أرشيفات التصنيف: يمن برس

بين الحمائم.. والصقور!

كما هو معروف أن حزب المؤتمر الشعبي الحاكم لم يكون يوماً حزباً “أيديولوجيوياً”.. بمعنى آخر قام الحزب على أساس المصالح الشخصية الضيقة والجهوية النفوذ, لا ننكر أن هناك أناس شرفاء في المؤتمر ولا تنطبق عليهم الأوصاف السابقة , يعملون بصمت ولقد ميزنا ذلك الصنف على نحو جلي بعد جمعة الكرامة التي راح ضحيتها العشرات بين شهيد وجريح.. ستقال معظم هؤلاء المؤتمريون الصامتون من مناصبهم ومن أحزابهم بعد ما استدعت مشاعرهم وضمائرهم الحية أصلا تلك المجزرة الرهيبة بحق المعتصمين السلميين.. ومازال بعض هؤلاء في الحزب والسلطة حتى الساعة.

هؤلاء الصامتون عادتاً ما يطلق عليهم ” الحمائم” وهم عقلاء المؤتمر الشعبي العام والذين لا يزالون يحملون من قيم الوطنية ما يجعل فيهم حب اليمن في المقام الأول بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة, يقوم هؤلاء العقلاء بتقديم النصح “للحاكم” لكن هيهات أن يسمع منهم لأنهم بالغالب ليسو ” حمران عيون” ونصائحهم ” عتيقة” وغير ملائمة للتقدم الحاصل حسب تعبير الشق الآخر المقرب من الحاكم. انظم المئات من هؤلاء بعد جمعة الكرامة وبقي الآخر ربما لغرض حماية الثورة أو لأسباب هم وحدهم يعرفونها.

أما الصنف الآخر, الغير صامت.. الحاشية المقربة وخاصة الحاكم “حمران العيون” فقد دأبوا على تسمية أنفسهم بأنفسهم , اسمٌ بعيدٌ كل البعد عن شخصياتهم وتصرفاتهم , إنهم “الصقور!” هؤلاء “الصقور” الجارحة خلافاً تماماً عن “الحمائم” الوديعة, فهم يوسوسون له ليل نهار حتى أوصلوه إلى ما هو عليه اليوم, أغرقوه في وحلهم من أخمص قدميه حتى رأسه وما زالوا!

فإذا كان “الصفر” يرمز للسمو والشموخ, يرمز للجدية والصرامة, فأين ذلك من صقور المؤتمر؟! فهم على العكس تماماً.

“الصقور” هم من يسبون الدول الصديقة التي ساندت وتساند اليمن كدولة “قطر” الشقيقة غير مكترثين بعلاقات مثل هذه الدول ببلادنا مستقبلاً ناسين أو متناسين أنهم غير بعيد كانوا يأخذون منها الأعطيات لمصالحهم الشخصية.

“الصقور” هم من سفه السفير الألماني بالشتائم لأنه قال كلمة حق في زمن العجائب , فعلا كانت الحصانة أسوأ ما في المبادرة وجريمة لم تعهدها البشرية, وتحريض ممنهج للقتل مع العفو سلفاً.

“الصقور” هم من يقودون المجاميع المسلحة لنهب المحال التجارية وقطع الشوارع وإقلاق السكينة والتقطع والاختطاف وأخذ الإتاوات من المواطنين.. هم أولئك الأميون الذين لم يحضوا بالتعليم أو بالأحرى ليسو مؤهلين لشغر أي مناصب بسيطة ولكنهم وصلوا إلى السلطة بقدرة قادر ربما لأنهم “أميون”.

الصقور باختصار شديد, هم من يطالبون اليوم بالضمانات والحصانات, ويمارسون أعمال المافيا للضغط والابتزاز ليحضوا بضمانات تحصنهم ” من أمر الله”.. ولكن إلى أين المفر!

وبين الصقور “الجارح” و الحمائم ” الوديعة” يقع شعبُ مسكين يدفع ضريبة التغيير المستحيل للقوى الظلامية التي طال ليلها مع وجود بطانة كهذه.. للعلم والإحاطة (معظم الصقور الجوارح هم من تعز الثورة .. تعز كلها ثائرة باستثناء من يسمون نفوسه بـ”الصقور”) خصوصا  بعد انضمام مؤخراً صقر من الطراز الرفيع في الوقت بدل الضائع بعد اختفاء دام سنوات خلف قناع العدالة والنزاهة .. ” فاتك القطااااااار”!!    

لك الله .. يا دمااااج!!

هناك أطراف” تحمل مشاريع صغيرة” ومنذ اندلاع ثورة الشباب المباركة وهي تثير بلبلة سواء في الساحات أو على النطاق السياسي وحتى القبلي لغرض الإرباك وتغيير المعادلة على الواقع. فكلما ضُيق الخناق على النظام بفعل الثورة وحشره في زاوية ضيقة, تقوم هذه الأطراف بافتعال أزمات من نوع آخر وفي أمكنة مغايرة لغرض خلط الأوراق وبالتالي تخفيف ذلك الخناق.. ويبقى السؤال دائماً, ماذا يريد الحوثيون؟!

