الهاجس الأمني المُتردّي!

ذاتَ صباحٍ رمضاني، والهدوءُ يرتّلُ ألحانَ الصمْت، اخترَقَت بعنفٍ مسامعَنا رصاصاتٍ غادرَة؛ اختلَجَت السّكينة والسّلام الدّاخلي الذيْن يعيشانِهما أهلُ القرية. لَم يعتريني الذُهول لوحدي؛ ربّما شاركَني ذلكَ الشّعورُ المُخيف مُعظمُ أهلِ القرية. فهيَ القريةُ الّتي تنعمُ بالسلام ويسودُ سكانَها التعايُش باختلاف توجّهاتِهم. ليستْ لوحدِها من تنعمُ بهذه المِيزات الاستثنائيّة؛ بلْ جُلّ الرّيف التّعزي تكتنفُهُ هذه الحالة من الوئام.

أيقَضَت تلكَ الرّصاصات هواجسَ كثيرةٍ، وتلاعَبَت للحظات بالمشاعِر مولّدةً هالة من الفزَع. هذا الهاجس انبرَى من وحي الوضْع المُتردي الذي تعيشُه بعضُ المُدن اليمنيّة من تمزّق وصراعاتٍ قذِرة على أساس العِرق والطّائفة والفئوية البغيضة الّتي تَنسف قيَم التعايُش والإنسانية.

تجاذَبني القَلق ومعهُ أسئلةٌ كثيرة تبحَثُ عن إجاباتٍ مُستعجلَة؛ يا تُرى من أطلقَ هذا الكَم من الذخيرة؟ كم هي الأرواح البريئة التي أُزهقَت؟ إلّم تكُن هذه الرصاصات وجّهت لصدر أحدِهم، فلِمَ أُطلِقت بالمرّة؟ مُنذُ زمن لم أسمَع في القرية طلَقات ناريّة، وفي هذا الوقت الضّاج بالصمت تحديداً.

الحمدُ لله، كلّ التخوّفات زالَت فورَ عِلمنا أنّ أحدَهم رُزق بمولودٍ فأطلق ذلكَ الكَم من البشاعة مُروّعاً عدد كبير من الآمنين؛ لا غرَابة فهو ينتمي لإحدى ألوية الحرس الجُمهوري سابقاً، كما أنّ الشعب اليمني يفرحُ كثيراً “بالفشْرة”.

في المسَاء، تحدّثتُ مع الأصدقاء في القرية عن الموقف، قُرابة 90% من ردودِ الفعْل صبّتْ في مكانٍ واحد. فالأوضاعُ المُعاشة في بعض المدن ألقَت بظلال هواجسِها على الموقف. في الحقيقة, كانَ الجميعُ يتخوّف من تسرّب الطائفيين إلى القرية والعبَث بسكينتِها.

هذا التوجّس في الحقيقة ينتابُ كلّ يمني، خصوصاً مع التمدّد المَحموم الذي تقوم به جماعة الحوثي. لم يعُد ذلك التوسّع يقتصرُ على المحافظاتِ الشّمالية وحسب؛ في تعز يحاولُ الحوثي وضع موطئ قدم له عبر إشعال الفتن بين الحينِ والآخَر.

يجدُ الحُوثي في كلّ مرّة المُبررات لغزواتِه القبيحة؛ هذه المُبررات مُدجّجة في الغالب بالإعلام الزّائف وحفنةٍ من المُثقفين الانتفاعيّين.

الحمد لله, سلامات, ولتنعم قريتنا واليمن أجمع بالسلام والتعايُش, وليذهَب دُعاة الفتن والتشرذُم إلى الجحيم!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *