مَن يَستقوي بالآخر؟!

i-الحوثي-20120816-232052-610x373

في جدليّة الاستقواء بالآخر بين المؤتمر الشّعبي العام(جناح صالح) وجماعة الحوثي، يبدو كلاهما يستقوي بالآخر ببساطة لأنّ الوِجهَة واحدة على الأرجَح. مُنذ بداية ثورة فبراير ضد نظام صالح، والتي انضمّ إليها الحوثي مبكراً، كانَت مساراتُهما المُضادة تمشي في اتجاه واحد بالغالب، بقصدٍ أو بدونِ قصْد. فزعيمُ المؤتمر الحاكِم يتّهمُ الثورة بشريك نظامِه السابق اللواء المُنشَق علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح ذي الخلفية الإسلامية. بالمُقابل يرى الحوثي أنّ تفتيت نظام علي صالح يصُبّ في صالحه، غير أنّ وجود اللواء محسن وحزب قوي كالإصلاح يُشكّل عثرةً كبيرة أمام أحلام العودة للملكيين؛ ومن هُنا بدأ ما يُسمّى بالثورة المُضادة.

من هذا المُنطلق، وتحديداً بعد سُقوط نظام صالح بدأ التنسيق رسمياً بين الفريقين حولَ هدفٍ واحد، الأمر الذي حظيَ بترحيبٍ كبير خصوصاً من ممالك النّفط المُصابة بفوبيا الرّبيع العربي.
في البداية، سلّم علي صالح أسلحةً نوعية من ألوية الحرس الجمهوري لجماعة الحوثي لتصيرَ قوةً تحول دون تحقيق الدّولة التي حلُم بها شباب اليمن وخرجوا إلى ميادين التغيير. كان صالح يتخوّف كثيراً من الظهور على الشّاشة الدوليّة كمُعرقلٍ للعملية الانتقالية، غير أنّه وجَد في جماعة الحوثي ضالّته.

كانَت الاتهامات لتحالف الحوثي مع مؤتمر صالح من قبيل التكهّنات وشُغل الصحافة، ولا وجود لأدلّة ملموسة. في غزوة الأربعاء على خلفية اختفاء المُشتقات النفطية، ظهَرت الكثير من القرائن عبر العمل والتنسيق المُشترك على الميدان أو حتى على وسائل الإعلام، الأمر الذي دفَع بهادي إلى إغلاق قناة اليمن اليوم التابعة لصالح, فضلاً عن اقتحام حرسه الخاص جامع الصالح.

في الواقع، كانَت انتصارات الحوثي في دمّاج والخَمري، معقل أولاد الأحمر، ومروراً بإسقاط مُحافظة عمران، كانت نِتاج لتحالُف قوي مع صالح. فبالاضافة إلى فتح مخازن سلاح ألوية الحرَس الجمهوري سابقاً أمام جماعة الحوثي، استخدَمَ الرئيس السابق نفوذَه الحزبي والقبَلي في الغالب لتحييد تلكَ القبائل المُوالية للطّرف الآخر، أو الدخول للقتال مع مسلحي الجماعة.

بعد رفع الدّعم عن المشتقات النفطية قبل قرابة الشهر، ووصول مُسلّحي الحوثي مشارفَ العاصمة عقِب سقوط عمران في أيديهم، تبنّى الحوثي اعتصاماتٍ مُسلّحة ومسيراتٍ داخِل العاصمة انضمّت إليها مؤخراً قبائل صالح بدعوة منه لإضفاء الطابَع الشعبي على الاعتصامات. يعرفُ الرّئيس السابق مطالبَ الحوثي المتخفّية خلف المُظاهرات المُطالبة بالانتصار للشّعب ضدّ الجُرعة، لكنّه الانتقام الأعمى والحقد الدفين على الثورة الّتي أطاحَت بنظامه قبلَ ثلاثة أعوام وبذاتِ الكيفيّة.. باختصار باتَ صالح يُمارس الثورة لإسقاطِ خُصومة الذين جاءَت بهم ثورةٌ مماثلة.

إذَن الحوثي يستخدمُ شعبيّة الرّئيس السابق لإظهار الأمر كثورة، بينما يستخدمُ السلاح من جهةٍ أخرى لأنه يرى أنّه الحلّ الأمثل للوصول إلى حقّه الإلهي في الولاية. صالح بالمُقابل يُدرك تماماً أن من باستطاعته تأديب الثوار القُدامى وتقويض الدّولة هم الحوثيون، وهنا لا بدّ من السّير بالتوازي مع تيار الحوثي للانتقام من جهة، وللبحث في إمكانية العودة من جهة أخرى.

كما كان يرى الحوثي أن الولوج من بوابة ثورة فبراير إلى الولاية سيكون أقرب من بوابة نظام صالح؛ يرى الآن الرئيسُ السّابق أن بوابة الحوثي ستكون الأقرب بالنسبة له، وهكذا!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *