أرشيفات الوسوم: حكم العسكر

“تمرد” جريمة العصر

*وائل قنديل

وائل قنديل

هل يذكر زياد أحمد بهاء الدين المعركة الباسلة التي خاضها، وحده، والده الكاتب الكبير الراحل ضد جريمة عصره، تهجير اليهود السوفييت إلى فلسطين المحتلة، في ثمانينيات القرن الماضي؟

له أن يتذكرها، الآن، ونحن بصدد “جريمة عصر” أخرى تستحق شهادته. جريمة هذا العصر اسمها “تمرد”.
بعد تسريب الدقائق السبعين في قناة “مكملين”، يحق لسكان مدينة 25 يناير الفاضلة أن يرفعوا رؤوسهم، ويشكروا الله كثيراً على نعمة الثورة البيضاء النقية التي لم تمد يدها، أو تصعر خدها، استجداء للمليارات المحركة للمليونيات.
يحق لثوار ميدان التحرير الأصليين أن يفخروا بأنهم هجروه كرهاً، حين صاروا مخيرين بين “التطبيع” مع الغزاة المحمولين على ظهر مليارات المؤامرة، أو أن يبادوا فيه.
يحق للذين قالوا لا لذهب المذل وسيفه أن يقولوا لأبنائهم إننا رفضنا التعايش مع ثورة أجيرة عند كارهي الثورات النظيفة ومحاربي التغيير.
جدير بالذين سخروا من البيان، الصادر قبل انقلاب الثلاثين من يونيو بأسابيع، من جنرال الثورة المضادة، القابع في مطبخ العمليات في أبوظبي أن يباهوا بموقفهم، حين داسوا بأقدامهم بيانه الذي يقول فيه إنه “يدعو جموع الشعب المصري إلى الاحتشاد في جميع الميادين العامة. والالتحام مع حركة تمرد الرائعة، للتوقيع على وثيقة سحب الثقة من الرئيس الإخواني. فلقد حانت ساعة الصفر الحاسمة، لاسترداد الدولة المصرية من سارقيها ومغتصبيها الذين ينحرون في توحدها وأمنها واقتصادها وحدودها نحر الفاسدين”.
يحق للذين رفضوا الاستجابة للذين اعتبروهم “آباء للثورة”، حين دعوهم إلى نسيان قيم وثوابت يناير، ابتغاء لمرضاة وعطايا صانعي يونيو، واتقاء لغضبتهم.
وطوبى للذين لم يتسللوا، كاللصوص والبغايا، إلى الغرف السرية في فنادق الجنرالات، لتلقي الأوامر والتعليمات وإرشادات التمرد فوق ظهور الدبابات والمجنزرات، وبقوا صامدين قابضين على جمر يناير، بينما كل المؤشرات تقول إن من لا يلتحق بقطار يونيو سوف تدهسه عجلاته الثقيلة.
طوبى لمن رفضوا “الثورة على ثورتهم”، ولم ينصتوا لأيقوناتها التي خانت نضالها، وباعت تاريخها، وراحت تجوب عواصم العالم تتسول العون، وتحرّض المجتمع الدولي على نظام منتخب ديمقراطياً، بحديث كاذب عن دستورٍ، لا يعترف بالهولوكوست.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، كانت تفاصيل المؤامرة قد وصلت إلى الرئيس محمد مرسي، الذي حاصره الجيش والشرطة، باستخدام حشود جماهيرية مصنوعة، داخل قصر الاتحادية.
وقبل تنفيذ الانقلاب بسبعة أشهر و17 يوماً، وجهت سؤالاً منشوراً تحت عنوان “من هو رئيس مصر 2013؟”، قلت فيه إن هناك من يعدون العدة، ويمنون النفس بإحراق هذه المرحلة بكل ما فيها، وهدم المعبد على رؤوس الجميع، لكي تعود مصر إلى ما قبل 25 يناير، وهذا ليس رجماً بالغيب، أو تعسفا في قراءة تفاصيل المشهد الراهن.
وصفت تلك اللحظات بأنها “مرحلة زرع الألغام وتفخيخ الأرض، تمهيداً لانفجار كبير تتم عملية صناعته هذه الأيام، خارج مصر وداخلها، بحيث لا تأتي الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، إلا وقد انهدم كل شيء، لتعود الغربان تنعق في طول البلاد وعرضها، وتحتفل بالانتصار.
وحسب روايات متعددة، قادمة من خارج مصر، فإن خصوم الثورة يحتشدون الآن، ويضخون أموالاً بلا طائل، لتصنيع حالة من الخراب والانفلات والفوضى في الداخل، بل إن بعضهم بدأ في تسريب أنباء عن اقتراب العودة للهيمنة على البلاد والعباد، نوعاً من الحرب النفسية الدائرة على قدم وساق، من خلال إشاعة مناخ من الرعب والفزع”.
وتأتي التسريبات لتوثق ما كان متداولاً على الألسنة، من دون دليل مادي، ثم تأتي شهادات واعترافات الناجين من مستنقعات “تمرد”، لتؤكد صدقية التسريبات.
صار من المعلوم من الوقائع بالضرورة أن هذا نظام جدير بأن تصدّق كل ما يقال عنه، وتكذّب كل ما يقوله.
التسريبات والأفعال تفضحكم، والتفجيرات لن تغطيكم.

*نقلاً عن العربي الجديد

– Swww.alaraby.co.uk/opinion/85c28096-7776-4648-aca6-59886a99c067#sthash.aP6j7I90.dpuf

خليجيون يطالبون حكامهم بمقاطعة انقلاب مصر وسحب السفراء ردًّا على إهانات السيسي

شؤون خليجية – خاص

السيسي-يحتقر

السيسي بيحتقر الخليج صورة من الصحيفة (شؤون خليجية)

أثارت التسريبات التي أذاعتها قناة مكملين الفضائية مساء اليوم، موجة من الغضب العارم بين نشطاء وسياسيين خليجيين، بسبب الإهانات التي وجهها عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر ومدير مكتبه عباس كامل لكل من قطر والسعودية والكويت وعموم الدول الخليجية، ونظرتهما الدونية للخليج واعتبار دوله “أنصاف دول” بحسب وصفهم.

وطالب عدد كبير من الخليجيين حكامهم باتخاذ موقف موحد تجاه نظام الانقلاب العسكري في مصر، وسحب سفرائهم بشكل جماعي من مصر، احتجاجا على الإهانات التي وجهها قائد الانقلاب لكل الدول الخليجية، شعوبا وحكاما في تسريبه الأخير.

عبد الله العذبة – رئيس تحرير جريدة العرب القطرية – وصف التسريب في مداخلة له على قناة “الجزيرة” الفضائية بالمهين والمؤسف، وقال: “أدعو دول مجلس التعاون الخليجي إلى مقاطعة النظام الانقلابي في مصر ردا على الإهانات التي جاءت في التسريب”.

وطالب السياسي والصحفي المتخصص في الشأن الخليجي “محمد عبد الله المقرن” دول مجلس التعاون الخليجي باتخاذ موقف موحد، وسحب كافة السفراء الخليجيين من مصر ردا على إهانة قائد الانقلاب العسكري لهم ولشعوبهم، ووقف كافة المساعدات التي تقدمها مصر للانقلاب العسكري.

فيما غرد المحامي الكويتي وعضو مجلس الأمة السابق ناصر الدويلة على التسريبات معلقاً: “اليوم سوف نسمع تسجيلا بصوت فخامة المشير السيسي يشتم الشعب السعودي والشعب الكويتي والشعب القطري وبكرة نكمل باقي الشتائم، مفيش فلفلة يا عكاشة”.

وفي تغريدة أخرى قال الدويلة: “مطلوب من حكومات الخليج وشعوب الخليج أن تنتصر لكرامتها من اجتماع تمت فيه سرقة أموال دولنا وقرشين فقط في البنك المركزي لتسكير الميزانية”.

وأضاف ساخراً: “مدير مكتب السيسي يغمى عليه من الضحك وهو يسمع كلام سيده عن مليارات الخليج كيف يتم سحبها وشويه شويه تختفي الأموال دون دخولها لميزانية مصر”.

فيما علق السياسي الخليجي “عصام الزامل” على التسريب قائلاً: “فعلا إذا أكرمت اللئيم تمردا. أجل حنا “أنصاف دول” يالسفاح. #السيسي_يحتقر_الخليج”.

بدوره غرد د. علي القرة داغي – الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين – معقباً على هذه التسريبات بالقول: “لم يكرموا الرئيس المنتخب مرسي فأكرمهم وصبر على أذاهم ولم يذكرهم بشرٍ أبداً، وأكرموا قائد الانقلاب فأهانهم واحتقرهم”.

كما غرد جابر الحرمي – رئيس تحرير جريدة الشرق القطرية – على التسريب مستنكراً أسلوب الحديث الذي صدر من السيسي: “التسريبات التي ظهرت لا تسيء إلى الخليج قادة وشعوباً، بقدر ما تسيء إلى مصر وشعبها العظيم”.

وقال الحرمي: “أتحسر على المرحلة التي وصلت إليها مصر بوجود قيادة هكذا تفكيرها في إدارة البلاد والتعامل مع دول الخليج”.

وفي تغريدة أخرى قال الحرمي: “السيسي يحتقر الخليج.. هذه هي مسافة السكة التي تحدث عنها السيسي لنجدة دول الخليج”.

وعلق الإعلامي الفلسطيني ياسر الزعاترة على التسريب في تغريدات متتالية، قائلاً: “السيسي يتحدث بمنطق اللصوص والمرتزقة لا بمنطق زعماء الدول، ويتعامل مع الأشقاء بروحية الابتزاز”.

