الأرشيفات الشهرية: سبتمبر 2014

الحوثيون وصناعة العدو الافتراضي!

28-09-14-647999486

 

في الوقت الذي تشهدُ فيه العاصمة حِراكاً شعبياً مدنياً يُطالب بسحب المليشيا المُسلحة من الشوارع وإحلال مؤسساتِ الدّولة الأمنية، ينبري تنظيمُ القاعدة في هذا التوقيت تحديداً للعب دورٍ مشبوه أُريد له ذلك. يأتي هذا العبث للفت الأنظار – في المقام الأول- عن المُظاهرات المُطالبة بإخلاء العاصمة من المُسلحين، ولتشكيل قوة مُضادّة يبحثُ عنها الحوثيون -في المقام الثاني- لبدء مُسلسل جديد من تبادل الأدوار.

مُنذ تطويقه للعاصمة، عمَدَ الحوثي لإيجاد قوة تتصدّى له لإيجاد مُبررات لخوض جولاتٍ من الصّراع داخل العاصمة؛ لكنّ ذلك لم يحدث. لطالما راهن على الإصلاح للقيام بهذه المُهمة، لكنّهم تنبهوا للأمر مبكراً ليَدَعوا مليشيا الحوثي في مواجهة الدولة وجهاً لوجه.

إيجاد خصم نِد للحوثي أمر مُهم بالنسبة له، لذلك سيكونُ تنظيم القاعدة جزء من الخُطة البديلة. القاعدة في اليمن مُسيّرة ومُخترقة، ودائماً ما تُؤدي مهاماً تخدُم جهاتٍ داخليّة وخارجيّة في كل عملياتِها.

يُصرّح أعضاء تنظيم القاعدة بالثأر من الحوثيين وتبنّي خطاب يستدعي الطائفية. لا أدري لمن يثأرون! إن كانوا للجُنود، فهم يذبحونهم كذلك وعلى الطريقة الإسلامية. أما إن كانوا سيثأرون للمدنيين، فمن قتلهم التنظيم وشردهم كُثُر ولا مجال لإحصائهم. إذن فالأمر لا علاقة له بالثأر؛ إنه استدعاء حسب الطلب.

مالذي سيجنيه الحوثي من استدعاء القاعدة، وكيف تم ذلك؟

لنستعرض الأحداث معاً. لا يخفى على أحد دورَ الرئيس السابق الانتقامي في وصول الحوثي إلى العاصمة. سُقوط السلطة الحالية، بغض النظر عن البديل، يُمثلُ هدفاً طريّاً سعى له صالح مُنذ إسقاطه كنوع من الانتقام. لا أحد يمتلكُ السيطرة على تنظيم القاعدة بقدر الرّئيس السّابق؛ لطالما استخدمها لسنواتٍ لابتزاز الغرب.

إذن الحُوثي يبحثُ عن خصم، الإصلاح لم يعُد نافعاً لهذه المُهمة؛ القاعدة ربما تكون خصماً أكثر قبولاً لدى المجتمع الدولي. ستبدأ المُناوشات داخل العاصمة للفت الأنظار عن مطالب إخراج المسلحين من العاصمة. فيما بعد ستبدأ جولاتٍ من الصّراع خارج العاصمة هذه المرة. عينُ الحوثي على مأرب والجوف- النّفطيتين- هذه المُهمة الجديدة له والتي لم يستطع حسمها قبل سقوط العاصمة.

القاعدة المُزدهرة في مأرب والبيضاء ستجعلُ منهما ساحةً لحربٍ واسعة مع الحوثيين. الحوثي يُحارب القاعدة، العدو الّلدود للغرب والشّماعة التي استباحوا بسببها الوطن العربي، إذن فهو يُكافح الإرهاب. ومالذي قامَ به في العاصمة ومليشياتُه؟؟ ذلك ليس إرهاباً إطلاقاً؛ الإرهاب يتعلّقُ بالفصيل السّني تحديداً.

من هذا المُنطلق سيُروّجُ الحوثي لنفسه كبديلٍ مُفترض للنّظام المُتهاوي. حوثيو صالح وقاعدتُه سيخوضانِ حُروباً عبثيّة ليكتفي الشعب المنكوب بالفُرجة مجاناً.. إنّهم أعداء الوطن جميعاً وأعداء الدّين والبشريّة جمعاء.

رسالةُ مواساة في وطنٍ يحتضر!

لم يمضِ على زواجه سوى أقل من شهرين..

10363538_819776048075116_2667641154570875135_n

يقولُ أحد زُملائه أنّه وبعد احتدام المعركة ومُحاصرتهم, طلَب منهم الهروب بينما هو سيتكفّل بحمايتهم من الخلف. ذهبوا وتركوه, فأصابته رصاصات الحوثي في صدره. ودّع الحياة, لكنّه تركَ أثراً خالداً في قلب مُحبّيه.

محمد عبد الحميد الصبري, أحد ضحايا عبد ربّه والفاشيّة الحوثية. مُجنّد حديث العهد بالكاد يعرف كيف يستخدم الكلاشينكوف. وجدوه بعد ثلاثة أيام من وقف الاقتتال بالقُرب من مُعسكر الفرقة سابقاً جُثةً مُتفحّمة. لم تستطع أمة التعرّف عليه, ولا حتّى زوجته التي لم يمضِ على زواجهما شهرين كاملين.

قام ما نُسمّيه الرئيس بتجنيد بعض الشباب والتغرير بهم لغرض الدّفاع عن العاصمة كما يزعم. العاصمة التي سقطت في يد المليشيا بغمضة عين, وتآمر عليها لحاجة في نفس يعقوب. محمد نموذج لضحايا كُثر جذبَهم خوفهم على الوطن للوقوع في فخ الدنبوع والمليشيا.

دفعوا بهم لفوهة الموت, بينما سلّم الجيش لأنصار الصرخة المدينة بمُعسكراتها ومؤسساتها. قتلى الحوثيين سيُدفعُ لذويهم مرتبات شهرية وتعويضات, ربّما تظل مُرتبات العسكر على ما هي عليه لأسرهم؛ لكن من يُعوّض ذوي المُجنّدين ويعول أسرهم, خصوصاً إذا علمنا أنه لم يصدُر أرقاماً عسكرية بعد لهؤلاء.

كم هم دمويون مسؤولونا, كم هم قُساة, وكم هي شرهة آلةُ الموت القادمة من أقاصي الشّمال! آآآه لم يُكمل الشهرين بعد من زواجه. الرحمة والخلود لأرواحهم واللعنة على قاتلهم ومن غرّر بهم, ومن يخونُ الأمانة خصوصاً إذا كانت “وطن”!!

القائمة تطول, من يُعوّضُ هؤلاء, ومن يهتمُ بذويهم .. اللعنة!

“خفافيشُ الظّلام!”

سنحتفل بأيلولنا العظيم “مرحا سبتمبر”

10670209_287772788096379_1614722514051519187_n

اثنان وخمسون عاماً مُذ عانقَت أرواحُ اليمنيين فضاءاتِ الحريّة، طاوين حقبة الإمامة والكهنوت، حقبةٌ جثَمت على صدورهم رَدحاً من الزمن. في

لحظةٍ فارقة من سبتمبر الخالد غيّرت مجرى التاريخ، وأحالَت الظلماتِ نوراً، والجهلَ معرفة، والتخلّفَ نماءً وازدهار. كانَ التعليم والصحة والرّفاه حِكراً على فئة من الشعب، بينما يسودُ الجهل والتخلف والمرضُ عامّته؛ فصار العدلُ والمساواة والمواطنة شعاراً لكل يمني وحقاً لكل من يحملُ اسم الوطن.

اليوم ونحنُ نحتفل بالعيد الثاني والخمسين لثورة سبتمبر المجيدة، ثمّة من يستميتُ لإجهاض الدّولة وتقويض الجمهورية والعودة باليمنيين إلى سنواتِ الحرمان والتخلّف. مَن يُسوّقون أنفسهم كمخلّصين للبشرية هم ذاتُهم من يعبثون بأمنِنا واستقرارنا، ويتلذّذون في إذاقة الشعب صُنوف الويلات ويُمارسون التخريب المُمنهج لمقدّرات الدولة. رضَعوا من ثدي الجُمهورية وترعرَعوا في أحضانها، واليوم يتنكّرون لها ويطعنونَها في ظهرها على حينِ غفْلة. يتدثّرون بثياب المدنيّة والتحضّر، بينما يحملونَ في صُدورهم مشاريع الإمامة الظّلامية ليعودوا بالوطن إلى ما قبلَ التاريخ.

منذُ أكثر من خمسةِ عقود على قيام الجمهورية وخفافيشُ الظّلام يتربصون بها الدّوائر؛ ينتظرونَ الفرصة المناسبة للانقضاض عليها وتكبيلها. منذُ رأت النور، وهذا السرطانُ الخبيث يتمدّد ببُطئ وبتروٍ لاقتناص اللّحظة وقلب عجلة التاريخ، متناسينَ أنّ عجلةَ التاريخ لا تعود أبداً إلى الوراء.

سنواتٌ كثيرة مضَت، ولم تقُم للجمهورية قائمة؛ ظلّت تُراوح مكانها بسبب هذا السرطان الإمامي المُسلسَل. وطّد أركان الجمهورية الشُرفاء، وظفِر بها الأوغاد. فبدلاً من تثبيتِ أركانٍ متينة لها وغرسِ جذورٍ ضاربةٍ في الأرض، عمَدوا على غرس الطائفية والفئوية والجهوية لزعزعة أركانها تمهيداً لاجتثاثها. سخّروا خيراتِها للفئة والطائفة والحاشية لإعادة الإمامة والتأبيد والتوريث؛ وعندما عجزوا، سلموا أمرَها للخلايا الإمامية النائمة المُدججة بالحقد والشرور!

عندما أدرَك الشعب هذا العبث بجمهوريّتهم، وانحدارها تدريجيا صوب الحقبة الرّجعية، خرجوا إلى الميادين مُدجّجين بالسلام، مُتسلحين بالورود والصّدور العارية لتجديد ثورة آبائهم المغدورة بثورةٍ جديدة (11 فبراير) المُكمّلة للسادس والعشرين من سبتمبر. خرجوا لإزالة الغُبار العالق على الثورة الأم واستعادة بريقِها الوضّاء الذي كادَ أن ينحسِر على يد فئةٍ من الانتهازيين المُتنكرين.

خرج الإماميون الجُدد وخلاياهُم النائمة من كلّ حدبٍ وصوب لتدنيسها والولوغِ في نقائها بحقدهم الدفين على الجمهورية والذي لم يخفُت للحظة. خرَجَت جاحفلُ الظلام وكشّرت عن أنيابها، بعد أن كانَت حرّكت أذيالَها تربّصاً وترقباً لساعة الصّفر؛ وأظنها قد حانَت.

إنّ الشعب اليمني اليوم أمامَ مُفترق طرقٍ خطير، فأعداء الجمهورية يتكالبون عليها، الأمر الذي يستدعي الوقوف بحزم أمام هذا التصعيد الخطير. إن اليمنيين اليوم أمام استحقاقٍ عظيم يتمثّلُ في تنفيذ مُخرجات الحوار الوطني التي أفرزتها ثورة فبراير المُكمّلة, وهذا ما يستدعي اصطفافاً وطنيّاً وتآزُراً من كل القوى الوطنيّة لتثبيت دعائم الجمهوريّة وإخراج البلاد من أتونِ الصراعات على الأسس المذهبيّة والطائفيّة التي لن يجنيَ الشعبُ منها سوى الدمار, وليسَ غيره!

أوطاننا ليست للبيع يا سادة!

_99_

في حين غفلةٍ من التاريخ وغفلةٍ من أهلها, بيعت اليمنُ وسوريا في سوق النّخاسة. ضمن المُصالحة الأمريكية بين الصديقين الّلدودين السعودية وإيران- المسئولتان الرئيسيتان عن التمزّق الذي يجتاح المنطقة العربية- وضمن مؤتمر جدّة لمُحاربة داعش, اتفق الطرفان على تسليم اليمن للنّفوذ الإيراني, مُقابل تخلّي إيران عن سوريا والدخول ضمن حلف مُكافحة داعش في شمال الجزيرة العربية بما في ذلك سوريا.

 

إذن السعودية مُلتزمة بتدريب المُعارضة المسلحة في أراضيها؛ مُقابل ذلك تُسلّم مقاليد الأمور في اليمن إلى الحوثيين والنظام السابق الموالين للنفوذ الإيراني. وبهذا يُنسفُ ما سميَ بالربيع العربي الذي يُشكّل فوبيا قهرية لدول النفط, ويتم جرف حزب الإصلاح المُنبثق من جماعة الإخوان المُسلمين موازاةً لما حصل في مصر وليبيا.

 

مُنذُ اجتياح عمران بتسهيل من الرّئيس اليمني, ومروراً بحصار العاصمة وما تبعه من مسرحيّة سيّئة الإخراج, كانت الفكرة موحّدة. التخلّص من علي محسن الأحمر وأبناء الشيخ عبدالله الأحمر, وجرف حزب الإصلاح معهما في حرب استنزاف وحرب إعلاميّة تقضي عليه.

 

إذا كانت مطالب جماعة “أنصار الله” متمثّلة في المشتقات النفطية والحكومة, كان بإمكان الرئيس إلغاء قرار رفع الدعم وتشكيل حكومة تكنوقراط لا يكون للحوثي يد عليها. لكن الرئيس متواطئ حتى النّخاع؛ ظلّ يرفض كل الحلول بينما ترفعُ الجماعة سقف مطالبها بينما تحشُدُ قوتها موازاةً مع قوات الحرس الجمهوري التابعة للرئيس السابق.. كل ذلك تحت قيادة الحوثي.

 

السّماح للحوثيين من اقتحام العاصمة, تأديب علي محسن وجر الإصلاح إلى حرب طويلة الأمد, بينما يظل الرئيس مُتفرّجاً وسيُحفظ مكانه بلا مساس. قرأ هذا السيناريو حزب الإصلاح معتمداً على خلفية اليدومي العسكرية, وأعلنوا أنهم حزب سياسي ولا دخل لهم بأي خصومة أو حروب.. كما فعلوا في عمران تماماً.

 

كلّ هذا حدَث بتوافق المُجتمع الدولي. لم يكن الوضع في صنعاء أخطر من ذلك اليوم: ومع ذلك لم يُغادر سفير غربي أو حتى عربي, ولم تُحذّر أيٍ من السفارات رعاياها بمغادرة الوطن والحربُ في أشُدّها. وبالمُقابل لم يقتحم الحوثيون مدرسة اللغات الأمريكية في طريقهم, فجّروا المدارس ودور القرآن, ولم يتعرّضوا للسفارة الأمريكية, عدوّهم المزعوم. اتصل بي أحد الأصدقاء العاملين في السفارة وأخبرني بأن الدوام طبيعي وحتى حالة الجاهزية للحماية عاديّة جداً. إذن ليس الموت لأمريكا, بل لليمنيين المطحونين, المغلوبين على أمرهم.

 

كلّ المُعسكرات سلّمت طواعيةً بأوامر من الرئيس, الطيران كان مُحايداً بضرباته في الجوف, لكنه حلّق لدقائق في صنعاء وكاد أن يكسر حاجز حياده بضرب مقر الفرقة الأولى مدرّع, لكنّه لم يفعل. قُتل بهذه المسرحية العديد من المواطنين الأبرياء, وبعض الشباب الذين شكّلوا لجان شعبية في حاراتهم للحفاظ على منازلهم من النهابة القادمين فوق فوهات الدبّابات.

 

كان على الحوثيين إكمال إسقاطهم لجميع المُعسكرات التابعة للجيش والقيادة والداخليّة, حتى مُعسكر القوات الجويّة لم يسلم. لم يكونوا مضطريّن لذلك, لكن لكي يتم تمرير الاتفاق بشروطهم حسب القوة على الأرض, سُمحَ لهم بعمل ها المشهد من المسرحيّة.

 

إكمالاً لفصول المسرحيّة, يظهرُ إخواننا في السعودية أنهم نادمون على سقوط صنعاء بيد إيران, السعودية دمّرت اليمن كثيراً كما فعلت إيران, وها هي اليوم تبيعها لإيران بتصالح شراكة. الدور قادمٌ عليكم, وكما تُدين تُدان!

