في لحظةِ غُرور, خسرَ الحوثي كلّ شيء!!

1410420902جنود-يمنيون-يرابطون-عند-احد-مداخل-صنعاء

بعد بِدء الحوثيين عملياتِهم العسكريّة شمالَ العاصمة وإسقاط النّقاط التابعة للجيش تباعاً، ظنّ الحوثيون لوهلة أنّهم قادرون على إسقاط العاصمة وقلب طاولة المُفاوضات لصالحهم. بدى ذلك من خلال حجم المُسلحين المُتدفقين من صعدة واحتلالهم للمُرتفعات المُطلة على مراكز حسّاسة للدولة، فضلاً عن قيامهم بتفجير مدارس ودوراً للقرآن ومنازلَ لخصومهم السياسيين.

من يُطالب بإلغاء الجُرعة والوقوف في صفّ الشعب -حد قولهم- لا يستخدم السّلاح في تحقيقها متذرعاً بالسلمية. من يتبنّى مطالب البُسطاء لا يقتلُ الجنود في النقاط الأمنية ويستولي على منازل البسطاء لاستخدامها كمتارس حربية، ويوظّف ساكنيها كدروع بشريّة. هذه النّاويا المُبيّتة كانت جليّة مُنذ البداية، غير أنّ الحوثي رافق تلك التحركات المشبوهة بزخمٍ جماهيري تسلّق على أحلامهم وعوزهم لتحقيق مآربَ أخرى. كل مساعي للوساطة باءت بالفشل بسبب تعنّته رغم استعداد الحكومة لتلبية مطالبه المُضمرة، غير أنه رفضها, ببساطة لأنها ليسَت من خرَج لأجل تحقيقها؛ ما يريدُه خلافاً على ذلك تماماً.

عندما رأى تقدّم مُسلحيه على الأرض دون أدنى مقاومةٍ تُذكر، ركِبَ الغُرور رأسه وقرّر اجتياح العاصمة. في هذه الغضون، طلَب من المبعوث الأممي القدوم إلى معقِله في صعدة للتّفاوض، في حين كانت قُواتُه تُحرز تقدماً على الأرض. ظلّ يُراوغ طويلاً لكنّه أعلن قبولَه المبدأي بالمفاوضات الجارية على أن يُرد عليها بالقبول في اليوم التالي ظناً منه أن مسلحوه سيُسقطون العاصمة، عندها سيرمي بتلك الوثيقة الهزيلة التي أتى بها بنعمر اعتباراً من منطق القوّة.

المُتمرّدون يقتربون من منزل الرئيس، بينما هو ينتظرُ عودة المسئول الأممي بمسوّدة الاتفاق. مبنى التلفزيون يتعرّض لقصفٍ عنيف وباتَ الحديثُ عن السيطرة عليه مسألة وقت ليسَ إلا. كان هذا الوضعُ مُقلقاً بالنسبة لبنعمر، ومع ذلك قدّم تنازلاتٍ للحوثي من الجانب الحكومي بُغية التوصّل إلى حلٍ يوقفُ الاقتتال ويحقنُ الدّماء.

في لحظةٍ فارقة، انتشرَت قواتُ الجيش وقامت بعمليات تمشيط في الأحياء التي سيطرَ عليها المُتمرّدون مكبدةً إياهم خسائرَ فادحة، الأمر الذي دفعهم على التّراجع والانسحاب من تلك الأحياء. صقورُ الجو لم تَغب عن المشهد كذلك، فقد نفّذت الطائرات الحربية غاراتٍ جويّة استهدفت تجمعات للمُسلحين في مناطق حساسة.

جيشُنا الوطني هو الصّخرةُ التي تتحطم عليها كلّ فؤوس الغدر والخيانة؛ السّد المنيع الذي يُعول عليه كل اليمنيين دحرَ كل من تسوّلُ له نفسُه زعزعة استقرار الوطن. عندما وصلَت السّيد القابع في كهوف صعدة أنباء تقهقُر أتباعه ومطاردتهم في الأزقة كالجرذان، سارَع مباشرة لحفظ ماء الوجه بالقبول بتوقيع الاتفاق الجائر، والتوجيه بسحب مسلحيه وإنهاء القتال فورا.

بنود الاتفاق التي جاء بها بنعمر من صعدة للتفاوض على أساسها مُجحفة في حق اليمنيين كونها صيغَت في حالة تصعيد حوثي في العاصمة وأنباءٍ عن سقوطها. هذه البُنود لم يكن ليَرضى بها الحوثي في حال حقّق استيلاءه على العاصمة؛ وسوف يُعدّلها طبقاً للقوة على الأرض إلم يرفضها جُملةً.

ينبغي الآن تعديل هذه البُنود طبقاً للمكاسب على الأرض؛ الجيش لقّن الحوثي درساً موجعاً, وهذا ما جعلهم يسارعون لوقف إطلاق النار. لا بد من تسليم الحوثيين للأسلحة، تسليمهم لمحافظة عمران على أقلّ تقدير. لا بد من كشف قبح نوايا الحوثيين للشعب وتعريتهم على الملأ، مع اعتذارهم للسّكان الأبرياء.

من يُعوّض من فقدوا ذويهم، من يعيد لهم الحياة؟! روّعوا الآمنين، قتلوا السّكان والجُنود؛ دمّروا مبنى التلفزيون.

الحوثي خسرَ كلّ شيء؛ كسب شعبيةً كبيرةً في غضون أقل من شهر، وفي لحظةِ غُرور فقَد كلّ شيء وتعرّى للملأ. ما أقبَح سوءته، وما أنتَنَ رائحة حقده على الشعب والجمهوريّة!
لا بدّ أن يدفعَ الحوثي الثمن غالياً، غالياً جدّاً!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *