أرشيفات الوسوم: مدير الأمن

تُرى هل وصلَت الرسالة؟؟

القناع حوثي، والجماهير مؤتمرية؛ هكذا بدت مسيرة “شُقاة السيد” في تعز اليوم. أرادوا بذلك الحشد إيصال رسالة بأنهم يملكون “حاضنة شعبيّة”، ومن ثم سيبدأون بتقديم المطالب تباعاً. تلك المطالب ستنتهي- كالعادة- بالمُطالبة بإقالة مدير الأمن ومُحافظ المحافظة.

111111

*مسيرة الحوثيين 04/02/2015 في تعز بعدسة (رضوان الحاشدي)

لم يكُن بحُسبانهم أن أولئك الشُبان والعجائز القابعين على الأرصفة ليسوا معجبين بحشدهم “المُسلح” الذي تفوحُ منه رائحة الكراهية والاستعلائية. لم يكن بالحُسبان أن التعزيون -هم كذلك- لديهم رسائل أخرى يُريدون إيصالها وبشكل فوري.

لم تبتعد مسيرة “الشُقاة” كثيراً حتى بدأت الحُشود أمام مكتب التربية بالتجمّع على نحوٍ عفوي للرد السريع. لم يكن اليوم موعداً للخروج في تظاهرة في تعز، على غير العادة؛ ربما لم يُريدوا الاصطدام بأولئك.

خرج الجميع من منازلهم؛ أصحاب المحلات أغلقوا محالهم ليلتحقوا بالمسيرة الوليدة. بدأت تتحرك بذات الاتجاه الذي سارت فيه المسيرة “المُزيفة”. كل من على الأرصفة، المارة وكل من رأى المسيرة التحق بها. بدأت عفوية وصغيرة، لكنها تعاظمت ككُرة الثلج على امتداد شارع جمال، حتى وصلت “حوض الأشراف * ” كسيلٍ جرّار يأخذُ في طريقه كلّ شيء.

222222

*المسيرة العفوية التي أعقبت مسيرة الحوثيين 04/02/2015 تصوير: رضوان الحاشدي

كانت قوات الأمن كثيفة؛ أرادت عرقلة المسيرة بُغية أن لا تصطدم بمسيرة “السادة”، لكنهم لم يستطيعوا كبحها. تدخّل مُدير الأمن اللواء: مُطهر الشعيبي والبرلماني عبد السلام الدهبلي وآخرون “بالجاه” وبـ “حق القبيلة” لتوقيفم لتفادي ما قد يحدُث.

توقّفت المسيرة أخيراً؛ ووصلت الرسالة. “تعز لن تقبل بهذا السرطان الخبيث الذي يُريد أن يحلّ عنوة.” تعز ليست تلك المدينة التي تتخيلون؛ وهذه أولى الرسائل الصارمة. تعهّد مدير الأمن ووجهاء تعز الحاضرون بالتعاطي مع كل من يُحاول المساس بسكينة تعز؛ وهذا ما يُريدُه أبناؤها المدنيون، المُتعايشون مع الجميع.

نتمنى أن تكون الرسالة قد وصلَت؛ وبعد كذا ما لناش دخل 

* طبعاً “حوض الأشراف” لا يُشير إلى أشراف مرّان؛ بل أشراف تعز، أبنائها المُحتفظين بانتمائهم لها.

ثقافة الفساد المُتجذّرة

تخيلوا أمين عام محافظة تعز-محمد الحاج- يُرحب بدخول أي فصيل من شأنه القضاء على الفساد. طبعا يقصد بالفصيل الحوثيين. بصراحة الفساد ينخُر في المحافظة من الفرّاش حتى أرفع مسؤول في المحافظة، بدءاً بالعاهات الموجودة داخل سور المحافظة. لكن ليس الحوثي هو الحل بأية حال من الأحوال.

