أرشيفات الوسوم: العنصرية

خليجيون يطالبون حكامهم بمقاطعة انقلاب مصر وسحب السفراء ردًّا على إهانات السيسي

شؤون خليجية – خاص

السيسي-يحتقر

السيسي بيحتقر الخليج صورة من الصحيفة (شؤون خليجية)

أثارت التسريبات التي أذاعتها قناة مكملين الفضائية مساء اليوم، موجة من الغضب العارم بين نشطاء وسياسيين خليجيين، بسبب الإهانات التي وجهها عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر ومدير مكتبه عباس كامل لكل من قطر والسعودية والكويت وعموم الدول الخليجية، ونظرتهما الدونية للخليج واعتبار دوله “أنصاف دول” بحسب وصفهم.

وطالب عدد كبير من الخليجيين حكامهم باتخاذ موقف موحد تجاه نظام الانقلاب العسكري في مصر، وسحب سفرائهم بشكل جماعي من مصر، احتجاجا على الإهانات التي وجهها قائد الانقلاب لكل الدول الخليجية، شعوبا وحكاما في تسريبه الأخير.

عبد الله العذبة – رئيس تحرير جريدة العرب القطرية – وصف التسريب في مداخلة له على قناة “الجزيرة” الفضائية بالمهين والمؤسف، وقال: “أدعو دول مجلس التعاون الخليجي إلى مقاطعة النظام الانقلابي في مصر ردا على الإهانات التي جاءت في التسريب”.

وطالب السياسي والصحفي المتخصص في الشأن الخليجي “محمد عبد الله المقرن” دول مجلس التعاون الخليجي باتخاذ موقف موحد، وسحب كافة السفراء الخليجيين من مصر ردا على إهانة قائد الانقلاب العسكري لهم ولشعوبهم، ووقف كافة المساعدات التي تقدمها مصر للانقلاب العسكري.

فيما غرد المحامي الكويتي وعضو مجلس الأمة السابق ناصر الدويلة على التسريبات معلقاً: “اليوم سوف نسمع تسجيلا بصوت فخامة المشير السيسي يشتم الشعب السعودي والشعب الكويتي والشعب القطري وبكرة نكمل باقي الشتائم، مفيش فلفلة يا عكاشة”.

وفي تغريدة أخرى قال الدويلة: “مطلوب من حكومات الخليج وشعوب الخليج أن تنتصر لكرامتها من اجتماع تمت فيه سرقة أموال دولنا وقرشين فقط في البنك المركزي لتسكير الميزانية”.

وأضاف ساخراً: “مدير مكتب السيسي يغمى عليه من الضحك وهو يسمع كلام سيده عن مليارات الخليج كيف يتم سحبها وشويه شويه تختفي الأموال دون دخولها لميزانية مصر”.

فيما علق السياسي الخليجي “عصام الزامل” على التسريب قائلاً: “فعلا إذا أكرمت اللئيم تمردا. أجل حنا “أنصاف دول” يالسفاح. #السيسي_يحتقر_الخليج”.

بدوره غرد د. علي القرة داغي – الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين – معقباً على هذه التسريبات بالقول: “لم يكرموا الرئيس المنتخب مرسي فأكرمهم وصبر على أذاهم ولم يذكرهم بشرٍ أبداً، وأكرموا قائد الانقلاب فأهانهم واحتقرهم”.

كما غرد جابر الحرمي – رئيس تحرير جريدة الشرق القطرية – على التسريب مستنكراً أسلوب الحديث الذي صدر من السيسي: “التسريبات التي ظهرت لا تسيء إلى الخليج قادة وشعوباً، بقدر ما تسيء إلى مصر وشعبها العظيم”.

وقال الحرمي: “أتحسر على المرحلة التي وصلت إليها مصر بوجود قيادة هكذا تفكيرها في إدارة البلاد والتعامل مع دول الخليج”.

وفي تغريدة أخرى قال الحرمي: “السيسي يحتقر الخليج.. هذه هي مسافة السكة التي تحدث عنها السيسي لنجدة دول الخليج”.

وعلق الإعلامي الفلسطيني ياسر الزعاترة على التسريب في تغريدات متتالية، قائلاً: “السيسي يتحدث بمنطق اللصوص والمرتزقة لا بمنطق زعماء الدول، ويتعامل مع الأشقاء بروحية الابتزاز”.

وأضاف: “30 مليار للجيش، ويبقى يحط قرشين للبنك المركزي”.. الجيش الوحيد الذي يسيطر على كل شيء في الوطن، هو جيش مصر”.

وتابع: “لتجاوز الأونطة حين نقول إن الجيش يسيطر فنحن لا نتحدث عن عسكره الغلابة، بل عن حفنة جنرالات يأكلون كل شيء، ولا يتركون للوطن سوى الفتات”.

