أرشيفات التصنيف: فلسطين

عامٌ آخر عنوانه الوجع!

B6Kk4uvCcAA_48I

*كاريكاتير للرائع عماد حجاج

سيسجل التاريخ العام 2014 في أقتم صفحاته كأكثر الاعوام فداحة على البشرية.
في 2014 تمكنت إيران في المنطقة كما لم تتمكن منذ غزو العراق.
في 2014 سقطت (الجمهورية اليمنية)- بعد أكثر من نصف قرن على قيامها- في يد جماعة تقتلُ باسم الدين، صادرت حق الحياة على الآخرين بصفتها الأحق بالوجود دونهم.
في 2014 قُتل آخر قائد عسكري يمني شريف، دافع عن الجمهورية؛ فساقه (رئيس الجمهورية) إلى الموت لقاءَ ذلك.
في 2014 اكتشف اليمنيون أنهم بلا جيش، خان قادةُ الجيش الوطن وسلّموه للاحتراب الطائفي في ظرف ساعاتٍ معدودة.
في 2014 تصدّر الموت جزيرة العرب، تناحر أهلُها فيما بينهم، ولا يزالون.
في 2014 سجّل ضحايا العنف الطائفي في العراق وسوريا أرقامهم القياسية.في 2014 وُجدت داعش والنُصرة، وتمددت القاعدة.. شوّهوا سماحة الدين، وأراقوا الدماء في كل مكان باسم الله واسم الدين.
في 2014 سقط أكبر عدد من الطائرات المدنية، والضحايا بالمئات.
في 2014 تراجع رصيدُ الأمل لدى اليمنيين حتى كاد يجف؛ كلما أقيلت عثرة جائت أختها.
في 2014 اقتحمت باحات المسجد الأقصى بأحذية الجنود الصهاينة ودُنست المصاحف ولم يُحرك أدعياء المُمانعة ساكناً.
في 2014 سُجل العام الأسوأ على الصحفيين في ليبيا، مصر، سوريا واليمن.
ومع ذلك، لا نزال متفائلين أن العام القادم سيكون عام خير، إذا صَلحت النوايا، وتوحدت الرغبات في الحياة؛ الحياة وحسب!
عام جميل حافل بالأمل والحب والسلام للجميع.

المَد اليميني ومستقبل الاتحاد الأوروبي

بعد الفوز الذي مُنيت به الأحزاب اليمينية في دول منطقة اليورو، والفوز الساحق لأول مرة في البرلمان الأوروبي ذاته، بات مستقبل الاتحاد الأوروبي على المحك. فمُشكلات الاتحاد الفيدرالي لا تقتصر على الجانب المالي المُترنح وحسب، بل إن مشاكل سياسية عميقة تجتاحه، زادها ضراوةً صعود اليمينيين على واجهته البرلمانية.

version4_الإتحاد الأوروبى

في وقت متأخر من 2014، حقّقت أحزاب اليمين المتطرفة فوزا مدوّيا في انتخابات الاتحاد الأوروبي. فقد حصل حزب الاستقلال البريطاني على 27.5% على حساب حزبي المحافظين الحاكم والعمال المُعارض، بينما حصد حزب الجبهة الوطنية الفرنسية 25% من الأصوات.

وحقق حزب “البديل لألمانيا” مفاجأة كبيرة بحصوله على 7 مقاعد بالبرلمان الأوروبي، وفي النمسا كذلك فازت الأحزاب اليمينية بنحو 20% من الأصوات.

فمن المعروف مُعاداة هذه الأحزاب اليمينية لفكرة الاتحاد، ولطالما وقفت ضدها بإمكاناتها المتاحة. أما وقد تغيرت المعادلة الآن، فمن المؤكد أن مستقبل الاتحاد بات اكثر تهديدا.

سابقاً، تركزت المُشكلات في الأزمة المالية التي تعاني منها دول الاتحاد، تعاظمت بانضمام اليونان- نكايةً بتركيا- رغم عدم جاهزيتها. أضف إلى ذلك مشكلة تدفق المهاجرين من دول الشرق الأوروبي المُنضمة، ازداد إليها مؤخرا قضية المهاجرين الأفارقة عبر البحر المتوسط.

كرتون من الصحافة البريطانية

*كارتون من الصحافة البريطانية

تُعد بريطانيا الأكثر مُعارضة لهجرة المشرقيين إلى غرب أوروبا- إلى بلادهم تحديدا- وتتهم هؤلاء باستغلال نظام التقديمات الاجتماعية في البلاد. وقد قال ذلك صراحة رئيس الوزراء البريطاني – كاميرون- عقب انتخابات البرلمان الأوروبي، والذي ووجِه برفض قوي من المُستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأمر الذي أثار أزمة بين لندن وقيادة الاتحاد.

ولأن الأمور تغيّرت، واليمين البريطاني في تقدُّم، هذا الأمر دفع بكاميرون- المُهدد بفقد منصبه- للإعلان عن اعتزامه إجراء استفتاء شعبي عام 2017- في حال بقيَ رئيسا للحكومة- يُخير فيه البريطانيين بين البقاء أو الخروج من الاتحاد.

بعد انتخابات البرلمان وتفوّق اليمين، حدثت تغيّرات في المناصب القيادية للاتحاد وصل فيها لأول مرة إلى رئاسة الاتحاد شخصية سياسية من الشرق تمثّلت برئيس الوزراء البولندي الأسبق “دونالد توسك.”

في ذات السّياق، رفض 70% من السويسريين تقليص مُعدل الهجرة السنوي. علما بأن سويسرا ليست عضوا بالاتحاد الأوروبي، وتقدّر فيها نسبة الأجانب 25% من السكان البالغ عددهم 8 ملايين نسمة.

نسبة كبيرة من سكان بلدان الاتحاد باتوا حاليا يؤيدون فكرة انفصال بلدانهم، وهذا ما عكسه جليا تصدّر اليمين المُعادية لليورو المشهد السياسي. بالمُقابل يرى اليساريون الاتحاد خيارا استراتيجيا في خِضم التغيرات السريعة المرافقة للمشهد العالمي. ويبقى خيار بقاء الاتحاد رهن الأيام القادمة، ومدى قدرة اليمينيين على الاستحواذ على المشهد السياسي ورسم خارطة سياسية جديدة بتحالفات جديدة، مع الأخذ بعين الاعتبار الصراع السياسي القائم في أوكرانيا.

دعوا فسادَ تعز جانباً، وانصرفوا!

 

تُرى ما رأي السلطة المحلية لتعز بشأن تحرّكات المدعو أبو شوارب داخل المديريات؟ بدءاً بالمدينة ومروراً بمديريات شرعب، واليوم في المسراخ (صبر). يتجوّل هذا الكائن في المدينة وفي الأرياف بمُسلحيه الذين دخَل بهم بإذن اللجنة الأمنية على أن يخرجوا في اليوم التالي.

في كل اجتماعاتهم، يشُنّون حملات تحريض وكراهية ضد محافظ تعز/ شوقي هائل ومجموعتهم التجارية، بصفتهم رأس الفساد حد قولهم. لا بُد من موقف جاد يتخذُه المحافظ بمعية اللجنة الأمنية وطرد هذا المِسخ من مدينتنا؛ ونحنُ نحملهم كامل المسئولية عما ستؤول إليه الأمور.

أنس الحاج

*صورة ليلية لتعز تصوير أنس الحاج)

أول من سيكتوي بنارها بيت هائل سعيد. هذه الجماعة ببساطة تبحث عن الفيد والنهب؛ ستكون بيت هائل بريصدها الكبير مرتعاً لهم، لا بد من تظافُر الجهود لطرد هؤلاء الشرذمة التي تتعاظم كسرطانٍ خبيث داخل المدينة.

إذا كانت السلطة المحلية فاسدة، أو المُحافظ فاسد أو أسرته التجارية، فلا يحق لأحدٍ كان أن يتدخل فيما بيننا. فساد هؤلاء- إن كان حقيقياً- لا يعني استبدال المدينة بالمليشيا والتقتيل، وفوقهم دوّامة من العنف والتحريض المذهبي لن تزول.

لقد أثبتت الجماعة في كل الأماكن التي اجتاحتها انغماسها في الفساد؛ فساد لم يعرف لهُ التاريخ مثيل. حتى صفقات النفط السابقة مع توتال لا تُقارن بالعُقود التي مضاها الحوثيون مع الشركة ذاتها. فلا داعي للتذرّع بالفساد وإنصاف المظلومين؛ لم تعُد تنطلي مثل هذه المُبررات علينا.

ثمة مُؤامرة تُحاك لتعز، أو بالأحرى سلسلة من المؤامرات، لأجل دخولها والعبث بأمنها وهدوئها الذي تمتازُ به. في البداية ضحّوا بالعميد المنصوري لأنه من تعز، وأدخلوا هذا الشخص صادق أبو شوارب الذي يخوض مرثون التفاوض. للعلم أبو شوارِب لا قيمة له بين مليشيات الحوثي لأنه ليس (من آل البيت)، ومع ذلك عامل لحاله قيمة في تعز بسبب تخاذل السلطة المحلية واللجنة الأمنية.

البوابة نيوز

*الصورة من البوابة نيوز

بالأمس قُتل الغُرباني، والذي يقول الحوثيون بأنه محسوبٌ عليهم، وهم يطالبون اللجنة الأمنية بالقيام بواجبها بضبط الجُناة المجهولين طبعاً. من المُفترض أن تتصاعد الأمور إلى التضحية بقادة كبار عديمي الأهمية، وقد فعلوها في صنعاء ومُدن أخرى من قبل. وليس مُستبعداً التضحية بـ صادق أبو شوارب ذاته، كونه عديم الأهمية هو الآخر، ويمكن استغلال مقتله بدخول تعز رسمياً.

حذارِ يا أبناء تعز من هذا السيناريو التدميري. كما ينبغي على السلطة المحلية والأمنية لإخراج هؤلاء المعاتيه من تعز، وتجنيبها مآلات خبيثة تُراد لها.

 

إيران بين التاريخ والجغرافيا

 فهمي هويدي

032162bcb2041c7fa44a31af2a5eaaf37

إذا صح أن نفوذ إيران أصبح يمتد من لبنان إلى اليمن، فذلك ربما يعني أنها انحازت إلى الجغرافيا على حساب التاريخ

مقولة تمدد النفوذ نقلت على لسان الدكتور على أكبر ولايتي مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية للشئون الدولية ووزير الخارجية الأسبق. وعممتها وكالات الأنباء العالمية على الملأ يوم الاثنين الماضي 15/12.

وإذ أضع أكثر من خط تحت كلمتي «إذا صح» فإنني لست متأكدا تماما مما قاله الرجل،

ثم انني لا أخفي عدم ارتياح لتلك الفكرة التي رددتها أصوات بعض المثقفين والبرلمانيين في طهران خلال الأسابيع الماضية،

إلا أنها كانت معبرة عن آراء شخصية لا تحسب بالضرورة على سياسة الدولة.

لكن الأمر لابد أن يختلف حين يصدر الكلام ذاته عن مستشار المرشد للشئون الدولية، الذي ظل وزيرا للخارجية طوال 16 عاما أتقن خلالها لغة الدبلوماسيين، رغم انه طبيب أطفال بالأساس.

إذ في هذه الحالة لا نستطيع أن نفصله عن سياسة الدولة، الأمر الذي يدعونا لأن نأخذه على محمل الجد بحيث نحاول ان نقلِّبه من أوجهه المختلفة،

خصوصا إذا سكتت عليه طهران ولم تحاول أن تصوبه أو تنفيه.

ظاهر كلام الدكتور ولايتي ــ إذا لم يراجع ــ يشير إلى «نفوذ» لإيران في أربع دول عربية على الأقل هي لبنان والعراق وسوريا واليمن،

ستؤجل مناقشة حدود النفوذ وصيغته إلى ما بعد تحديد طبيعة العلاقة بين إيران والدول الأربع.

ذلك اننا نفهم أن ثمة علاقة خاصة بين طهران والنظم القائمة في الدول الثلاث (سوريا والعراق ولبنان)،

وأيا كان رأينا في تلك العلاقة فالشاهد انها حاصلة بين الدولة الإيرانية وتلك الدول، إلا أن إلحاق اليمن بالقائمة يمثل خطأ جسيما، ينم عن عدم معرفة كافية بالوضع هناك، ولئن غفر ذلك لأي مسئول إيراني آخر فإنه لا يغفر لمستشار مرشد الجمهورية للشؤون الخارجية الذي كان وزيرا سابقا للخارجية.

