أرشيفات الوسوم: الحوثيون

الحوثيون: رحلة التيه بين العزلة والتمدد

 *ميساء شجاع الدين20154791528389734_19
ملخص
أدى صعود الحوثيين المفاجئ بعد اجتياحهم صنعاء وإسقاطهم لمؤسسات الدولة يوم 21 سبتمبر/أيلول 2014 إلى المبالغة في تصوير القوة الذاتية للجماعة، رغم أن صعودها مرتبط بعوامل غير ذاتية، مثل إعتمادها على الدعم الإيراني الخارجي، أو ضعف خصومها بالداخل.يرجع مأزق الحوثي في أحد أوجهه إلى انفصاله عن واقع الزمن المعاصر والتغييرات التي طالت المجتمع اليمني، ولا يدركها قائد الجماعة المعزول في جبال مران بمحافظة صعدة، وكأية جماعة أصولية متشددة قد تنجح لفترة من الزمن في الحكم من خلال عزل مجتمعها وتشديد قبضتها الأمنية، لكنها تفقد توازنها إذا اضطرت إلى الانفتاح أو انزلقت في مواجهة مع قوى إقليمية، كما يجري حاليا في “عاصفة الحزم”، تنتزع منها أفضليتها في موازين القوى العسكرية.

مقدمة

أدى صعود الحوثيين المفاجئ بعد اجتياحهم صنعاء وإسقاطهم لمؤسسات الدولة يوم 21 سبتمبر/أيلول 2014 إلى المبالغة في تصوير القوة الذاتية للجماعة، رغم أن صعودها مرتبط بعوامل غير ذاتية، مثل إعتمادها على الدعم الإيراني الخارجي، أو ضعف خصومها بالداخل.

كما أثير الكثير من التساؤلات حول ماهية الجماعة التي سعى البعض للمبالغة في طبيعة التأثير الإيراني الفكري عليها، بينما اتجه البعض الآخر إلى المبالغة في وصفهم كجماعة إحيائية زيديَّة تخالف الطبيعة المعتدلة للزيدية. هذا الالتباس في توصيف الجماعة يعود إلى طبيعة نشأتها كجماعة مسلَّحة في الأساس، مبتعدة تدريجيًّا عن المحاولات الإحيائية الأولى للمذهب الزيدي.

ينشأ ارتباك جماعة الحوثي من تأرجحها بين موقف دفاعي عن هوية خاصة وإقليم في أعالي الشمال استوطنه مؤسسوها إلى التبشير بإيديولجيتها في باقي المناطق اليمنية والسعي للسيطرة على كامل البلد حين واتتهم الفرصة. هذه الحيرة وضعتهم أمام معضلات، أدخلتهم في ستة حروب مع نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وفي حرب جارية حاليا في مواجهة “عاصفة الحزم” التي يشنها تحالف دولي تقوده السعودية.

ما هي التحولات التاريخية التي شكَّلت مواقع وأدوار الحوثيين؟ وما هي الآفاق المحتملة لهم؟

صعدة: جبال التمرد والإمامة

مدينة صعدة الجبلية والمحاذية للحدود السعودية كانت خارج سيطرة الدولة اليمنية تقريبًا حتى عام 1980 التي شهدت تعيين أول محافظ للمدينة(1)، كمرحلة ثانية أتت بعد أحد عشر عامًا من وقوعها تحت سلطة النظام الجمهوري بعد حرب أهلية طاحنة بين المعسكرين الإماميِّ والجمهوري استمرت زُهاء سبعة أعوام منذ عام 1962 حتى عام 1969.

صعدة مدينة ذات خصوصية زيدية اكتسبتها منذ سكَنَها مؤسس أول دولة زيدية في اليمن الإمام يحيى بن الحسين القاسم الرَّسِّي عام 896، ومنها انطلق لتأسيس أول دولة زيدية باليمن، انهارت في حياة الإمام يحيى بن الحسين والملقَّب بالإمام الهادي الذي توفِّي في صعدة عام 911م/ 298هـ(2).

هذه كانت أول دولة زيدية، وكان يتم إحياؤها في كل مرة تضعف فيها الدولة المركزية، لكنها لم تحكم وتبسط سيطرتها وتصبح حالة سياسية ثابتة في اليمن إلا عندما دخل العثمانيون البلاد، وتمكّن اليمنيون -وفي مقدمتهم القبائل الزيدية- من طردهم لأول مرة عام 1635. منذ ذلك الحين، باتت الزيدية -مذهبًا ومنطقة- فاعلًا مؤثرًا في الحياة السياسية اليمنية(3).

من الشائع وصف الزيدية بأنهم قريبون في مذهبهم من أهل السُّنَّة وكأنهم سُنَّة الشيعة أو شيعة السنة؛ لأنه مذهب شديد الوسطية، وهو مذهب أسَّسه الإمام زيد بن علي زين العابدين (76هــ- 122هـ/ 695م- 740م)، ويعتمد على المذهب الفقهي الحنفي والمدرسة الفكرية المعتزلة(4). استمدت الزيدية سمعة الوسطية من موقفها من الصحابة؛ حيث إنها تعترف بشرعية الخلفاء السابقين على الإمام علي بن أبي طالب، حسب مبدأ صحة إمامة المفضول مع وجود الأفضل. يتميز المذهب الزيدي بمبدأ الخروج على الحاكم الظالم، وهذه فكرة فريدة بين المذاهب الإسلامية سنية وشيعية التي تؤمن بطاعة الحاكم؛ تفاديًا للفتنة أو تطبيقًا لمبدأ التَّقِيَّة حتى يعود المهدي المنتظر.

لكن تتفرع عن الزيدية عدة تيارات، مثل الجارودية التي لديها مواقف متشددة تجاه الصحابة، والمذهب الهادوي الأكثر شيوعًا باليمن، وهو منسوب للإمام الهادي الذي أضاف بند حصر حق الإمامة في البطنين؛ أي الإمام علي وزوجته فاطمة.

تأسست دول زيدية مؤقتة في إيران والمغرب لكنها لم تستقر إلا باليمن، وتحديدًا في أقصى شمال اليمن وهو ما يُعرف باليمن الأعلى. ومن المعروف أن قبائل حاشد وبكيل هما جناحا الإمامة الزيدية، وتمتد منطقة وجودهم من صعدة أقصى الشمال حتى مرتفعات يريم التي تقع جنوب العاصمة صنعاء بمسافة 193كم.

ولعل اجتماع طبيعة منطقة صعدة الجبلية وفقر مواردها مع طبيعة القبائل القتالية المستقرة هناك، تناسَبَ تمامًا مع مبدأ الخروج على الإمام الظالم الذي تميّز به المذهب الزيدي، وأدى لشيوعه في تلك المناطق.

السلفية في معقل الزيدية

أحدث إسقاط ثورة سبتمبر/أيلول 1962 للنظام الإماميِّ تغيرًا في مراكز القوى بالبلاد، حيث ظلت صعدة مدينة نائية معزولة لم يكسر عزلتها إلا أول طريق مسفلت يمتد من العاصمة صنعاء عام 1979. كما اعتمد اقتصاد المدينة على توريد المنتجات الزراعية كالفاكهة والتهريب مع السعودية، إضافة إلى هجرة أبنائها للسعودية(5).

في عام 1979، شهدت المدينة حدثًا محوريًّا عندما عاد أحد أبنائها، الشيخ مقبل الوادعي من السعودية وقد بات سلفيًّا بعد أن سافر إليها وهو من شيوخ الزيدية، فاتخذ موقفًا متشددًا من الزيدية التي تركها بحُجَّة معاناته داخلها من التمييز؛ لأنه ليس من الطبقة الهاشمية التي تحتكر القيادة. شارك الشيخ مقبل الوادعي جماعة جهيمان العتيبي في احتلال الحرم المكي، ووُضع في السجن حتى خرج من السعودية واتجه إلى صعدة عام 1979، حيث أسس المعهد السلفي المسمَّى دار الحديث في دماج بصعدة بتمويل سعودي(6).

لم يكن هذا التأثير السلفي الوحيد، فالمدينة شهدت عودة أبنائها مع بقية المهاجرين اليمنيين المطرودين من السعودية عام 1990؛ كرد فعل سعودي على الرئيس علي عبد الله صالح المساند لنظام الرئيس العراقي صدام حسين، وكان كثير منهم متأثرًا بطبيعة المذهب السلفي في السعودية، خاصة في جانبه الذي يركِّز على فكرة المساواة وعدم وجود أفضلية طبقية للمنتسبين لآل البيت.

كانت صعدة كغيرها من المدن اليمنية تشهد تمددًا سلفيًّا بعد انتشار المعاهد العلمية التي تأسست عام 1975 وكانت تحت إشراف الشيخ عبد المجيد الزنداني، وبتمويل سعودي تحت إشراف الدولة التي أعطتها وضع تعليم موازٍ للتعليم الحكومي، وصارت شهادتها معادلة للشهادة الثانوية في بعض التخصصات الجامعية، خاصة كلية التربية التي تخرِّج معلمي المدارس.

وكان هذا التمدد السلفي أحد نتائج تحالف الدولة اليمنية في الشطر الشمالي مع السعودية ضد اليساريين الذين كانوا يحكمون الجنوب، لكن مع ذلك ظلت الحكومة اليمنية تتعامل بحساسية مع مدينة صعدة، فالمعهد العلمي الوحيد بالمدينة كان يُدرِّس مناهج زيدية، واسمه معهد عمر بن عبد العزيز، على إسم الخليفة الوحيد المقبول عند الزيدية والذي تشاركها في تبجيله بقية فروعها المتطرفة ومختلف المذاهب السنية(7).

التسعينات: انبعاث الزيدية

بعد توحُّد اليمن عام 1990 دخلت البلاد مرحلة التعددية الحزبية، فتأسس أول حزب بمرجعية زيدية وهو حزب الحق. من اللافت أن الحزب عند تأسيسه أصدر وثيقة لعلماء الزيدية يتحدث فيها عن القبول بشرعية النظام وذكر فيها أن الإمامة صارت مؤسسة ميتة، وأن الصيغة الوحيدة المناسبة للعصر هي الديمقراطية التشاورية.

هذه الوثيقة الزيدية لم يتبناها بعض المرجعيات الزيدية المهمة، وعلى رأسهم العلامة مجد الدين المؤيدي -وهو أستاذ بدر الدين الحوثي والد عبد الملك الحوثي القائد الحالي للحوثيين- أحد المرجعيات الدينية المهمة في الزيدية، وأحد أقطاب تيار الجارودية في اليمن ذات الموقف الشيعي المتشدد من الصحابة(8).

بشكل متزامن وفي عام 1990، بدأ نشاط منتدى الشباب المؤمن، وهو عبارة عن مخيمات صيفية لأبناء المناطق الزيدية، وكانت تدرِّس مناهج دينية مبسطة عن المذهب الزيدي. وبلغت ذروتها عام 1997، عندما بدأت تتلقى دعمًا ماديًّا من الحكومة اليمنية.

كانت هذه المنتديات ثمرة جهود مجموعة من الشباب، أبرزهم حسين الحوثي ومحمد عزان وعبد الكريم جدبان، جميعهم سافروا لإيران في الثمانينات، وحصل حسين الحوثي على الدكتوراه من السودان عام 1993 ليعود لليمن يمارس نشاطه السياسي والدعوي بشخصيته الكاريزمية الجذَّابة، حيث استقطب العديدين. لم يكن حسين الحوثي رجل دين أو فقيهًا، بل كان شخصية ذات طموح سياسي يعتمد أساليب مؤثرة في الخطابة بمهاجمة أميركا وإسرائيل داعيًا لوحدة المسلمين، وبدأ حينها بتبني شعاره المتأثر بالثورة الإيرانية “الله اكبر.. الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام”(9).

الحروب الستة

بدأت الحرب في صعدة شهر يونيو/حزيران عام 2004، ويصعب معرفة الرواية الحقيقية لسبب اندلاعها، لكنها على أية حال بدأت بمحاولة القبض على حسين الحوثي بتهمة قيادة تمرد مسلح ضد الدولة. بالطبع هذا يبدو إجراء طبيعيًّا، لكن في الدولة اليمنية بمنطقة قبلية ونائية مثل صعدة، قد يبدو هذا الإجراء عملًا استفزازيًّا للمجتمع المحلي، خاصة مع زعيم ديني-سياسي له كاريزما وأتباع كُثُر مثل حسين الحوثي.

انتهت الجولة الأولى من الحرب بمقتل حسين الحوثي في سبتمبر/أيلول عام 2004، لكن تجددت الاشتباكات في مارس/آذار عام 2005، فتوالت الاشتباكات العسكرية بين الطرفين لمدة ستة أعوام في ست جولات انتهت في فبراير/شباط 2010. وبدءًا من الجولة الثالثة للحرب (نوفمبر/تشرين الثاني حتى يناير/كانون الثاني 2006) صار عبد الملك الحوثي الأخ الأصغر وغير الشقيق لحسين الحوثي، هو قائد الجماعة العسكري، وليس معروفًا لماذا تم تجاوز إخوته الكبار. وقد يعود السبب إلى الطابع العسكري للمرحلة، حيث تم تجاوز أحد الإخوة المهمين والكبار مثل يحيى الحوثي الذي كان عضوًا في مجلس النواب منذ عام 1993 عن حزب الحق(10).

ولا ينحصر سبب طول فترة الحرب في صعوبة الأرض التي يدور فيها القتال، وهي أرض جبلية تسمح بحرب عصابات طويلة الأمد ولا تحسم عسكريًّا بسهولة، بل يتعلق أيضًا بالانقسامات داخل النظام اليمني؛ فالرئيس السابق علي عبد الله صالح زجَّ بحليفه القائد العسكري علي محسن وحلفائه السلفيين وحزب الإصلاح في الحرب على الحوثيين؛ لإنهاكهم حتى لا تكون لهم قدرة على إعاقة توريث ابنه، فلم يكن هدفه حسم المعركة بل إطالتها لاستنزاف حلفائه؛ حتى يخرجوا من سباق خلافته. أمَّا من جهة الحوثي فقد استفاد من طبقة المنتفعين من اقتصاد الحرب مثل التهريب وتجارة السلاح، فعزَّز ترسانته من السلاح، سواء من خلال السوق اليمنية أو المهرَّبة من الجيش، فباتت الحرب تتغذى من نفسها وتمتلك قوة الدفع الذاتي ولا يستطيع أحد السيطرة عليها؛ لأن الفُرقاء المتصارعين يجدون مصلحة مشتركة في إدامتها.

تحكمت في دينامية الصراع التي انخرط فيها الحوثيون الرهانات الداخلية، فظلت علاقة الجماعة بإيران محدودة حتى الجولات الأخيرة من الحرب، حين بدأت تظهر بداية التأثر بحزب الله في حربهم الدعائية، مثل طريقة تصويرهم لعملياتهم العسكرية ضد الجيش.

الثورة: تحولات جديدة

شارك الحوثيون في ثورة 2011 ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وكان تحركهم داخل الساحة لا يميل للهيمنة بخلاف حزب الإصلاح الذي سيطر على الساحة تنظيميًّا، فخلق له الكثير من العداوات ضمن المكونات المستقلة واليسارية.

اتخذ الحوثيون موقفًا معارضًا للمبادرة الخليجية، وهو موقف أقرب لموقف المستقلين وبعض أعضاء الأحزاب اليسارية والقومية، هذا الموقف زاد من مساحة التعاطف معهم، وأعطاهم فرصة للمزايدة الثورية على الآخرين متجردين من تحمل تبعات مسؤولية كل الفشل اللاحق.

كسبت الجماعة الكثير من التعاطف من خلال تعريفهم بمظلوميتهم في حروب صعدة داخل ساحة التغيير وسلوكهم الهادئ قياسًا بتسلط أعضاء حزب الإصلاح، وشكّلوا في تلك الأثناء تكوينًا سياسيًّا يُسمَّى جماعة “أنصار الله”، فكسبوا مناصرين لهم من محافظات يمنية مختلفة لم يكونوا موجودين فيها سابقًا.

انفرد الحوثيون بمحافظة صعدة حيث كانت الدولة اليمنية غائبة، وعيَّنوا لها محافظًا وهو فارس مناع -أحد أكبر تجار السلاح باليمن- وبدأ احتكاكهم ضد سلفيي دماج في صعدة وورود أنباء عن قتال بين الطرفين ومحاصرة الحوثيين لهم، لكن توظيف هذه الأنباء ضمن معارك الحوثيين والإصلاح شكّك كثيرًا بمصداقيتها لدى عموم اليمنيين المنشغلين آنذاك بالوضع العسكري والسياسي في صنعاء.

وثيقة الزيدية: أصولية الزيدية

كانت ثورة 2011 فاتحة لعهد جديد لدى الحوثيين من حيث التوسع العسكري والسياسي، وكذلك في الجانب الفكري. ففي عام 2012، أقرّ زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي مع مجموعة من علماء الجماعة في صعدة وثيقة أسموها: الوثيقة الثقافية والفكرية(11).

هذه الوثيقة تهدف إلى توضيح فكر الجماعة وتلخِّص موقفها من أصول العقيدة الزيدية، وتكشف بجلاء الطبيعة الأصولية غير المتجددة لجماعة ترفض علم الكلام بما فيه منهج المعتزلة وغيرها من مناهج فلسفيّة تخالف برأيهم نهج آل البيت عليهم السلام، كما تُعلِي من قيمة الجهاد في وجه الظالمين والمستكبرين. كما أن الوثيقة تُعلِي بشكل صريح من مكانة آل البيت، كما ورد في عدة بنود من الوثيقة، إضافة لجزء كامل تحت عنوان الاصطفاء، مشددة على الاصطفاء الإلهي لآل البيت.

الحوار الوطني: مسارات متناقضة

انطلق مؤتمر الحوار الوطني يوم 21 مارس/آذار عام 2013، وشارك فيه الحوثيون تحت اسم أنصار الله وبعدد 35 عضوًا، وتناقضت هذه المشاركة مع رفضهم المبادرة الخليجية التي يعدّ الحوار الوطني ضمن بنودها، وتحت الإشراف الأممي الذي كان الحوثيون يصفونه بالوصاية الدولية على اليمن.

لم يكن ذلك إلا مؤشرًا من مؤشرات تناقض الحوثيين في تلك المرحلة، حيث تبنوا كل مقولات الدولة المدنية كالعلمانية وتخصيص حصص للنساء، في تناقض مع الطبيعة العمليّة لطريقة حكمهم بصعدة التي تستند إلى قبضة أمنية شديدة تطبق معايير الشريعة الإسلامية بشكل منغلق ومتطرف، خاصة تجاه النساء.

يفسر هذا التناقض بأن الحوثي لم يتعامل مع المسار السياسي لمؤتمر الحوار عن قناعة، بدليل أنه كان في الواقع منشغلًا بفرض واقع سياسي جديد على الأرض من خلال القوة المسلحة التي يتفوق في استخدامها، فانشغل بمعاركه في المحافظات الشمالية، حيث نجح في إجلاء سلفيي دماج من صعدة في ديسمبر/كانون الأول عام 2013، في ظل صمت الدولة التي أفقدت كثيرين الثقة فيها.

مع انتهاء مؤتمر الحوار في يناير/كانون الثاني من 2014، شهدت البلاد أزمة سياسية عاصفة؛ بسبب انتهاء المرحلة الانتقالية دون أي تصور واضح لما بعدها، مع الضعف المتزايد لكفاءة الدولة؛ بسبب الوهن الأصلي في مؤسساتها وقلة خبرة القادمين الجدد من بقية الأحزاب، وباتت مؤسسة الرئاسة مشلولة؛ بسبب ضعف شخصية الرئيس عبد ربه منصور هادي، إضافة إلى تعثر هيكلة الجيش التي أبقت على نفوذ صالح، وكشفت ولاء بعض التكوينات العسكرية للإيديولوجية الإسلامية، واتجه بعضها نحو الولاء المناطقي والشخصي لصالح الرئيس عبد ربه منصور، وأما القطرة التي أفاضت كأس الخلافات فكان قرار الفيدرالية الذي حسمه بشكل شخصي رئيس الجمهورية وبطريقة مخالفة لقواعد مؤتمر الحوار.

في هذا المؤتمر عزَّز الحوثيون حضورهم الإعلامي من خلال رؤاهم المنفتحة والمتحررة بخصوص المرأة وإبعاد الدين عن الدولة وغيرها من أمور تشدّد فيها حزب الإصلاح والسلفيون. كذلك استثمروا في المظلومية بعد مقتل ممثلهم البارز في مؤتمر الحوار عبد الكريم جدبان، ثم رئيس فريقهم المشارك في المؤتمر الدكتور أحمد شرف الدين يوم 21 يناير/كانون الثاني 2013، وهو شخصية تتميز بحضور قوي ومهم داخل الجماعة، فقرّر الحوثيون الانسحاب من المؤتمر؛ بحجة تواطؤ الأجهزة الأمنية وتخاذلها في حمايته.

يبدو أن نية الانسحاب من المؤتمر في آخر لحظة كانت مناسبة لرغبة الحوثي في التملُّص من أي التزام سياسي، فامتنع عن التوقيع على وثيقة المخرجات، وتجرد من أي مسؤولية سياسية مقبلة، مستندة إلى مشاركتهم في الحوار.

مراكز القوى والحوثيون

اتجه الحوثيون للتصعيد العسكري مباشرة بعد مؤتمر الحوار، وكان هدفهم محافظة عمران الاستراتيجية والتي تبعد 50 كم شمالًا عن العاصمة صنعاء، وتعدّ مفتاح السيطرة على العاصمة صنعاء.

وفي يوم 2 فبراير/شباط 2014 نجح الحوثيون في هزيمة آل الأحمر وتدمير منزلهم، وآل الأحمر هم مشايخ حاشد لفترة طويلة من الزمن، وشيخ قبيلة حاشد عبد الله بن حسين الأحمر الذي توفي ديسمبر/كانون الأول 2009 كان أحد أقطاب الحكم في صنعاء، ومؤسسًا لحزب الإصلاح الذي يجمع بين تكوينات قبلية وجماعات إسلام سياسي على رأسها الإخوان.

عمران أيضا هي معقل لقبيلة حاشد التي ينتمي لها الرئيس السابق علي صالح، وميزت طبيعة سلطته القائمة على العصبية القبلية، فكانت قيادات الجيش وعلى رأسها علي محسن من القبيلة، وكذلك حظي شيخ القبيلة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بنفوذ سياسي هائل داخل الدولة اليمنية، يستمدها من دوره المشيخي وليس من منصبه السياسي كرئيس حزب أو رئيس مجلس نواب.

هذا التأثير القوي داخل الدولة من خارجها؛ بسبب نفوذ قبلي أو مناطقي خَلَق ظاهرة ما صار يُعرف بمراكز القوى في اليمن، وهي ظاهرة فاسدة بطبيعة الحال؛ لأنها تعبر عن نفوذ سياسي دون مساءلة؛ لأنه خارج عن مؤسسات الدولة، بل هو نفوذ يعتمد على المحسوبية والمال والسلاح.

لاقت هزيمة آل الأحمر ارتياحًا واسعًا بين أوساط اليمنيين، وهي هزيمة تعكس ضعف نفوذ أبناء الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في قبيلتهم التي ورث قيادتها الشيخ صادق الأحمر أكبر أبنائه. وهذا الضعف ناتج عن استقرارهم بصنعاء وانشغالهم بالعمل التجاري بعيدًا عن هموم أبناء القبيلة الذين صاروا يستشعرون ليس بالفارق الطبقي المادي فقط، بل أيضًا بحس العجرفة والغرور في المعاملة. كذا كانت الحال في نظر يمنيين يعتبرون آل الأحمر أحد أبرز مراكز القوى الفاسدة.

اتخذ الحوثيون ذريعة إسقاط مراكز قوى الفساد لتبرير معاركهم بعمران ثم صنعاء وتصويرها كمنجزات وطنية، لكن هذا الشعار يظل دعاية لأن الحوثي لم يكتف بإسقاط مشيخة آل الأحمر بل اتجه لإسقاط كامل المحافظة، متخذًا هذه المرة ذريعة مقاتلة الجيش الموالي لحزب الإصلاح.

وبعد إسقاط الجناح القبلي ثم العسكري لحزب الإصلاح، قرّر الحوثي المضي بحربه في عمران التي استعرت بقوة في أواخر شهر إبريل/نيسان حتى سقطت المحافظة بالكامل يوم الثامن من يوليو/تموز 2014، وهو يوم مقتل اللواء حميد القشيبي قائد أحد أكبر ألوية الجيش اليمني “310 مدرع”.

بسقوط عمران تغيرت موازين القوى كثيرًا، وصار الحوثيون على مشارف صنعاء، والأهم أنه كشف عجز الدولة وسياسة رئيسها المتهافتة عندما ترك الحوثيين ينفردون بلواء عسكري في الجيش؛ بهدف التخلص من منافسه حزب الإصلاح، دون إدراك للتداعيات الخطيرة لهذا الحدث.

إسقاط العاصمة صنعاء

دخلت اليمن حالة شلل سياسي بعد مؤتمر الحوار، حيث انطفأ البريق الإعلامي المحاط بالمؤتمر، لتواجه الدولة اليمنية والقوى السياسية واقعًا مريرًا طالما أجَّلت التعامل معه، وهو واقع ضعف الدولة اليمنية المستمر وانعدام الثقة بين الأطراف السياسية المتصارعة على السلطة، والأهم سخط المواطن العادي الذي كان يعاني من التردي الشديد للأوضاع المعيشية من كهرباء، ومن ثَمَّ أزمة بنزين وغاز خانقة عانى منها منذ شهر مارس/آذار 2014.

نجح الحوثيون في استثمار أخطاء الآخرين، فاستغلوا رفع الحكومة للدعم عن المشتقات النفطية يوم 31 يوليو/تموز 2014، حيث قاموا بتسيير مظاهرات، ثم بدأوا في شهر أغسطس/آب حصارهم المسلح لصنعاء؛ بحجة التصعيد الثوري وبهدف إسقاط الحكومة الفاسدة.

كانت الحكومة اليمنية بالفعل متدنية الشعبية، وتعاني، لكن مع ذلك لم ينجح الحوثي في جذب الكثيرين من خارج دوائر عصبيتهم المناطقية-المذهبية، واعتمدوا في مظاهراتهم على حشد القبائل القادمة من خارج صنعاء.

استمرت المحاولات التفاوضية للوصول لحل وسط بين الحكومة والحوثيين، وهنا ظهرت إيران لأول مرة مباشرة، حيث طلبت أن تكون وسيطًا مباشرًا في المفاوضات، فبات واضحًا أن اليمن اندرج ضمن لعبة توازنات إقليمية عديدة من ضمنها التخلص من حركة الإخوان، وتنامي الحلف الروسي-الإيراني الذي أراد التحكم في باب المندب الممر المائي المهم.

كما جرت العادة، اتجه الحوثيون للتصعيد العسكري الذي تأهبوا له جيدًا، مع ربح الوقت في المسار السياسي التفاوضي الذي لم يقف حتى بعد سقوط صنعاء، فتم توقيع اتفاق السلم والشراكة يوم 21 سبتمبر/أيلول 2014، وبعد سقوط العاصمة أضيف الملحق الأمني الذي يقضي بسحب الحوثيين لميليشياتهم من العاصمة، وهذا ما لم يحدث أبدًا.

سهَّل للحوثيين مهمة إسقاط العاصمة صنعاء أن الجيش تقريبًا لم يقاتل؛ بسبب ضعف ثقته المتزايدة برئيس الجمهورية الذي لم يُعِدّ العُدَّة للمواجهة العسكرية، وكذلك تحالفه مع الرئيس السابق علي صالح بشبكة نفوذه الواسعة داخل مؤسسات الدولة عمومًا والعسكرية بالأخص. وهو تحالف فرضته طبيعة الجغرافيا المشتركة؛ فعلي صالح يمثل الزيدية بمعناها الجغرافي وبمكونها القبلي، والحوثي يمثل الزيدية بمعناها المذهبي، إضافة إلى اشتراكهما في معاداة حزب الإصلاح الذي حقد عليه صالح بسبب ثورة 2011، بينما يعاديه الحوثي لأسباب مذهبية، أهمها: انتشار عضوية الحزب بين أبناء المناطق الزيدية، وأخيرًا تعرَّض الطرفان لعقوبات مشتركة فرضها مجلس الأمن على الرئيس المخلوع صالح وأبي علي الحاكم -القائد العسكري للحوثيين- ليصبح تحالف تقتضيه ضرورة البقاء، وليس فقط مصلحة الاستيلاء على السلطة.

استمر الحوثيون في توسعهم العسكري نحو بقية المدن، حيث أحكموا سيطرتهم على المدن الشمالية، وأسقطوا محافظة حجة الزيدية، وذمار جنوبًا ليبسطوا سيطرتهم كاملة على الجغرافيا الزيدية. ثم بدأ توسعهم يخرج عن نطاق الزيدية، حيث اتجهوا شرقًا نحو محافظة الجوف الغنية بالبترول، ثم امتدوا غربًا نحو الحديدة الساحلية والتي يوجد فيها أحد أكبر موانئ البلد وهو ميناء الحديدة، ومن ثَمَّ جنوبًا نحو محافظتي البيضاء القبلية، وأخيرًا محافظة إب الزراعية.

هكذا يكون الحوثي سيطر أو يسعى للسيطرة على معظم أجزاء ما كان يُعرف باليمن الشمالي قبل الوحدة اليمنية عام 1990، باستثناء محافظة تعز التي تعدّ مدخلًا للمحافظات الجنوبية، وفيها احتقان طائفي-مناطقي شديد، وحال مشابهة في محافظة مأرب التي تلقت قبائلها دعمًا ماديًّا ومسلحًا كبيرًا من دول الجوار -تحديدًا السعودية.

مخاطر السلطة والتفكك

دعاية الحوثيين ضد الإصلاح ونجاحهم في القضاء على مراكز الفساد تلاشت تدريجيًّا بعد توسعاتهم العسكرية، وتحملهم لمسؤولية السلطة التي صارت كاملة بعد سقوط ألوية الحماية الرئاسية يوم 21 يناير/كانون الثاني 2015.

ومن ثَمَّ وقعت الجماعة في مأزق أمام المجتمع الذي يعاني من أزمات اقتصادية ومعيشية شتى، ولا يمكن التحكم به فقط من خلال الآلة القمعية واللجوء إلى نفس الدعايات التي تعتمد على تتبع أخطاء الآخرين كمسوّغ سياسي للانقلاب على السلطة. كذلك مع مرور الوقت بدأ الطابع الطائفي-السلالي للجماعة يستفز المكونات اليمنية الأخرى؛ بسبب سلوكيات الحوثيين العدوانية والقمعية.

لكن بعد هروب الرئيس هادي لعدن، ثم لحاق وزير دفاعه اللواء الصبيحي به، يصبح اليمن أمام سلطتين؛ سلطة الأمر الواقع في صنعاء وسلطة شرعية في عدن، فباتت الأزمة السياسية أعمق. ويبدو، بالتالي، شبح تقسيم اليمن فكرة واردة بقوَّة كانعكاس طبيعي للانقسام السياسي للصعود الحوثي، وكذلك كانعكاس لحالة الانقسام المجتمعي؛ بسبب صعود ميليشيا عسكرية تعتمد على العصبية الطائفية في تحركها والقوة المسلحة، وترفض كل توافق سياسي طوعي.

عزّز الحوثي بانقلابه على الشرعية وسيطرته بالقوة على مؤسسات الدولة حالة الانقسام المجتمعي على أسس طائفية-مناطقية، وأحيا ثارات تاريخية في المناطق والقبائل التي حاربت الإمامة في وقت سابق، وآخرها الحرب الأهلية في ستينات القرن الماضي. هذا الانقسام يتمدد أفقيًّا ورأسيًّا في ظل دولة منهارة وقوى سياسية ضعيفة، وينعكس في الحضور المتصاعد للجماعات العسكرية في المناطق الأخرى، سواء كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أو قوى قبلية مثل اللجان الشعبية بعدن أو تحالف قبائل مأرب.

تبدو محاولات التسوية السياسية ضعيفة؛ بسبب ضعف المكونات الداخلية، سواء تلك التي تعتمد على السلاح والعصبية أو تلك التي تحوّلت للافتات حزبية تعاني العجز والشيخوخة، إضافة إلى أن أية تسوية سياسية باليمن صارت مرتبطة بتسوية إقليمية، تبدو حظوظها متدنية مع اندلاع “عاصفة الحزم” التي شنَّها تحالف تقوده السعودية بعد أن أنشأت إيران جسرًا جويًّا لدعم الحوثيين، واتجاه الحوثيين إلى السيطرة على عدن؛ للقضاء على سلطة الرئيس هادي بالكامل. هذا الوضع التمزيقي الذي يتجه لتكريس حالة الانقسام يناسب كثيرًا المكونات التي تدّعي احتكار طائفة أو منطقة، لكنها لن تنجح بالحكم على كامل البلد.

الحوثي كجماعة تدّعي احتكار الطائفة الزيدية، لا تستطيع إنكار حقيقة أنها لا تستطيع إلغاء تأثير ستة عقود من الجمهورية وتعليم حديث وتمدُّد سلفي في مناطقها؛ مما يفسِّر المظاهرات الحاشدة التي شهدتها محافظة ذمار المحاذية للعاصمة صنعاء -جنوبًا- وهي التي كانت تُعرف تاريخيًّا بكرسي الزيدية.

يرجع مأزق الحوثي أيضًا إلى انفصاله عن واقع الزمن المعاصر والتغييرات التي طالت المجتمع اليمني، ولا يدركها قائد الجماعة المعزول في جبال مران بمحافظة صعدة، وكأية جماعة أصولية متشددة قد تنجح لفترة من الزمن في الحكم من خلال عزل مجتمعها وتشديد قبضتها الأمنية، لكنها تفقد توازنها إذا اضطرت إلى الانفتاح أو انزلقت في مواجهة مع قوى إقليمية، كما يجري حاليا في “عاصفة الحزم”، تنتزع منها أفضليتها في موازين القوى العسكرية.
_____________________________
ميساء شجاع الدين – باحثة في الشؤون اليمنية

الهوامش والمراجع
(1) Salmoni Barak A, Loidolt Bryce, Wells Madeleine. Regime and Periphery in Northern Yemen. International Defense Research Institute. United States of America. 2010. Ch 3. P 81
(2) Burrowes, Robert D. Historical Dictionary of Yemen. London. The Scarecrow Press Inc. 1995. P428.
(3) سالم، السيد مصطفى: “الفتح العثماني الأول في اليمن 1538-1635″، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1969م، الفصل السابع، ص338.
(4) Burrowes, Robert D. Historical Dictionary of Yemen. London. The Scarecrow Press Inc. 1995. P428
(5) Salmoni Barak A, Loidolt Bryce, Wells Madeleine. Regime and Periphery in Northern Yemen. International Defense Research Institute. United States of America. 2010. Ch 3. P83
(6) Salmoni Barak A, Loidolt Bryce, Wells Madeleine. Regime and Periphery in Northern Yemen. International Defense Research Institute. United States of America. 2010. Ch 2. P 89
(7) هيكل، برنارد: “البنى السياسية والقانون: الثابت والمتحول”، “تحدي المألوف: اليمن: دراسات أنثروبولوجية وتاريخية”، المعهد الأميركي للدراسات اليمنية، مفوضية الشؤون الثقافية والتعليمية في حكومة الولايات المتحدة الأميركية، 2006، ص318.
(8) المصدر السابق، ص315.
(9) Salmoni Barak A, Loidolt Bryce, Wells Madeleine. Regime and Periphery in Northern Yemen. International Defense Research Institute. United States of America. 2010. Ch 3. P 98
(10) Salmoni Barak A, Loidolt Bryce, Wells Madeleine. Regime and Periphery in Northern Yemen. International Defense Research Institute. United States of America. 2010. Ch 6. P 195
(11) https://dl.dropboxusercontent.com/u/24926962/zaidi.pdf

 *نقلاً عن مركز الجزيرة للدراسات الاستراتيجية

 

إنه حقا عالم عربي جديد !

فهمي هويدي

مشروع القوة العسكرية العربية المطروح هذه الأيام جزء من التحوّلات الاستراتيجية الخطيرة في المنطقة، فضلاً عن أنه يطرح من الأسئلة أكثر مما يقدّم من إجابات.

عالم عربي جديد

(1)

عندي ثلاث ملاحظات أمهّد بها لمناقشة هذا المنطوق، هي:

ـ إن القوة العسكرية مهمة لا ريب، لكن القوة السياسية هي الأهم. ولا وجه للمقارنة بين مَن يستقوون بسلاحهم والذين يستقوون بشعوبهم. وشواهد الفشل التاريخي للأولين ماثلة تحت أعيننا، ولنا في تجربة الاتحاد السوفياتي وكوريا الشمالية عبرة. والمشكلات أو الأزمات التي نواجهها في العالم العربي لم تنشأ لأننا ضعفاء عسكرياً. ولكن مصدرها الأساسي أننا ضعفاء وفاشلون سياسياً واقتصادياً. ليس لأننا بلا عضلات، ولكن لأن الجسم العربي صار منزوع العافية.

ـ إن العمل العربي المشترك لم يؤخذ على محمل الجد يوماً ما إلا في مجال واحد، هو «الأمن»، فمجلس الوحدة الاقتصادية مثلاً تشكل في العام 1957. ومشروع السوق العربية المشتركة تم توقيعه منذ العام 1964 (في العام الماضي تم الاحتفال بمرور خمسين عاماً على توقيع الاتفاقية الخاصة به، ولم يكن الاحتفال بإنجازات تحققت على ذلك الصعيد، ولكنه كان أقرب إلى الاحتفال بذكرى عزيز فقدناه). وفي حين أننا لم نرَ أثراً للتكامل الاقتصادي المنشود أو السوق العربية المشتركة، فإن مجلس وزراء الداخلية العرب الذي ولد في العام 1977، وحده الذي جرى تفعيله وتنشيطه حتى عقد اجتماعه الثاني والثلاثين في الجزائر في شهر آذار الماضي. ولا تفســــير لذلك التباين سوى أن ما خصّ مصــــالح الشعوب العربية في التنمية والتكامل لم يلق عناية تذكر، في حين أن ما خصّ أمن الأنظمة قطع أشواطاً وجرى فيه التنسيق والتكامل إلى حد بعيد.

ـ إن اتفاقية الدفاع المشترك التي وقعت العام 1950 وكانت من أصداء حرب فلسطين العام 1948 جرى تجميدها في حقيقة الأمر، حيث لم تشكل المؤسسات الدفاعية التي دعت إليها الاتفاقية (اللجنة العسكرية التي تضم رؤساء الأركان ومجلس الدفاع المشترك الذي يضم وزراء الدفاع والخارجية). ومع ذلك، فإن فكرة التعاون العسكري التي كان لمصر خبرتها فيها برزت إلى الوجود منذ ستينيات القرن الماضي. وظهر ذلك جلياً في نجاح قوات السلام العربية العام 1961 في ردع الرئيس العراقي آنذاك عبدالكريم قاسم حين هدد بغزو الكويت، وفي مشاركة القوات العربية العام 1973 في إخراج إسرائيل من سيناء وقسم من الجولان، وفي قوات الردع العربية التي عملت على إعادة السلام إلى لبنان العام 1976، إلا أن ذلك التفاعل كان من أصداء بيئة مغايرة تماماً عن تلك التي يمر بها العالم العربي الآن.

على الأقل، فقد كان هناك التفاف حول عناوين القومية العربية والأمن القومي العربي والوحدة العربية. وكان مسلماً به ان قضية فلسطين هي القضية المركزية الأولى في العالم العربي. وهي العناوين والمعاني التي فقدت رنينها وتراجعت أولوياتها في الوقت الراهن، وهو ما يسوّغ لنا أن تقول إننا الآن أصبحنا بإزاء عالم عربي مختلف تماماً في نسيجه وقيمه وأفكاره عن عالم ستينيات القرن الماضي وسبعينياته.

(2)

لقد استفزني ما نشرته صحيفة «هآرتس» (عدد 30 آذار) للكاتب «زفاى باريل» عن الاحتشاد العسكري الذي يحدث في العالم العربي. إذ قال إن هناك تعبئة تلفت النظر لتشكيل قوة عسكرية عربية لأول مرة، وهو حدث مهم، لو أنه وقع في ظروف أخرى لسبب ازعاجاً وقلقاً لإسرائيل. وهو ما لم يحدث. ذلك أن إسرائيل لم تستشعر قلقاً فحسب، وإنما انتابها شعور هو خليط من السرور والنشوة. أضاف الرجل في هذا الصدد قوله إن إسرائيل لم تدعَ إلى الانضمام إلى التحالف (الذي تصدّى للحوثيين في اليمن وشنّ غارات عليهم)، ولكنها تقف إلى جانبه في المربع ذاته الذي يقف فيه. عبر عن المعنى ذاته البروفيسور «ايال زيسر» حين وصف الحدث في مقالة نشرتها صحيفة «إسرائيل اليوم» (عدد أول نيسان) بأنه «بشرى منعشة»، وفي اليوم نفسه، علق «باتريك غودنوغ» على قرار إنشاء القوة العسكرية في صحيفة «جويش برس» (التي تصدر بالولايات المتحدة) بقوله إن الاتفاقية التي وقعت للاحتشاد ضد إسرائيل قبل 65 عاماً (يقصد الدفاع المشترك) جرى إحياؤها الآن للتصدي لإيران والشيعة، كما أضاف أن الأنظمة العربية «السُّنية» التي وقفت ضد «الربيع العربي» هي التي تقود الحرب ضد النفوذ الشيعي في الجزيرة العربية.

هكذا، فإنه على العكس مما هو مخزون ومستقر في الإدراك العربي منذ نحو سبعة عقود، فإن دعوة مصر إلى تشكيل قوة عسكرية عربية وتبني القمة العربية في شرم الشيخ للفكرة لم يعد مقلقاً لإسرائيل، وانما أصبح مصدر بهجة وحفاوة في أوساطها السياسية والإعلامية. وذلك راجع لسببين أساسيين، أولهما أن العرب ما عادوا مشغولين بقضية فلسطين، لأن الثقافة السياسية في المرحلة الراهنة اتجهت لاعتبار العدو هو إيران وليس إسرائيل. أما السبب الثاني فهو أن الصراع الذي بات شاغلاً للعقل السياسي والإعلامي العربي انصرف إلى تصفية حسابات ومرارات السنة إزاء الشيعة، ومن ثم اكتسب الصراع بعداً مذهبياً وليس سياسياً. الأمر الذي يتجاوز حدوده العالم العربي إلى أطراف العالم الإسلامي، فضلاً عن ان الانخراط فيه يستدرج العرب إلى حروب ومواجهات تستمر عقوداً في المستقبل، ولم تحسمها الصراعات التي شهدتها القرون الخوالي. وذلك أكثر ما يطمئن إسرائيل ويشيع فيها البهجة والسرور.

(3)

ما سبق يسلط الضوء على جانب من التحولات الاستراتيجية المهمة التي تشهدها المنطقة العربية الآن، والتي تنقلنا إلى عصر جديد. إن شئت فقل انها بعض ملامح الشرق الأوسط الجديد الذي كثر الحديث عنه خلال السنوات الأخيرة. إذ تواترت في ظلها دلائل تراجع أولوية القضية الفلسطينية وتحول «بوصلة» العداء من إسرائيل إلى إيران. وانتقال المنطقة من الصراع السياسي إلى طور الصراع المذهبي. ثمة شهادة تعزز ذلك الادعاء أوردها محمد المنشاوي، خبير الشؤون الأميركية ومدير مكتب «الشروق» في واشنطن الذي تحدث في تقرير أخير له عن الاتجاه لتغيير العقيدة العسكرية للقوات المسلحة المصرية التي لم تعرف عدواً لمصر والأمة العربية طوال العقود الماضية سوى إسرائيل، وهو الموضوع الذي ظل محل شد وجذب خلال تلك الفترة.

إلا أنه في ظل المستجدات التي طرأت وفي ظلها لم يعد كثيرون يتحدثون عن إسرائيل العدو، فإن ذلك اعتبر نجاحاً تمنّته الإدارات الأميركية المتعاقبة. وانعكس ذلك على آفاق المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن لمصر. حيث حرصت على أن تقتصر أهداف التسليح الأميركي لجيش مصر على دعم قدرته في أربعة مجالات أساسية، هي: مكافحة الإرهاب، وحماية الحدود والأمن البحري وأمن سيناء. في هذا السياق، فإنه نقل عن الخبير الأميركي انتوني كوردسمان من «مركز الدراســــات الدولية الاستراتيجــــــية» تعليقاً على استئناف المساعدات العسكرية لمصر قوله إن «الأسلحة الأميركية لمصر لا يمكـــن استعمالها إلا في المواجهات العسكرية التي تدعمهـا أميركا».

إضافة إلى ما سبق، ثمة ملامح أخرى للشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل الآن نلمح فيه تغيراً في موازين القوى يتعذّر تجاهله ـ إذ إلى جانب تعاظم الدور الإيراني الذي تجاوزت مؤشراته حدود الدور التركي، فإن تلك الموازين اختلفت في العالم العربي على نحو رجحت فيه كثيراً كفة الدول الخليجية وهبطت فيه أسهم الدول الأخرى، المشرقية منها بوجه أخصّ، المثقلة بصراعاتها السياسية وأعبائها الاقتصادية. وهو ما برز بوضوح في قمة شرم الشيخ الأخيرة، ذلك أنها قمة خليجية بأكثر منها عربية. وفكرة القوة العربية إذا كانت اقتراحاً مصرياً بالأساس لأسباب تتعلق بالتعامل المصري مع الأزمة الليبية، إلا أن السعودية هي التي حوّلته من اقتراح مصري إلى قرار للقمة العربية لتغطية موقفها وتدخلها العسكري في اليمن.

وقد فرضته على الأرض، حين شنت غاراتها على اليمن في وقت سابق على انعقاد القمة، قبل ان تفرضه على جلسات مؤتمر شرم الشيخ وجدول أعماله. وبهذه الخطوة، فإن السعودية بنفوذها السياسي والاقتصادي عبأت العالم العربي لمصلحة قرارها حسم الصراع في اليمن عسكرياً. وكان ذلك بمثابة إعلان عن انتقال العالم العربي من المرحلة القومية إلى المرحلة الخليجية، وبالتالي إلحاق الجامعة العربية بمجلس التعاون الخليجي.

(4)

سبق أن تحدثت عن تدهور الوضع في اليمن، وعن العوامل التي أسهمت في ذلك بدءاً بأطماع وانتهازية الرئيس السابق علي عبدالله صالح وانتهاء بحماقات الحوثيين وطموحاتهم الغامضة ومروراً بأخطاء السياسة الإيرانية التي ارتد بعضها على إيران ذاتها.

وهي العوامل التي أصابت السعودية بصدمة دفعتها للمسارعة إلى المغامرة باللجوء إلى الحسم العسكري والإصرار على المضي في ذلك الطريق الذي لا تعرف له نهاية.

استيلاء الحوثيين على صنعاء ومحاولتهم السيطرة على اليمن اعتبر تهديداً لأمن السعودية، ودخولهم إلى عدن واقترابهم من باب المندب قدّم باعتباره تهديداً للممر المائي الدولي وللأمن العربي، واعتــــبرت القوة العسكرية العربية صيـــغة التعامل مع التهديد الذي تعرضت له الســــعودية، والتهديد الآخر الذي تعرض له الممر الدولي، الذي قيل إن من شأنه تعطيل قناة السويس وميـــناء دبي.

هـــذا التشخيص يفتقد إلى الدقــــة من ناحيــــة، كما انه يتسم بالغموض من ناحية أخرى، كيف؟

ذلك ان ذريعة تهديد باب المندب بما يستصحبه ذلك من تأثيرات موجهة على قناة السويس وميناء دبي، لا تصمد أمام حقائق الواقع. ليس فقط لأن الحوثيين (ولا أستبعد أن يكون من الإيرانيين) أعلنوا عن ان الوضع في باب المندب لن يمس (تصريح محمد عبدالسلام المتحدث باسم الحوثيين الذي بثته وكالة الأنباء اليمنية في 4/4)، ولكن لأن باب المندب كما مضيق هرمز تؤمنه وتحرسه قوات مرابطة على مشارفه في جيبوتي ومياه المحيط قوات أميركية وفرنســــية وروسية وإيطالية ويابانية وصينية، وهذه قوامها نحو سبعة آلاف جندي، مدعومون بالطائرات والبوارج والصواريخ بعيدة المدى (أميركا وحدها لها 4200 جندي وفرنسا 1900 جندي).

من ناحية ثانية، فإن القوة العسكرية العربية لا يُعرف الهدف منها بالضبط. أعني هل سنحارب إلى جانب ضد آخر، أم أنها ستحرس اتفاق المتحاربين، وهل ستسهم في رد العدوان الخارجي أم أنها ستجهض الاضطرابات الداخلية، وما هي الجهة التي ستتولى قيادتها وكيف ستتخذ قراراتها، وهل سيكون مجال حركتها في العالم العربي بأسره أم في دول من دون أخرى، وهل صحيح أن جنودها سيكونون من أبناء الدول الفقيرة وأن الدول النفطية هي التي ستتولى تمويلها؟… إلى غير ذلك من الأسئلة الحائرة التي تتوالد كل حين، في غيبة وضوح الرؤية وغموض الهدف.

بسبب من ذلك، فإنني لا أخفي شعوراً بالتوجس والقلق إزاء ذلك الغموض، الأمر الذي يشككني في إمكانية ظهور المشروع إلى النور خلال الأشهر الأربعة التي حددت لذلك، إلا أن أسوأ وأخطر ما في الأمر أننا صرنا نفكر كثيراً في كيفية دحر خصومنا المحليين بأكثر مما نفكر في التصدي لأعدائنا التاريخيين. ليس ذلك فحسب وإنما صرنا نحتكم إلى السلاح في مواجهة أهلنا في الداخل ونمارس السياسة مع عدونا في الخارج.

 المصدر | الشروق الجديد

نقاط قوة الرئيس اليمني في مواجهته للحوثيين

شؤون خليجية – صنعاء 

نقاط القوة

خرج الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي،أمس السبت، عن صمته، وألقى خطاباً ناريّاً، هدّد فيه جماعة الحوثي المسلحة برفع علم الدولة في صعدة، معقل الجماعة، في إشارة إلى ما يشبه التدشين لمرحلة جديدة من الصراع بين الجماعة المتمردة والدولة، قد ينتقل إلى عقر دارهم في شمال الشمال.

خطاب هادي، وهو الأول منذ وصوله إلى عدن في الـ21 فبراير الماضي، بدا قوياً وواثقاً، رغم أن الرجل فرّ من صنعاء بعيداً عن أعين الحوثيين، الذين فرضوا عليه إقامة جبرية لما يقارب الشهرين، بعد معارك راح فيها خاصّة رجاله، وحراسه المقربون.

ويمكن القول: إن فكاك هادي من قبضة الحوثيين، ووصوله إلى عدن، وفّر له بيئة لمزاولة مهامه، وإعادة ترتيب المسؤوليات، كما أن ذلك أكسبه دعماً شعبياً وعسكرياً، كان يمكن أن يفقده في حال بقي تحت سيطرة الحوثيين في العاصمة صنعاء.

والسؤال المطروح اليوم: هو كيف يمكن أن يتحول خطاب هادي من مجرد كلام، إلى واقع عملي ينهي الوضع غير الطبيعي، ويُعيد للدولة هيبتها، وما نقاط القوة التي يمتلكها هادي؟

وزير الدّفاع:

يعتبر وزير الدفاع اللواء الركن محمود الصبيحي، أحد أبرز قادة الجيش اليمني، وأكثرهم صلابة وحزماً، وهو الآخر تخلّص، قبل أيام، من سيطرة الحوثيين، ولحق بالرئيس هادي إلى عدن، وبعد لقائهما، قاد الصبيحي معركة تحرير المطار من قبضة قوات الأمن الخاصة الموالية للمخلوع وللحوثيين، كما سيطر المسلحون التابعون له على معسكر القوات الخاصة؛ وهو الآن يتواجد في محافظة “تعز”، وسط البلاد، وربما يقود معارك جديدة هناك، في ظل حشد الحوثيين والمخلوع لمسلحيهم، في واحدة من أكبر محافظات اليمن سكاناً، وأكثرها تأثيراً في المشهد السياسي اليمني.

قوات الجيش:

يحظى الرئيس هادي بنفوذ، لا بأس به، في صفوف القوات المسلحة اليمنية، غير الموالية للمخلوع، أي ما عدا الحرس الجمهوري وقوات الأمن الخاصة، وهما تشكيلتان كان يقود الأولى العميد “أحمد علي عبدالله صالح”، نجل المخلوع صالح، والثانية كانت تحت إمرة نجل شقيق المخلوع “طارق محمد عبدالله صالح”، وما تزالان تُدينان بالولاء للقيادات السابقة، وهما متهمتان بمساندة الحوثيين في حروبهم ضد الجيش والقبائل في أكثر من جبهة قتالية.

لكن بقية الوحدات العسكرية، خصوصاً تلك التي تتواجد في المنطقة الرابعة ومقرها عدن، والمنطقة الثالثة في مأرب، والعديد من الوحدات في مناطق متفرقة من البلاد، تتمسك بشرعية هادي، وقد أعلنت انحيازها إلى الشرعية، رافضةً تنفيذ أي أوامر تصدر من اللجنة الأمنية العليا في صنعاء والتي يسيطر عليها الحوثيون؛ وهذه القوات تمثّل سنداً قوياً للرئيس، ضد سلطة الانقلابيين الحوثيين.

اللجان الشعبية:

وهي عبارة عن آلاف المقاتلين من أبناء القبائل، جنّدتهم الدولة منذ العام 2012 لمساندتها في الحرب ضد ما تسميه “الإرهاب”، ويعود الفضل لها في تحرير العديد من مناطق جنوب البلاد من يد تنظيم القاعدة، كما هو الحال في محافظة أبين وشبوة وحضرموت، التي كانت ملاذات آمنة للتنظيم، بل وصل به الحد إلى إعلان بعضها إمارات إسلامية، مثلما حدث في أبين، قبل طرد القاعدة منها.

وتتميّز اللجان الشعبية بمهارتها القتالية العالية، كما أن معرفتها بطبيعة الجغرافيا في تلك المناطق شديدة الوعورة، مكّنتها من إحراز تقدم ملموس، وبسطت سيطرتها على العديد من المناطق، خاصة تلك التي تتسم بضعف التواجد الأمني بها.

وساندت اللجان، الجيشَ اليمني، مؤخراً، في معركة مطار عدن، والاستيلاء على معسكر القوات الخاصة، وفرار قائده العميد “عبد الحافظ السقاف” الموالي للحوثيين، وهي التي تحمي القصور الرئاسية في عدن، بعد تسريح هادي للحراسات السابقة، المشكوك في ولائها للمخلوع وجماعة الحوثي.

ويعوّل هادي كثيراً على اللجان الشعبية في تأمين مدينة عدن، التي أعلنها عاصمة مؤقتة، حتى يعود إلى العاصمة صنعاء، بعد زوال ما أسماها “أسباب تركه لصنعاء”، في إشارة إلى سيطرة جماعة الحوثي المسلحة على العاصمة منذ 21 سبتمبر الماضي.

قبائل الشرق والجنوب:

لا يمكن، بأي حال من الأحوال، إغفال الدور المحوري للقبائل اليمنية في الحد من نفوذ الحوثي، وقد أثبتت أنها قوة بإمكانها أن تتصدى لمشروع الحوثي الذي يفرضه بقوة السلاح؛ ففي محافظة مأرب ترابط القبائل منذ سبتمبر الماضي على مشارف البلدة، تحسباً لهجوم قد تشنه جماعة الحوثي بهدف السيطرة على أراضيها، وتدور معارك شرسة منذ يومين في الحدود الغربية لمأرب المحاذية لمحافظة البيضاء، راح ضحيتها العشرات من الحوثيين، وتدمير دوريات عسكرية، ولم يستطع مسلحو الحوثي التقدم باتجاه مأرب، لوجود هذه الممانعة الكبيرة التي يبديها رجال القبائل، رافضين تواجد المليشيا المسلحة.