الفساد

*كاريكاتير للرسام اليمني رشاد السامعي

يمارسُ الحوثيون فساد وسفك دماء وكلّ أنواع الفضائع. يريدون القضاء على الفساد- حد قولهم- ويغتالون بذلك شيء اسمه الدولة. كمن يريد أن يصطاد ذبابة على رأسك، فيضرب رأسك وتطير الذبابة على حد تعبير الكاتب نبيل سبيع.

أعجبني أحد الردود على صورة سمكة في شدق ثعبان كُتبَ عليها تعليق “ثعبان يُنقذ سمكة من الغرق”. في الحقيقة، هكذا أنقذ الحوثي اليمن من الفساد والتهمها إلى بطنه المُمتلئة بالمُخلفات والقاذورات.

مظاهر الفساد في تعز لا حصر لها، والسبب دائماً غياب الدولة وتراخي السلطة المحلية، بل وتورطها في الغالب. فالجهات الأمنية- على سبيل المثال وليس الحصر- مُتورطة في اختلاق المشاكل خصوصاً النزاعات على الأراضي. فتجد الجهات الأمنية تقف طرفاً مع اللصوص وحيتان المال ضد المُضطهدين ومُلاك الأراضي الحقيقيين.

الثورة نيوز

*كاريكاتير من الثورة نيوز

صادفتُ العديد من العجزة وكبار السن يفترشون الأرض أمام ديوان المحافظة يلتمسون إنصافاً وإعادة أراضيهم. مُعظم المتورطين في قضايا الأراضي هم في الغالب إما مسؤولون حكوميون أو أمنيون في المُحافظة أو من خارجها. هنا لا تستطيع السلطة المحلية إنصاف الضحايا؛ لكنها أحياناً تدخل كوسيط بينهم وبين ناهبي الأراضي لإجبارهم على التنازل مُقابل مبالغ زهيدة للأسف.

في تعز، يُمارس الفساد كجزء طبيعي من حياة الجميع. فساد شخصي وفساد حكومي؛ حتى القطاع الخاص لم يسلم. ربما يتجلّى الفساد بصور أكثر وضوحاً في مؤسستي الكهرباء والبلدية. ربما تكون المؤسسات الأخرى بذات القدر من الفساد؛ غير أن احتكاكنا المُباشر مع هاتين المؤسستين يكشفُ الكثير من الفضائع.

إذا حصلت على فرصة بناء منزل في حي شعبي ستعيش جو الفساد لهذين المكتبين الحكوميين. ستدفع لإخراج رُخصة بناء بقدر المبلغ الذي ستصرفه في إعداد قواعد المنزل. ليس هذا وحسب، بل إن الأمر يزداد كلما قررت إكمال البناء أو بناء طابق آخر. وكل هذا طبعاً بلا سندات رسمية.

بعد إكمال المنزل؛ أنت بحاجة لإيصال التيار الكهربائي. يتم بيعك عداد الكهرباء بقيمة أكثر من ضعفين، ولإخراج مهندسي الربط أنت بحاجة لمُرتب شهر لإقناعه بالخروج إلى منزلك.

كل ألوان الفساد موجودة في تعز كباقي المحافظات الأخرى، غير أن التذرع بها لإدخال مليشيات مُسلحة هي الأكثر إفساداً أمر مرفوض من السواد الأعظم من أبناء المُحافظة. ولنا في المُدن التي تخضع للمليشيا دروس وعِبَر.

في العاصمة، استحوذ المسلحون على جميع أملاك حميد الأحمر واللواء علي محسن الأحمر لصالحهم الخاص؛ ختى حساباتهم البنكية. مطعم “كنتاكي” العالمي تم الاستحواذ عليه كذلك وتسريح أكثر من 120 عامل. الآن يجري تشغيلها لصالحهم الخاص، وبعمالة موالية.

بات الفساد ثقافة مُتجذّرة في وسط المُجتمع اليمني. وأي فصيل سياسي أو مليشوي يستأثر بالسلطة يُمارسُ ذات الفساد ولكن بأيدي جديدة. بمعنى آخر، العملية مُجرد تبادُل أدوار، يذهب فصيل ليأتيَ غيره دون أن تتغير قيَم المُعادلة.