وباءُ الزّعامة!

5994dreamscity

في عام 2009 ، تحديدا إبان الغزو الإسرائلي على غزة، دعا الرئيس اليمني آنذاك، علي عبد الله صالح، دعا إلى عقد قمة عربية طارئة لبحث الوضع، ولتكن في العاصمة القطرية، الدوحة. أخذ القطريون الدعوة على محمل الجد وبدأ فعلا التحضير لها. قرابة 15 دولة وافقت على حضور القمة، بقي أن توافق إحدى الدول لتبلغ القمة نصابها.

قبل يوم تقريبا من موعد الانعقاد، أجبرت الضغوط السعودية الرئيس صالح على الانسحاب من القمة لإحداث خلل في النصاب. فبدلا من أن يتوجه الرئيس اليمني إلى الدوحة، غير الاتجاه صوب الرياض. لم يكتفي الأشقاء في قطر من الامتعاض بسبب انسحاب من دعا اصلا لعقد القمة، بل غطوا ذلك الأمر بدعوة …

إبان ثورة فبراير 2011، الكثير من القنوات الإخبارية غطت الأحداث، الجزيرة، العربية، بي بي سي، فرانس 24.. والكثير. كانت وسائل الإعلام التابعة لصالح تشن هجوما عنيفا على قنوات الإعلام. ورغم تعرض مراسل بي بي سي للضرب والتهديد بالتصفية، كان الهجوم على قناة الجزيرة الأكثر حدة، فقد صودرت أجهزة البث وسحبت جوازات السفر من مراسليها. لم يكن مبرر هذا الهجوم قناة الجزيرة وحسب، فقد كانت أغلب القنوات الأجنبية متقاربة في الطرح بما في ذلك أعداد الضحايا. لكن تحسس النظام اليمني من قطر، بل وربما دفع لذلك، جعل من دولة قطر مرمى لغضب أنصار الرئيس السابق على مستويات عدة وفي مناسبات كثيرة. فعندما طرحت المبادرة الخليجية لوضع جدول زمني لرحيل النظام السابق، اشترط صالح عدم دخول قطر في نص المبادرة، الأمر الذي دفع قطر للتنحي. كان ذلك التنحي المبكر سببا في تأجيل الخلافات القطرية السعودية إلى هذا التوقيت.

مارس صالح الكثير من التلاعب والتهرب دون أن تمارس عليه أية ضغوط باستثناء مجلس الأمن، ولو كانت قطر في المبادرة لتفجر الوضع بينها وبين الجارة السعودية في تلك الفترة. هذا الشرخ الكبير بين السعودية وقطر ليس وليد الساعة. يبدو الخلاف عميقا ويصب بشكل مباشر في الهيمنة والفاعلية الإقليمية.

تريد السعودية رؤية قطر كعضو في مجلس التعاون الخليجي وحسب، مثلها مثل جاراتها؛ بينما تحاول قطر لعب دور إقليمي كبير، وقد فعلت. فعلى سبيل المثال، لعبت قطر دورا كبيرا في تحريك ملف المصالحة الفلسطينية.

أما بعد ثورات الربيع العربي، فقد لعبت قطر دورا كبيرا في ليبيا وتونس واليمن وهذا بالفعل ما يقلق السعودية خصوصا أن ما تقوم به قطر خلافا لما تحاول السعودية فرضه.

في إحدى مقابلاته على قناة الجزيرة، سئل الرئيس صالح عن التصدع والتشرذم الذي تعيشه الدول العربية، فأجاب المذيع: ” اسأل قناة الجزيرة”. يقول أحدهم: منذ ظهور قناة الجزيرة، بدأت الخلافات العربية”.

كانت إحدى مبررات السعودية بسحب سفيرها من قطر ترك قناة الجزيرة مواصلة توجهها الإعلامي الغير متوافق مع السياسة السعودية. وبالرغم من فشل السعودية في استصدار إجماع خليجي لإسقاط قطر من عضوية مجلس التعاون الخليجي بعد رفض الكويت وعمان، يبدو التصدع العربي يمضي على نحو مفزع. سحب سفير من دولة شقيقة، أي كان الخلاف معها، أمر مقلق للغاية بل كارثي وغير مسبوق خصوصا في ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *