أرشيفات الوسوم: الخليج العربي

لكي لا يندمَ الخليجيون!

الاقتصاد الروسي على حافة الانهيار بفعل تخفيض سعر النفط العالمي المفتعل. كان التوجيه أمريكياً، بينما المنفذ دول الخليج على رأسهم السعودية. حتى دول الخليج تتكبدُ خسائر فادحة لكنها تستطيع التعويض بسب اقتصادها الضخم.

الاقتصاد الروسي عماد الحاج

كاريكاتير للرسام/ عماد الحاج

أقنعَت الولايات المتحدة السعودية بتخفيض سعر النفط لضرب عدوها اللدود الروسي المعتمد بشكل رئيسي في ميزانيته على النفط. بالمُقابل استطاعت إيهام السعودية بأن الشأن ذاته سيحصل لإيران عدوة الثانية، ليتم ضرب الاثنين بحجرٍ واحد. روسيا تنهار، لكن إيران تزدهر وتحقق مكاسب مهولة على الأرض.

إيران حليف استراتيجي للولايات المتحدة، وهي من مكنتها في المنطقة قديماً، بدءاً بالعراق وأفغانستان وانتهاء بسوريا. آن الأوان أن ترد أمريكا الجميل. الآن باتت الدول الممانعة للغرب في قبضة إيران.

ما يفعلُه الخليجيون حالياً هو المشاركة في تدمير أكبر قوة في العالم تُناهض المشروع الأمريكي التسلّطي. وجود روسيا – بكل مساوئها- كعامل توازُن مهم جداً وجوهري، خصوصاً في المنطقة العربية. معركة النفط تدُق الاقتصاد الروسي بشكل مُباشر، بينما يستطيع الإيرانيون تعويض ذلك النقص من آبار العراق النفطية المُهداة من الولايات المُتحدة. نفط العراق كله في قبضة إيران، بينما الشعب العراقي يتضور جوعاً. حتى السعودية ذاتها بمعية دول الخليج مُتضررة من انخفاض سعر النفط، لكنها تُكابر.

“حتى في حال حدوث عجز، ليست لدينا مديونية والمصارف مليئة وإمكاننا الاقتراض منها، مع الحفاظ على الاحتياطات النقدية.” وزير البترول السعودي علي النعيمي.

وكانت السعودية قد أعلنت عن أكبر موازنة في تاريخها للعام 2015 بنفقات تقدر بـ 860 مليار ريال، ما يشير إلى استمرار السعودية في تخفيض سعر النفط مدة أطول.

على الخليجيين- السعودية تحديداً- إيقاف معركة النفط، على الأقل كونها غير مجدية حيال خصمهم الإيراني؛ بينما تحمل خطراً حقيقياً سيُمكن الولايات المُتحدة بالتفرّد في التحكم بالعالم. علماً بأن وقوف الأخيرة في صف دول الخليج هو عامل ابتزاز ليس إلا، وفي حين تبدلت موازين القوى بالإمكان أن تتغير السياسة تجاهها في أي لحظة. عندها كم سيندم الخليجيون!!

معركة النفط!

موقع بكرة نت

في منطقة الشّرق الأوسط- الموبوء بالصراعات- يحتدم سباقُ التسلّح، فيما يخوض أقطابُ الصراع حروباً باردة وأخرى بالنيابة في مناطق عدّة لإثبات الهيمنة على المنطقة. تسعى إيران لامتلاك سلاح نووي وفرض نفسها كقوة إقليمية لا يستهانُ بها. في ذات الوقت تواصل إسقاط دول الشرق الأوسط تحت سيطرة حُلفائها الطائفيين في الغالب لتسحب البساط من تحت الهيمنة السعودية، كُبرى دول الشرق الأوسط.

بالمُقابل وجدت السعودية ذاتها محاطةً بتمدّد إيراني من شتى الاتجاهات، الأمر الذي جعلها تدق ناقوس الخطَر. تعتمدُ السعودية في معركتها بشكلٍ أساسي على اقتصادها الهائل المعتمد بشكل أساسي على النفط. بينما تكمن مشكلة إيران في الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه منذ سنوات بسبب العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب.

بعد أن شعرت السعودية بالخطر الحقيقي القادم من طهران والذي توّج مؤخراً بسيطرة مليشيا الحوثي الطائفية والموالية لإيران على مقاليد الأمور في اليمن. هذا الخطر دفع بالسعودية لعمل مُضاد يحدّ من توسع طهران المحموم بل لإفشاله على الأرجح.