وفي جنوب البلاد، تقف القبائل جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة، وتدعم شرعية هادي، ولا تخفِ مناهضتها للحوثي، باعتباره مليشيا مسلحة تود أن تسيطر على الأرض بقوة السلاح، وهو ما تنكره القبائل.

ومنذ وصول هادي عدن، استقبل الآلاف من مسلحي قبائل مأرب وشبوة والجوف، وكلهم أبدوا تأييدهم له، وأكدوا أنهم لن يسمحوا للحوثي بالسيطرة على مناطقهم، كما طالبوا هادي بالتحرك لتحرير الأرض وفرض سيطرة الدولة على كامل التراب اليمني.

تمتلك هذه القبائل عتاداً عسكرياً كبيراً، وتُجري بين الحين والآخر مناورات عسكرية تعرض فيه قوتها، وذلك في إطار حرب نفسية ضد الحوثي، الذي يعتبرونه غازياً يود تركيع سكان تلك المناطق.

ويحظى هادي بمساندة قطاع عريض من الشعب اليمني، الذي يرى فيه صاحب الشرعية الوحيد، والمخوّل باستكمال المرحلة الانتقالية، والوصول إلى تطبيق مشروع الدولة الاتحادية والأقاليم، وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، وهو مطلب شعبي لكسر احتكار المركز للأقاليم، واستحواذه على النفوذ والسلطة والثروة؛ وهؤلاء هم آلاف اليمنيين الذين يتظاهرون بشكل شبه يومي في الشوارع، دعماً لهادي، وضد المليشيات المسلحة.

الدعم الخليجي والدولي:

يحظى هادي بتأييد من دول مجلس التعاون الخليجي، ومن المجتمع الدولي قاطبة، وكل هذه الأطراف تعترف بأنه الرئيس الشرعي للبلاد، وتؤكد دعمها ومساندتها له، للسير قدماً نحو تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي توافقت عليها القوى السياسية اليمنية، بإشراف المبعوث الأممي جمال بنعمر.

وخلال الأيام القليلة الماضية، التقى هادي في عدن سفراء العديد من الدول، وتلقى سيلاً من الاتصالات، تؤكد وقوف هذه الدول إلى جانب شرعيته، مبديةً استعدادها للدعم بشتى أنواعه، في سبيل الخروج باليمن من أزمته الراهنة.

وأمس الأول الجمعة، جددت المملكة العربية السعودية التأكيد على وقوفها إلى جانب الشرعية والشعب اليمني بكافة إمكاناتها.

وقال مصدر مسؤول في تصريح له: إن المملكة العربية السعودية تابعت وبقلق بالغ تطورات الأحداث المؤلمة في اليمن، ومنها القصف الجوي الذي تعرضت له مدينة عدن، وعلى وجه الخصوص القصر الرئاسي والمناطق المجاورة له، وكذلك التفجيرات في صنعاء.

وتابع: “تؤكد المملكة العربية السعودية على أهمية الاستجابة العاجلة من قبل كافة الأطياف السياسية في اليمن الراغبين في المحافظة على أمن واستقرار اليمن، للمشاركة في المؤتمر الذي سيتم عقده تحت مظلة مجلس التعاون في الرياض”.

هذا الاهتمام المتزايد عالمياً بالملف اليمني، أعطى الرئيس هادي دفعة قوية باتجاه ممارسة صلاحياته كقائد أعلى للقوات المسلحة، افتتح ذلك بحسم الأمور في عدن، والآن ربما يُجري هادي ترتيبات من نوعٍ ما، في الألوية العسكرية باتجاه حسم الأمور عسكرياً، لكن بأقل الخسائر.

 

القبائل تتحالف لإخراج وزير الدفاع من صنعاء إلى عدن.. في صفعة جديدة للحوثيين

خرج متخفيًا في زي شعبي.. ونُهب منزله بعد تأكد فراره وخطف 30 من أنصاره.. وقتل أحد حراسه > توقع فرار مزيد من الوزراء
1425835779465922100

                                          مع محافظ لحج أحمد عبد الله المجيدي (رويترز)
صنعاء: عرفات مدابش
تمكن تنسيق موسع لقبائل في شمال اليمن وجنوبه وشرقه، من تهريب وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة اللواء محمود الصبيحي، إلى عدن، في عملية تعزز موقف الرئيس عبد ربه منصور هادي في صراعه على السلطة مع الحوثيين، وتمثل في الوقت نفسه صفعة جديدة يتلقاها الحوثيون في اليمن، بعد نحو أسبوعين من مغادرة الرئيس هادي إلى المدينة الجنوبية نفسها، التي باتت العاصمة الجديدة لليمن الموحد، باعتبار أن صنعاء محتلة من قبل الجماعة الشيعية المتمردة.وتمكن وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي من مغادرة صنعاء، محاطا بميليشيات الحوثيين الذين كلفوه، الشهر الماضي، تولي منصب وزير الدفاع، في ظل غياب الحكومة. وأكدت مصادر يمنية جنوبية أن الوزير الصبيحي غادر صنعاء ظهر السبت ووصل إلى المحافظات الجنوبية فجر أمس الأحد. وقالت مصادر مقربة من الوزير الصبيحي لـ«الشرق الأوسط» إنه «استخدم أسلوب التمويه في عملية فراره، بعد أن اطمأن الحوثيون إلى أنه بات جزءا من إدارتهم للدولة في صنعاء وطوع أيديهم وأوامرهم».

وذكرت المصادر أن الصبيحي خرج من منزله على أساس أنه ذاهب لحضور مناسبة اجتماعية (وليمة غداء)، لكنه لم يرجع، فيما انقسم موكبه إلى قسمين كل منهما سلك طريقا نحو عدن باتجاهين مختلفين، في الوقت الذي قامت فيه مجاميع قبلية من «إقليم سبأ»، محافظة مأرب تحديدا، بنقل الصبيحي إلى المحافظة في شرق البلاد، ثم إلى تخوم محافظة شبوة الجنوبية المجاورة، ومنها إلى البيضاء ويافع ثم إلى منطقة رأس العارة، مسقط رأس الوزير، حيث منزله وعشيرته.

1425835779485922300

زوار أمام منزل وزير الدفاع اليمني اللواء الصبيحي بعد وصوله إلى مسقط رأسه في رأس العارة في ناحية الصبيحة بمحافظة لحج أمس (رويترز)

وقال مصدر قبلي موثوق في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن «المعلومات المؤكدة تشير إلى أنه وصل إلى مدينة مأرب مساء السبت ما بين التاسعة والعاشرة ليلا برفقة مجاميع قبلية»، ويعتقد أن هذه المجاميع هي التي سلمته إلى مجاميع أخرى على حدود محافظة شبوة، حيث كان ينتظره مسلحون قبليون. وكشفت المصادر أنه «جرى تسريب خبر فرار اللواء الصبيحي قبل وصوله إلى الجنوب، وهو ما أدى إلى تعزيز الإجراءات الأمنية على الطرقات المؤدية إلى عدن». وقال الصبيحي في تصريحات بعيد هروبه إنه خرج من منزله ظهر يوم السبت من صنعاء بالتنسيق مع مشايخ وأعيان من محافظة مأرب. وأوضح أنه سلك طريق صنعاء – مأرب حيث وصل إلى محافظة مأرب مع عصر يوم السبت، في حين تحرك على الفور عدد من الأطقم الخاصة بحراسته وتوجه أحدها صوب طريق صنعاء – الحديدة، وتحرك طقم آخر صوب صنعاء – ذمار بهدف إيهام الحوثيين بأنه ربما يكون معهم. وأضاف، في تصريحات لموقع «عدن الغد» المقرب من الرئاسة اليمنية، أنه «استبدل السيارة التي كان على متنها بسيارة أخرى أقلته إلى مديرية (عين) القريبة من بيحان بمحافظة شبوة حيث كان بانتظاره موكب من عشرات المسلحين من أبناء محافظات جنوبية عدة»، وحسب رواية الوزير اليمني، فقد انطلق «لاحقا ضمن الموكب بمنطقة جبلية وصحراوية تفصل بين البيضاء وشبوة، حيث وصل إلى أطراف مناطق البيضاء قبل أن يمر لاحقا إلى (يافع) ويتوقف عند بعض مشايخها لساعة»، وأكد اللواء الصبيحي أنه «انطلق لاحقا من يافع صوب منطقة الملاح بردفان حيث سلك طرقا فرعية وصولا إلى منطقة العند ومن ثم وصولا إلى منزله بمنطقة رأس العارة».

وبينت أولى الصور التي التقطت للوزير اللواء محمود سالم الصبيحي عقب وصوله إلى مسقط رأسه، أنه كان متنكرا بزي شعبي، عبارة عن ثوب وجاكيت وغترة، وهي في الغالب ليست من الأزياء التقليدي للمنطقة الجنوبية في البلاد. وبينت الصور التعب والإرهاق الذي اعتراه بسبب مشقة السفر في المناطق الجبلية والتنقل من منطقة إلى أخرى ومن سيارة إلى أخرى، حتى حط الرحال في الجنوب.

وقالت مصادر إن الحوثيين قاموا بنهب منزل اللواء الصبيحي بعد ساعات من انتشار خبر هروبه كما قاموا بقتل أحد حراسه وخطف نحو 30 من أنصاره. وأشارت محلية خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى إن «جماعة الحوثي المسلحة نصبت كمينا لموكب خاص بالوزير في الخوخة بمحافظة الحديدة، غرب اليمن، بعدما علموا بهروبه، حيث كانوا يتوقعون وجود الوزير ضمن الموكب لكنهم فوجئوا بعدم وجوده.. وقاموا باعتقال 5 من أفراد حراسة الوزير وقتل أحدهم بعد اشتباكات جرت الطرفين، عندما كانوا في طريقهم إلى محافظة عدن.

وأشارت المصادر إلى إطلاق سراح بعض أفراد الحراسة المعتقلين، في وقت لاحق أمس. وحسب المصادر فقد لقي أحد حراس وزير الدفاع مصرعه وجرح آخرون في الكمين المذكور.

وقال المحلل السياسي ياسين التميمي لـ«الشرق الأوسط» إن «ما حدث في الخوخة يدل بوضوح على حالة الارتباك التي تواجهها الميليشيا الانقلابية المسلحة.. وتشير إلى أن أشياء خطيرة تحدث في صنعاء خارج سيطرة الجماعة الحوثية المسلحة». وأضاف التميمي: «أعتقد أن خروج وزير الدفاع اللواء الركن محمود الصبيحي من صنعاء ووصوله إلى عدن قد مثل ضربة قاصمة للجماعة الحوثية التي كانت قد نجحت لوقت قصير في استغلال السمعة الحسنة للوزير الصبيحي في إضفاء طابع الشراكة الوطنية في التغيير عبر القوة المسلحة». وتوقعت مصادر أخرى فرار وزراء آخرين إلى عدن، من بينهم وزير الداخلية اللواء جلال الرويشان.

وتؤكد المصادر أن اللواء الصبيحي، عقب استقالة الحكومة ومحاصرة منزله وجعله تحت الإقامة الجبرية، خضع لنوع من الابتزاز من قبل الحوثيين الذين رفعوا الإقامة الجبرية عنه لكنهم أخضعوه لحصار غير معلن طوال الفترة الماضية، وبالأخص منذ أجبروه على حضور حفل إصدار «الإعلان الدستوري» الذي أقاموه في القصر الجمهوري في 7 فبراير (شباط) الماضي.

وتقول مصادر إعلامية في عدن لـ«الشرق الأوسط» إنه «بوصول اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع إلى مسقط رأسه جنوب اليمن، يكون قد وضع حدا لكثير من التكهنات والإشاعات التي أحيطت بوجوده في العاصمة صنعاء وزيرا للدفاع ورئيسا للجنة الأمنية العليا خلال الفترة المنصرمة التالية لاستيلاء ميليشيا الحوثي على قصر الرئاسة وإجبار رئيس الدولة عبد ربه منصور ورئيس حكومته خالد بحاح على الاستقالة ومن ثم وضعهما تحت الإقامة الجبرية». وتضيف المصادر أنه منذ ظهور الوزير الصبيحي في حفل «الإعلان الدستوري»، أصبح «الرجل يمثل لغزا محيرا وصادما للبعض أيضا، خاصة لأولئك الذين عرفوه أو راهنوا عليه كقائد عسكري أثبت كفاءة خلال سنوات توليه لمناصب قيادية عدة كان آخرها قيادته للمنطقة العسكرية الرابعة بعدن التي تضم محافظات عدن ولحج وتعز وأبين والضالع». وتردف المصادر الإعلامية أن الصبيحي و«توليه لمنصبه تحلى بكفاءة واحترافية فضلا عن صرامته ونزاهته، وهذه جميعها جعلته محل إجماع شعبي وحزبي ونخبوي أهله لتبوء حقيبة الدفاع في حكومة خالد بحاح المستقيلة إثر اجتياح ميليشيات جماعة الحوثي وأعوانها من الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح لما بقي من مؤسسات وهيئات ووزارات وحكومة ورئاسة.

وترى المصادر نفسها أن مزاولة الوزير لمهامه العسكرية ورئاسته للجنة الأمنية العليا في سلطة الحوثيين «بكل تأكيد عد ورقة مهمة أريد استثمارها من جماعة الحوثي وحليفه صالح، فالاثنان أرادا الاحتفاظ بالوزير كورقة رابحة قصد بها تهدئة وطمأنة الجنوب المنتمي إليه رئيس الدولة ورئيس الحكومة، وهذا بالفعل ما نجحت به جماعة الحوثي ولو مؤقتا».

وتقول المصادر إن «التحاق الوزير الصبيحي بركب الرئيس هادي بكل تأكيد ستكون له تداعيات مؤثرة وفاعلة في المشهد السياسي اليمني الذي ما زال يسوده الغموض والتعقيد نظرا لتعدد وتشعب الولاءات القبلية والمناطقية والجهوية والطائفية والمذهبية وأيضا الشخصية، ورغم هذه التعقيدات هناك خيط أمل يتمثل برئاسة هادي المعول عليه قيادة اليمن وفي ظرفية حرجة كهذه التي لا تقبل المزيد من التفكك والتمزق المجتمعي وعلى وجه الدقة ما يتعلق بالجنوب وعدن بالذات كحاضنة وملاذ ومنقذ لما يمكن إنقاذه من انهيار مؤسسي وقيمي وبنيوي وسياسي»، وفي إشارة إلى أهمية وجود الوزير الصبيحي في عدن، تؤكد المصادر أنه «إذا كان الرئيس هادي قد استطاع خلال مدة قصيرة ترتيب وضعه كرئيس شرعي يحظى بدعم القوى المجتمعية الجنوبية التي تقاطرت إلى عدن وفي مشهد دال ومعبر عن تضامن جمعي يطوي خلافات وصراعات ماضية جنوبية – جنوبية، فإن انضمام الوزير الصبيحي يأتي في هذا السياق الداعم والمعزز للرئيس هادي ولقيادته للمرحلة التاريخية الاستثنائية المدعومة شعبيا ووطنيا وإقليميا ودوليا».

وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي تمكن في 21 فبراير الماضي من مغادرة مقر إقامته الجبرية في منزله بالعاصمة صنعاء، في عملية لا تزال معظم تفاصيلها الحقيقية غائبة عن الرأي العام. وجاءت خطوة وزير الدفاع المقرب منه لتؤكد على التوجه الذي ينتظر عدن في المرحلة المقبلة، وهو أن تتحول إلى مركز لإدارة شؤون اليمن، أو بالأحرى الجنوب والمناطق الشرقية والوسطى التي لم يتمكن الحوثيون بعد من السيطرة الكاملة عليها.

الدبلوماسي عبد الله الخالدي وقصة الإفلات من “قاعدة اليمن”

*صنعاء ــ عادل الأحمدي

الخالدي لدى وصوله إلى السعودية (واس)

الخالدي لدى وصوله إلى السعودية (واس)

باستثناء بعض النشطاء الحوثيين، لم ينشغل اليمنيون بالسؤال عن كيفية إفراج تنظيم “القاعدة” عن عبدالله الخالدي الدبلوماسي السعودي المختطف لديها منذ 3 سنوات، قدر انشغالهم بالاحتفاء بتحريره بعد أن أوشك اليأس من إطلاقه أن يكون سيد الموقف.
وأعلنت السعودية، الإثنين الماضي، عن تحرير الخالدي ووصوله إلى المملكة، ليكون في استقباله حشد رسمي وشعبي كبير يتقدمهم ولي ولي العهد السعودي محمد بن نايف، ونائب وزير الخارجية عبد العزيز بن عبد الله، ووزير الدفاع رئيس الديوان الملكي محمد بن سلمان. وأشارت الرياض إلى أن عملية التحرير تمت “بعد جهود بذلتها الاستخبارات العامة” من دون أن توضح كيف تمت العملية ومتى وأين.

إيران والحوثيون: تعزيز للثقل الإقليمي

أما الجانب الرسمي اليمني، ممثلاً بسلطة الرئيس عبدربه منصور هادي في عدن، وكذلك سلطة الانقلاب الحوثي في صنعاء، فلم تتطرق من قريب أو بعيد لخبر الإفراج عن الخالدي.
وبعد مرور ثلاث سنوات على اختطافه، كان أغلب المتابعين لقصة الخالدي قد صرفوا اهتمامهم عنها، وظنوا أنه إما يكون قد مات، أو أنه في طريقه لمصير الطيار الأردني معاذ الكساسبة في العراق أو العمال المصريين في ليبيا، ليأتي خبر إطلاقه في توقيت غير متوقع ومن دون مقدمات ملموسة.

وحسب ما أكدته مصادر محلية وثيقة الاطلاع في محافظة شبوة اليمنية لـ”العربي الجديد”، فإن عملية تحرير الدبلوماسي السعودي، تمت يوم الأحد وليس يوم الاثنين، وأنه تم تسليمه من قبل عناصر تنظيم “القاعدة” إلى مجموعة من أعيان شبوة بالقرب من منطقة بيحان في المحافظة. ونقلت المصادر أن عناصر في “القاعدة” أكدوا لها وجود فدية مالية مقابل إطلاق سراح الخالدي، نافية الأنباء التي تحدثت عن دور لهادي أو نجله جلال في عملية الإطلاق.

وينتمي عبدالله محمد خليفة الخالدي (48 عاماً)، إلى بلدة “أم الساهك” في محافظة القطيف شرقي المملكة، وكان مقرراً أن ينهي مهامه الدبلوماسية في شهر يونيو/حزيران من العام 2012، أي بعد 3 أشهر من تاريخ اختطافه، وله من الأبناء أربعة، أكبرهم أحمد وأصغرهم رفيف. وقد بدأ الخالدي عمله الحكومي موظفاً في فرع وزارة الخارجية في الدمام، ثم انتقل للعمل في القنصلية السعودية لدى الفيليبين، ومنها إلى اليمن كنائب للقنصل في عدن منذ العام 2008.

واختطف الخالدي من أمام منزله في حارة “ريمي”، في حي المنصورة في عدن وهو في طريقه إلى مكتبه في مقر القنصلية بحي خور مكسر، صباح الأربعاء 28 مارس/آذار 2012، من قبل قبليين، ليتم تسليمه بعد ذلك لتنظيم “القاعدة” في صفقة غامضة. وتبدأ من يومها رحلة طويلة باتجاه إطلاق سراحه.

ومثلت حادثة الاختطاف منعطفاً لافتاً، سواء لليمنيين الذين تضرروا لأشهر عدة بسبب إغلاق القنصلية السعودية إثر خطفه، أو بالنسبة إلى السعوديين وتحديداً العاملين في سفارة بلادهم في صنعاء.

يقول أحد هؤلاء الدبلوماسيين، لـ”العربي الجديد”، “قبل اختطاف زميلنا الخالدي كنا نظن أن لدينا أصدقاء أقوياء في الحكومة والمجتمع اليمني سيعملون سريعاً على إطلاق أي موظف سعودي يتعرض للخطف من أي جهة كانت، لكننا صدمنا حين رأينا أن الشهور تمرّ والسنوات، من دون أن يستطيع أصدقاؤنا فعل شيء”.

ويضيف الدبلوماسي نفسه، مفضلاً عدم ذكر اسمه، “منذ اختطف الخالدي صار أهالينا في المملكة يتواصلون يومياً للاطمئنان على سلامتنا، وكان أكثر ما يقلقني وزملائي طيلة فترة الاختطاف، أن يقدِم تنظيم القاعدة على تصفيته”.

وظلّ مصير الخالدي مجهولاً بعد اختطافه مدة 20 يوماً، إلى يوم 18 أبريل/نيسان 2012 الذي تلقّى فيه السفير السعودي حينها، علي بن محمد الحمدان، اتصالاً هاتفياً من أحد المطلوبين لدى السلطات الأمنية في السعودية، هو مشعل الشدوخي، المدرج اسمه ضمن قائمة الـ85 لدى سلطات بلاده. وأخبر الشدوخي، يومها السفير الحمدان أن الخالدي موجود لدى تنظيم القاعدة وأنه بصحة وعافية، وأن لديهم مطالب مقابل الإفراج عنه، وأول هذه المطالب، الإفراج عن المسجونات في السجون السعودية والإفراج عن المعتقلين في سجون المباحث، بالإضافة إلى فدية يتم الاتفاق عليها لاحقاً. وتم نشر تسجيل للمكالمة على الإنترنت.

بعد مكالمة الشدوخي – الحمدان، انهالت العروض من قبل شخصيات عديدة في اليمن للسفارة السعودية بغرض التوسط للإفراج عن الخالدي أو حتى ترتيب عملية تحرير بالقوة. يقول مصدر سعودي تابع مجريات تلك العروض لـ”العربي الجديد” إن بعض هؤلاء كنا على ثقة بصدق نواياهم ولكنهم لا يعرفون مكان الاختطاف وليس لديهم نفوذ لدى تنظيم القاعدة، والبعض الآخر كان همه الحصول على مكافأة سخية، وجزء ثالث كان يرى أن حصد الحظوة لدى الرياض بعد نجاح عملية التحرير، أهم من أي مكسب مادي. وكان السفير السعودي يرحب بأي جهود تفضي لإطلاق الدبلوماسي المختطف، لكنه كان في المقابل يؤكد لجميع عارضي التوسط بأن المملكة حريصة كل الحرص على إطلاق الخالدي غير أنها في المقابل “لن تخضع لإملاءات الإرهابيين”.

مرت أسابيع ثم شهور، ولم تُفض الجهود إلى شيء. وأطلق الخالدي خمس مناشدات مسجلة عبر شبكة الانترنت من إنتاج مؤسسة الملاحم ــ ذراع تنظيم القاعدة الإعلامي، يتوسل فيها حكومة بلاده الاستجابة لمطالب الخاطفين مقابل عودته الى أبنائه. وقد ذكّر سلطات بلاده في إحدى تلك المناشدات بأن إسرائيل قامت بالإفراج عن “أكثر من ألف فلسطيني” مقابل الجندي المختطف في غزة جلعاد شاليط. وقال “أنا مواطن سعودي خدمت الحكومة السعودية في أكثر من مكان وأكثر من موقع، ألا استحق الإفراج عني مقابل الإفراج عن بعض النسوة وبعض المشايخ؟”.

وتشير مصادر شاركت في بعض جولات التوسط لإطلاق الخالدي أن تنظيم القاعدة أوشك مراراً على الاستجابة للوساطات وتراجعت لأسباب مختلفة؛ فمرة بسبب المطالبة بفدية مضاعفة، ومرة بسبب غارات لطائرات أميركية من دون طيار، ومرة ثالثة بسبب تعنت بعض قياديي تنظيم القاعدة السعوديين إزاء الشروط المتعلقة بالسجناء.
ويقول أحد الوسطاء السابقين، لـ”العربي الجديد”، إن “المشكلة كانت بعد ذلك، سعودية سعودية، ولم يكن لدى قادة القاعدة من اليمنيين أية مشكلة في إطلاقه، ولم يكن يمنعهم سوى زملائهم السعوديين”.

وفي 23 نيسان/أبريل 2012، أعلنت السلطات السعودية الإفراج عن خمس سجينات مرتبطات بتنظيم القاعدة في إطار قرار قضائي، من دون الإشارة الى أن الإفراج يأتي استجابة لمطالب التنظيم. مع ذلك ظهر الخالدي في تسجيل مرئي يطالب بالإفراج عن بقية السجينات.
وترافقت الجهود لإطلاق الخالدي مع حملة إعلامية شرسة دفعت الرياض للامتناع كلياً عن تقديم أية فدية مقابل إطلاق الدبلوماسي المختطف لأن ذلك سيعتبر دعماً غير مباشر لتنظيم القاعدة، في وقت كان يردّ فيه التنظيم على بعض الوسطاء بأنه دفع أموالاً لخاطفي الخالدي الأوائل وأنه يتكبد كلفة عالية في حمايته وتغذيته وحتى علاجه، وبالتالي يستحيل إطلاقه من دون دفع “غرامة” التنظيم، حتى لو تم إطلاق كل السجناء المحتجزين على ذمة الإرهاب في سجون المملكة. ويكشف أحد الوسطاء لـ”العربي الجديد” إن عناصر تنظيم القاعدة ذكروا له قائمة بتكاليفهم مع الخالدي وأوردوا فيها أنهم عالجوا مشكلة لديه في النظر، استغنى بعدها عن ارتداء النظارات، وتأكد له صدق كلامهم بعد ذلك، حينما ظهر الخالدي في مناشداته المسجلة، مطلقاً لحيته ومن دون “نظارات”.

وقد أسهم كل ذلك التعقيد في جعل السنوات تمرّ من دون إحراز تقدم في جهود الوساطة. ويبدو أن الجانب السعودي كان يدير العملية بطريقة تدفع التنظيم للحرص على سلامة الخالدي واليأس التدريجي من تنفيذ كل المطالب.

وجاءت الحملات العسكرية للجيش اليمني على معاقل القاعدة في أبين وشبوة ليشكّل وجود الخالدي في حوزة عناصر التنظيم عبئاً إضافياً عليهم، ما جعلهم في بعض الأحيان يبادرون هم بالتواصل مع الوسطاء لإقناع الجانب السعودي بضرورة تنفيذ الحد الأدنى من مطالبهم مقابل إطلاقه. وأحياناً كانوا يطلبون من الوسطاء إيصال تهديدات التنظيم بتصفية الخالدي ما لم تسارع الرياض في التوصل إلى تسوية لاطلاقه. ويبدو أن الرياض اعتمدت الجهود القبلية بدلاً عن الجهود الحكومية لإطلاق الخالدي بسبب كون الحكومة العدو الأول للتنظيم وأن أي محاولة أمنيّة لإطلاقه قد تذهب روحه ثمناً لها ما لم تكن مضمونة مائة في المائة. وقد اعتمدت على نوع من الوجهاء يتمتع بالنفوذ القبلي ويعرف كيفية التواصل مع تنظيم القاعدة، ومن بينهم الشيخ طارق الفضلي، الذي كان جهادياً سابقاً في أفغانستان، وتربطه زمالة سابقة بعناصر انضموا لجماعة “أنصار الشريعة”، فرع القاعدة باليمن، ينتمون لبلدته.

*نقلا عن العربي الجديد

على الرابط: http://www.alaraby.co.uk/politics/2015/3/3/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A-%D9%88%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86

السيسي فتح أبواب القاهرة للحوثيين ثم التقى الملك سلمان

320152113324
 

أبدى مراقبون مصريون دهشتهم من أنه في اللحظة التي كان عبدالفتاح السيسي يلتقي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في الرياض عصر الأحد، كان قد سمح لأجهزته الأمنية بدخول وفد من جماعة “أنصار الله” اليمنية المعروفة إعلاميا باسم “الحوثيين” إلى العاصمة المصرية القاهرة في صباح اليوم نفسه.
 
وأشار المراقبون إلى أن موافقة السيسي على شروع الحوثيين في اتصالات سياسية مع القاهرة، من داخلها، تتناقض مع موافقته -في خلال لقائه مع الملك سلمان- على المبادرة الخليجية التي تنص على اعتبار الحوثيين سلطة غير شرعية في اليمن.
 
وأكدت صحيفة “الشروق” المصرية المساندة للانقلاب -الاثنين- أنه وفقا لمصدر مطلع بالقاهرة (لم تسمه الصحيفة) فإن “مصر وجهت دعوة لعدد من الأطراف الحوثية لزيارة القاهرة في إطار اتصالها مع جميع أطراف الأزمة اليمنية، والجهود المبذولة للحفاظ على استقرار، ووحدة الأراضي اليمنية”، على حد تعبير  “الشروق”.
 
واستطردت الصحيفة أن الكاتب الصحفي المقرب من الحوثيين، حامد قاسم، أكد لها في اتصال هاتفي، أنه من المقرر أن يزور القاهرة هذا الأسبوع وفد يمني يضم ممثلا لجماعة “أنصار الله” هو القيادي حسين العزي رئيس دائرة العلاقات الخارجية في المكتب السياسي للجماعة.
 
لكن عضو المكتب السياسي للجماعة عبدالملك العجري قال إن وفد الحركة برئاسة رئيس دائرة العلاقات الخارجية في المكتب السياسي للجماعة قد توجه بالفعل إلى القاهرة لمقابلة مندوب اليمن الدائم بجامعة الدول العربية لبحث آخر التطورات السياسية على الساحة اليمنية، ومناقشة كيفية فتح علاقة مع القيادة المصرية، وبحث سبل التعاون المشترك، على حد قوله.
 
وأضاف العجري -في تصريحات لوكالة “أونا” للأنباء الأحد-: “نتطلع إلى دور مصري فاعل باعتبارها قائدة الدول العربية إلى جانب دورها السابق في نجاح ثورة سبتمبر” 1962، وفق وصف.
ومن جهته، كشف عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثي “ضيف الله الشامي” عن وصول وفد من الجماعة إلى القاهرة صباح الأحد لمناقشة سبل التعاون بين الجانبين، بحسب تعبيره.
 
وكتب الشامي في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” -الأحد-: “في ظل الخطوات العملية والتواصل وفتح العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع دول العالم،  وعلى أساس الندية والاحترام المتبادل، بدأت الزيارات “الرسمية” للعديد من دول العالم، التي بدأها “وفد رسمي” يمني إلى روسيا، وكانت النتائج جيدة ومثمرة، وتستمر زياراته حيث سيلتقي اليوم بالجانب المصري بعد وصوله القاهرة في وقت مبكر صباح اليوم، وسيناقش العديد من سبل التعاون بين البلدين”. 

 نقلا عن عربي21 رابط (http://arabi21.com/story/813897)

«الحوثيون» يعدون القاهرة بتأمين مضيق باب المندب

قال مصدر دبلوماسي في تصريحات صحافية إن القاهرة حصلت على وعود من جماعة «أنصار الله الحوثيين» في اليمن، بعدم التعرض لمضيق باب المندب، وتأمين حركة الملاحة به، في ظل تردي الأوضاع اليمنية.

وكشف المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، أنّ لقاء جمع وفدا مصريا في السفارة المصرية في صنعاء، مع وفد من جماعة «الحوثيين»، قبل يومين من إعادة السفير المصري في صنعاء إلى القاهرة، أكدت خلاله الجماعة حرصها على عدم الدخول في صدام مع مصر، كما أكدت تأمين الحركة الملاحية بمضيق باب المندب، الذي ترتبط حركة الملاحة في قناة السويس المصرية ارتباطا وثيقا مع حركة الملاحة فيه.

وأوضح المصدر أن جماعة «الحوثيين» تدرك أن إغلاق المضيق، سيتسبب لها في ردود أفعال دولية لا يمكن أن تتحملها؛ نظرا لكون المضيق يمثل طريقا أساسيا للملاحة الدولية.

ويعدّ مضيق باب المندب واحدا من أهم ممرات النقل والمعابر، على الطريق البحرية بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط، والدول المطلة على المحيط الهندي وشرقي إفريقيا.

وتمرّ عبره نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا، أي ما يقارب 57 قطعة يوميا، كما يعتبر طريقا بحريا مميزا؛ نظرا لأن عبور السفن الخاصة به تبلغ نحو 16 كيلومترا وعمقها 100 إلى 200 متر، مما يسمح لشتى السفن وناقلات النفط بعبور الممر بسهولة على محورين متعاكسين متباعدين.

وكان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية «علاء يوسف»، قد أعلن أن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» سيبحث مع الملك السعودي «سلمان بن عبدالعزيز»، خلال زيارة المملكة اليوم الأحد، مستجدات الأوضاع ومختلف القضايا الإقليمية في المنطقة، ولا سيما فيما يتعلق بتدهور الأوضاع في اليمن، وضرورة تداركها؛ تلافيا لآثارها السلبية على أمن منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر.

يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه مسؤولون أن العقوبات الخليجية على اليمن دخلت حيز التنفيذ.

وكان مصدر مسؤول في مصرف اليمن المركزي، قد أعلن أن العقوبات الاقتصادية التي هدد الخليج باتخاذها، طالما تمسكت جماعة «الحوثي» بإجراءاتها الاحتلالية في اليمن، دخلت حيز التنفيذ، إذ تعطلت تدفقات المنح والمساعدات المالية التي كانت تتجاوز ملياري دولار سنويا.

وأضاف المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، أن المشاريع التنموية التي كانت تُنفذ من خلال المساعدات الخليجية قد توقفت، لأن الأموال توقفت.

في غضون ذلك أعلن الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي»، اليوم الأحد، صنعاء «عاصمة محتلة» من قبل ميليشيات «الحوثيين»، مشيرا إلى أن ما قامت به «جماعة أنصار الله» (الحوثيين) مؤخرا يعد «حركة انقلابية».

جاء ذلك في خطاب له ألقاه في مدينة عدن جنوبي البلاد، خلال لقائه بمشايخ وأعيان وقادة في الأحزاب السياسية لإقليم سبأ الذي يضم محافظات مأرب والجوف والبيضاء جنوبي البلاد.

وقال الرئيس اليمني «إن صنعاء عاصمة محتلة من قبل الحوثيين، وما قاموا به مؤخرا ضد سلطات الدولة حركة انقلابية سنتصدى لها»، مضيفا: «لم أغادر صنعاء من أجل إعلان انفصال جنوب الوطن عن شماله، وإنما من أجل الحفاظ على الوحدة التي تحققت بين شطري البلاد عام 1990».

وكان الرئيس اليمني «هادي» وصل إلى عدن في 21 فبراير/شباط الماضي، بعد تمكنه من مغادرة منزله في صنعاء وكسر حالة الحصار التي فرضت عليه من قبل «الحوثيين» منذ استقالته يوم 22 يناير/كانون الثاني الماضي.

وبعد ساعات من وصوله، أعلن «هادي» تمسكه بشرعيته رئيسا للبلاد، قائلا: «إن كل القرارات الصادرة منذ 21 سبتمبر/أيلول الماضي (تاريخ سيطرة الحوثيين على صنعاء) باطلة ولا شرعية لها».

المصدر | الخليج الجديد + متابعات (http://www.thenewkhalij.com/ar/node/10757)

مآلات المشهد اليمني والسيناريو الوشيك

*هدى العطاس

هدى العطاس

تبدى المشهد اليمني أخيراً غارقاً في «سورياليته»، بحيث لا تمكن الإحاطة بمفردات لوحته أو فك تشابكها أو تفسير مضامينها. لا يمكن قياسه على قاعدة منطقية. لا غرو ولا غرابة، فلطالما عاشت الجغرافيا اليمنية خارج سياق المنطق منذ ما يقارب ربع قرن، مجسِّدة اللامعقول بكل تجلياته. وفي ذروة درامية، انكشف المشهد عن وضع تجاوز مرحلة التنبؤ بالخطر إلى جرف سحيق من الأخطار.

 لا أدعي الإحاطة هنا بكل أركان المشهد، إنما أركز على ركن أساسي وجوهري فيه، وهو مستقبل الجنوب وقضية شعبه في خضم الزلازل والانهيارات الكاسحة والمتسارعة، ما لا يمنع المرور العابر على ركن آخر، وهو القضية الشمالية التي تتبلور تجسداتها ضمن علاقات لا يمكن فصمها لواقع حضور القوة الفتية والمتمكنة المتمثلة بالظاهرة الحوثية وعلاقة الأخيرة بمستقبل ترتيب وضعها في الشمال اليمني. ومن خلال قراءة الأحداث في المناطق الشمالية، فإن الأمر من وجهة نظري سينتهي إلى فرض القوة الواقعية، وهي جماعة الحوثي السياسية والمليشيوية، شكلاً استراتيجياً للشمال يتمثل في تنازل أو مقاربة الحوثي متطلبات المناطق الأكثر قوة وحضوراً حزبياً وسكانياً و «مشاغبة»، حيث سيلجأ إلى مراضاتها ترغيباً قبل الترهيب. ولن نستغرب إذا رأينا في مستقبل الأيام تشكيل جماعة الحوثي مجلساً أو هيئة وطنية تتموضع على رأسها شخصية من المناطق الوسطى، أوأن نرى مكارم كثيرة تقدم لأبناء هذه المنطقة لاستمالتها وسد باب أخطارها، عدا استرضاء واستقطاب بقية مناطق الشمال اليمني التي تتشابه وحالة المناطق الوسطى وإن بصورة أقل.

 أما المرتكز الجوهري في المشهد، فهو مستقبل الجنوب الذي سيشكل حجر الزاوية لتبلورات الجغرافيا «اليمنية» والمنطقة بشكل عام. ولشدة تعقد الحالة الجنوبية وتعقيدها، فإن مآلاتها تتبدى أكثر تعقيداً وخطورة. حيث تتربص سيناريوات عدة بهذه المنطقة، ليس أدناها أطماع الشمال اليمني الذي مهما تعددت وجوه أنظمته فإنها تلتقي عند نهبها أرض الجنوب واحتلاله واعتباره منطقة ثروة لا يمكن التخلي عنها، كما يصرخ بهذا الجنوبيون في «حراكهم» الذي تصاعد ليغدو ثورة لا يمكن القفز على حقيقة وجودها، بل وجود شعب على هذه الأرض كانت له دولة مستقلة قبل أقل من ربع قرن دخلت في اتفاقية كارثية مع دولة الشمال اليمني أثبتت تداعياتُها مجازيةَ تسميتها بـ «الوحدة»، والنتيجة أنها تحيلنا على واقع آخر لا يمكن إغماطه أو طمره بأن هذا الشعب سجل سبقاً في «الحراك النضالي» منذ تسعينيات القرن الماضي وعنده قضية يسميها «قضية شعب الجنوب وأرضه وبناء دولته المستقلة ذات السيادة».

 غير أن تطورات المشهد تذهب إلى استقراء قادم خطير سيقضي على التطلعات العادلة لشعب الجنوب ويذهب باستقراء المنطقة أدراج الرياح، لأن الجنوب يهيأ من أطراف وتيارات ومصالح داخلية وإقليمية ودولية للوقوع في براثن القوى الإرهابية المتأسلمة وفلول التيارات والأحزاب التقليدية المنغمسة في البراغماتية والفساد.

  الانفجار الأخير في المشهد يشير إلى أن القوى الإقليمية وربما الدولية تعيد إنتاج القوى التقليدية التي سبق أن شبكت وأقامت مصالحها معها، غير إن الأخطر في توتير الوضع أن مواقف تلك الدول لن تكون متجانسة وقد لا تتناغم، بل ستجري ضمن استقطابات المصالح والتقاطعات، كذلك مؤشرات الخلاف الداخلي الذي لا يفتأ يظهر بين فينة وأخرى. غير أن ردات الفعل المواكبة للحدث الحوثي ستلتقي جميعها عند دعم القوى التقليدية الشمالية وبعض عناصر الكومبرادور الجنوبي.

  وضربت لنا الأحداث الماضية مثالاً وإن بدا كمؤشر غير مباشر: حينما سيطرت مليشيات وجماعات الحوثي في ما سمي «انقلاباً» على مقاليد النظام في صنعاء بعد أن تمكن لها الأمر في أغلب مناطق الشمال اليمني، تأخر رد الأحزاب التقليدية «الكبرى» ولم نر منها بياناً لحظة انقضاض الحوثي، حتى أعلن مجلس التعاون الخليجي بيانه وسمى الأمر كما رأه «انقلاباً». حينها رأينا البيانات من تلك الأحزاب تترى في إدانة « الانقلاب» الحوثي. ورأينا في المقابل نشاطاً إدارياً وشبه سياسي لمنتسبي تلك الأحزاب المتسنمين وظائف عليا في الجنوب. فجأة ظهر نشاط محموم وتبن لمواقف ودعوات من تلك الأحزاب عالية النبرة عن الجنوب وضرورة الحفاظ عليه وعلى ثرواته. رافق ذلك في المقابل تحرك واضح ومشبوه لعناصر الإرهاب القاعدي وتسلمها أو تسليمها عنوة بعض المعسكرات وإسقاطها بعض المدن الجنوبية.

 تشير ذبذبات الأحداث الأخيرة إلى أن هناك لربما تنسيقاً ما يحاك – ويشرئب برأسه – بين عناصر تنظيم «القاعدة» وميليشيات «أنصار الشريعة» في الجنوب وبعض الأحزاب التي ترتكز على مرجعية «إسلاموية» وأخرى براغماتية تلتقي جميعها عند انتهاز فرصة إدارة الوضع المأزوم بهاجس تسلم الجغرافيا الجنوبية الوشيكة السقوط. وهذا ما يضعنا أمام مؤشرات سيناريو تتعامد فيه مصالح عناصر تنظيم القاعدة ومليشيات أنصار الشريعة وتلك الأحزاب ضمن سياق علاقة استراتيجية للسيطرة على الجنوب تكون فيها ميليشيات القاعدة الجناح العسكري والميداني والأحزاب والتيارات السياسية الجناح السياسي والإداري، مع عدم إغفال تغيير شكلي يتناسب والحالة الجنوبية «قضية شعب الجنوب» ونهبها بتحوير شكلي من قبيل تغيير الاسم الحركي لتلك الأحزاب والتيارات إذا استدعى الأمر واستوجب السيناريو. وسيكون لدينا نسخ مفرخة من أحزاب هي في الأصل شمالية المنشأ والمرجعية، ويستثنى من ذلك الحزب الاشتراكي الذي حكم دولة الجنوب قبل الوحدة، وهو الحزب الأضعف حضوراً وشكيمة كما اثبت تاريخه بعد انتكاسة الوحدة، ولن يطلع من القسمة السالفة سوى بفتات المائدة. تلك الأحزاب والقوى والمليشيات ستتلفع تحت «لوغو» جنوبي يشارك في إعادة وتوزيع أوراق اللعب نفسها.