ذلك أنه ساوى بين النظام القائم في كل من دمشق وبغداد وبيروت وبين اللانظام الحاصل في اليمن. وبين الذين يحكمون في الدول الثلاث وبين الذين يتحكمون في مصير اليمن، ليس بسبب قوتهم أو شعبيتهم ولكن بسبب ضعف الدولة وانهيار مؤسساتها.

إذ جرى استثمار ذلك الانهيار من جانب فصيل يمثل أقلية ضمن الأقلية، في القيام بعملية اجتياح للعاصمة وسطو على مؤسساتها أعقبها تمدد في أنحاء الدولة المنهارة،

الأمر الذي أسفر عن اختطاف واجهة النظام الذي لم يفهم البعض في طهران طبيعته، فهللوا له هناك واعتبروه انتصارا للثورة الإسلامية.

وهذا منطوق يحتاج إلى بعض الافصاح والشرح.

ذلك أن سكان اليمن (25 مليون نسمة) يتوزع المسلمون فيه ما بين الشوافع نسبة إلى الإمام الشافعى والزيود نسبة إلى الإمام زيد بن على حفيد الإمام الحسين بن على بن أبي طالب.

والزيود يمثلون ثلث المسلمين والتصنيف الشائع عنهم أنهم إحدى فرق الشيعة التي قننت الخروج على الحاكم الظالم.

لكن الباحثين لا يضعونهم في سلة واحدة، وإنما يميزون بين ثلاثة اتجاهات داخل المذهب.

أحدها أقرب إلى الشيعة

والثاني أقرب إلى المعتزلة

والثالث أقرب إلى أهل السنة.

وهو ما فصل فيه الدكتور أحمد محمود صبحى أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الاسكندرية في مؤلفه الكبير عن «الزيدية»،

وأيده في ذلك الدكتور عبدالعزيز المقالح رئيس جامعة صنعاء الأسبق في كتابه عن فكر الزيدية والمعتزلة. الذي عالج التباينات بين الاتجاهات الثلاثة داخل المذهب الزيدي،

وقال ان الاتجاه المعتزلى ينكر التَّقية كما ينكر عصمة الأئمة، وهما من أسس التشيع، مضيفا أن الزيدية معتزلة في الأصول وأحناف في الفروع.

أما العلامة الشيخ محمد أبوزهرة فقد ذكر في كتابه عن تاريخ المذاهب الإسلامية أن فقه الزيدية «قريب كل القرب من فقه الأئمة الأربعة» (عند أهل السنة).

خلاصة ما سبق أن الزيود الذين هم أقلية نسبية في اليمن (ثلث المسلمين) يتوزعون على ثلاث مدارس فكرية أو فصائل،

إحداها يميل إلى الشيعة وعلى خلاف مع المدرستين أو الاتجاهين الآخرين (المعتزلي والحنفي السَّني).

ليس ذلك فحسب، ولكن الاتجاه المتشيع بين الزيود لا يعد كيانا واحدا، ولكن أتباعه يتوزعون على عدة عائلات كبيرة كل واحدة منها لها أئتمتها.

والهاشميون الذين ينتسبون إلى آل بيت النبوة وقبيلة بني هاشم من بين تلك العائلات.

والحوثيون الذين تمركزوا في شمال اليمن فرع عن الهاشميين،

أصلهم من بلدة «حوث» في محافظة عمران،

وإمامهم ومرجعهم الفقهي هو الشيخ بدر الدين الحوثى المتوفي سنة 2010 عن 84 عاما.

مما سبق يتبين أن الحوثيين الذين اجتاحوا صنعاء في 29 سبتمبر الماضي مجرد فصيل صغير لا يمثل الهاشميين ولا يمثل الزيود وبالتأكيد لا يمثلون الشعب اليمني، ولكنهم فرع عن فرع عن فرع، وقد تفوقوا لأنهم أفضل تنظيما وتمويلا، الأمر الذي مكنهم من الهيمنة على المشهد اليمني بصورة مؤقتة.

وتلك خلفية لو كان الدكتور على ولايتى على علم بها لما تسرع وقرر أن إيران أصبحت صاحب نفوذ في اليمن.

ولما راهن على فصيل متواضع بهذه الصورة لا مستقبل له في حكم اليمن الذي هو أكبر من الحوثيين وأكثر تعقيدا وأثقل وزنا من جماعتهم.
ثم ما حكاية «النفوذ» الإيراني الذي يتحدث عنه الدكتور ولايتي ممتدا من اليمن إلى لبنان؟

ألا يعد استخدام ذلك المصطلح تأكيدا لما أثير من دعاوى وشكوك بخصوص تطلعات إيران إلى ما وراء حدودها؟

وأيهما أفضل أن تكون إيران الثورة الإسلامية على موقفها من نُصرة المستضعفين ومقاومة الاستكبار العالمى أو ان تتطلع لممارسة النفوذ وزيادته في محيطها العربي

ولأنني أحد الذين تفاعلوا مع الثورة الإسلامية منذ أيامها الأولى،

فربما جاز ان أقول إن النفوذ المزعوم قد يكون سحبا من رصيد الثورة وليس إضافة إليه.
وقد تمنيت أن تظل إيران الثورة جارا قويا يسعى لنصرة الشعوب، وليس صاحبة نفوذ قوى لدى بعض الحكومات.

والتزامها بالرسالة الأولى يدخلها إلى التاريخ،

أما المهمة الثانية فهي تخدم جغرافية الثورة وتكاد تخرجها من التاريخ.
الأمر الذي يستدعى سؤالا كبيرا هو:

هل هزم حلم الثورة أمام طموحات الدولة في إيران؟

السّرطان الحوثي!!

مُنذ انقضاضه على العاصمة، وبالرغم من توقيع ما سُمي بـ”اتفاق السلم والشراكة” برعاية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، يتمددُ الحوثي كسرطانٍ خبيث داخل مؤسسات الدولة والمُحافظات على السواء. كل ما يقوله الحوثي يفعل نقيضه تماماً.