وأضاف: “الإساءة لأي شعب بالجملة موقف عنصري لا يتورط فيه الأحرار والشرفاء. في كل شعب توجد أصناف البشر كافة”.

 

رواندا الجريحة كأنموذجٍ للنهوض

ما تُذكر “رواندا” إلا وذُكرت معها أبشعُ عملية إبادة جماعية عرفها التاريخ. عُرف وطن “الألف تل” بمناخه الجميل وتضاريسه الاستثنائية رغم وقوعه على خط الاستواء وذلك بسبب تضاريسه الجبلية المرتفعة، ولهذا عُرفت رواندا بهذا الاسم. هذه الميزات جعلتها عُرضةً لأطماع الدول العظمى؛ حصلت على استقلالها عن بلجيكا سنة 1962م.

1085838

صورة من موقع تغاريد

وقعت رواندا- كغيرها من البلدان التي كانت تحت الانتداب الأجنبي- وقعت ضحية التدخّل الخارجي حتى بعد نيلها الاستقلال. تنتهجُ بعض الدول العظمى سياسة الاستقطاب وتقوية بعض الفئات على حساب الأخرى، خصوصاً الأقليات. وهذا ما حدث في رواندا تحديداً.

في رواندا، كانت هناك قبيلتان عريقتان “الهوتو” و”التوتسي”. كان الهوتو- المزارعون- يمثلون أغلبية السّكان، بينما يُمثل التوتسي- تجّار المواشي- الأقلية في البلاد. كانت القبيلتان تعيشان بسلام قبل أن تدخل التفرقة العنصرية بين القبيلتين والتي ولّدت سلسلة من أعمال العُنف أفضت في النهاية إلى أفضع إبادة جماعية في التاريخ.

عمدَت “بلجيكا” على دعم بعض فئات أقلية التوتسي على حساب الهوتو، الأمر الذي دفع بالتوتسي لارتكاب فضائع عنصرية استعلائية ضد الهوتو. بعد سلسلة من الحروب بين القبيلتين، والاستقواء أحياناً بدول الجوار، عادت بلجيكا لتُحريض الهوتو للانتقام ليقوموا بدورهم بعملية إبادة جماعية عنصرية ضد التوتسي لم تندمل آثارها إلى اليوم.

فبحسب إحصاءات الأمم المتحدة، تعرّض زهاء 800 ألف شخص للذبح، فيما تعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب. في تلك الغضون، لم تحرك بلجيكا ساكناً ولم تتعرض حتى إعلامياً على المجزرة، لكنّها بالمقابل عادت لتدعم جماعات متمردة من التوتسي وأوصلتهم إلى سُدة الحكم ليُمارسوا الثأر كدوامةٍ مُتواصلة من العنف لا تنتهي.

400px-Rwandan_Genocide_Murambi_skulls

 

جماجم وهياكل عظميه لضحايا الأبادة الجماعية تم تصويرها في مدرسة عام 2001(ويكيبيديا)

عموماً ليس التدخّل الخارجي يُشابه بعضه، لكن أغلبه مُدمر وكارثي. بالمُقابل ليست الدول المُستعمرة متشابهة، فبعضُها حقق الكثير لمستعمراتها السابقة.

بالعودة إلى رواندا الجريحة، وبرغم الآثار النفسية التي تمر بها والصعوبة التي يواجهها الروانديون في تحقيق التعايُش المطلوب بعد سلسلة العنف والكراهية، حقّقت رواندا نجاحاتٍ اقتصادية وديمقراطية هائلة. تُعتبر رواندا الآن من أكثر الدول نمواً، حيث تضاعف متوسط الدخل أكثر من ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة حسب سي إن إن. بالفعل بدأ البلد مُنذ ذلك الحين بالتعافي، وتوصف حكومتها كواحدةٍ من أكثر الحُكومات كفاءةً ونزاهة في أفريقيا. وقد حضيَت رواندا في 2008 بأول مجلس تشريعي منتخب أغلبيته من النساء.

يُعد مناخ رواندا من الطراز الاستوائي. تتمتع بهضاب مرتفعة مكسوة بالعشب كمزيج استوائي معتدل جعلها قبلة للسياحة العالمية. لذا فهي تعتمد على السياحة كأحد الموارد الاقتصادية للحكومة.

الاستسلام للموت يقتلك مراتٍ كثيرة، بالمُقابل الإصرار على الحياة يهبك الحياة بكل جمالها. هكذا فعل الروانديون، أقبلوا على الحياة فأقبلَت إليهم مُرددةً سيمفونيات الخلود وأغاني الحب الأزلية.