سياسي مُطالباً الجهات الأمنية بالقيام بواجبها في مُلاحقة الفاعلين. بمعنى آخر، ما أرادهُ الطرف الثالث والذي خطّط بعناية لهذه الاغتيالات السياسية لم يتم؛ ولن يتم. هذا الشعب المسحوق يعرفُ كيف يُقيلُ عثراته، وكيف يُطبّب جراحاته اللامُتناهية مهما كانت عميقة.

كان للخطأ في التوقيت -بعد عناية الله- دور كبير في إفشال الخُطة ما بعد الاغتيالين. في حال لم تفشل عملية الاغتيال الأولى بحق صادق منصور لكان الأمر مُختلف. ومع فشلها كان لا بد للمخططين التخلي عن الخطة نهائياً؛ لكنه الغباء المُركّب. في حال تمت عملية الاغتيال الأولى، سيكتفي حزب الإصلاح بالتنديد ولا أظنه سيُبادر بالاتهام لطرف مُحدد رُغم كونه مُستهدفاً بل وحظيَ مُنتسبوه بعمليات اقتحام للمنازل واعتداءات واسعة. سيصمُتُ الإصلاح بلا شك؛ ومن ثم سيتم تنفيذ الجزء الثاني من المسرحية باغتيال الدكتور المتوكّل. هنا ستكون الكارثة، قاصمة الظهر.

لن يسكُتَ الحوثيون، وسيُبادرون باتهام الإصلاح باعتبار العملية واضحة كانتقام سياسي لمقتل صادق منصور. سيصيحُ أهالي الشهيد المُتوكّل بعدم تمييع القضية، وعدم أحقيّة أحد في التحدّث عنهم. لكن الغضب والهيستيريا التي سيعمدُ لها مُسلحو الحوثي لن يُثنيها أحد كان؛ ولكم أن تُقدروا النتائج المُترتّبة على غضب مليشيا منهجُها السلاح. في النهاية، إنه قضاء الله ولُطفه بهذا البلد المُنهك، والذي لا يحتملُ المزيد من التمزّق. رحمة الله تغشى الشهيدين البطلين؛ ولعناتُه تُطارد القتَلة أينما حلّوا.

يا لطف الله!! إلى أين يراد لهذه البلاد أن تذهب؟؟

ولادةُ المَد

في خضم الرّكود الثّوري الذي يعيشهُ الشارع اليمني بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد، وُلد المدّ من رحم الشارع. “مواطن من أجل دولة”، هذا هو اسم حركة المد.

مد1

جرَت العادة أن تكونَ الدولة من أجل المواطن، لكن عندما توجد هي في البداية. الدولة غائبة، أو بالأحرى اكتشفنا فجأةً أننا بلا دولة. في الحقيقة، لم تكن الدولة موجودةٌ من قبل، لكن هذه الحقيقة بدت جلية بعد تصاعد العنف وارتفاع صوت المليشيات المُسلحة لتسيطر على الطابع العام.

في البداية، لا بد من إيجاد الدولة. من الذي سيأتي بالدولة؟ المواطن، أنا وأنت وهو وهم بالتأكيد. الدولة السّوية تحتظنُ المواطن وتهتمُ لأمره؛ لكن في غيابها وحده المواطن من يستطيع إثباتها في عملية تبادل أدوار.

في ظل الاحتقان الحِزبي والطائفي الذي يدفعُ بالأوضاع حتماً إلى السقوط في فخ الاحتراب الداخلي، كان لا بدّ من عمل مُضاد لهذه الحالة السائدة. الحاجة للتعايُش ونبذ الاحتراب على أساس الفئة والطائفة والجغرافيا هي غاية سامية لهذه الحركة. الاحتراب مُدمر، ولا يوجد فيه طرفٌ منتصر وآخرُ خاسر. الخاسر الوحيد هو الوطن.

بعد الأحداث الأخيرة وفرض واقع جديد، أصيب الشّارع بالركود، وتضائل الفعل الثوري الذي كان أحد المكتسبات الضئيلة لثورة فبراير. الفعل الثوري الاحتجاجي بدأ في 11 فبراير، ودّع فيه الشارعُ اليمني الخوف والاستكانة للقمع والإقصاء. عادت حركة مد لتنشيط الفعل الثوري وكسر حالة الجُمود والذّهول الذي يحاولُ الوضع القائم فرضُه عنوة.

بالمقابل، استياء الأوضاع بعد الثورة وتنامي العنف والمليشيات المسلحة دفعت بالبعض لتحميل الثورة وصول الوضع إلى هذا الحد. بمعنى آخر، الأخطاء الهائلة التي رافقت الفعل الثوري في الميادين، والأداء السياسي للأحزاب القائمة في التعامل مع الوضع أدّت إلى خلق هالة مقت شديدة للثورة.

إذن، لن يخرج الشارع إلا بفكر بديل. الوضع مُزرٍ وأعمال العنف تتنامى، بينما تتساقط المُدن في قبضة المليشيات المُسلحة. “لا تقف صامتاً؛ افعل شيئاً” كانت هذه إحدى شعارات حركة مد. إنها دعوة للخروج السلمي رفضاً للعنف والمليشوية والاحتراب. إنها دعوةٌ للتعايش؛ دعوةٌ للحياة. ” صمتك يغتال أمنك.. أنا وأنت” كُلنا هدفٌ لأعمال العنف.

مد

من تعز بدأ المد، ولن يتوقّف إلا بتوقّف العنف والتجييش للاقتتال الطائفي والفئوي. “مد” حركة احتجاج شعبية سلمية ليست موجّهة ضد أحد؛ هي ضد الاحتراب الأهلي وحسب. سيتوغّل المد إلى كلّ شارع، إلى كل حارة ومنزل للتوعية حول التعايُش والسلام. لا بد من صناعة جيلٍ مدني واعٍ مُتعايش، عليه نُعلّق آمالنا العريضة للنجاة.
حتماً سننجو!!