وأضاف: “30 مليار للجيش، ويبقى يحط قرشين للبنك المركزي”.. الجيش الوحيد الذي يسيطر على كل شيء في الوطن، هو جيش مصر”.

وتابع: “لتجاوز الأونطة حين نقول إن الجيش يسيطر فنحن لا نتحدث عن عسكره الغلابة، بل عن حفنة جنرالات يأكلون كل شيء، ولا يتركون للوطن سوى الفتات”.

وأضاف: “الإساءة لأي شعب بالجملة موقف عنصري لا يتورط فيه الأحرار والشرفاء. في كل شعب توجد أصناف البشر كافة”.

 

شاهر السروري حكاية عائد إلى الحياة

في حالة ذهولٍ من أقاربه ومُحبيه، عادَ “شاهر عبدالولي السروري” إلى الحياة بعد أربعة عقودٍ من التّغييب القسري. يقولُ ابن شقيقته: “كُنا نظنه ميتاً ولم يكن على البال أن يعود بعد هذه المُدة الطويلة التي توازي عُمر إنسان”.

يُذكر أن أحد الأشخاص نقلَه إلى منزله قادماً به من محافظة الحديدة. ويعاني شاهر حالةً صحيّة مُزرية وبالكاد يستطيع التفوّه بكلمة ولكن بلكنةٍ ثقيلة بالكاد تُفهم. وكان شاهر قد دخل السجن مع العديد من رفاقه في عام 1974 من القرن الماضي؛ وإلى الآن لم يُعرف عنهم شيئاً. نسيَه الجميع، رفاق النضال والساسة، بينما لم تفقد الأمل أمُ أطفاله التي انتظرت عودته طيلة هذه المدة.

10818905_1543446119231564_52270775_n

تخرّج شاهر عبد الولي من الكلية الحربية سنة 1967، وكان أحد أهم القيادات العسكرية التي فكّت الحصار المعروف بـ”حصار السبعين” الذي فرضهُ الملكيون على العاصمة صنعاء مطلع سبعينيات القرن الماضي. وبعد الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد، توجّه السروري إلى مدينة عدن- جنوب البلاد- ليمكث هناك حتى تاريخ اختفائه الفُجائي سنة 1974 لأسباب سياسية بحتة ومن ثم ترحيله إلى إحدى الجُزر النائية.

قبل ثلاثة أيام، عادَ شاهر في ظروفٍ غامضة ليُثير ملف المخفيين قسراً ويعيدُه إلى واجهة الأحداث. تقول شقيقة السروري إنه بحالة نفسية وجسدية مُعقّدة، وبصعوبة كبيرة يستطيع النطق بكلمه. وأضافت: “عندما علمت بالأمر أُصبت بالذهول، وأتيت جرياً للتعرف عليه”. قيل له: “هذه شقيقتك!” وعندما سمع باسمي انتفض وحملق في طويلاً لكنه لم يستطع التحدّث إلي.

ليست هذه أول حالة ظهور لمخفي، فقد ظهر “مطهر عبد الرحمن الإرياني” قبل عام بذات الحالة المُزرية. وجدوه في دار مُسنين في الحديدة كذلك وهو مخفي منذ عام 1982، ولم نسمع عن أخباره حتى الآن. قبل عامين، أخبرني زميل عن مقابلته أحد المخفيين في إحدى مصحّات محافظة الحديدة؛ أفرج عنه من المعتقلات السّرية ليُزج به إلى مستشفى المجانين. والقائمة تطول!

ثمة سرٌ وراء إظهار هؤلاء المُغيّبين قسراً مُنذ عقود في هذا التوقيت الحسّاس تحديداً. وهناك علاقة بين الإفراج عنهم وبين الحالة التي وصلوا إليها من الإنهاك والصمت المُريب الذي يُمارسونه بعد ظهورهم. يتخوّف أهالي شاهر السروري من الحديث لوسائل الإعلام، كما يمنعون أي أحد بالتحدث إليه أو حتى إلقاء نظرة. يقول ابن شقيقته إن هذا الغُموض الذي يكتنف عودة خاله وظروف اعتقاله السياسية، كل هذا يجعلُ عائلته قلقون على حياته.

كل هذا الغموض من شأنه تسليط الضّوء مجدداً على قضية المخفيين قسراً. يُذكر أن المئات من مناضلين وضُباط تعرّضوا لعمليات إخفاء قسري وفي معتقلات سرية منذ سبعينيات القرن الماضي، ولم تُعرف أخبارهم إلى الآن؛ إن كانوا أحياءً أو أموات. ويُحمّل أهالي المعتقلين النّظام السابق وشخصياتٍ عسكرية نافذة بالوقوف وراء هذا الملف.

من المفترض أن يُثار هذا الملف من جديد خصوصاً في خضم التّدافع السياسي الذي تشهده البلاد. أضف إلى ذلك ظهور رموز النظام السابق مُجدداً إلى واجهة المشهد السياسي باعتبارهم اللاعبين الرسميين في قضية المخفيين.