فقد أثبتت الأحداث إن كل مدينة يجري اقتحامُها يسبقها إما صُلح قبلي أو وساطة حكومية. مؤخراً وقبل أسبوع، دخل الحوثي مدينة أرحب شرقي صنعاء كواحدةٍ من أهم معاقل القبائل المُناهضة للتوسّع الحوثي. وكان مسلحو الحوثي قد فشلوا مراراً في اقتحامها لامتلاكها ترسانة من المقاتلين القبليين الأقوياء. تمكن مسلحو الحوثي أخيراً من دخولها إثر وساطة قبلية حقناً للدماء والدمار المتوقع حدوثما نتيجة للمعارك التي كان من المفترض أن تجري. كانت أهم النقاط التي شملها الصلح هي السماح لقوافل الحوثيين بالمرور داخل المدينة مقابل السلامة وحقن الدماء بالنسبة للقبائل. لكن تلك البنود لم تصمد لساعات من دخول المسلحين. فقد حدثت العديد من الانتهاكات وتم ملاحقة الخصوم وتفجير عدد من المنازل والمساجد ودور القرآن في المدينة. تقول إحصائية لصحيفة القدس العربي إن جماعة الحوثي أبرمت 23 اتفاقاً نقضتها كاملةً ولم تلتزم بأيٍ منها.

عدن حرة

كلّ تلك العهود المنكوثة تثبت شيئا واحدا، أن الأمر ليس بيدهم وأنهم مرتهنون لرغبةٍ خارجية، ببساطة أمرهم ليس بيدهم. فمهما كانت جماعة الحوثي، فإن أفرادها مجاميع قبلية، وليس من شيم القبائل نكث المواثيق مهما بلغ الأمر، حيث أن هذا هو شرف القبيلي كما يقولون. لكن جماعة الحوثي فعلَت مراراً. الارتهان للخارج يخرجك عن طورك؛ جماعة الحوثي تتخبّط وتنتهك الفضائع وتخرِق المواثيق والأعراف القبلية وقبل ذلك كله، الإنسانية. الارتهان للخارج يسلِبك انسانيّتك وإرادتك، فكلما أردتَ شيئاً أرادوا لك غيره، وهذا ما يفعله الحوثي تحديداً.

تقولُ إحصائية صحفية أخرى إن الحوثيين فجّروا 21 مسجداً، 12 داراً للقرآن،61 منزلاً و4 مدارس مُنذ حرب دماج. ومع هذا كلّه، يدّعي عبد الملك الحوثي أنه حفيدُ الرسول محمد (ص) وأنه قائد المسيرة (القرآنية). كيف ذلك؟ لا أحد يعلم على الأرجح.

بالعودة إلى عمالته للخارج، تقول وكالة رويترز إن الحوثيين حصلوا على دعم عسكري ومالي من إيران قبل وبعد إسقاط صنعاء. في سبتمبر عندما سقطت العاصمة، صرّح نائب برلماني إيراني منتشياً بسقوط عاصمة رابعة تحت هيمنتهم، ويقصد بتلك العاصمة “صنعاء” والتي تأتي بعد بيروت، دمشق، وبغداد.

عرقلَ الحوثيون تشكيل حكومة “بحّاح” كثيراً، وتنفّس اليمنيون الصُعداء بتشكيلها، ظناً منهم أن تشكيل حكومة سيقتضي بالضرورة انسحاب المليشات المُسلحة من العاصمة وبقية المُدن، وإيقاف المواجهات المسلحة العبثية، لكن أيٍ من ذلك لم يحصُل. فقد زاد المسلحون انتشارهم في مؤسسات الدولة، خصوصاً الأمنية. فضلاً عن مطالبهم بإدراج مسلحيهم في الجيش والأمن كمطلبٍ أولي يتبعه الكثير من المطالب، والعهود المنقوضة.

A follower of Yemen's al-Houthi tries to climb into a car belonging to the group, at the side of a road leading to the northwestern province of Saada January 23, 2013. REUTERS/Mohamed al-Sayaghi (YEMEN - Tags: CIVIL UNREST)

*الصورة من موقع المصدر أونلاين اليمني

حالياً، استكمَلَ الحوثيون السيطرة على محافظة الحديدة الساحلية، وثمة أنباء عن طردهم المحافظ بمساعدة المجلس المحلي المحسوب على حزب الرئيس السابق، وتنصيبهم رئيس محلي الحديدة محافظاً عنه. بقيَ على الجماعة السيطرة على محافظة تعز وما تحملُه من دلالة ثورية في نفوس اليمنيين، ولكن بطرُق أخرى هذه المرة.

عندما كان وزير الدفاع الحالي قائداً للمنطقة العسكرية الرابعة، والتي تقع مدينة تعز ضمن نطاقها، هدّد بأن أي محاولة لاقتحام تعز سيكون في مواجهتها هو شخصياً. تجنّب الحوثيون المواجهة المباشرة، لكنهم يعملون بطرق مختلفة لإسقاطها.

فالجماعة تختلقُ مناسباتِ عدّة في تعز للتجمّع وإيصال رسائلهم من جهة، وليبدوَ الأمر اعتيادياً ومتقبلاً عند أهلها من جهة أخرى. كان آخرها يوم أمس، فقد قدِمت سيارات حوثية من خارج المحافظة لتأبين عقيد في الجيش محسوب على جماعتهم تُوفي بحادث مروري مُريب في محافظة لحج. كما يبدو، أن الجماعة نسّقت مسبقاً مع اللجنة الأمنية لهذه الفعالية (العبثية)، لكنه بالمُقابل استعراضٌ غبي للقوة. بعد أيام، تُطل علينا ذكرى ميلاد الحبيب صلى الله عليه وسلم، وها هيَ الجماعة تحشد أنصارها لاستعراض آخر للقوة. فالأمر ليسَ له علاقة برسولنا الكريم، بقدر ما هو موسم للحشد والهنجمة. وستكثر المناسبات، وبالنسبة لتعز فالمسألة تتعلق بالوقت ليس إلا.

تغلغُل أنصار الحوثي في مفاصل الدولة الحيوية والأمنية وفي المحافظات كذلك يُنبئ عن مرحلةٍ قمعية مُخصخصة لفئةٍ ضئيلة تقول إنها تملك بذلك حقاً إلاهياً. بالمُقابل، لن يسكُت السوادُ الأعظم من الشعب، الذين يتوقون للعيش بسلام، ولا يريدون الدخول مع هذه الجماعة المُسلحة في صراعاتٍ بذات الكيفية حرصاً منهم على الوطن. سيكونُ أمام هؤلاء خياراتٍ أخرى لرفض هذا العبث، خصوصا أن ميزانية الدولة تنهار وفي ظل توقّف أي نوعٍ من المُساعدات الخارجية بسبب اعتلاء هذه الجماعة هرم السلطة. ثمة خياراتٍ غير الحروب والدماء، ولن يكون الوطن ساحةَ صراع للمليشيات المسلحة المُرتهنة للخارج؛ سيزولون جميعاً وسيبقى الوطن بمحبيه، عشاقُ السّلام!

”مؤشر العبودية 2014“: السودان الأولى عربيا والإمارات الأولى خليجيا”

معقولة في القرن الحادي والعشرين؟؟ 

36 مليون شخص يواجهون شكلا من أشكال العبودية في 167 دولة.

”مؤشر العبودية 2014“: السودان الأولى عربيا والإمارات الأولى خليجيا”

الهند والصين وباكستان وأوزبكستان وروسيا احتلت المراكز الأولى بما نسبته 61% من عدد السكان..

10540788_862281603824560_6961020443809176929_n

أصدرت منظمة «ووك فري» من مقرها الرئيس في أستراليا تقريرها السنوي الثاني حول”العبودية“ الحديثة، وقد سجل التقرير المعنون بكشف مؤشر العبودية للعام 2014 عن وجود 36 مليون شخص يواجهون شكلا من أشكال العبودية في 167 دولة من دول العالم.

وقد جاءت النسبة الأكبر في دول مثل الهند والصين وباكستان وأوزبكستان وروسيا حيث شكلت ما نسبته 61% من الذين يعانون العبودية بأشكالها الحديثة على مستوى العالم.

كما خلص التقرير إلى أن أيسلندا ولوكسمبورغ، لديهما أقل من مائة شخص في كل منهما، يعانون من العبودية، وهي النسبة الأقل لظاهرة العبودية في جميع البلدان.

أما على صعيد الدول العربية فقد كانت أعلى نسبة ممن يعانون أحد أشكال العبودية في موريتانيا وشكلت 4% بمعدل 160 ألف شخص، أما أعلى رقم للذين يعانون من العبودية فقد كان في السودان بمعدل 430 ألف شخص وبنسبة 1.13%.

وخليجيا، خاصة في ظل الحديث المتكرر عن حقوق العمالة الأجنبية، فقد جاء الرقم الأعلى في الإمارات قرابة 99 ألف شخص ما نسبته 1.057%، فيما كان العدد في السعودية 84 ألف ما نسبته 0.291، أما في دولة قطر فقد أورد التقرير أن العدد 29 ألف شخص بمعدل 1.356%.

أما النسبة الأقل خليجيا فقد كانت في البحرين بمعدل 9.4 ألف شخص ما نسبته 0.709%.

ووفقا للتقرير فإن العبودية الحديثة تشمل الاتجار بالبشر والعمل بالسخرة والزواج القسري وعبودية الدين والاستغلال الجنسي التجاري.

وتجدر الإشارة إلى أن النسب العامة المذكورة تشير إلى وجود شكل من أشكال العبودية ولا تحدد أي منها إذ أنه لا يتساوى مثلا جرم الاتجار بالبشر مع جرم انتقاص بعض حقوق العاملين.

ومع مزيد من التفصيل فإن العدد الأكبر من الأشخاص الذين يواجهون عبودية حديثة، قد سجل في الهند 14.29 مليون شخص يتعرضون لعبودية حديثة، وبعدها تأتي الصين بأكثر من ثلاثة ملايين شخص، ثم باكستان وأوزبكستان، كما أن نيجيريا أكبر مصدر لتهريب الأفراد إلى أوروبا.

ومن ناحية أخرى فإن نسبة تهريب الأفراد لاستغلالهم جنسياً حسب التقرير تقدر بحوالي 70% في حين أن 19% يتم تهريبهم للعمل القسري.

وقد نشرت الإحصائيات العالمية عن العبيد، لأول مرة، العام الماضي، ويعزى ارتفاع العدد من 2013 إلى تحسن وسائل التحقيق والإحصاء، وليس إلى ازدياد عدد العبيد.
المصدر | الخليج الجديد

الطائفية الجديدة برعاية أممية

لا أحبّذ لفظ هاتين المُفردتين “سنة” و “شيعة” لكن على الأقل هذا ما يجري تجسيده على المنطقة العربية. عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر المشؤومة، تحدّث الرئيس الأمريكي “جورج بوش” بلُغة غاضبة تحمل تهديداً مفاده أن “حرباً صليبية” ستُشن على 60 دولة رداً على هذه الأحداث. فيما بعد اعتذر بوش عن الخطاب، لكنّه نفذّه بحذافيره.

     ايران-وامريكا        

هذا التصريح، لنُسمه زلّة لسان إن جاز التعبير، يوحي بما لا يدع مجالاً للشك بأن تلك الأحداث كانت مرسومةً بعناية ولأهداف مُعينة، ربما تكون تلك التي صرح بها الرئيس. يُذكر أن تلك الأحداث غيّرت السياسة الخارجية الأمريكية بدرجة كبيرة، كما غيّرت طريقة تعاطيها مع العالم، الشرق الأوسط تحديداً. عند تفكيك الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي، قال دبلوماسي أمريكي: “الهدف التالي المنطقة العربية.”

 

في فيلم وثائقي عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، يشِي دبلوماسيون وضبّاط أمريكيون رفيعون عن عِلم السلطات بكل ما جرى، لكنهم غضّوا الطرف عن الأمر. ربما أُوكلت تلك العملية للمُوساد الإسرائيلي، خصوصاً إذا علمنا أن مُعظم الإسرائيليين العاملين في “مركز التجارة العالمي” تغيّبوا عن العمل في ذلك اليوم.

 

عموماً، ليس هذا محور الحديث. في عام 2003 شنّت الولايات المتحدة حربا شاملة على العراق. كانت الذريعة الأولية وجود أسلحة نووية لدى النظام العراقي، وهذا ما نفاه كولن باول- وزير الخارجية آنذاك-  في مذكراته مؤخرا. حيث يقول إن أمريكا كانت تعلم أن لا وجود لتلك الأسلحة في العراق وحسب مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. إذن فالأهداف من الغزو أخرى تماما. هل يكون النفط؟ ربما كان أحد الأهداف؛ لكن ثمة أهداف أخرى.

541bc3a5b3044

 فور وصول القُوات الأمريكية إلى العراق، بدأت بتفكيك الجيش نهائيا، فيما قامت بدعم مليشيات طائفية من “الشيعة” تحديدا. بالتأكيد ليسوا شيعة العراق، بل شيعة إيران الذين دخلوا إلى العراق وأحرقوا دفاتر السجلات المدنية ليتم تدوينهم فيما بعد كعراقيين. غياب الجيش يعني بالضرورة فراغا أمنيات وبالتالي حاضنةً للجماعات المُسلحة. ما تشهدُه بعض الدول العربية اليوم مردّه لغياب الدولة؛ الجيش والأمن تحديداً.

 بالعودة إلى العراق، الشيعة العراقيون متعايشون مع السنة، ولم تُسجل أية تصفيات بينهم من قبل على أسُس طائفية، رغم أن الشيعة كانوا أقلية كالمسيحيين مثلا. في مداخلة تلفزيونية، تحدث أخ “منتظر الزيدي” المشهور بقذفه الرئيس أوباما بالحذاء، والمنتمي للطائفة الشيعية، يقول إن من يتحدث عن التعايش يتم تصفيته، بما فيهم أبناء الطائفة الشيعية. وأضاف إن تصفية عرقية وإعدامات ينفذها إيرانيون بحق أشخاص ينتمون للطائفة السنية، فيما يجري تحييد للمدن لصالحهم عبر تصفيتها. وأردف قائلا: “كل من يخالفهم مصيره الإعدام حتى نحن، وأخاف بعد هذه المداخلة أن يتم تصفيتي، ولكن لا أبالي.”

بمعنى آخر، ثمة تمكين لإيران تمارسه أمريكا عبر تقوية الطائفة الشيعية- الأقليات- ولكن على الطريقة الإيرانية التوسعيّة. من المستحيل أن يمارس هذا الدور شيعة العراق الذين باتوا الأنساب والأصهار مع السنة، يسجلون أجمل معاني التعايش. في لبنان، يمارس حزب الله ذات النهج التوسعي، وذات الممانعة المفضوحة. عندما تستمع إلى مداخلات الأمين العام السابق لحزب الله التلفزيونية تتعرف على حزب الله المقاوم. أما ما يمارسه حسن نصر الله هو امتداد إيراني لا يمُت للمقاومة بصلة، تماماً كممانعة إيران.

 في اليمن كذلك، لم يكن اليمنيون ليتذكروا هاتين المفردتين. لطالما تعايش “الزيود” مع السنة الشوافع، ولم تسجل أية خلافات على أسس طائفية. التشيّع المدفوع بنسخته الإيرانية هو ما يمارسه الحوثيون الآن، وما أعد له منذ زمن. إذن هي عملية توسعية بدعم غربي على حساب الطائفة السنية. فبدلا من أن يكون الشيعة أقلية، سيصيرون أكثرية بينما يتحول السنة إلى أقليات ملاحقة. الفارق الوحيد بين الصورتين، في الأولى ساد التعايش، أما في الثانية ستكون الملاحقة والتنكيل الصفة السائدة، أو على الأقل هذا ما نشاهده.

 سؤال مهم يطرح نفسه: لماذا يفعل الغرب ذلك؟ لن أتحدث عن نظرية المؤامرة، لكن على الأقل هذا ما قاله جورج بوش الابن؛ إنها حرب صليبية.

 في الحروب الصليبية الشهيرة على المنطقة العربية، لم يسجل أي ردة فعل مقاومة للمناطق الشيعية ضد الحملات الصليبية. كانت المقاومة عربية سنية بامتياز. تريد الولايات المتحدة إضعاف السنة لصالح الشيعة لعدة أسباب. الأول لأنهم لا يتبنون المقاومة، والثاني والمهم لإحداث توازن بشري بين الطائفتين تجهيزا لحروب اجتثاثية طويلة الأمد لا تقوم بعدها للعرب قائمة. هذا النوع من الاحتراب الطائفي مارسه الغرب كثيرا، وكانت النتائج هائلة. هذا ما تحاول أمريكا فرضه بعناية لتفتيت إحدى أكبر المناطق تجانسا جغرافيا- في حال اتحدت- بالإمكان أن تشكل خطرا حقيقيا على وجودها كأقوى كيان على الأرض. مساحة شاسعة تجمعها لغة واحدة ودين واحد على الأرجح، وكم بشري هائل، لن تكون قوة يستهان بها.

 للأسف، تسير خطط الولايات المتحدة كما رسم لها، وبوجود مرونة كبيرة في التعامل مع المتغيرات السريعة على الأرض. بعد أحداث ما سمي بالربيع العربي والتي فاجأت الولايات المتحدة كغيرها، تم التعامل مع الأحداث والتي ربما مهدت الطريق للمخطط الأمريكي.

 كباقي البلدان، انتفض العراقيون، خصوصا العشائر السنية المقصيّة من الوظائف العامة والمحاطة بقانون مكافحة الإرهاب الذي نكل بهم. في هذه النقطة كذلك تم التعامل معها بحرفية عالية. فقد تحول المتظاهرون السلميون إلى تنظيم القاعدة تمهيداً لضربهم. فالجيش العراقي مقتصر على الطائفة الشيعية، وقد بدأ فعلا باقتحام المحافظات الستة.

 أبدى مسلحو العشائر مقاومة شرسة، لكن المُخابرات وتداعيات الحرب السياسية في سوريا غيرت المشهد. فقد قام تنظيم القاعدة السياسي الذي يقاتل في سوريا بإعلان جيش العراق والشام.

 حالياً، يجري تجريف الهوية العربية في لبنان ومروراً بالعراق ومن ثم اليمن. تبدأ هذه العملية بالمُمانعة المزيفة والعداء للغرب، في حين هي على الأرجح خطط مدروسة بعناية، أهدافُها باديةً للعيان.

موسيقى الشعر

مطلع الأسبوع حضرتُ صباحيةً شعرية لكوكبةٍ من الشعراء الشبان على ضفاف مُنتدى السعيد الثقافي. بالإضافة إلى الشعراء اليانعين، حضر كذلك العملاق “محمد نعمان الحكيمي”، الباهوت المُتصوّف الأنيق. استمتعت كثيراً بتغنيهم بالوطن والحب والجمال.

113189_14_1385637030

كان الحكيمي الأكثر نضجاً وخبرة؛ عزف سيمفونياته ببراعة ودونما تلكّؤ. أتقن اللغة بحركاتها حتى أضفى جمالاً آخر لأشعاره العميقة، حتى تمنينا لو أنه لم يسكُت.

بالرّغم أن القريحة الشعرية- الشاعرية والإحساس الغير اعتيادي- تُعد العنصر الأهم في النص الشعري،إلا أن تواشُج النص مع موسيقى الشّكل اللُغوي ذو أهمية قصوى كذلك. ومع هذا غياب بقية العناصر لا يُلغي الشاعرية ولا الشعراء، غير أن تكامل العناصر يصنعُ معزوفة موسيقية غاية في الجمال.

بالمُقابل غياب عُنصر الشاعرية من الشعر يجعلُه نظماً فاقداً للإحساس، وسرداً لُغوياً كغيره من النثر المُقفّى. “أن تُشرق الشمس” فهذا أمرٌ طبيعي؛ أما أن “يُشرقَ وجهُ الحبيب” مثلاً، فهنا تكمن الشاعرية وتتجسّد البلاغة بكل إعجازاتها.

يكمن صُلب الموضوع في جزالة اللغة العربية وأهميتها في النص الشعري. إهمال اللغة العربية عبر العصور من قبل مُتحدثيها الأصليين جعلنا نتحدّثها بلهجات دارجة، حتى النصوص الشعرية التي لا تكتمل إلا بإتقان لغة النص. تشكيلُ نهاية الكلِم في الشعر يصنعُ موسيقى داخلية راقية تظهرُ الشعر بكل جماله. بالمقابل ضُعف اللغة في قراءة الشعر لا يُفقده نصف جماله وحسب؛ بل إن ضعف اللغة يشردك عن النص ويصبح بلا قيمة. لا شيء يُعيبُ الشعر بقدر تكسير قواعد اللغة.

كان الشباب رئعين، استمتعنا كثيراً بشاعريّتهم وإحساسهم الجميل الذي يحملونه لهذا الوطن. في كل مجالات الشعر أثبتوا ذواتهم، رغم صغر سنّهم وخبرتهم الضئيلة. أتمنى عليهم وعلى كل من مُنح هذه الموهبة أن يُتقن اللغة العربية لكي يصير شاعراً مُكتملاً. هذه لُغتُنا التي أتقنها آباؤنا الأولون، وأنزلَ بها القرآن الكريم بلغتهم.

بالمجمل، استمتعنا كثيراً بصُحبة الرفاق؛ أتمنى لهم المزيد من التألق والنجومية لما يحملوه من جمال في أرواحهم، وقيماً وطنية فذّة.. شكراً لكم لأنكم أطربتم مسامعنا!!

النّزعة الانتقامية لدى الرئيس السابق

منذ أن أزيح عن الحكم عبر المبادرة الخليجية، لم يستطع الرئيس السابق “علي عبدالله صالح” تخيّل نفسه خارج دار الرئاسة. فقد حكم البلاد لأكثر من ثلاثة عقود، وكان يسعى جدياً لتأبيد ولايته والتوريث لابنه من بعده. لكن ثورة الشباب الشعبية أو ما سُمي بـ”الربيع العربي” أطاحت بآماله، ليُسلم بعدها السلطه لنائبه الجنوبي “عبد ربه منصور هادي” وفق مبادرة سُعودية أممية جعلت منه كمسمار جحا في المشهد السياسي.

news1.625401

استغل الرئيس السابق الحصانة التي منحته إياها هذه المبادرة، وعدم تضمّنها قانون عزل سياسي، وراح يلعب من خلف الستار غوايتَه التدميرية المُفضلة. أبقت المبادرة عليه- بقصد أو بدون قصد- كعامل توازن بين ما كان وما سيكون. فلا هي ثورة ناجزة، ولا هي عودة للنظام السابق. باختصار ثمة من يريد لليمن أن تبقى دولة فاشلة وحسب.

مُستعيناً بنزعته التخريبية، واصل الرّجل تدميره لمؤسسات الدولة وبِنيتها التحتية والخدمية، مستغلاً الثروة الطائلة التي استأثر بها من حكم البلد لعقود، ونصف الحكومة- وليدة المبادرة- ومفاصل الدولة المختلفة المُبقى عليها منذ فترة حكمه. منذ تنحّيه القسري، تعاظمَت عمليات تفجير أنابيب النفط والكهرباء، والمفجرون في الغالب أعضاء في الجنة الدائمة لحزبه. ليس هذا وحسب، فقد عطّل كذلك نصف الحكومة التي بحوزة وزرائه. كل هذا لكي تظهرَ الحكومة كفاشلة، وليبدو الوضع أكثر سوءً مما كان عليه في عهده، وليلعن الشعبُ الثورة ويعودوا له معتذرين، ليقود دفة السفينة مُجدداً ويمضي بهم.

يحرصُ الرّئيس السابق على بقائه دائماً خلف الأضواء بالنسبة للعرقلة التي يُمارسها، فقد بدأ دعمه الفعلي للمتمردين الحوثيين مُنذ ما قبل سقوط مدينة عمران. هو يمدهم بالرجال والسلاح، بينما يظهرون هم على الشاشة بتلك القوة. سخّر ألوية الحرس الجمهوري المرابطة هناك والخاضعة لقيادة نجله، سخّرها كقوةٍ ضاربة بأسلحتها النوعية لإسقاط المحافظة المهمة جداً.

تُعد محافظة عمران السياج الأمني للعاصمة وبسقوطها ستُشكّل صنعاء لُقمة طرية لمن يتربّص بها. حتى القبائل المُوالية لحزب صالح كان لها دورٌ مِفصلي في تفكيك القوة العسكرية القبلية المُوالية للثورة والنظام الحالي.

في العاصمة، استخدم صالح ذاتَ الأسلوب، مع اختلافٍ طفيف في الكيفية، حيث ترافق الحصار العسكري مع نزول إلى الشارع، كان لحزب الرئيس السابق النصيب الأكبر من المتظاهرين. جماعة الحوثي ليست بتلك القوة التي ظهرت بها مؤخراً؛ إنه صالح بقناع حوثي مُشوّه.

حالياً، يجري إسقاط المدن تباعاً بذات الأسلوب، لكن مع تدخل جناحه الآخر “القاعدة” لغرض إضفاء الجانب الفوضوي للوضع ليكون هو البطل المخلص. رغم تشكيل حكومة حسب “اتفاق السلم والشراكة”، إلا أنه لا شيء تغير، ولا تنوي الجماعة سحب مليشياتها لأسباب خفية ستتجلى لاحقاً.

مُقابل جنون العظمة والنفسية المريضة المُدمرة للرئيس السابق، ثمة شعبٌ هو الأفقر في المنطقة ومن أفقر شعوب العالم يئنُّ تحت وطأة هذا الكم الهائل من العبث. عبث صالح والمليشيات، والعبث المُضاد للساسة والمُعارضة العقيمة. قبل أسابيع تحدث أحد قياديي حزب صالح عن تحسّره في تضييع فرصة إقامة مجلس عسكري للبلاد في خضم هذه الفوضى التي هي صيعتهم أساساً. ثمةَ علاقة وطيدة بين ما قاله عضو المؤتمر واجتماع القادة العسكريين للحفاظ على الأمن والجيش الذي جرى في صنعاء مطلع الأسبوع. رُبما كان بداية لمجلس عسكري ينتوي صالح إشهاره، بينما يتوارى هو عن المشهد حالياً ليظهر فيما بعد.. من يدري!

طفرة الوطنية

في خضم اللامُبالاة والانتكاسات التي مُني بها الوطن بسبب الأداء الهزيل للنُّخب السياسية وقادة الرأي من جهة، وقيادة الوطن ورموز الجيش من جهة أخرى، في كومة البؤس هذه بحث اليمنيون عن قشةٍ تُخرجهم إلى برّ الوطنية. في علم النفس، يلجأ الشّخص إلى التعويض عما يفتقد إليه فعلا. ما نفتقدُه نحن هو جُرعات من الوطنية؛ وقد وجدناها.

وجدَ المواطن اليمني ضالّته في مُنتخبه الوطني الهزيل هو الآخر بسبب الإهمال والجوع أحياناً. في بطولة الخليج بنسختها الثانية والعشرين المنعقدة في الرياض مؤخراً، وجدت الجالية اليمنية العريقة في الرياض نفسها تملأ المُدرجات بالصراخ والأعلام الوطنية حتى أطلق عليهم الخليجيون “ملح البطولة”.

الجمهور-اليمني موقع كورة

*الصورة من موقع كورة الرياضي

لم يقتصر الأمر على يمنيو الخارج، في الداخل كان الحماس أكبر واتخذت المؤازرة عن بُعد أشكالاً عدة. الافتقاد للانتصارات والأخبار الطيبة دفع بالجماهير لمنح بطائق الحب والوطنية لمُنتخب كرة القدم. حتى التجار في الداخل والخارج تسابقوا إلى منح الهدايا والمبال للاعبين والطاقم.

في الداخل، اكتفى المشجعون بارتداء بزات المنتخب تضامناً معه. تآزرٌ شعبيٌ جميل وطفرة وطنية راقية لو لم يُفسدها بعض السّاسة الذين ظهروا في مواقع التواصل الاجتماعي لابسن زي المنتخب. أما جماهيرُنا في الرياض؛ فمنهم من جهّز الآلاف من الأعلام الوطنية على حسابه الخاص. البعض الآخر تجشّم عناء السفر من مُدن بعيدة لحضور المباريات وإظهار اليمن بتلك الصورة المُشرقة، ودحض الصورة المُشوّها التي يُروجها لها تُجار الحروب والإرهاب.

ليس المُنتخب هو الوحيد الذي حرّك ذلك الكم من المشاعر والعواطف الوطنية. مؤخراً ظهر أحد المتسابقين اليمنيين على شاشة البرنامج الأشهر “عرب أيدول”. يعتمدُ البرنامج في مؤازرة المتسابقين نظام التصويت عبر رسائل “إس إم إس” لجني أرباح طائلة مُستغلين حماسة الجماهير وانتمائاتهم الوطنية.

المُتسابق اليمني “وليد الجيلاني” أثار حفيظة المشاعر لدى الكثيرين؛ الأمر الذي دفع بالمواطنين -المُعسرين حتى- بالتصويت بكميات مهولة. شركات الاتصالات فعلت ذات الشيء وفتحت التصويت المجاني للمتسابق. في الحقيقة، ليس افتقاد المواطن اليمني للشعور بالوطنية وحدها من دفعت به لكل هذا؛ بل الشعور بالخيبات والهزائم المُتلاحقة في بلدهم. شعبٌ يعاني من إسهال عاطفي حاد سهل الإثارة.

حشد نت

*الصورة من موقع حشد نت

للأسف الشديد تستغلّ هذه الطفرة الوطنية القنواة الربحية. ثمة إحصائيات تقولُ إن أكثر من 40 مليون رسالة تصويت حصدتها قناة (mbc) من برنامج عرب أيدول. رُبع دولار هو قيمة الرسالة الواحدة. أي أن قيمة هذه الرسائل تصل إلى 10 مليون دولار. يبدو أن المتسابق اليمني قد حظيَ بنصف التصويت على أقل تقدير أسوةً بالمتسابقين اليمنيين الذين تعدّوا حاجز الـ50% في برامج مُشابهة. بمعنى آخر: صوّت يمنيو الداخل والخارج للمُتسابق وليد الجيلاني بما يُقارب 5 مليون دولار.. أفقر شعب تجرُفهُ الوطنية إلى هذا المآل؛ فيما تقول مصادر حكومية إن رواتب الموظفين الحكوميين للشهرين القادمين غير متوفرة..معقولة؟؟