قامت السعودية مؤخراً بتخفيض سعر النفط العالمي- بصفتها الأكثر إنتاجاً- والذي يبدو بإيعاز من الولايات المتحدة لمآرب أخرى. تلعب الولايات المتحدة أدواراً عدة بين أقطاب الصراع. فيما تُجري مفاوضاتٍ معها بشأن برنامجها النووي، تسعى الولايات المتحدة للضغط على إيران وداعمتها الرئيسية روسيا عبر السعودية. قدمت الولايات المتحدة لإيران تنازلات قيمة لعل من أهمها القضية السورية، محاربة داعش والتغاضي عما يحصل في اليمن لصالحها. كل هذه التنازلات غرضها الحصول على تنازلات من الجانب الإيراني بشأن برنامجها النووي لإرضاء ابنتها المُدللة “إسرائيل”. كل هذا الغموض من شأنه الاتضاح خلال الأيام القادمة التي سيُسدل خلالها الستار على المفاوضات الإيرانية الغربية نهائياً بشأن طموحاتها النووية.

بالعودة إلى خفض سعر النّفط من قبل السعودية، فهذا الأمر يلقى ترحيباً أمريكياً كونه ورقة ضغط على إيران من جهة، وكونه أداة تحطيم قوية لخصمها اللدود الروسي.

ليس بوسع السعودية عمل شيء إزاء الوضع الراهن باستثناء الضغط الاقتصادي. فالأولى قد خسرَت جميع المكونات السياسية في تلك الدول بفضل سياسة التخبّط المتخذة مؤخراً في إطار التحالف السعودي الإماراتي. تقوم سياسة هذا التحالف على ضرب الإسلام السياسي السني باعتباره الخطر الحقيقي على أمراء النفط الخليجيين، محملين الأخير مسؤولية فوضى ما سُمي بـ”الربيع العربي”. هذا الاستعداء المُمنهج للفصائل السّياسية في اليمن – على سبيل المثال- فتح الطريق أمام رموز النظام السابق للعودة إلى المشهد عبر التحالف مع مليشيا الحوثي الطائفية التي تدين لإيران.

على أنقاض هذه الانتكاسة السياسية تتكبّد دول الخليج- بما فيهم السعودية- خسائر اقتصادية في سبيل الضغط على التوسّع الإيراني. فهذه الدول ذات اقتصادات عريقة وتخفيض سعر النفط لا يضر بها بقدر الضّرر الذي يُلحقه بإيران المُعتمدة بموازنتها على بيع النفط بالأسعار الطبيعية وفي ظل العُقوبات الاقتصادية التي تعيشها منذ سنوات. ورغم القدرات الاقتصادية الهائلة لدول الخليج، لم تُخفي بعض دول مجلس التعاون تأثير هذا الإجراء على اقتصادها. فقد قال رئيس الوزراء الكويتي لصحيفة محلية إن انخفاض سع النفط يُقلق الحكومة، غير أنه يجب أن لا يصيبهم بالذعر، منوّهاً إلى أهمية اتخاذ إجراءات تقشّفية لمواجهة الأمر، بحيث لا تصيب محدودي الدخل.

في الحقيقة، تملك إيران مصادر تمويل أخرى مجهولة على ما يبدو. فبالرغم من العقوبات العديدة المفروضة منذ سنوات، تستطيع إيران تزويد حلفائها في العراق ولبنان واليمن بالأسلحة ووفرة كبيرة من الأموال التي يندرج تحتها شراء الولاءات العسكرية والقبلية. كما أسلفت، كل ما يدور اليوم خلف دهاليز الساسة سينكشف نهاية نوفمبر الجاري بانتهاء مُهلة المُفاوضات المزمعة. من المفترض أن تتبدّل الأحداث الجارية على الأرض في اليمن والعراق وسوريا، بما في ذلك مصير الرئيس الأسد. من المفترض أن تختلف طريقة التعامل مع تنظيم “داعش” والذي يُوظف هو الآخر كأداةٍ للضغط في اللعبة الإقليمية.

هذه الحرب الباردة- معركة النفط- من المفترض أن تؤتي أكُلَها بعد اتضاح الرؤية بشأن برنامج إيران النووي. بعدها إما سيتم التعامل بحزم مع التوسع الإيراني، وإما سيتم تسليمها زمام الأمور بشكل رسمي وهذا يعتمد بشكل أساسي على مدى التنازلات التي ستقدمها لنظرائها الغربيين.

*الصورة من موقع بُكرة نت