  كما لا يغيب بُعد آخر لهذا التماثل والتعاون السالف شرحه، وهو إعطاء الصراع عنواناً رائجاً، وهو الصراع المذهبي السني الشيعي والذي تعصف ريحه بالمنطقة العربية كلها ويشب هشيم ناره. الخلاصة أن الجنوب سيسلم الى المليشيات القاعدية، وليس ببعيد ظهور نسخ من المليشيات «الداعشية» والأحزاب والتيارات الدينية السنية، أو يجب أن تبدو «سنية»، والقوى التقليدية، حزبية كانت أو قبلية. وربما يزج في اللعبة برؤوس أموال ورجالات مال وتجارة ورجال دين ومكونات وحركات ثورية، ليضفي على المآل ما يبدو توحداً وتكاتفاً يشمل كل القوى السياسية والمجتمعية في الجنوب، في طي سيناريو تواطؤ إجرامي هو الأبشع منذ حجر الأساس لبشاعة سابقة، كما أطلق عليها شاعر اليمن عبدالله البردوني، المتمثلة في مشروع وحدة تحول إلى إعلان كارثي قضى على الأرض والدولة الجنوبية، وقبلها مزق الإنسان وأصاب كيانه في مقتل.

*نقلاً عن صحيفة الحياة

رابط: http://alhayat.com/Opinion/Writers/7714911

ليلة هروب الرئيس هادي

بشرى المقطري

فقط في اليمن، تصبح الأحداث السياسية دراماتيكية على نحو مفزع، ومن دون توقعات جمهور اليمنيين المتابعين لفصول الرعب الذي يعيشونه يوماً بيوم. وفي أحايين أخرى، تكون هذه الأحداث مثيرة للسخرية؛ ففي ظروف كهذه، خارجة عن سياقات إرادتنا في الفهم، أو قدرتنا على تحليل الوقائع. نحتاج، جميعاً، أن نضحك على المسلسلات السياسية المملة، كنوع من الخفة، توازي خفة القوى السياسية في التعاطي مع تعقيدات الأوضاع السياسية، أو لحماية ذواتنا المتعبة من العطب.

349
أخذت الأمور منحى سياسياً مرعباً، عندما بسطت جماعة الحوثي سيطرتها على مؤسسات الدولة في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، ثم أخذت منحى دراماتيكياً، عندما قدمت الحكومة استقالتها للرئيس عبد ربه منصور هادي، وقدم الأخير كذلك استقالته لمجلس النواب؛ وسقطت السلطة اليمنية في قبضة المليشيات المسلحة لجماعة الحوثي التي وضعت رئيسي الجمهورية والحكومة ووزيري الدفاع والخارجية وآخرين تحت الإقامة الجبرية. وبعد شهر من هذا التحول الدراماتيكي في الأحداث، لدينا، اليوم، تحول لا يقل دراماتيكية، تمثل في تمكن الرئيس هادي من الـ”هروب” من محاصريه في منزله في العاصمة صنعاء، والتوجه إلى مدينة عدن. وما بين السخرية والفزع، تأخذ الأحداث السياسية في اليمن أبعاداً أخرى، مكملة المفارقة التاريخية في أسوأ تفاصيلها.

لن يعطينا الخوض في تفاصيل هروب الرئيس هادي، أو تهريبه، إلى مدينة عدن، وترجيح سيناريوهات مختلفة صورة حقيقية عن القوة السياسية اليمنية المؤثرة والمسؤولة عن تشكيل المشهد، خصوصاً بعد بسط سيطرة الحوثي على الدولة. وكمعظم الأحداث التاريخية القريبة والبعيدة التي عاشها اليمنيون، تظل مثل هذه الأحداث محل تكهنات الباحثين، أو المعاصرين لها، منذ جريمة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي في 1978، إلى تفجير جامع النهدين في يونيو/حزيران2011. وعلاوة على الإرباك الذي سببه هروب هادي للقوى السياسية، فإن الملفت للانتباه هو توقيت الهروب المفاجئ للرئيس، الذي يخلق تساؤلاً عمّا إذا كان اختيار يوم 21 فبراير/شباط متعمداً؟ ليعطي بُعداً رمزياً لسلطته الشرعية المهانة، وسعيه الحثيث إلى استعادتها؟ وهل كان الرئيس المستقيل يمتلك بعض أدوات اللعبة السياسية في اليمن، بحيث استطاع التنسيق مع بعض الأطراف لترتيب تفاصيل مغادرته، خصوصاً أن سيطرة جماعة الحوثي شبه كاملة، ليس فقط على قصر الرئاسة ومحاصرة منزلي الرئيس ورئيس الحكومة، وإنما على كل مقاليد السلطة في صنعاء؟

لا شك في أن هروب الرئيس هادي أربك القوى السياسية اليمنية من دون استثناء، وتحديداً الحوثيين، إذ جاء بعد دخولها في مفاوضات مباشرة مع بعض القوى السياسية اليمنية في فندق “موفنبيك” وتداول تسريبات إعلامية من قيادات جماعة الحوثي، تؤكد على وجود شبه اتفاق حول تشكيل مجلس رئاسي إلى جانب الرئيس هادي، في حال موافقته، وبقاء البرلمان اليمني في صيغته الحالية، وتأسيس مجلس انتقالي، يقوم مع مجلس النواب بإصدار التشريعات. وكشفت مستجدات الأحداث الأخيرة عدم سيطرة الحوثيين على أدوات العمل السياسية، وعلى قدرة أطراف أخرى على العمل في الساحة اليمنية، وإرباك الحوثيين الذين سعوا إلى تقديم أنفسهم قوة مسيطرة وقادرة على إدارة البلاد.

في ضوء مغادرة الرئيس هادي موقع إقامته الجبرية، تقرر تعليق المفاوضات بين الأطراف السياسية التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة جمال بنعمر، وكالعادة انتهت المفاوضات السياسية في اليمن من حيث بدأت عرجاء، وتضيف تشوهات كثيرة على العملية السياسية برمتها؛ أو لنقل إذا لم تنتهِ هذه المفاوضات ستدخل مساراً مختلفاً، فنقطة القوة التي ارتكز عليها الحوثيون، في الأشهر الماضية، كان حصارهم الرئيس هادي، وهو ما لم يعد كذلك، فبهروب هادي، يدخل الحوثيون، اليوم، في مأزق سياسي جديد، بعد مأزق استقالته، وتضع الحوثيون، من دون أن يخططوا لذلك، في مواجهة مباشرة مع الشرعية الوحيدة التي يتفق عليها معظم اليمنيين، وهي شرعية الرئيس الانتقالي، حتى لو اختلف كثيرون حول طبيعة أدائه السياسي طوال الفترة الانتقالية. ومن جهة ثانية، ستواجه جماعة الحوثي الشارع اليمني المنتفض في عدد من المحافظات ضد سلطة المليشيات. كما أن هروب الرئيس هادي إلى الجنوب سيمنحه الغطاء الشعبي الجنوبي- والشمالي على السواء، وسيوحد قوى سياسية يمنية كثيرة على قاعدة “الحفاظ” على شرعية رئيس جنوبي، كون ذلك، على الأقل، يوقف انزلاق اليمن الموحد إلى التشطير.

مثّل ظهور الرئيس هادي لليمنيين انتصاراً أخيراً لرمزية الدولة اليمنية المستباحة الممثلة بشخصه، كمشهد ربما من زمن آخر؛ وما أن أعلن بيانه رفض الانقلاب، وكل الإجراءات الأحادية التي قامت بها جماعة الحوثيين منذ إسقاطها المؤسسات في 21 سبتمبر، حتى تفاءل يمنيون كثيرون بهذه الخطوة السياسية التي سحبت البساط من تحت أقدام جماعة الحوثي، وأعادتهم إلى المربع الأول، كقوة سياسية انقلبت على الشرعية، مستخدمة قوة السلاح والعنف، كما عرّت الأطراف السياسية الأخرى التي كانت تفاوض الحوثيين على تسويات دون وطنية، تحقق مصالحها، وليس مصالح اليمنيين.

وبقدر ما أراح بيان الرئيس يمنيين كثيرين خائفين من استمرار تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية، إلا أن ثمة مخاوف من فشل القوى السياسية اليمنية على استثمار هذه الفرصة، والبناء عليها، لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، والحوار على مستقبل اليمن، بعيداً عن هيمنة المليشيات والجماعات المسلحة، ومخاوف أخرى من رد فعل الجماعة بعد هذه التطورات.
ربما لن يقف الأمر عند حد نستطيع التكهن به. لكن، ما هو جلي أن اليمنيين مقبلون على مشاهد سياسية أكثر دراماتيكية وهزلية، وعلى سقوط نخب وقوى سياسية كثيرة، وعدم قدرتها، في ظروف سابقة، على كف أذى المليشيات المسلحة المحتربة على مستقبل البلاد وثرواته، لكنهم سوف يتساءلون، أيضاً: هل لديهم، الآن، رئيس يستطيع أن يحكم؟

نقلاً عن صحيفة: العربي الجديد:
– See more at: http://www.alaraby.co.uk/opinion/0b0b3efa-256e-428d-a5e8-8b7932ea2dd0#sthash.bfmdLIZL.dpuf

مسودة قرار بشأن اليمن، الذي صاغته دول مجلس التعاون الخليجي

28-02-14-762897272

1. تدين بشدة انقلاب الحوثيين والاستيلاء غير المشروع على السلطة، بما في ذلك استخدام العنف والعداء والاستيلاء على جميع المؤسسات الحكومية في اليمن والبنية التحتية للدولة.
2. يؤكد رفضه لجميع الأعمال أحادية الجانب، بما في ذلك محاولات لتغيير الوضع القائم بالقوة، أو تغيير مكونات وطبيعة المجتمع في اليمن.
3. يدين المجلس الهجمات التي يشنها الحوثيون ضد المساكن الخاصة ودور العبادة والمدارس والمراكز الصحية، والبنية التحتية والمعدات الطبية.
4. يعرب المجلس عن قلقه الشديد إزاء استيلاء الحوثيين على وسائل الإعلام واستخدامها للتحريض على العنف، وإحباط التطلعات المشروعة للتغيير السلمي للشعب اليمن.
5. يطالب جميع الأطراف، وبخاصة الحوثيين، الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي، مؤتمر الحوار الوطني ونتائجه، واتفاق السلام والشراكة، ومرفقه الأمني والذي ينص على التحول الديمقراطي في اليمن وانتقال سلمي للسلطة.
6. يطالب الحوثيين فوراً ودون قيد أو شرط بالآتي:
   (أ) سحب قواتهم من المؤسسات الحكومية، ومن جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
   (ب) تطبيع الوضع الأمني في العاصمة وعودة المؤسسات الحكومية والأمن لسلطة الدولة.
   (ج) إطلاق سراح جميع الأفراد المعتقلين أو تحت الإقامة الجبرية.
(د) وقف جميع الأعمال العدائية المسلحة ضد الحكومة والشعب اليمني وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية.
   (ه) الامتناع عن الإصرار على اتخاذ إجراءات من جانب واحد يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي وأمن اليمن.

7. يدعو المجلس جميع الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى إثارة الصراع وعدم الاستقرار وبدلا من ذلك لدعم الانتقال السياسي.
8. يطلب من الأمين العام أن يواصل مساعيه الحميدة، ويشدد على أهمية التنسيق الوثيق بين دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الشركاء الدوليين.
9. يطلب من الأمين العام أن يواصل تقديم تقرير عن تنفيذ هذا القرار في غضون 15 يوما.
10. يعلن المجلس استعداده لاتخاذ المزيد من الخطوات في حالة عدم الامتثال لهذا القرار، وخاصة الفقرتين 5 و 6 من هذا القانون، وإذا لم يتم استئناف المفاوضات على الفور بقيادة الأمم المتحدة.
11. يقرر أن تبقي المسألة قيد النظر الفعلي.

Draft resolution on Yemen, drafted by GCC

1. Strongly condemns the Houthis coup and unlawful seizure of power, including all use of violence, hostility and takeover of all of Yemen’s Government institutions and State infrastructure; [based on press elements of 6 Feb]

2. Stresses its rejection of all unilateral acts, including attempts to change the status quo by force, or change the components and nature of society in Yemen; [new]
3. Condemns attacks by the Houthis against private residences, houses of worship, schools, health centres, and medical infrastructure and equipment, [PoE]
4. Expresses grave concern over the takeover by the Houthis of the media outlets and using it to incite violence, and frustrate the legitimate aspirations for peaceful change of the people of Yemen, [based on UNSRC 2140 OP5]
5. Demands that all parties, in particular the Houthis, abide by the Gulf Cooperation Council Initiative, the National Dialogue Conference Outcomes and the Peace and Partnership Agreement, and its security annex which provide for a Yemeni-led democratic transition; [based on press elements of 6 Feb]
6. Demands that the Houthis immediately and unconditionally:
(a) withdraw their forces from Government institutions, and from all regions under their control, including in the capital Sanaa,
(b) normalize the security situation in the capital and return Government and Security institutions to the State’s authority,
(c) safely release all individuals under house arrest or detained,
(d) cease all armed hostilities against the Government and people of Yemen and to handover the arms seized from the military and security institutions,
(e) refrain from insisting on taking unilateral action that could undermine the political transition and the security of Yemen, [new]
7. Calls on all member states to refrain from external interference which seeks to foment conflict and instability and instead to support the political transition. [PRST/2014/18].
8. Requests the Secretary-General to continue his good offices role, stresses the importance of their close co-ordination between the GCC and other international partners, including the G10; [based on UNSCR2140 OP32]
9. Requests the Secretary-General to continue to report on the implementation of this resolution within 15 days and every 15 days thereafter; [based on UNSCR2140 OP33]
10. Declares its readiness to take further steps in case of non-compliance with this resolution, in particular paragraphs 5 and 6 hereof, and if UN-led negotiations are not immediately resumed; [press elements of 6 Feb]

11. Decides to remain actively seized of the matter.

http://un-report.blogspot.com/2015/02/draft-resolution-on-yemen-drafted-by-gcc.html?spref=tw