أرشيفات الوسوم: الفصاحة

موسيقى الشعر

مطلع الأسبوع حضرتُ صباحيةً شعرية لكوكبةٍ من الشعراء الشبان على ضفاف مُنتدى السعيد الثقافي. بالإضافة إلى الشعراء اليانعين، حضر كذلك العملاق “محمد نعمان الحكيمي”، الباهوت المُتصوّف الأنيق. استمتعت كثيراً بتغنيهم بالوطن والحب والجمال.

113189_14_1385637030

كان الحكيمي الأكثر نضجاً وخبرة؛ عزف سيمفونياته ببراعة ودونما تلكّؤ. أتقن اللغة بحركاتها حتى أضفى جمالاً آخر لأشعاره العميقة، حتى تمنينا لو أنه لم يسكُت.

بالرّغم أن القريحة الشعرية- الشاعرية والإحساس الغير اعتيادي- تُعد العنصر الأهم في النص الشعري،إلا أن تواشُج النص مع موسيقى الشّكل اللُغوي ذو أهمية قصوى كذلك. ومع هذا غياب بقية العناصر لا يُلغي الشاعرية ولا الشعراء، غير أن تكامل العناصر يصنعُ معزوفة موسيقية غاية في الجمال.

بالمُقابل غياب عُنصر الشاعرية من الشعر يجعلُه نظماً فاقداً للإحساس، وسرداً لُغوياً كغيره من النثر المُقفّى. “أن تُشرق الشمس” فهذا أمرٌ طبيعي؛ أما أن “يُشرقَ وجهُ الحبيب” مثلاً، فهنا تكمن الشاعرية وتتجسّد البلاغة بكل إعجازاتها.

يكمن صُلب الموضوع في جزالة اللغة العربية وأهميتها في النص الشعري. إهمال اللغة العربية عبر العصور من قبل مُتحدثيها الأصليين جعلنا نتحدّثها بلهجات دارجة، حتى النصوص الشعرية التي لا تكتمل إلا بإتقان لغة النص. تشكيلُ نهاية الكلِم في الشعر يصنعُ موسيقى داخلية راقية تظهرُ الشعر بكل جماله. بالمقابل ضُعف اللغة في قراءة الشعر لا يُفقده نصف جماله وحسب؛ بل إن ضعف اللغة يشردك عن النص ويصبح بلا قيمة. لا شيء يُعيبُ الشعر بقدر تكسير قواعد اللغة.

كان الشباب رئعين، استمتعنا كثيراً بشاعريّتهم وإحساسهم الجميل الذي يحملونه لهذا الوطن. في كل مجالات الشعر أثبتوا ذواتهم، رغم صغر سنّهم وخبرتهم الضئيلة. أتمنى عليهم وعلى كل من مُنح هذه الموهبة أن يُتقن اللغة العربية لكي يصير شاعراً مُكتملاً. هذه لُغتُنا التي أتقنها آباؤنا الأولون، وأنزلَ بها القرآن الكريم بلغتهم.

بالمجمل، استمتعنا كثيراً بصُحبة الرفاق؛ أتمنى لهم المزيد من التألق والنجومية لما يحملوه من جمال في أرواحهم، وقيماً وطنية فذّة.. شكراً لكم لأنكم أطربتم مسامعنا!!