بعد تقديم القوائم النهائية الممثلة لمؤتمر الحوار الوطني، الكثير من التحفظ أبداه البعض، خصوصا شباب الثورة. فقوائم الأحزاب كانت تقليدية جداً، وسط تهميش لفئتي الشباب والمرأة. تمثلت الطامة الكبرى في قائمة المستقلين، فهي لا تكاد تخرج عن إطار الأحزاب القائمة، غير أنها تكاد تخلو من شباب الساحات الذين أوقدوا جذوة الثورة، وخلقوا واقعاً جديداً، وعطلوا المعادلة السابقة التي دأبت على تصدر هرم الدولة.
في حين سلمت كل القوائم لرئيس الجمهورية الذي بدوره وافق عليها، كان الترقب قائما على القائمة الخاصة بالرئيس هادي، والتي يعول عليها الجميع في ترجيح الكفة، وخلق نوع من التوازن في القوائم المختلة. وأخيرا وصلت قائمة الرئيس، الكثير من التحفظ أبداه الجميع، أحزابا وشباب الثورة. اختار الرئيس هادي قائمته بعناية فائقة، بحيث شملت شخصيات معروفة، وذات ثقل اجتماعي أغلبها تنتمي إلى النظام السابق. البعض ذهب إلى التيقن بما يردد في الشارع، أن الرئيس هادي امتداد طبيعي للنظام السابق، ينفذ أجندات خاصة.
من وجهة نظري، بدا الرئيس هادي غاية في المسئولية. الأمر الذي بإمكان أي مراقب للوضع عن كثب، استشفافه، من دون هالة انتمائه لفصيل، هو أن الرئيس هادي يثق كثيرا بالثوار، وعلى يقين بأن من حرك الجمود في البلاد بعد يئس وبؤس معا، هم يبحثون عن وطن ومن أجل ذلك ضحوا وما زالوا بكل نفيس. كان على الرئيس هادي أن يضع على رأس قائمته، أولئك ذوي النفوذ القبلي والعسكري الذين لم تشملهم قوائم أحزابهم. فهو يؤمن أن جمع أكثر قدر من بؤر وأسباب التوتر في طاولة الحوار، ليتحملوا مسؤولياتهم أمام الشعب والمجتمع الدولي الحاضر بقوة غير معهودة, فهو يؤمن أنها ذات أهمية بالغة على عكس ما يظنه البعض.
فالحوار يعد فرصة جميلة لرأب الصدوع، وردم الهواة والشروخ التي أثقلت كاهل الوطن. فهذا الدعم الدولي المتناهي، والإصرار على خلق واقع جديد جميل، يستحقه اليمنيون بجدارة، كل هذا يضع المجتمعون تحت مظلة الحوار يخلعون رداءات الحزبية والمناطقية وأي انتماءات، ويلبسون رداء الوطن والعمل بإنسانية للخروج بحلول سحرية بحجم الوطن.
أما الحوار في إطار مكونات الثورة، بمنأى عن فصائل أخرى مازالت تقف كحجر عثرة أمام أي تقدم، الحوار على هذا النحو لن يخرج البلاد إلى حل، حقيقة مؤلمة لابد من تجاوزها، لمصلحة الوطن وحسب. فالضحايا التي قدمها الشباب، هي من خلقت هذا الوقع. لكل ثورة تضحيات، وهؤلاء قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الوطن وفي سبيل الحرية والكرامة، رحمة ربي تغشى أرواحهم الطاهرة.
من المفترض أن يحدد الحوار شكل الدولة، وأن يحفظ الوطن من التشرذم، وأن يؤسس لدولة مواطنة عادلة ينشدها جل أفراد الشعب. آلام شباب الثورة كثيرة، ومتعددة، ومطالبهم تتوارى خلف الفوضى التي يصطنعها بعض الأطراف. ذكر ذلك الرئيس هادي في الجلسة الافتتاحية للحوار. لكن دخول أطراف في الحوار الوطني أغضب أسر الشهداء وشباب الثورة ، نقول لهم دخولهم ضرورة للخروج بنتائج ورؤى تكفل معالجة الاختلالات والتأسيس لدستور ونظام دولة، تكفل العيش الكريم لكل فرد في المجتمع، والحئول دون عودة أي عائلة أو قبيلة أو أي جهة ما للاستفراد بالقرار.