من محاسن هذه الغزوة, أنها كشَفت معادن الرّجال وفرَزت وحدت الصفوف الثورية. بالمُقابل رأينا المُثقفين والكُتاب المُتهافتين على العضمة التي رماها الحوثي لكي يلعقونها؛ من العار أن يبقى هؤلاء محسوبين على التيار المدني الحداثي.

 

يا سادة, نحنُ لسنا للبيع, ووطننا العظيم “يمن الإيمان” ليسَ للتّقاسُم والشراكة. كلّ هذا الإفك سيزول, وستعودُ اليمن لأهلها. كما أخمدوا نار الفتن التي أشعلتموها, والحروب التي نظّرتم لها, سيلفظون عملائكم إلى مزبلة التاريخ. نحنُ من سيبني اليمن, بأجسادنا الهزيلة’ بإرادتنا وعزمنا الذي لا يلين

 

 

عائدون يا صنعاء!

حبيبتي.. هل تؤمنين بالرّبيع؟!

حينما تُزهرُ الأحلام, وتتحقّقُ الأمنيات.

حتماً سنعود.. ذاتَ ربيع!

في لحظةِ غُرور, خسرَ الحوثي كلّ شيء!!

1410420902جنود-يمنيون-يرابطون-عند-احد-مداخل-صنعاء

بعد بِدء الحوثيين عملياتِهم العسكريّة شمالَ العاصمة وإسقاط النّقاط التابعة للجيش تباعاً، ظنّ الحوثيون لوهلة أنّهم قادرون على إسقاط العاصمة وقلب طاولة المُفاوضات لصالحهم. بدى ذلك من خلال حجم المُسلحين المُتدفقين من صعدة واحتلالهم للمُرتفعات المُطلة على مراكز حسّاسة للدولة، فضلاً عن قيامهم بتفجير مدارس ودوراً للقرآن ومنازلَ لخصومهم السياسيين.

من يُطالب بإلغاء الجُرعة والوقوف في صفّ الشعب -حد قولهم- لا يستخدم السّلاح في تحقيقها متذرعاً بالسلمية. من يتبنّى مطالب البُسطاء لا يقتلُ الجنود في النقاط الأمنية ويستولي على منازل البسطاء لاستخدامها كمتارس حربية، ويوظّف ساكنيها كدروع بشريّة. هذه النّاويا المُبيّتة كانت جليّة مُنذ البداية، غير أنّ الحوثي رافق تلك التحركات المشبوهة بزخمٍ جماهيري تسلّق على أحلامهم وعوزهم لتحقيق مآربَ أخرى. كل مساعي للوساطة باءت بالفشل بسبب تعنّته رغم استعداد الحكومة لتلبية مطالبه المُضمرة، غير أنه رفضها, ببساطة لأنها ليسَت من خرَج لأجل تحقيقها؛ ما يريدُه خلافاً على ذلك تماماً.

عندما رأى تقدّم مُسلحيه على الأرض دون أدنى مقاومةٍ تُذكر، ركِبَ الغُرور رأسه وقرّر اجتياح العاصمة. في هذه الغضون، طلَب من المبعوث الأممي القدوم إلى معقِله في صعدة للتّفاوض، في حين كانت قُواتُه تُحرز تقدماً على الأرض. ظلّ يُراوغ طويلاً لكنّه أعلن قبولَه المبدأي بالمفاوضات الجارية على أن يُرد عليها بالقبول في اليوم التالي ظناً منه أن مسلحوه سيُسقطون العاصمة، عندها سيرمي بتلك الوثيقة الهزيلة التي أتى بها بنعمر اعتباراً من منطق القوّة.

المُتمرّدون يقتربون من منزل الرئيس، بينما هو ينتظرُ عودة المسئول الأممي بمسوّدة الاتفاق. مبنى التلفزيون يتعرّض لقصفٍ عنيف وباتَ الحديثُ عن السيطرة عليه مسألة وقت ليسَ إلا. كان هذا الوضعُ مُقلقاً بالنسبة لبنعمر، ومع ذلك قدّم تنازلاتٍ للحوثي من الجانب الحكومي بُغية التوصّل إلى حلٍ يوقفُ الاقتتال ويحقنُ الدّماء.

في لحظةٍ فارقة، انتشرَت قواتُ الجيش وقامت بعمليات تمشيط في الأحياء التي سيطرَ عليها المُتمرّدون مكبدةً إياهم خسائرَ فادحة، الأمر الذي دفعهم على التّراجع والانسحاب من تلك الأحياء. صقورُ الجو لم تَغب عن المشهد كذلك، فقد نفّذت الطائرات الحربية غاراتٍ جويّة استهدفت تجمعات للمُسلحين في مناطق حساسة.

جيشُنا الوطني هو الصّخرةُ التي تتحطم عليها كلّ فؤوس الغدر والخيانة؛ السّد المنيع الذي يُعول عليه كل اليمنيين دحرَ كل من تسوّلُ له نفسُه زعزعة استقرار الوطن. عندما وصلَت السّيد القابع في كهوف صعدة أنباء تقهقُر أتباعه ومطاردتهم في الأزقة كالجرذان، سارَع مباشرة لحفظ ماء الوجه بالقبول بتوقيع الاتفاق الجائر، والتوجيه بسحب مسلحيه وإنهاء القتال فورا.

بنود الاتفاق التي جاء بها بنعمر من صعدة للتفاوض على أساسها مُجحفة في حق اليمنيين كونها صيغَت في حالة تصعيد حوثي في العاصمة وأنباءٍ عن سقوطها. هذه البُنود لم يكن ليَرضى بها الحوثي في حال حقّق استيلاءه على العاصمة؛ وسوف يُعدّلها طبقاً للقوة على الأرض إلم يرفضها جُملةً.

ينبغي الآن تعديل هذه البُنود طبقاً للمكاسب على الأرض؛ الجيش لقّن الحوثي درساً موجعاً, وهذا ما جعلهم يسارعون لوقف إطلاق النار. لا بد من تسليم الحوثيين للأسلحة، تسليمهم لمحافظة عمران على أقلّ تقدير. لا بد من كشف قبح نوايا الحوثيين للشعب وتعريتهم على الملأ، مع اعتذارهم للسّكان الأبرياء.

من يُعوّض من فقدوا ذويهم، من يعيد لهم الحياة؟! روّعوا الآمنين، قتلوا السّكان والجُنود؛ دمّروا مبنى التلفزيون.

الحوثي خسرَ كلّ شيء؛ كسب شعبيةً كبيرةً في غضون أقل من شهر، وفي لحظةِ غُرور فقَد كلّ شيء وتعرّى للملأ. ما أقبَح سوءته، وما أنتَنَ رائحة حقده على الشعب والجمهوريّة!
لا بدّ أن يدفعَ الحوثي الثمن غالياً، غالياً جدّاً!

أروى عثمان تفوز بجائزة النشاط الحقوقي الاستثنائي

في خضم الوضع المُتأزم الذي تعيشُه بلادنا هذه الأيام, ثمة ما يُدخلُ البهجة في القلوب؛ الناشطة أروى عثمان تفوز بجائزة النشاط الحقوقي الاستثنائي (آليسون دي فورج) والتي تمنحُها مُنظمة هيومن رايتس واتش العالمية. هذه الجائزة تُمنح بالعادة لحقوقيين يُسخّرون طاقاتهم في نصرة أشخاص من أكثر المستضعفين في العالم. اليمن تُعاني من وباء “زواج الصغيرات”, هنا تُقتلُ البراءة في المهد, وتُغتصبُ الطّفولة بأبشع صورها.. بهذه القضيّة وغيرها, استحقّت أروى عبده عثمان جائزة ((آليسون دي فورج) مُناصفةً مع حقوقيين بارزين من أفريقيا وجنوب شرق آسيا .. مبروك أروى؛ فوزك فوز لليمن قاطبة.

============================================
*الجمهورية نت

filemanager

أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس عن منح جائزتها السنوية المرموقة «آليسون دي فورج» للنشاط الحقوقي الاستثنائي لسنة 2014 إلى أربعة نشطاء بينهم الناشطة اليمنية أروى عبده عثمان.
وقالت المنظمة الدولية غير الحكومية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني: إن «جائزة آليسون دي فورج المرموقة للنشاط الحقوقي الاستثنائي لسنة 2014 منحت لأربعة نشطاء شجعان يعملون دون كلل، هم شين دونغ هيوك، من كوريا الشمالية، والأب برنارد كينفي من جمهورية أفريقيا الوسطى، وأروى عثمان من اليمن، والدكتور م. ر. رجاغوبال من الهند».
وأضافت: «الفائزون بالجائزة من الأصوات المنادية بالعدالة في بلدانهم، ويعملون بلا كلل من أجل حماية حقوق الآخرين وكرامتهم».
وأوضحت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في بيانها أن اختيارها للناشطة اليمنية أروى عثمان يأتي باعتبارها ناشطة بارزة تعمل من أجل إنهاء زواج الأطفال في اليمن.
واستطردت قائلة: «وأثناء الاحتجاجات العارمة التي شهدها اليمن في 2011، كانت أروى عثمان من أكثر المعارضين الذين نادوا باحترام حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين».. مبينة أن عثمان يعود لها الفضل في تسهيل صياغة بعض التوصيات القوية التي صدرت عن مؤتمر الحوار الوطني الذي عهدت له مسؤولية تحديد ملامح دستور اليمن الجديد، بما في ذلك تعزيز المساواة بين الجنسين في القانون، ومنع التمييز، وتحديد الحد الأدنى لسن الزواج بـ 18 سنة.
واعتبرت هيومن رايتس ووتش تكريم أروى عثمان بمنحها هذه الجائزة المرموقة إنما هو تكريم لعملها الشجاع لصالح جميع اليمنيين، بما في ذلك النساء والأطفال.
وخصصت المنظمة حيزاً من موقعها لاستعراض النشاطات التي قامت بها عثمان في اليمن مع تقرير تلفزيوني يسلط الضوء على الانعكاسات السلبية لزواج الصغيرات في اليمن ونشرته على الرابط التالي:
http://www.hrw.org/node/128277
المدير التنفيذي لـ«هيومن رايتس ووتش» كينيث روث قال من جانبه: «إن جائزة آليسون دي فورج هي تكريم لأشخاص يتمتعون بشجاعة استثنائية ويعملون لصالح أناس من أكثر المستضعفين في العالم».
وتابع قائلاً: «إن الفائزين بالجائزة وقفوا في صف المعارضة، ولم يختاروا اللامبالاة، وكانت حياتهم أحيانًا معرضة إلى الخطر».
الجدير بالذكر أن الجائزة تحمل اسم الدكتورة آليسون دي فورج، التي عملت مستشارة أولى لدى هيومن رايتس ووتش لحوالي عشرين سنة، وتوفيت في حادث تحطم طائرة في ولاية نيويورك في 12 فبراير/شباط 2009.
وكانت آليسون دي فورج أكبر خبير دولي مختص في رواندا، والإبادة الجماعية التي حدثت سنة 1994، والفترة اللاحقة لها.
وتُمنح المنظمة جائزة هيومن رايتس ووتش سنوياً لتكريم الناشطين المتميزين، في مجال حقوق الإنسان، وعلى وجه خاص الأشخاص الذين يضعون حياتهم على المحك من أجل عالم خال من الاستغلال والتمييز والاضطهاد.

 

غزوات الحوثي واستثمار عامل الوقت!

h42_441x290

تتعاظمُ مطالبُ الحوثي يوماً بعد آخر والغرَض من ذلك كما يبدو الّلعب على عامل الزّمن والإرجاء إلى أجل غير مسمى. في كلّ مرة يأخذ الحوثيون بالاعتبار العامل الزمني، لذا فالمُراوغة والتّضارب عمداً في تصريحات المتحدثين باسم “أنصار الله” هي أبرز ما نراه على الأقل.

قبلَ أسبوعين، لم تكُن قوة الحوثي في العاصمة ومحيطِها بهذا الزّخم، بالمُقابل لم تكن صنعاء بهذا الضعف. ثمة وصفة يعملُ بها السيّد المُتهوّر ويضُخ في سبيلها مبالغ مهولة. هذه الوصفة تبدو ناجعة، على الأقل هي من أسقطَت معاقل القبائل المناوءة له مروراً بمحافظة عمران وانتهاءً بحشد القبائل المُحيطة بالعاصمة.

يستخدمُ الحوثي مبالغ مالية لشراء ولاءات من جهة، ولتحييد بعض القبائل المناوءة من جهة ثانية. سقطَت الخمري وحوث-معقل الأحمر- بتحييد قبائل حاشد المُتعاطفة مع الرئيس السّابق الذي له الدور الأبرز في غزوات الحوثي. في عمران، ذات الشيء حدَث مع اختلافٍ طفيف تمثّل في شراء قيادات عسكرية مناوءة للّواء المُنشق علي محسن الأحمر، فضلاً عن تواطؤ صريح من رئيس الجمهورية ووزير دفاعه لحاجةٍ في نفس يعقوب.

في حصار العاصمة، حشَد الحوثي صولاته وانتصاراته في الشمال، مروراً بالقبائل المُحيطة بالعاصمة عن طريق التّرغيب أحياناً, وبالترهيب بتلك القوة المُتعاظمة أحياناً أُخرى. للوهلة الأولى، بدا السّيد مُتهوراً مهووساً بانتصاراته حتى ظنّ الكثير أنه سيُهاجم العاصمة مباشرةً؛ غيرَ أن ذلك لم يحدُث!

انقسمَت جماعةُ الحوثي إلى قسمين، تمثّل الأول في قوة مُسلحة خارج العاصمة هدفُها الضّغط والترهيب، في حين كانت مُهمة القسم الآخر تحريك المُظاهرات داخل العاصمة والتذرّع بالسّلمية والتحضّر. الإعلام الحوثي المُدعّم بإعلام الرئيس السابق كانَ حاضراً بقوة مُدججاً بخطابات السيّد الكثيرة والمُطوّلة التي لم تغِب عنها لغةُ التهديد والوعيد.

ولأن الوضع مُتردّ والاقتصاد مُتهالك، وفوق ذلك حقناً للدّماء وحفاظاً على الوطن من التمزّق والتشرذُم، توالَت وفودُ الوساطة إلى حوزة السيّد تباعاً، إلا أنّها في كل مرة تعودُ خاليةَ الوفاض بسبب تعنّت الحوثي وتعاظم مطالبه مع مرور الوقت استغلالاً لحاجة العامّة للسلم وحفظ الأرواح. كلّ ورقة ضغط يستخدمُها الحوثي مرةً واحدةً ريثما يجهّز ورقةً أخرى إهداراً منه للوقت لشيءٍ في نفسه.

في لحظةٍ فارقة أدرَك الحوثي عدَم جدوى القيام بأي عمل عسكري في الوقت الحالي على الأقل، الأمر الذي دفَع به لتقديم مُبادرة هي الأخرى تعجيزية، ريثما يُلملم أوراقه المُبعثرة. بالنّظر للمُفاوضات الجارية، نرى أنّ الحوثي يتحدثُ من منطق القوّة، بينما نرى الدّولة في مرحلة ضعفٍ لم تمر به من قبل. قد نكونُ على حق؛ بالمُقابل قد تكونُ تصرفات الحوثي مُقامرة وغير مسئولة، وتصرّفاتُ الدولة تأنٍ ورباطةَ جأش لتجنيب الوطن الانزلاق إلى مُربّع العُنف الذي تفادتهُ طوال الفترة الماضية، من يدري!

الأمر الّذي لا نُدركُه أنّ السيّد عبد الملك يُقدّم مفاجآته بشكلِ تدريجي مصحوباً بهالةٍ إعلاميةٍ هائلة. هذه المُفاجآت الغرَض منها إلحاق الهزيمة النفسيّة بالدّولة مُمثلةً بجيشها وبالمُناصرين لها. بالإضافة إلى الحرب النفسية التي تُحدثُها هذه المُفاجآت، تتعاظمُ مطالبُ الحوثي تباعاً مع كل فُقاعة يُطلقُها اعتباراً من منطق القوّة على الأرض.

خلال الأيام القليلة الماضيَة، ارتفعَ سقفُ مطالب الحوثي ليشملَ بالإضافة إلى الاعتذار الرسمي من قبل الدولة، إدراج قتلى جماعته ضمن قائمة الشّهداء وتعويض أسرهم واعتماد رواتب رسمية لذويهم. عدَم التحدّث عن سلاح الحوثيين وعن الانسحاب من المُحافظات التي يسيطرون عليها اندرَجَت كذلك ضمن المطالب الجديدة.

الإعلان الأخير عن انشقاق إحدى كتائب الدّفاع الجوّي الواقعة في نطاق سيطرتِهم على الأرض دفَع بالحوثيين للانسحاب نهائياً وإعلان فشل المُفاوضات في تصعيدٍ هو الأخطر على الإطلاق. اختيارُ الوقت المُناسب لإشهار الانشقاق هدفُهُ التّحريض والتّشجيع على انشقاق وحداتٍ أُخرى من الجيش، بَث الذُعر في أوساط مناصري الرّئيس هادي، فضلاً عن توظيفه في تصعيدِ مطالِبهم.. للعلم هذه الكتيبة تَدين للحوثي مُنذُ وقتٍ سابق؛ لا جديد!

سلميّة الحوثي المجازيّة!

10616558_10204794704168266_213575030279400954_n

يتمترسُ الحوثي خلفَ لُعبة السّلمية لتحقيق أهداف مُعينة واصطناع الذّرائع لإدانة الدّولة والأجهزة الأمنية. لم أر المُتظاهرين أمام الإذاعة ولا أمام مجلس الوزراء، بالمُقابل لا أثقُ تماماً بالرواية الأمنية التي تقولُ إن قتلى الحوثيين سقطوا بنيران صديقة، كلّهم يقولون ذلك؛ غيرَ أنّ عُبور المتظاهرين والسّيطرة على المبنيين الحُكوميين هو استلهام لتجرُبة متظاهري أوكرانيا، سياسة فرض الأمر الواقع.

بمعنى آخَر، رُسمَ للمتظاهرين هذا المسَار كخطّة أوليّة، غيرَ أن فشلَها بالمُقابل لا يعني العودة بخُفيْ حُنين. الخطّة البديلة جاهزة ومبنية على إخفاق الأولى, والمُتمثّلة في الاحتكاك المُفترض مع قوات الأمن المتواجدة وقدح الشّرارة بطريقة أو بأُخرى وبالتالي الخروج بجُملة من القتلى لكسب الرأي العام والتأليب على الدولة، وهنا يُكمن السّر خلْف التّركيز على ” السّلمية” بغض النّظر عن حالة المتظاهرين؛ وهذا ما حدث يوم أمس الأول على وجه الدقة.

في حال نجَح السيناريو الأول، سيكسبُ الحوثي ثُلثي المعركة. الاستيلاء على مبنى الحكومة والتمترُس بداخله بقوة السلاح ليس بالأمر الهيّن، فضلاً عن السيطرة على مبنى الإذاعة الرسمي للدولة.

انتهاج السّلمية مبدأ؛ من يقتنعُ بهذا المبدأ ويمضي عليه لا يُهدّد في كل خطاباته بالعُنف ويتفاخرُ بالأسلحة التي يحوزُها. هذه الأسلحة بالفعل هي التي أوصلته من شمال البلاد حتى قلب العاصمة؛ وهي ذاتها من حيّدت عشرات الأحياء في صفّه وجعلت من منازٍلها مخازنَ لتكديسِها. هذه الأسلحة ذاتُها من يستخدمها مناصرو الحوثي في حِزيَز ويقطعون الطُرق بين المُدن، يفجّرون محطاتِ الكهرباء ويعتدون على كل من يرفض الامتثال لرغباتهم المعجونة بالعُنف.

 

*الصورة لطقم عسكري تابع للجيش فجّرهُ الحوثيون أمس الأول جنوب العاصمة (تصوير سمير النمري)

الحرب على الإرهاب, الطائفيّة.. آلة قتلٍ يوميّة!

بين 2001 و 2014، تعددت الأسباب والغزو واحد. بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، دشّن العالم مصطلح الإرهاب على ايقاع تفجير مبنى التجارة العالمي، وبموجبه دخلت قواتُ التحالف الدولي الشرق الأوسط ودونه بصفةٍ رسمية بداعي محاربته كخطر عالمي.

أكثر من 13 سنة مضت، بالتّرافق مع متغيراتٍ جديدة وغير مُتوقعة في المنطقة؛ لا بد من مصطلح جديد لبدء تدخلات من نوع آخر وبطُرق أخرى تنسجم والمتغيرات الجديدة.

العام 2014، قرابة 60 دولة تجتمع مجددا، تحت ذات المُسمى “تحالف الناتو”، لبدء حرب جديدة في المنطقة ضد تنظيم “داعش”، والعودة من جديد لاستباحة الأجواء والأرض من دون تنسيق حتى تحت غطاء شرعية هذه الحرب.

عادت الطائرات لتُحلّق مجدداً على سماء العراق، سوريا، وحتى الصومال؛ ما أشبه اليوم بالبارحة، وما أكثر الشبه بين العامين!

من صنَع القاعدة بذربعة التدخّل العسكري في المنطقة، هو ذاتُه من صنع تنظيم “داعش” على عينه لاستباحتها.

download
في الجانب الآخر, الطائفية المُستفحلة تأكلُ الأخضَر واليابس وتنسفُ أي قيمٍ للتعايُش والسلام!
قبل العام 2003 وقبل دخول قوات التّحالُف العراق, لم يكُن هناك سُنّة أو شيعة؛ هكذا أخبرني صديقي من السُليمانيّة. يقول: ” لم أكن لأعرف هوية جيراني الطائفيّة, ولا أكترث ولا يكترثون.”
-الطائفيّة المُستفحلة حالياً هي منسوبة لإيران بامتياز. عندما دخَلت العراق بعد 2003 وقلّدت المالكي رئيساً للحكومة, بدأ الفرز الطائفي والقتْل والتهجير حسب الهويّة.

-دخلت إيران إلى لُبنان عن طريق حسَن نصر الله, وأدخَلَت معها الطائفية والتشيّع بالنسخة الإيرانيّة الهدّامة؛ كُلنا نعرف الأمين العام لحزب الله اللبناني السابق, كم يكرهُ طائفيّة إيران وحسن نصر الله وعبثهما بالأمّة.

– في اليمَن, دخلَت إيران شمالَ الشّمال عن طريق (جماعة الحوثي) ومدّتها وما زالَت بالسلاح والمال. من قبل الحوثيين, لا فرق بين زيدي وشافعي وحنفي, والناس مُتعايشة ولم تُسجّل أية ضحايا عُنف طائفي إطلاقاً.

للعلم, للسعودية يد في ذلك, تحديداً في الطائفيّة المُضادّة!

 كلُ هذا يجعلُ من الشرق الأوسط مسرحاً كبيراً لصراعٍ عالميٍ قذرمبنيٍ على أساس الطائفية والتّمايُز, ويستهدف السكينة والطمأنينة التي نحاول صناعتها!

النظام الفيدرالي.. الولايات المُتّحدة أنموذجاً!

تعايَشوا بنظام فيدرالي, رفعوا شعاراتِ الحياة والحب, تنافسوا كلاً في ولايته حتى صارَت كلّ ولاية أجمل من الأخرى, ولها ما يُميّزُها.. من يرفعُ شعارات الموت ستنفرُ منه الحياةُ حتماً..

الحياااااة لأمريكا المُتعايشة, والمووت بات من نصيبنا بلا شك
============================================

الولايات المُتحدة الأمريكية قائمة على نظام فيدرالي مبني على التنافُس بين الولايات. الحكومة الفيدرالية لا تتدخل بالولايات إلا في شئون مُحدّدة من ضمنها الصحة والدفاع؛ في حين تتمتع الولاية بحكم محلي كامل الصلاحيات وكل ولاية تصنع اقتصادها. لكل ولاية ميزتها الخاصة عن الولاية الاخرى؛ كلّ ولاية أجمل من أخواتها؛ كل ولاية أغنى من البقية. في القرن السادس عشر, إبان الاستقلال, كان عدد الولايات 13 غير أنها اليوم 50 ولاية, لكل واحدة حكايتها المُميّزة. فكليفورنيا مدينة المشاهير وصناعة الأفلام, فيها هوليوود المشاهير, وفيها بيفري هلز أصغر أجمل مدينة, وفيها جسر البوابة الذهبية في مدينة سان فرانسيسكو.. كذلك مشهورة بحرائق الغابات السنوية, أي أنها تحملُ كل المناخات. 20_18916 نيويورك المُكتضة بالسكان, من جميع أنحاء العالم, فيها الأحياء العربية, والصينية والأوروبية, فيها ناطحات سحاب مانهاتن وتمثال الحريّة, وكلّ العجائب؛ فيها شلّّالات نياجرا الأكثر شهرة في العالم. في نيفادى, يأتي أكثر من 30 مليون سائح سنوياً للعب القمار والرقص والألعاب البهلوانية, ولاية سياحية بامتياز, خصوصاً مدينة لاسفيجاس الجميلة. في فلوريدا, أكبر الأحواض المائية والتماسيح العملاقة, فيها شواطئ الاستجمام والراحة, ميامي بيتش, في الحضارة والتمدّن وفيها الغابات والبحيرات والمتنزهات الجميلة. في ولاية ماساتشوسيتس أو إنجلترا الجديدة كما يسمونها, تقع مدينة بوسطن من أغنى المدن الأمريكية القائمة على البحوث العلمية والتعليمية. في بوسطن تقع جامعة هارفارد الأقدم والأشهر على الإطلاق, فيها معهد ماساتشوسيتس للتقنية الشهير. وتعتبر ولاية مينيسوتا من أكبر مناطق تصنيع أجهزة الكمبيوتر العملاقة خاصة في منطقة توين سيتيز الكبيرة؛ فيما تُعد ولاية ميتشيجن مُحاطة بأكبر شواطئ مياه عذبة في العالم, وفيها مدينة دترويت أو كما يسمونها “مدينة المُحركات”, حيث تُعد عاصمة صناعة السيارات عالميا ومن دعائم الاقتصاد الاميريكي. ولاية بنسيلفينيا فيها أول بئر نفطي تم حفره في الولايات المتحدة, وتُعتبر الأولى في تصنيع الحديد الخام؛ فيما تشتهر ولاية جورجيا الصغيرة, الولاية الثالثة عشرة عند الاستقلال, بوجود مصنع (كوكاكولا) ومُتحف الرمز (مارتن لوثر جنج) الأمر الذي جعلها قبلةً للسياحة المحلية والأجنبية. لكل ولاية طريقتها الخاصة في صناعة اقتصادها, مما يجعلها مُميّزة بجمال آخر عن شقيقاتها الأخرى. بغير الفيدرالية, لم تكن هذه الولايات للتتوحّد وما كانت لتصبح أعظم قوة على الأرض. يُدينُ الأمركيون لجورج واشنطن بهذه الثورة التي دحرت بريطانيا العظمى وصنعت مجد الولايات المُتحدة قبل أكثر من ثلاثة قرون من الزمن!