كم كنا نتعاطف معهم في حروبهم مع السلطة الفاسدة! كان لديهم قضية عادلة ظُلموا فيها لكن الحرب في النهاية كانت حرب استنزاف وتصفية حسابات خاصة, طبعاً باستثناء الحرب الأولى, ولكن في النهاية أبناء صعدة الأبرياء هم من يدفعون الثمن باهظاً بغض النظر عن ماهية الحرب وأسبابها التي مازلنا نجهل تفاصيلها إلى الآن! كيف تبدأ وكيف تنتهي لتعود للاشتعال والتوهج من جديد؟!

حربٌ وقودها أبناء صعدة الأبرياء وكذلك أبناء القوات المسلحة الذين لا يعرفون لماذا هم يقاتلون أصلاً ولصالح من! فهم فقط يطيعون قادتهم طاعة عمياء حتى لو كان الضحية هم أنفسهم وناس أبرياء مثلهم.. لما ذا تبدأ الجرب؟! من يشعلها؟ في أي وقت من السنة تبدأ؟ صيفية أم شتوية؟ أم أنها ربيعية على غرار الربيع العربي؟ كل هذه الأسئلة وغيرها يعرف تفاصيلها ” صالح ” و “الحوثيين” على حد سواء! حربٌ تدار من أروقة القصر الجمهوري وتمول من مال الشعب .

يحاول الحوثيون في ضل التدهور الأمني بسط سيطرتهم على عدة محاور “طبعاً دفاع عن النفس!” وذلك من أجل ربما حجز اكبر قدر من الأرض لإقامة ” الدولة الحوثية” بمباركة النظام السابق, وإلا لماذا يستعرض أتباع الحوثي قوتهم على أبناء دماج العزل؟! أم هو دفاع عن النفس! ربما ستتكشف الحقائق غير بعيد وستبدي لنا الأيام ما نجهل.

لست هنا على عداوة مع الحوثيين, وفي المقابل لا أحب السلفيين.. فالسلفيون مثلهم مثل الحوثيين من أدوات “صالح”, كفروا الخلق, وسبوا العلماء ومنذ اندلاع الثورة المباركة لم يبارحوا المنابر دفاعاً عن القتلة “أولياء الأمور”. لكن هذا منكر ويجب إزالته ووقف معاناة أبناء دماج بأسرع وقت.

الأكثر ألماً هنا أن يكون الاعتداء على أهل دماج من قبل الحوثيين الذين كانوا يتجرعون من نفس الكأس غير بعيد, أن تصبح في عشية وضحاها من مظلوم إلى ظالم فتلك هي المصيبة.. أن يكون الناس واقفون في صفك ويألمون لألمك كونك تدافع عن نفسك وفجأة تبدأ بالتوسع لأطماع لا يعلمها إلا الله وتهلك الحرث والنسل “دفاعاً عن النفس!”.

ما يهم الآن هو إغاثة أبناء دماج وما يتعرضون له من حصار مطبق يدمي له القلب ومحاصرة في المأكل والمشرب “حتى حليب الرضع” لم يسلم من تقطعهم ولا القوافل الغذائية التي سُيرت من قبل بعض الأهالي يأخذونها ويعبثون بها. أبناء دماج في النهاية “بني آدم” و “يمنيين” كمان.. فلماذا نتباطأ عن الذود عن كرامتهم ورفع الظلم عنهم, يا حكومة الوفاق! ركزتم على الجانب الاقتصادي ونسيتم الجانب الإنساني والأمني.. أين بسط السيطرة من قبل الحكومة على المناطق المنكوبة التي يحاول الحوثيون “عبثاً” السيطرة عليها “دفاعاً عن النفس” حد قولهم؟! لماذا لا يتم تشكيل لجنة تقصي حقائق رسمية للنظر في الأمر والسماح للمساعدات الإنسانية للوصول للأهالي دونما تقطع؟!

عجباً لأمر الحوثيين! أين ذهب شعارهم العاطفي “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل” عندما وصل “بن عمر” لزيارة صعدة؟! أم أن تلك الشعارات فقط لذر الرماد في العيون ودغدغة المشاعر؟! أم أن ذلك الشعار قد تغير إلى ” الموت لدماج.. الموت للسلفيين”؟!.. محيرةٌ هي صعدة ومحيرةٌ حروبها! تدار من “الغرف المغلقة” من أروقة القصر الجمهوري وتمول من جبين الشعب! في النهاية أبناء صعدة” المواطنين” وكذلك أطفال دماج هم من يدفعون الثمن الباهظ لتلك السياسة القذرة التي تعبث بدماء الأبرياء وتفكك أواصر المجتمع الواحد وتنشر ثقافة الكراهية.. حسبما الله ونعم الوكيل .. لك الله.. يادماااااج!!

*يمن برس