مجلس الأمن في صنعاء.. هل نحن جاهزون لاستيعاب هذا الحدث التاريخي؟!

The Security Council begins their meeting at the UN Headquarters in New York

على هامش انعقاد مجلس الأمن على نحو استثنائي في العاصمة صنعاء، كالعادة تباينت الآراء وردود الأفعال بين متفائل ومتشائم، بينما ذهب البعض للتأويل بطريقة تثير الضحك، قال لي أحدهم، هي بداية لاحتلال اليمن وتقاسمها بين أعضاء المجتمع الدولي، لا أري كيف يفكر هؤلاء, لكنني أجدني مضطراً لاستعارة جملة قالها السفير الإيراني مؤخراً, ليكتمل مسلسل السخف، “هل يملك اليمن قنبلة نووية حتى يتجسس عليه؟!” 


على أية حال، ومن باب إغلاق باب الشؤم الملازم لنا طيلة الفترة الماضية، لابد من النظر من زاوية الأمل الضيقة جداً، وأخذ الأمور على محمل الجد، والحكم على الظاهر الملموس، بغض النظر عن الغرض الحقيقي لهذه الزيارة كما ينظر البعض الآخر. ما علينا سوى أخذ اللُّب، والرمي بالقشور إلى أقرب مكب نفايات. 

 إذا كان اليمن بحاجة ماسة للاستقرار كمطلب ملح قامت من أجله ثورة عارمة، فالمجتمع الدولي يرى عدم استقرار اليمن إحدى بؤر القلق التي تمس أمنهم واقتصادهم بشكل مباشر، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار استغلال الوضع الهش للدولة من قبل أطراف إقليمية تسعى لفرض سيطرة على أهم ممرات الملاحة الدولية، لأجل فرض نفسها قوة تأثير، وورقة ابتزاز للمجتمع الدولي لفرض أجنداتها المكشوفة في المنطقة. أطراف تقتات على الفوضى أو بالأحرى هي من تغذيه. 


فالتقاء مصالح اليمن مع مصلحة المجتمع الدولي يشكل مبرراً منطقياً لعقد جلسة نوعية ونادرة الحدوث لأجل تمرير التسوية السياسية العالقة, وضمان حدوث التغيير الذي فرضه الشعب كسلسلة منطقية لثورات التغيير التي اجتاحت المنطقة العربية على غير موعد، ولو كان المجتمع الدولي كارهاً! لكن المجتمع الدولي يتعامل مع الواقع بغض النظر عن قناعاته المسبقة. 


ما ينبغي على القوى السياسية، والحكومة، هو لملمة الجهود والطاقات لاستيعاب ذلك الزخم والدعم الدولي غير المسبوق والاستفادة القصوى، سواء في الجانب الاقتصادي المتداعي، أو الجانب السياسي المتصدع، والشروع في ترميم الشروخ التي أثقلت كاهل الوطن، أما أطراف النزاع المحليين, فالرسالة تحمل في طياتها معانيٍ جلية وأخرى مبطنة, مفادها الوقوف بحزم أمام الأطراف التي تحاول عرقلة المساعي الرامية لرأب الصدع, وإحلال التغيير حيز التنفيذ الذي لا يقبل المساومة, أطراف تريد العودة بالوطن إلى الماضي الغابر و مسلسل اللا دولة. الرسالة وصلت, أيٍ كان غرضها, فهل نقوى على استيعاب ذلك الدعم المهول, أم إننا سنفوت الفرصة كما دأبنا على ذلك؟!   


دعونا ننظر بعيون ملؤها الأمل، والمسؤولية، فقط لأجل الوطن، لأجل أولئك الأطفال الذين سحقت براءتهم من دون أن تحرك جمودنا، من أجل المساكين الذين سئموا الأرصفة وسئمتهم، وهم يبحثون عن فتات وبقايا بذخنا، من أجل الدماء البريئة التي تتطاير في الشوارع عبثا.. من أجل أن نجد الوطن الذي لطالما تغنينا به من دون أن نراه؟!

*الصورة من صحيفة أخبار اليوم

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *