تصبحون على وطن..!

الاعلام

التسلح بمعاول الهدم الفتاكة بات السمة الأبرز في المرحلة؛ كلٌ ينهش من ناحيته، وإعلامٌ يبخُ الزيت في النار، من هنا وهناك، وبينهم وطن، يحترق! فتنٌ كقطع الليل المظلم، يحتضنها إعلام زائف من المفترض أن يكون حمامة سلام وحضناً دافئاً يلملم جراحات الوطن، يُجذر روابط الإخاء والتسامح، يرسمُ البسمةَ في شفاه وطنٍ ينزفُ حد الموت.. ومازال ينزف!. 


في بلد يتسم أهلُه بالجهل، وتكنولوجيا هوجاء، لا شيء ينتشر أكثر من الكراهية؛ تطفو كبقع الزيت على الماء، تتشبث بثياب المارة، تتطاير في الهواء لتصل إلى كل بيت. 
 بكل ثقله وتوجهاته المتباينة جداً يذهب الإعلام لتفكيك النسيج الاجتماعي، بلا هوادة، يغذي الطائفية ويحرضُ على العنف، يكرس الجهوية ويتلذذُ بإذكاء الطائفية. 


لابد من وضع حد لهذا العبث، أموال طائلة تنفق على الإعلام الورقي والمرئي والمسموع للدفع بالشعب إلى الاقتتال، بدلاً من أن تساعد في ترميم ما أفسدته السياسة، أخبار تضليلية موجهة من هنا وهناك، متساوية في الشدة، متضادة في الاتجاه، ولا مجال للمواربة!. 


 تسويقٌ للفوضى على صفحات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فبدلاً من أن تكون تلك المواقع إحدى ركائز إنجاح الربيع العربي، ها هي تفتت عضُد الشعوب وتكسرُ أوصالها. 
إذا كان الأطباء يوصفون بملائكة الرحمة، فالإعلاميون هم رسلُ السلام، لابد من قسم شرف مهني ووطني يؤديه كل من ينتسب للإعلام، تماماً كما يفعل الأطباء. 
 إذا كان الإخلال بشرف مهنة الطب يودي بحياة أشخاص، فالإخلال بالرسالة الإعلامية يودي بوطن بأسره. 


 لم نعد نحتمل ذلك التأجيج، لا أدري لماذا هذا اللؤم؟ لماذا يُستهدفُ الوطن لأجل المصالح الضيقة؟! كفاكم عبثاً بأرواحنا، وكفاكم جلداً في هذا الوطن، دعونا نعيش بسلام، بوئام، بإخاء، ذلك يكفي! دعوا قبحكم جانباً ولو لمرةٍ واحدة، لأجل الوطن، كفاكم إشعالاً للحرائق، فقد وصلت إلى كل شبر في هذا الوطن، ولم يعد هناك شيءٌ ليحترق، فبدلاً من الحرب المتطايرة في الهواء، لاتزال تلبدُ سماء الوطن، اكتوينا بنارها كثيراً، كونوا شجعاناً والتقوا على الواقع، تحاوروا، اطرحوا ما تشاءون، اطلبوا ما يحلو لكم، لكن على طريقة جميلة تليق بالوطن! الربيع قادم, قريباً، فاغرسوا شتلات الأمل، وازرعوا بذور الإخاء والتسامح، اجعلوا الوطن نُصب أعينكم، فقط كي نحصد العنب!. 


 فكم أخافُ أن يعود الربيع ويمر كما جاء، ويستحيلُ خريفاً, وتستمرُ الأوراقُ بالتساقط، وتموتُ الأمنيات قهراً، وتتسيدُ رياح الفوضى، وتكسو الغبرةُ الوجوه، ونبكي دماً.. عندها فقط سنصبحُ بلا وطن!

 

*الكاريكاتير للعزيز رشاد السامعي

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *